مهند محمود
قصة من التراث العراقي
في أحد الأيام كان هنالك رجل تاجر غني جداً يسكن في مدينة بعقوبة توفيت زوجته تاركةٍ له طفلة بعمر سنة ونصف فكان لايستطيع ترك طفلته أينما يذهب يصطحبها معه ، في يوم الجمعة كان التاجر لايذهب للعمل يأخذ طفلته للتنزه وفي إحدى الجمع قرر أن يجلس في إحدى المقاهي الكبيرة في بعقوبة وبما أن التاجر لايلتقي بأحد خارج عمله ولايكلم أحد كونه متكبراً جداً ولايحب أن يكون أصدقاء له، دخل إلى المقهى وجلس وحيداً مع طفلته وبعد لحظات دخل رجل مما يسمى ب قارئ الكف مقابل نقود ويقال أن هذا الرجل قارئ الكف كان لايخطأ في قراءته ويتحقق كل ما يقول للناس، عندما دخل المقهى تجمهر عليه الجالسين فقال لهم اليوم لن أقرأ كف شخص لتعبي الشديد ولكن سأقرأ كف هذه الطفلة مجاناً.
وافق التاجر وهز رأسه عندما أمسك قارئ الكف لكف الطفلة قال إن هذه الطفلة أمامها مستقبل جيد ووالدها شديد الحرص عليها وسيحافظ عليها لتكون من الكُتّاب ( الكتاب من كان يقرأ ويكتب القرأن في مجموعات في المساجد مقارنة بالمدرسة في الوقت الحاضر) إبتسم التاجر وفرح لكلام الرجل وأكمل قرائته فقال ولكنها ستتزوج راعي أغنام من قرية الرعيان وهذا الراعي سيولد بعد أيام يعني يصغرها بسنتين وإسمه محمد جاسم ، هنا تغيرت ملامح التاجر المتكبر وأستشاط غضباً وقال له أتقصد إن إبنتي تتزوج راعي لن يحصل هذا فطرد قارئ الكف وضربه مشى قارئ الكف وعندما وصل الى باب المقهى إلتفت وقال للتاجر ستعطيها لهم بيدك ممنوناً وسأذكرك يومها.
رجع التاجر مع إبنته الى داره يفكر في قول هذا الرجل ولم ينم ليلتها حتى ذهب إلى عمله في الصباح وكان لايركز في عمله من صدمة كلام قارئ الكف، حتى إجتمع الذين يعملون عنده وسالوه ما الذي يشغل بالك فقص عليهم القصة فقالوا له وما العمل فقال لهم التاجر أريدكم أن تذهبوا إلى قرية الرعيان وتبحثوا عن جاسم وإمرأته التي ستولد قريباً وعندما تجدوها أقتلوها فوراً!!.
ذهب عمال التاجر يبحثون حتى وجدوا بيت جاسم وعندما طرقوا الباب خرجت لهم إمرأته فقالت لهم إن زوجها ذهب في رعاية الأغنام وسيعود مساءاً وعندما لاحظوا أنها على وشك ولادة قتلوها على الفور فسقطت على الأرض تغطيها الدماء وبمعجزة من الله خرج الطفل من بطنها وبعد ساعة من وفاتها لاحظها الجيران وقاموا بإخراج وإسعاف الطفل.
في اليوم التالي تعجب جميع أهل القرية من الجريمة وتسائل الناس لماذا قتلت لم يكن لها أعداء وكذلك زوجها لم يره أحد وفي عمله لايخالط أحد وليس له أي أعداء فلم يجدوا أي سبب لذلك.
بعد إقامة مجلس العزاء ذهب شيخ قبيلة الرعيان ليعزي جاسم بوفاة زوجته وطلب منه أن يأخذ إبنه (الذي اسموه محمد) ويتكفل برعايته، فوافق الأب لكونه يعمل فترات طويله.
هنا كان محمد يكبر يوما بعد يوم حتى أصبح فارساً خيّالاً وسيماً ويمشي معه الحماية أينما ذهب كونه إبن شيخ الرعيان، ثم ذهب إلى مدينة بعقوبة ليصبح من الكُتّاب.
وفي يوم من الأيام مر من شارع التاجر في بعقوبة فرأته إبنة التاجر فأعجبت بجماله وهوه أيضاً شاهدها وأعجب بها فقرر طلب يدها للزواج، فكلم والده والشيخ وكبار القرية ليطلبوا يدها له فذهبوا معه إلى بيت التاجر، طرقوا الباب فأدخلهم التاجر منزله فقالوا له نحن من قرية الرعيان وجئنا نطلب يد إبنتك لإبننا ف رد التاجر على الفور إنه ليس عنده إبنة للزواج، فقال شيخ الرعيان ياأخ إن إبننا فارساً وأيضاً من الكُتّاب ولايوجد فيه عيب أو سمعة سيئة يجعلك تمنع زواجه من إبنتك، فقال والد البنت إن إبنته لاترغب بالزواج، فقال له الشيخ إبننا إلتمس موافقة ولوتعلم إن هذا الأنسان يتيم الأم من قبل أن يولد فقال لهم كيف حصل هذا هل يعقل أن تلد المرأة بعد وفاتها فقالوا له:
نعم إن أشخاصاً لانعرفهم قتلوا أمه بدون سبب ولكن مشيئة الله ولدت أثناء موتها وبقي الطفل حياً إلى أن أصبح مثل ما ترى،
هنا تعجب التاجر مما يقولون وتذكر ما فعله بقتل أمه ويفكر في داخل نفسه هل يعقل انه عاش هل سيتحقق كلام قارئ الكف فقرر مواجهتهم فقال لهم هل هذا محمد إبن جاسم فقالوا نعم فقال لهم أنا من قتلت أمه بسبب انني أردت أن أغير القدر وقص لهم القصة وقال لهم أنا بين أيديكم إفعلوا ما تريدون بي، فقام الرجال وقالوا له نسامحك على فعلتك ولكن نريد أن نطلب يد إبنتك فقال لهم على الفور خذوها هدية بدون مقدم ومؤخر ففرح الجميع.
بعد مدة ذهب التاجر إلى المقهى ف جاء إليه قارئ الكف وقال له ألم يتحقق ماقلته لك ها أنت قد زوجتها وأيضاً أهديتها كهدية لهم فسكت التاجر وقال له قارئ الكف مهما حاولت تغيير إرادة الله لن تستطيع ذالك.
الكاتب الصحفي
مهند محمود
1472 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع