صفوة فاهم كامل
"أحاديث الثلاثاء" تتحدى "أحداث كورونا"
مرَّ عامٌ طارئ على صدور الكتاب الحادي عشر لمنتدى الثلاثاء الثقافي من سلسلته الثريّة (أحاديث الثلاثاء ...كتابات لمثقفين عراقيين). ومرَّ أكثر منَ عامٍ عصيب على المجلس بأسابيعه وهو مُكرهٌ أخاك لا بَطل، عازفٌ على انعقاد ندواته الأسبوعية في صالون دار الدكتور شوقي ناجي الساعاتي بعمّان، بسبب الغزو الثقافي لوباء جديد سمّيَّ بفايروس كورونا.
لكن ما سرّنا وأسعدنا جميعاً نحن رواد ذلك المجلس ومرتاديه ومحبّيه حين عُلمنا قبل أيام خلت بصدور المجلد الثاني عشر من هذه السلسلة المنمّقة من الكتابات رغم أنف كورونا، فظهر بنفس حلّته المعتادة، ونفس غلافه الأثير، ونفس ناشره الرصين (دار الذاكرة).
لكن ما ميّز هذه الطبعة عن سابقاتها من الأجزاء، احتواء صفحاتها الـ 550، على صور ملوّنة وأخر عادية، زيّنت العديد من مواضيعه، فأضافت له نكهة جديدة وإشراقة متجدّدة، مع ما ضمّته بين دفّتي غلافه من عناوين شتّى في مختلف مناحي الحياة الثقافية والمعرفية، وبفيض من جهود المحاضرين الأجلاء كانوا قد نفحو بما لديهم وجادوا بما خبروا قبل وصول ذلك الداء الملعون حدود الأردن وتغلغله في نسيمها العليل، فحَرَمَنا من حشدنا في الثلاثاء، وألهفنا لمجلِسنا الغرّاء.
احتوى الكتاب على ثلاثين عنواناً جديداً قدّمه سبعة وعشرين أسماً مهذّباً على مدى أسابيع سبقت هطول الجائحة. فيها من المواضيع ما هو غريب ولطيف لم نألفه من قبل وفيه ما هو جديد واكبَ التطورات العلمية والاقتصادية المتسارعة في العالم إضافة إلى مواضيع أخرى مُحبّة.
تصدّرت أولى صفحات الكتاب كلمةٌ نيّرة لعميد المجلس الأستاذ نجيب محي الدين، بمناسبة مرور سنة على رحيل مؤسس المجلس السفير عطا عبد الوهاب (رحمه الله)، الذي له بصمة ثابتة في الكتاب، ورثاه أيضاً في صفحة تالية الأستاذ هاشم الشبلي. كما تفضل السيد نجيب، في صفحة أخرى بنعي واستحضار سيرة أقدم رواد ذلك المجلس، الشخصية الوطنية والسياسية المرحوم المهندس حمدي شكر التُكمَجي. ومن مآسي هذه السنة أيضاً أن غيّب الموت عضواً آخراً من مجلسه هو الطبيب ومنشد القصائد العربية والشعبية، والشخصية الاجتماعية المحبّبة، الدكتور فليح حسن الحداد، فجاءت مرثية أخرى لوداعه.
ومن قسوة المصادفات في هذه السنة وما زاد الطين بلّه، أن يرحل عنّا في نهايتها ويَغيب إلى الأبد ذلك العميد النجيب المرحوم نجيب محي الدين، لينعيهِ هذه المرة الأستاذ الدكتور شوقي ناجي جواد الساعاتي نيابة عن أعضاء المجلس.
رحم الله وطيّب ثرى من غادرنا إلى دار البقاء مُقيماً في جنّة الفردوس، وحفظ من هم في دار الفناء معافين حتى الآن على أرض عمّون. وهكذا هي الحياة لا رادَّ لإرادتها... ففيها من رحلَ... وفيها من سيرحل... وفيها من سيدنو من الرحيل... وبعدها كُلنا راحلون.
واليوم وبعد أن جمّل الجزء الثاني عشر من (أحاديث الثلاثاء) وأجزاءه المتوالية رفوف مكتباتنا، ولأننا متشوّقون إلى جلساءه وندماءه، فأننا توّاقين لأن يعود المجلس إلى التحامه في القريب العاجل، حتى ينعم أعضاءه بملتقيه ومحبّيه، ويرحل عنا مُرغماً ولا يعود من فرّقنا، وسنظل نتحدى من يوسوسنا... والله على كل شيءٍ قدير.
بدأتم فأحسنتم فأثنيتُ جاهداً وإن عدّتم ثنيتُ والعودُ أحمدُ
ثلّةٌ من أعضاء مجلس الثلاثاء في لقطة تذكارية سابقة
1025 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع