د.طلعت الخضيري
كشكول الذكريات -الحلقه ٤٤
أنا رئيس لجنه طبيه
شاءت الأقدار أن أعين رئيس لجنه طبيه لفحص طلاب جامعه البصره ألتي كانت أبنيتها في (التنومه) في شرق النهر في منتصف العقد السادس من القرن الماضي.
وكانت مصيبه لم أكن أتوقعها ، وليحكم القارىء على ذالك بعد إتمام قراءه المقاله وأنا أتقبل حكمه .
كنت جالسا أمام مكتب مدير المستشفى الجمهوري عندما رن الهاتف وطلب منه رئيس الصحه تعيين رئيس لجنه للإشراف علي إمتحانات نهايه السنه لجامعه البصره ، فعرض علي مدير المستشفى أن أتولى ذالك ، وستكون لي رحله جميله عبر الشط والتمتع برؤيه طلاب الجامعه وطالباتها , فوافقت مسرورا لتلك الفرصه النادره ولم أدري ما سيخبئه لي القدر من مصائب.
,أرسل لي في اليوم التالي رئيس الجامعه ألدكتور الفاضل ألحبوبي سيارته الخاصه لتنقلني من بيتي في البراضعيه إلى الجامعه ، وعبرتنا العباره إلى الضفه الأخرى من شط العرب فوصلت بالسلامه مدللا وفي راحه تامه إلى مبنى الجامعه واستقبلني مدير شؤو ن الطلبه بلطف وجلست كالديك المنتفش خلف المنضده ومعي زميلان آخران . كنت متفائلا بسهوله الأمر وقضاء بعض الأيام أتسلى في عمل سهل مع طلاب الجامعه النجباء, قبل أن يصدمني الواقع المر.
فقد دخل الطلبه تباعا الغرفه ففحصتهم أولا بقياس الحراره ثم وضعت سماعتي أستمع بها إلى نبضات قلوبهم الشابه ،وأستمع إلى شهيق وزفير الرئتان فوجدتهم جميعا في أتم الصحه والعافيه ولكن كانت مشكلتهم الحقيقيه هي رغبتهم في تأجيل الإمتحان ولإعذار مختلفه فأجبتهم بأنني طبيب ولا يحق لي إلا أن أكون نزيها في عملي ونصحت بعضهم أن يحاولوا أن يشرحوا أعذارهم لإساتذتهم ولم تكن النتيجه إلا موجه من الصخب والإحتجاج صخب وتعالت الأصوات ضدي فاستنجدت بمدير الإداره ألذي كان له موقف شجاع بتوبيخهم وإفهامهم إنني كنت أقوم بواجبي ولا مجال هناك للومي.
وكان أحد هؤلاء الطلبه شديد العنف وأوصل لي الخبر أنهم سيخطفون أولادي إذا أصررت على موقفي ، ولكنني لم أرضخ لذالك واعترف الطلبه مرغمين بقبول الواقع والكف عن تلك الطلبات غير المشروعه.
تجربه قاسيه مرت علي في مجال عملي مع قله من الطلبه من الممكن أنه كانت لهم ظروف إجتماعيه صعبه ، وأنصح أن تكون في جميع الجامعات مكتب يدرس مشاكل الطلاب النفسيه والإجتماعيه وإسداء النصائح لهم وإحالتهم إلى مختص بالأمراض النفسيه أو الباحثه الإجتماعيه عند الحاجه.
حسب ما علمته لاحقا أن في بعض جامعات الغرب يتاح للطالب أن يأجل إمتحان بعض الدروس إلى موعد لاحق وقد يكون ذلك الحل الأفضل.
1101 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع