احمد الحاج
سواعد ومطابخ الخير لإطعام المعي الفارغة..مشروع انساني يستحق الاستنساخ!
قال تعالى " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً ".
سواعد الاطعام / مطابخ الخير،تجربة انسانية جميلة تستحق الاستنساخ عراقيا وعربيا مع التطوير، وبإختصار هي تجربة شعبوية مصرية انسانية واعدة بدأت قبل فترة قصيرة نسبيا بمطبخ واحد فقط وهي في طريقها اليوم وبعد نجاحها نجاحا منقطع النظير لتصل الى 1000 مطبخ في عموم جمهورية مصر العربية حفظها الله تعالى وشعبها من كل سوء ومكروه وسائر بلاد المسلمين وشعوبها في أرجاء المعمورة .
خلاصة عمل هذه المطابخ ان يقوم الموسرون وأهل الخير بتجهيز هذه المطابخ كل واحد في منطقته ومدينته ومحافظته ،وعلى وفق قدرته واستطاعته وبما يمكنه الله تعالى عليه، بما تحتاجه تلكم المطابخ من زيت وبقوليات وملح وسكر ودهن وبصل وثوم ورز وطحين ومعجون طماطم وبطاطا وباذنجان ونحوها ،اضافة الى النفط والغاز ومعدات وقدور وأدوات الطبخ كاملة ، فضلا عن صحون التوزيع البلاسيتيكة ، كذلك النايلون والمعدات المساعدة لتغليفها بعد الفراغ من طبخها وتجهيزها، ويتطوع القائمون على تلكم المطابخ في أماكنهم بإعداد وجبات طعام وتغليفها والقيام بتوزيعها مغلفة وبأجمل ما يكون بين العوائل المتعففة والفقيرة لمساعدتهم والتعاطف معهم وسد رمقهم على وفق جداول زمنية تناسب طاقم عمل كل منهم ويعمل بمقتضاه الان .
الجدول الذي اطلعت عليه واخبرني به بعضهم، بأن طبخ الطعام وتجهيزه وتغليفه تمهيدا لتوزيعه بين العوائل المتعففة - حاليا - يتم بواقع يوم واحد في الاسبوع بعضها يوم الجمعة بعد الصلاة ،وبعضها الاحد ظهرا ، بعضها الاثنين ظهرا وهكذا طيلة اسابيع العام الهجري بإستثناء " رجب ، شعبان ، رمضان " فلهذه الشهور المباركة جدول ثان ، ففي رجب وشعبان يصار الى اعداد الطعام وتجهيزه كل يوم اثنين وخميس قبيل صلاة المغرب " لأن الكثير من الاشقاء المصريين يصومون الاثنين والخميس في هذين الشهرين المباركين اما تطوعا ، واما قضاء لما فاتهم من رمضان الماضي لعذر شرعي يبيح الافطار والقضاء " فيكون الطعام الموزع في هذه الحالة بين العوائل " بمثابة افطار للصائمين في ذلك اليوم من جهة ...ووجبة عشاء للمفطرين في نفس الوقت من جهة اخرى " .
أما في شهر رمضان فيكون الطبخ والتوزيع يوميا طيلة الشهر الفضيل بواقع وجبتين " فطور+ سحور " ..اما في عيد الفطر فوجبة افطار بعيد صلاة العيد لإدخال السرور على قلوب العوائل المتعففة في ذلك اليوم المبارك .ولتفعيل روح المنافسة بين مطابخ المحافظات المختلفة فإنهم قد دأبوا على اقامة مسابقات دورية فيما بينها واشراك الجمهور فيها للتصويت لصالح المطبخ الاكثر نشاطا وهمة " الجائزة الاولى عبارة عن ثلاث ابقار تهدى للمطبخ الفائز بالمركز الاول ..الثانية بقرتان ..الثالثة بقرة واحدة " ليقوم المطبخ الفائز بنحرها وتقسيم لحمها وطبخه وتوزيعه بين العوائل المتعففة مع الطعام المعهود ...
ويتم نشر ذلك كله مصورا على مواقع التواصل أولا بأول مع اخفاء وجوه المستفيدين تماما والتركيز على الوجبات المعدة للتوزيع بعد الانتهاء منها أكثر من التركيز على الأشخاص المستفيدين دفعا للحرج عنهم ، ولكي لايدخل هذا العمل الخيري في باب الرياء والمراء والمن والاذى ، وبهدف تشجيع البقية على تقليد التجربة واستنساخها" شخصيا لو لم اطلع على صورهم ونشاطهم عبر الفيس بوك لما علمت شيئا عن هذا العمل الطيب الذي يستحق الاستنساخ لرعاية المحتاجين واطعام الجائعين قط " ، اضافة الى تشجيع اهل اليسار على الاسهام بالممكن لدعم عمل هذه المطابخ ضمانا لعدم توقفها أو تراجع ادائها بمرور الوقت ولكسب الأجر والثواب ".
وهنا لايسعني الا أن أقدم الى اخوتي الأحبة في سواعد الاطعام / مطابخ الخير، مقترحات مستقاة من التجربة العراقية الخجولة في هذا المضمار والتي تنحصر في بضعة مطابخ مجانية للخيرات ، لعل مطبخ جامع الشيخ عبد القادر الجيلاني من أقدمها ويعود الى العصر العباسي ، كذلك مشروع الشوربخانة وهو مشروع ناجح ويعمل منذ سنين وله عدة فروع في العراق ، واقول لاخوتي المصريين من القائمين على المشروع جزاهم الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتهم والهمهم التوفيق والاخلاص في العمل ، اولا " مصر التي فى خاطري وفى فمي. أحــبها - واحبكم - من كــــل روحي ودمي " ، وثانيا ،ان " التجربة العراقية تتضمن توزيع الطعام في المطبخ نفسه حيث يأتي الفقراء الى المطبخ حاملين قدورهم لتسلم حصتهم من الطعام والحلوى إن وجدت في سائر الأيام ، ولتسلم الفطور أو السحور في رمضان " وبإمكانهم اللجوء الى هذه الطريقة أحيانا ، للعمل على مناوبتها مع طريقتهم التي إختطوها لأنفسهم في التوصيل الى بيوت الفقراء انفسهم والمعمول بها حاليا عندهم ...
اما المقترح الثاني فموجه الى المطبخين الخيريين " المصري والعراقي " ويتضمن اقامة مآدب افطار وسحور الى جوار كل مطبخ طيلة رمضان المبارك إن أمكن ذلك !
المقترح الثالث يتضمن توزيع وجبات طعام مسلفنة بين عمال النظافة والكادحين صباحا لرفع روحهم المعنوية ، واشعارهم بأن المجتمع وبمختلف شرائحه متضامن معهم ومقدر أشد التقدير لعملهم الذي يترفع عنه الكثيرون ، وحبذا لو كان مع كل وجبة " ملصق صغير خاص بعمال النظافة مكتوب عليه - شكرا من القلب لكم يامن تنظفون مدينتنا ..وأخرى ..شكرا يامن ترفعون الاذى عن طريقنا -تشمل العاملين وسواق شاحنات النظافة والمراقبين عليهم ، كذلك توزيعها بين الكادحين في ساعات الصباح الأولى مكتوب على كل واحدة منها " بوركت يا من خرجت صباحا ساعيا بالحلال على رزقك ورزق عيالك " ، انتم لا تدرون أثر هذه الكلمات الرقيقة عليهم ، انها تفوق قيمة الطعام ذاته وتتفوق عليه معنويا لاسيما في هذا التوقيت المبكر من اليوم !
وهنا لايسعني الا توجيه الدعوة للجميع للشروع بإستحداث مطابخ خير مجانية في كل مدينة ومحافظة عراقية كل واحدة منها تتولى مسؤولية مطبخها وآليات عمله وتمويله ، يشرف عليه ابناء المحافظة انفسهم وكل في مدينته ومحافظته على حدة ، أسوة بمطابخ سواعد الاطعام ومطابخ الخير المصرية ، انها تمثل قمة التكافل الاجتماعي بأجلى صوره في زمن الجوع والبؤس والفاقة والبطالة الخانقة والغلاء الفاحش ، ولايفوتنك يا رعاك الله بانها تمثل وتترجم خلاصة الاية القرآنية الكريمة " أو إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ" ...
بقي أمر مهم جدا لديمومة ورفد عمل هذه المطابخ الخيرية المجانية يتمثل بـ" دعوة اصحاب الكفارات والنذور والقضاء لبذل اموالهم فيها،بمعنى ان في الاسلام هناك ما يعرف بـالكفارات ،نحو " كفارة اليمين = اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم " ، كذلك " كفارة الجماع العمد في نهار رمضان = اطعام 60 مسكينا " ان لم يكن بإمكانه عتق رقبة - وهذه غير موجودة حاليا - أوعجز عن صيام شهرين متتابعين ،وبإمكان هذين الشخصين أن يطعما المساكين من خلال مطابخ الخير في هذه الحالة، الأول لتكفير اليمين ، والثاني لتكفير الجماع العمد في نهار رمضان، كذلك الحال مع الطاعنين في السن والعجزة والمصابين بأمراض مزمنة لايستقيم معها صومهم خشية على حياتهم، ولا يرجى برؤهم من امراضهم بشهادة الطبيب المسلم الحاذق المختص ، فهؤلاء على كل واحد منهم فدية اطعام مسكين عن كل يوم من رمضان على ان لاتقل قيمة كل يوم منها عن قيمة زكاة الفطر في بلده طيلة الـ 30 يوما ،وبإمكان هذا الشخص أن يطعم الطعام ويقضي فديته من خلال مطابخ الخير ...وهكذا دواليك ..اودعناكم اغاتي
3483 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع