د. خضر (ديفيد) بصون
اين كنتم ايها المنافقون؟
كلما حدثت مواجهة بين إسرائيل ومنظمتي حماس والجهاد الإسلامي التخريبيتين اندلعت المظاهرات في انحاء العالم منددة بإسرائيل. عندما يتعلق الموضوع بإسرائيل واليهود نجد اغرب التحالفات -العرب والمسلمون واليسار الأوربي واليسار الامريكي وكل اللاساميين القدامى والجدد وعلى رأسهم المنظمات الإسلامية المتطرفة ينضمون للمظاهرات ضد إسرائيل متهمون إياها بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
هل رأيتم على شاشات التلفزة من تظاهر في أوربا، أمريكا، آسيا من العرب او المسلمون لمقتل مئات الالاف في العراق وسوريا واليمن او ليبيا والسودان؟
عشرات الالاف من أبناء العراق قتلوا ومئات الالف شردوا وأصبحوا لاجئين. بنات العراق اغتصبوا وبيعوا في سوق النخاسة. وحوش خلافة الدولة الإسلامية (داعش) الذين رفعوا زورا وبهتانا راية "لا إله إلا الله"، وجل جلاله من افعالهم براء، ذبحوا وهجّروا واغتصبوا الأبرياء من أبناء وبنات العراق. هؤلاء البربريون أنشأوا سوق للرقيق عرضوا فيه نساء الأقليات للبيع ولجهاد النكاح ك "سبايا" الحرب.
اليزيديون أحد أعرق الشعوب التي سكنت شمال العراق والذين كان يبلغ تعدداهم النصف مليون ذبحوا في قراهم. عشرات الآلاف نزحوا من بيوتهم إلى جبل سنجار هرباً من هؤلاء المجرمين. المئات من الأطفال ماتوا من الجوع والعطش في الصيف. لولا تدخل البشمركة والقصف الأمريكي الذي جاء في اللحظة الأخيرة لذُبح اليزيديين عن بكرة أبيهم.
أما المسيحيون الذين كان تعدداهم في العراق، قبل عشرة سنوات، مليون وأربعمئة الف نسمة واللذين عاشوا فيه مئات السنين قبل ظهور الإسلام، فقد هاجر قرابة ثلثيهم إلى أصقاع الدنيا خوفا أو هربا من الاضطهاد. تردّت أوضاع المسيحيين بصورة لم يسبق لها مثال، ففي المناطق التي سيطر عليها داعش كالموصل والقرى المجاورة اجبر المسيحين على اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية أو الهجرة تاركين ممتلكاتهم للأوباش قرى بأكملها غدت تخلو من المسيحيين مثل برطلة وتلكيف والقوش.
وفي السنوات الأخيرة مليشيات الحشد الشعبي والفصائل الطائفية المسنودة من إيران قتلت واختطفت بدون أثر المئات من شباب ثوار تشرين ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين. هل من ندد بذلك؟
في سوريا حصدت الحرب الاهلية أكثر من 600 ألف شخص وتسببت بتهجير ونزوح الملايين. الآلاف من أطفال سوريا قتلوا بالبراميل المتفجرة أو بقصف الطائرات والصواريخ على يد جيش بشار الأسد وحليفه حزب الله وبتأييد وتسليح ايران أو بأيدي داعش أو جبهة النصرة أو الجيش السوري الحر أو... مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي دمشق، قصفا يوميا من قبل الجيش السوري النظامي والأطفال ماتوا هناك عطشا لشحة المياه.
تركيا الإسلامية تقصف القرى الكردية الإسلامية في سوريا والعراق. هل رأيتم على شاشات التلفزة من تظاهر ضد هذا القصف، ضد الاضطهاد الديني، ضد تدمير التراث العالمي، ضد انتهاك حقوق الانسان في معظم البلدان العربية والإسلامية.
لكن عندما يتعلق الموضوع بالفلسطينيين في غزة فالموضوع يختلف. عشرات المظاهرات اندلعت (كما في المواجهات السابقة) في المدن التي يقطنها المسلمون والعرب في أنحاء العالم منددة بالحرب التي خاضتها إسرائيل، في الماضي وتخوضها مجددا، في غزة دفاعا عن مواطنيها. رفع المتظاهرون في هذه المظاهرات صور الأطفال الفلسطينيين القتلى والشعارات المعادية لإسرائيل والشعارات الا سامية ضد اليهود مثل "هتلر لم يكمل العمل" وهاجم البعض اليهود والمؤسسات اليهودية. ٍسيارات في قلب لندن تلعن اليهود وتنادي باغتصاب بناتهم. مسنون يهود يعتدى عليهم في تورنتو ونيويورك.
خلال التسعة أيام الماضية أطلقت المنظمات الإرهابية حماس والجهاد الإسلامي أكثر من 3000 صاروخ على المدن الإسرائيلية غرضها قتل أكبر عدد من المدنيين ولولا القبة الحديدة التي اعترضت العديد من الصواريخ والتزام المواطنين بالذهاب الى الملاجئ لكان قتل وجرح المئات او حتى الالاف عدا التدمير الذي اصاب المباني والممتلكات.
نتألم لكل طفل وكل مدني برئ يقتل، لكن أطفال وشيوخ ونساء غزة يقتلون لأن منظمة حماس الإجرامية تستعملهم كدروع بشرية يقتلون لأن حماس اختارت أن تطلق الصواريخ على إسرائيل من المناطق المدنية لترعب الملايين من سكانها وتقتل من استطاعت.
هل هناك من يقبل في العالم ما تعانيه إسرائيل يومياً من سقوط الصواريخ على مدنها وقراها؟ حينما ترد إسرائيل كأي دولة مسؤولة عن الدفاع عن مواطنيها تتهم بارتكاب المجازر وبالإبادة الجماعية؟ كيف تتجرأ إسرائيل للدفاع عن مواطنيها؟ كيف يتجرأ اليهود بقتل المسلمين؟! الجيش الإسرائيلي هو الجيش الوحيد في العالم الذي يحذر السكان المدنيين قبل قصف المناطق لتدمير منصات الصواريخ والأنفاق التي بنيت من تحت البيوت والمساجد والمدارس والمستشفيات. الجيش الإسرائيلي يحاول المستحيل للتقليل من الضحايا المدنيين. قادة حماس يختبئون كالفئران في الإنفاق ومن تحت المستشفيات يقودون المعركة ويضحون بالمدنيين الفلسطينيين وإسرائيل تتهم بارتكاب جرائم حرب، يا للمهزلة! ولا تحدث عن قادة حماس أمثال خالد مشعل وإسماعيل هنية وموسى ابو مرزوق وغيرهم من الذين ينعمون بالرخاء في فنادق الدوحة وبيروت..... الا يدركون دور النظام الإيراني القذر الذي يدمر ويسيطر على الدول العربية الواحدة بعد الأخرى في استغلال عملائها حماس والجهاد في تأجيج الشارع العربي.
هل إسرائيل عليها أن تعتذر لآنها لديها ملاجئ لحماية السكان وكانت قد طورت القبة الحديدية لإسقاط الصواريخ الموجهة لقتل السكان المدنيين. يتحدثون عن عدم المساواة في عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي مقارنة بالفلسطيني. هل علينا أن نسمح لحماس بقتل أطفالنا لنحصل على العطف؟ هل ماهي الأرقام التي علينا أن نلتزم بها لكي نحصل على المساواة؟ هل الملايين في إسرائيل الذين يتعرضون للقصف الصاروخي يوميا لا يستحقون العطف لأنهم يحاولون الحفاظ على حياتهم بدخول الملاجئ والغرف المحصنة إن استطاعوا؟
وما الغرض من الانفاق التي استطاع الجيش الإسرائيلي تدمير معظمها في المواجهة السابقة وبعدها بنت جدار ليمنع تغلغل هذه الانفاق الى إسرائيل واوقف هذا السلاح الاستراتيجي لحماس. هناك أكثر من 100 كيلومتر من الانفاق تحت شوارع غزة وبناياتها وبيوتها حيث تخزن الاسلحة والصواريخ قامت الطائرات في هذا الأسبوع بقصفها. انفقت حماس والجهاد الإسلامي مليارات الدولارات على هذه الانفاق والصواريخ كان من الامكان استعمالها لرخاء غزة ومواطنيها. كان جديرا بحماس، الحاكم الناهي في القطاع، أن تستثمر أموالها "الحلال" بالبنى التحتية والكهرباء والمياه العذبة وخلق فرص العمل للشعب المقهور تحت رايتها بدلا أن تحفر الخنادق كالجراذين.
نحن نحتفل ونقدس الحياة وهم يقدسون ويرون الموت كجهاد في سبيل الله.. أي الاه يؤمنون به حين يقدمون أطفالهم كقرابين. يضّحون بالأطفال للحصول على صور تظهر فيها الأجساد المشوهة على شبكات تلفزيون الجزيرة وغيرها لكي يحصلوا على عطف العالم وإدانة إسرائيل. لن نسامحهم لأنهم جعلوا جنودنا يختارون بين أطفالنا وأطفال غزة.
سيأتي في الأيام القادمة وقف إطلاق النار وسيبدأ قادة حماس والجهاد الإسلامي والمنظمات التخريبية الأخرى بالخروج من جحورهم ليعلنوا أن غزة انتصرت. إذا كان الدمار الذي حل بغزة يعد انتصارا فهنيئا لكم بهذا الانتصار. لعشرات السنين يحتفلون بالنصر الزائف وفي كل معركة يرجعون إلى الوراء ودولة إسرائيل وشعبها يتقدمان.
أفضل أن أعيش في إسرائيل حيث نستطيع أن ندافع عن أنفسنا من أن أعيش في العراق. افضل ان أعيش في إسرائيل من أن أكون اليوم في أوربا التي بدأت تنضح باللاسامية التقليدية واللاسامية الحديثة التي يحملها الكثير من مسلمي أوربا للأسف الشديد على الرغم انهم أقلية.
3471 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع