سحبان فيصل محجوب - مهندس استشاري
لهذه المخالفة.. عقوبة مركبة
كان لزامًا على العاملين في خدمة توزيع الكهرباء من المعنيين بتطبيق جداول القطع المبرمج للكهرباء مراقبة تنفيذها منعاً للحيود عنها حيث تكون بوساطة شاشة المعلومات الموجودة في مراكز السيطرة والتشغيل أو العمل على تحليل المعلومات الواردة من مراكز شكاوى الكهرباء ومراجعتها... في أحيان كثيرة تكون ضرورة اللجوء الى التدقيق الميداني لا مناص منها بهدف الوقوف على حقيقة حالات التجاوز أو تحديد أسباب حدوث الخلل في تنفيذ برامج القطع المعلن عنها .
في منتصف التسعينيات، عند البدء بتطبيق القطع المبرمج للكهرباء على العاصمة بغداد، لتشمل مناطقها كافة عدا ما يستثنى فيها من مرافق حيوية، وكنت المدير العام لكهرباء بغداد، وردت شكوى (مؤكدة) عبر اتصال هاتفي مباشر يؤكد صاحبها معاتباً على فقدان العدالة في تجهيز التيار الكهربائي لمنطقة سكناه، حيث أن داره ومجموعة دور أخرى قد نفذ عليها القطع في الوقت المحدد على وفق الجدول المعلن، في حين توجد دور أخرى في المنطقة نفسها لم يشملها القطع، مؤكداً أن هذه حالة تتكرر باستمرار، ومتهماً العاملين بقبول المساومة على حساب الأخرين، كان هذا في ساعة متأخرة من إحدى الليالي الشتوية قارسة البرد..
تحركت مع فريق فني صوب المنطقة التي كان يسكنها صاحب هذه الشكوى، فتبين للفريق الفني صحتها... اتجهت الى إحدى الدور المنارة (موضوع الشكوى) والتي كانت تنعم باستمرارية التغذية الكهربائية لها وبعد التأكد من عدم وجود مولدة منزلية خاصة لهذه الدار إذ لم نسمع ضجيجاً، يحدثه، عادةً، تشغيل المولدات، عندها طلبت من أحدٍ العاملين في الفريق الفني المرافق لي أن يطرق جرس الدار، وقبل فتح صاحب الدار الباب وإذا بجميع الانوار داخل هذه الدار قد اطفئت!؟ خرج علينا الرجل (صاحب الدار) مرحباً بنا وداعياً الفريق إلى الدخول لتقديم واجبات الضيافة ولم تجد عبارات الترحيب والمجاملة نفعاً للهروب من الموقف الذي حلّ به أمام إصراري على معرفة مصدر التغذية الكهربائية البديلة للدار، دقق الفنيون حالة التغذية هذه وتبين لهم وجود سلك كهربائي كان قد ربط مع خط التغذية الخاص بشبكة إنارة المنطقة يستخدم بديلاً في تغذية الدار عند القطع حيث جرى استثناء ما أمكن من خطوط كهرباء الإنارة من برنامج القطع المطبق آنذاك.. تم رفع التجاوز (الغريب) بالإضافة إلى حجب التغذية الكهربائية عن المنزل برفع سلك الخدمة الخاص به وإبلاغ صاحب الدار بمراجعة مقر الدائرة، وهنا كانت محاولته الأخيرة لتجاوز ما حصل وتبعاته عندما طلب مني الحديث في موضوع خاص بعيداً عن سماع جمهرة الموجودين في الموقع، كانت الموافقة على طلبه هذا تمثل له حبل النجاة (حسب اعتقاده).. أفصح لي عن هويته الوظيفية حيث تبين إنه يشغل موقعاً متقدماً في إحدى الدوائر الحكومية المهمة وإن مثل هذه الاجراءات سوف تضعه في موقف محرج وضعيف وسوف تضر بسمعته ومستقبله و....و.....
كان حديثه هذا محفزاً إضافياً لي لإكمال خطوات معالجة الأمر على وفق الضوابط والتعليمات المعتمدة من دون الحيود عنها، فاتخذت اللازم حسب الأصول، وبعد أيام علمت بنبأ نقله من دائرته الاصلية التي كان ينتسب إليها الى دائرة أخرى، بعد أن وجهت إليه عقوبات إدارية قاسية.
4814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع