د.طلعت الخضيري
كشكول الذكريات - ألحلقه ٢٨
ألمناضله زعفرانه
من المؤسف أن لا يلتزم بعض الكتاب بسرد الحقائق التأريخيه ، فيكتبون ما تشاء أهوائهم أو لإرضاء قرائهم أو لمتطلبات ألوضع السياسي والإجتماعي في حينه وما يرغب الحاكم أن يسمعه.
وأطرح مثال لما ذكرته وكنت شاهدا على تلك الحقبه من الزمن ،ففي إحدى مجلات أواخر القرن الماضي في بغداد ظهرت مقاله تصف أحداث سنه 1941 واستبسال المقاومه الشعبيه ومنهم النساء عند دخول جيوش الحلفاء البصره ومنها بطوله المناضله زعفرانه و استشهادها خلال مقاومتها الباسله،وبما إنني كنت على إلمام تام باحداث تلك الحقبه من الزمن فأقدم حقيقه ماذكر عن أمر المناضله زعفرانه كدليل على الإلتزام بالوقائع التأريخيه وذكرها بعد التمحيص والتأكد من مصداقيتها.
عرفت وأنا في مدرسه الدبه الإبتدائيه في العشار ، إمرأه فاقده العقل طويله القامه إفريقيه الملامح ، لباسها عباره عن (دشداشه) بيضاء تنتظر انصراف ألتلاميذ وبيدها حجاره ، وعند انصرافنا تتجه نحوهم مهدده برميهم بها، دون أن تفعل ذلك ولو لمره واحده ثم تنتظر أن يجري الأطفال خلفها وهم يصرخون بأهزيجه لا أتذكر عباراتها تضم عبارات السخريه والإستهزاء ، وتهرب والأطفال يتبعونها لبعض الوقت ضاحكين ومستهزئين بالمرأه المسكينه وهي تقف بين حين وآخر وتهددهم بالحجاره دون أن تؤذيهم وأظن أنها كانت تستأنس بذلك وقد يكون أنها كانت تبحث عن من يهتم بها وإملاء فراغا من الوحشه والآلام النفسيه.,.
أما نهايتها فكما سمعتها من عدة أفراد كانوا شهودا على ذلك ، أنه عند دخول جيش الحلفاء البصره في أحداث سنه 1941 وكان بينهم جنود من جنوب شرق آسيا يسمون (ألكركه) توجهت نحوهم المسكينه زعفرانه كعادتها مع التلاميذ رافعه الحجاره تهددهم بها فأطلقوا النار عليها وتوفيت بدون ذنب سوى إختلال عقلها ومن الممكن أن الجنود قد ظنوا أنها ستلقي عليهم قنبله يدويه عندما كان الوقت فجرا ومن المحتمل أن الشارع كان مظلما.
هذه الحقيقه التأريخيه كما عاصرتها وأذكرها مثلا على وجوب أن تلتزم الصحافه بذكر الحقيقه لا غير، وأن نعطف ونرفق بمن هم بحاجه لعطف المجتمع ورعايته.
705 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع