د.طلعت الخضيري
كشكول الذكريات - ح/٢٠
ألمجرم ألمتدين
كثرت حوادث الخطف في بغداد ما قبل بضعه عقود من الزمن ، كنت أسكن في أحد أحيائها في الكرخ ولدي جار في العقد ألسابع من عمره ، تميز بالأخلاق الكريمه والصدق وحب مساعده الغير ، ومن عادته أن يصلي في مسجد قريب وله معرفه ببعض المصلين كما هي العاده في أحياء بغداد المختلفه ، وبالنظر لما كان عليه ألأهالي في تلك الفتره من ظروف معيشيه قاسيه ، قام المصلون داخل المسجد من حين لآخر بالتبرع نقدا لإعانه بعض المتعففين من أصحاب الحاجه ، ومن بينهم كان رجل هداه الله بحب إعانه الغير بالرغم أن مظهره يدل أنه كان بحال يتوجب إعانته شخصيا، مما دعى جاري أحيانا لومه للتبرع أكثر مما يجب ومن مقدرته الحقيقيه.
بدء خطف الناس في المنطقه ، ومن المخطوفون من يكتب له النجاه بعد دفع الفديه ، وآخرون يقتلون بعد أن يدفع أهلهم الفديه لخاطفيهم.
أما جاري العزيز ألذي يمثل الخير وحسن الخلق ، تم خطفه للمره الأولى عندما توقفت سيارة بجنبه في طريق ضيق قريب من بيته عندما طوقه رجال أشداء وتم نقله بسيارة (كيه) معصوب العينان إلى بيت في أحد أحياء بغداد ، ثم أطلق سراحه بعد أيام بعد دفع الفديه.
لم تمض إلا أسابيع قليله حتى تم خطفه للمره الثانيه ، وعصبت عيناه لينقل إلى بيت غير بعيد عن بيته ، والخاطفون كعادتهم ملثمون لا يمكن التعرف عليهم ، كان الفصل صيفا وبعد أيام وفي أمسيه إتسمت بارتفاع درجه حراره الجو و صديقي ممدلا مربوطا على سريريه وقد وضع على وجهه قناع لمنعه رؤيه ما يجري حوله إستطاع أن يختلس النظر بين حين وآخر برفع القناع بيده المقيده بالسرير، وشاء القدر أن يتعرف جاري على الخاطف عند دخوله الغرفه ورفع اللثام عن وجهه ليشرب الماء من إبريق صغير.
كانت الدهشه الكبرى لصاحبي عندما تعرف على الخاطف ألذي لم يكن إلا جاره و زميله في المسجد الذي كان يتبرع بسخاء للمعوزين كما تم ذكره .لقد تم فيما بعد إطلاق سراح جاري بعد أن دفع أهله ألفديه للمره الثانيه ، وعندما ذهب للصلاه في المسجد القريب كعادته ، تفاجىء بحضور الخاطف للصلاه ولم يكن إلا ذلك الجار المجرم ، وكانت نظره خاصه من صديقي نحوه أفهمته أنه اكتشف حقيقته فترك المسجد ولم يرجع له ثانيه.
أيام قاسيه من الخوف والرعب وصعوبه المعيشه عشناها كما عاشها معظم الناس في حينه ولها امتداد إلى يومنا هذا.
802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع