بقلم: بسام شكري
حرب الجواسيس - الجزء الثاني
تجنيد اللاجئين في خضم تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين الى أوروبا فان هناك أساليب متعددة تمت لتجنيد اللاجئين سواء قبل وصولهم او بعده او في محطات الدول التي مروا من خلالها للوصول الى الدول المستضيفة في أوروبا , فقد ظهرت منظمات مختلفة الاختصاصات في محطات الانتظار في دول الشرق الأوسط ودول البلقان ذات مهمات متعددة مهمتها أهمها فلترة الوافدين ومحاولة غربلتهم قدر الامكان كجمع المعلومات من الميدان والتعرف على أنواع محددة من اللاجئين لغرض استدراجهم الى أوروبا او لمنع وصولهم الى أوروبا وتم اتباع عدة أساليب واغطية كمنظمات ثقافية او اغاثية او مساعدات اجتماعية للمرأة والطفل وغيرها وقد ظهرت بشكل ملحوظ في كل من تركيا ولبنان وهي تقدم مساعدات حقيقية وقد تتصيد نخبة معينة من اللاجئين والذين لا يتمتعون بشروط اللجوء وتأخذهم الى بلدانها لكي يكونون أداة لها للتجسس على اللاجئين القادمين اليها من جانب والتجسس على دولهم الاصلية من جانب اخر وتكون الاستضافة بعدة أساليب والذي لفت انتباهي أسلوب المنح الثقافية من خلال منحة مدتها ستة أشهر يقيم فيها الشاب على حساب تلك الدولة ويمنح إقامة وسكن وطعام وتأمين صحي ورعاية اجتماعية هو وعائلته بحجة توفير المناخ المناسب له لكي يكتب بهدوء وابداع قصة او قصيدة من الشعر وبتفرغ كامل لفترة ستة اشهر ، فهل ان كل تلك المصاريف لتوفير الجو المناسب له لكي يبدع أدبيا في المانيا او بريطانيا مثلا ؟في حين أن شعب ذلك الشاب يتعرض إلى إبادة وحرب ويتم تهجيره بالملايين من بلده ؟ ولماذا يكون هو المدلل الذي اختارته تلك المنظمة الإنسانية ( البريئة ) التي ترعى الشباب بالصدفة لكي يقدم الإبداع الأدبي باللغة العربية وتلك المنظمة البريئة لا تفهم من العربية حرفا واحدا في حين كان بإمكان تلك المنظمة البريئة توفير ذلك الجو المناسب للإبداع في داخل بلده وبتكاليف زهيدة جدا او في تركيا ولبنان في اقل تقدير , لقد قابلت اشخاص في بعض الدول الاوروبية الغنية تمت استضافتهم بتلك الطريقة ( الخدعة ) على ما أتذكر من بعض الدول التي لا يحق لهم طلب اللجوء باعتبار بلدانهم امنة قد تم شمولهم بتلك البعثة الثقافية من اليمن وبنغلاديش وكينيا والباكستان وفلسطين وهم لا يتمتعون باي خلفية ثقافية او أدبية او علمية واطلعت على بعض من انتاجهم فلم اجد الا كتابات ساذجة لا تمت الى الادب والابداع بصلة وطبعا بعد انتهاء فترة الستة اشهر الاستضافة قاموا بطلب اللجوء السياسي في تلك الدول وما سيحصل لهؤلاء المبدعين معروف للقارئ العربي ولا داعي للإسهاب فيه . والحالة الملفتة الثانية التي لاحظتها ان في تركيا التي تستضيف ملايين اللاجئين تقوم المنظمات الدولية والجامعات التي تقدم مساعدات الى اللاجئين بالاستعانة بمكاتب تركية محلية للقيام باي عمل يخص اللاجئين داخل تركيا ويقومون بدور المقاول الثانوي للمنظمات الدولية والتحري عن أي شخص او منظمة تعمل داخل تركيا والعالم يعرف تلك الحقيقة ويسكت لان هناك عدة أسباب منها الإهمال والتقصد وعدم الشعور بالمسؤولية الإنسانية تجاه اللاجئين وهنا تتجلى البراءة بعينها وهذا يرجعنا الى فترة النظام النظام السوفييتي في فرض الجدار الحديدي على مواطنيه.
الصين - اما كيف تمارس الصين التجسس فهذا مختلف كليا عن بقية أنواع التجسس فالصين تخوض حرب جواسيس من نوع آخر، فهي مهتمة بالحصول على تكنولوجيا متطورة ومهتمة بالدخول إلى كافة الأسواق العالمية إلى جانب التجسس التقليدي على أنظمة الحكم المختلفة حيث تزرع عملاءها في كافة بقاع الأرض فتجد الصينيين مثلا ينافسون الإيطاليين في تصميم الملابس، ففي مدينة ميلانو المشهورة بتصاميم الملابس مثلا تجد شارع صيني لتصميم وخياطة وبيع الملابس في وسط المدينة وبطول كيلومتر حتى محلات بيع البيتزا التي في ذلك الشارع أيضا صينية وتبيع أرخص من المطاعم الإيطالية وبنكهة افضل، وبسبب الحي الصيني في ميلانو فقد انتقل فيروس كورونا من الصين الى هناك وبالصدفة القاتلة خلال مباريات كرة قدم لنادي إيطالي واسباني تم انتقاله الى اسبانيا وبعد ذلك انتشر في كل أوروبا , الصين في إيطاليا قد زاحمت الايطاليين في مهنتهم وتغلبت عليهم وهذه هي العقيدة الصينية , سنويا ترسل الحكومة الصينية ملايين الصينيين في مجموعات سياحية مع كاميراتهم لتصوير أي شيء تقع أعينهم عليه حتى وترسل صينيين الى كافة الشركات التي تصنع تكنلوجيا حديثة او قيد الأبحاث والتطوير حتى وصل بالصين أن تدخل صناعة السيارات الفرنسية وتسرق تكنولوجيا صناعة السيارة الكهربائية من فرنسا، ومازالت تلك القضية في المحاكم بين فرنسا والصين، ومن مشاهداتي الطريفة عندما زيارتي الى مستعمر جبل طارق وهي زاوية على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وعندما وصلت الى آخر نقطة حدود اسبانية مع مستعمرة جبل طارق البريطانية وعلى المضيق مباشرة وجدت المطاعم الصينية تقدم الاطعمة البحرية الصينية الممتازة والرخيصة لذا تجد الصينيين في أي بقعة من الكرة الأرضية يعملون بصمت كأنهم خلية نحل .ان أسلوب الصين في سرقة التكنلوجيا يبدأ من الصناعة العكسية الى سرقة المخططات والتكنلوجيا , والمتخصصين في الصناعة يفهمون معنى الصناعة العكسية واهمية المستندات التكنلوجية لكل صناعة .
روسيا - اما روسيا فهي تعمل بأسلوب تجسس مختلف آخر يضرب في العمق لتحقيق اهداف استراتيجية ومستقبلية وحيث أن الاتهامات مازالت مستمرة بين أميركا وروسيا حول التدخل الروسي في نتائج الانتخابات الأميركية السابقة والأخيرة ، نشاهد روسيا اليوم تلعب نفس اللعبة في أوروبا حيث تزرع عملاءها في دول الاتحاد السوفييتي السابق لكسب التأييد للأحزاب اليمينية لشق وحدة الاتحاد الأوروبي وابتلاعه، وتسللت روسيا بكل حرية الى داخل أوروبا ونجحت في خلق الأحزاب اليمينية المتطرفة حتى وصلت إلى الحكم في بولندا وهنغاريا والنمسا وإيطاليا ، وفي الشهر الماضي اتهمت ألمانيا المخابرات الروسية بالتدخل في انتخابات الولايات الالمانية لخلق رأي عام غير حقيقي يعبث بسياسة ألمانيا وقد قامت قامت روسيا بالمساعدة على تأسيس أحزاب يمينية في ألمانيا منذ عدة سنوات وقد تمكن حزب البديل من اجل المانيا مثلا وخلال تلك الفترة القصيرة جدا ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية من الوصول إلى البرلمان الألماني في برلين بنسبة 11% ليتخطى أحزاب عريقة وقديمة مثل حزب الخضر وكما حصل حزب البديل الشعبوي اليميني في ولاية سكسونيا انهالت في انتخابات يوم 7-6-2021 من الفوز بنسبة 23% وجاء الثاني بعد حزب ميركل وترك خلفة كل الأحزاب الألمانية , ان سعي روسيا لتخريب الاتحاد الأوروبي بأسلوب الضرب في العمق ومن الداخل هو الأسلوب الذي يعمل عدة محاور وهي – خلق مجتمعات روسية داخل المجتمعات الأوروبية تعمل بصمت وبأسلوب النفس الطويل وتتلقى الدعم المباشر من روسيا حيث تسعى تلك التجمعات إلى تغيير الرأي العام الأوروبي لصالح أحزاب اليمين وذلك لوجود جالية روسية كبيرة في أوروبا انتقلت من روسيا خلال فترات زمنية مختلفة – خلق تجمعات مافيا روسية لنقل المخدرات والأسلحة وغسيل الأموال بين دول الاتحاد الأوروبي مستغلة انفتاح الحدود بين دول الاتحاد مستغلة وسائل النقل بالشاحنات والسيارات المتنوعة لتخريب اقتصاديات تلك الدول – خلق عصابات سرقة السيارات والبنوك في دول الاتحاد الأوروبي لخلق جو من عدم الاستقرار باستعمال مافيا سرقة من دول أوروبا الشرقية السابقة مثل رومانيا وبلغاريا – التدخل المباشر في النشاط الإلكتروني ونشاطات الانترنيت في أوروبا بهدف التجسس على دول الاتحاد والأحزاب المؤثرة فيها أو القرصنة عند الحاجة .
الربيع العربي - ان ما يسمى بالربيع العربي قد كشف لنا نحن العربي المقيمين في أوروبا بانه لعبة دولية قد استغلت فساد بعض الأنظمة العربية في نشر فكرة – خدعة الربيع العربي في الأقطار العربية وكنا نرى ما يحصل في البلدان العربية التي تعرضت لذلك الربيع وكأننا نشاهد ملعب المباراة من مدرجات المتفرجين ونرصد ما يجري ببعض التجرد والحيادية فالإعلام الأوروبي في تلك الفترة قد قام بتضخيم الاحداث بشكل غير منطقي وبعيد عن الواقعية وقد ساهمت قناة الجزيرة بدور كبير في ذلك عبر محطاتها العربية والإنكليزية ومن جانب اخر لاحظنا ان هناك دعم اعلامي هائل للإخوان المسلمين في الربيع العربي ومقابلات تتم مع قادتهم في أوروبا يتكلمون بمنطق المنتصر ولم تحصل بعد أي تغييرات على الأرض والذي حصل فقط ان الرئيس التونسي هرب الى الخارج ومازال الرئيس حسني مبارك في الحكم ولاحظنا سفر اعداد كبيرة من الأوروبيين للسياحة الى كل من مصر وتونس وهم نوع جديد من السائحين الأوروبيين، فجميعهم يتكلمون اللغة العربية بطلاقة ويعرفون مناطق القاهرة والجيزة بشكل دقيق والبعض منهم اصبح لديه أصدقاء مقربون من داخل مصر وتونس ويعرفون الأكلات العربية والمصرية والتونسية وهم لم يسبق لهم ان زاروا تلك الدول والمضحك المبكي عندما كنت تبحث عن مترجم يترجم من العربية في تلك الفترة لم تجد مترجم بسهولة فقد غادروا فجأة في اجازات الى مصر وتونس ؟ وهل ان الوقت مناسب لكي يدخل سائحين الى مصر وتونس والبلد تغلي والساحات مغلقة والامن غير متوفر؟
ان جواسيس مصر حاولوا خلق رأي عام جديد مخالف لقانون الدولة أو عرف المجتمع أو الخط الفكري المعتدل لمرجعية الأزهر وإذكاء التفرقة بين المسلمين والأقباط بشكل مباشر أو من خلال منظمات مختلفة الأغراض والمسميات أرادوا تأسيسها في مصر وأخذوا يروجون لأفكار غريبة عن المجتمع المصري بحجة الديمقراطية الجديدة , لقد كانت الخطة ان تتحول مصر الى حالة اشبه بما حصل في العراق ابان الغزو الأمريكي سنة 2003 من نهب للبنوك وسرقة وحرق للأثار فقد تم التغرير بحراس البنوك والمتاحف لترك أماكن عملهم والهرب فهرب البعض منهم فعليا وتركت المتاحف بدون موظفين لفترة وجيزة ولحسن الحظ لم تنجح تلك الخطة الشيطانية.
ايران - وأخيرا إيران التي تستغل الدين والطائفية في تجنيد جواسيسها وعملائها في العالم تعتمد على اسلوبين في نشاطاتها التجسسية في الدول الأجنبية الأسلوب الأول هو مشابه لأسلوب الإخوان المسلمين في خلق كيانات اقتصادية على شكل شركات تديرها قيادات منها تم اختيارهم بعناية من ناحية الثقة والذكاء والخبرة العملية والتوازن في الشخصية ويكونون الداعمين للنشاطات التجسسية بشكل مستمر على الدوام ولا يقتصر على الدعم المادي وانما الدعم المعنوي واللوجستي وتقديم التسهيلات للعملاء والجواسيس القادمين من إيران او الموجودين في تلك الدول او الزائرين ، وتستغل ايران كذلك البعثات الدبلوماسية الإيرانية والعراقية المنتشرة في عواصم العالم للحصول على مشترياتها من المواد المحضورة عليها من قبل الأمم المتحدة وقد كشفت عدة شحنات وصلت الى موانئ العراق تحتوي على مواد كيمياوية خطرة او أجزاء الكترونية تستعمل في تصنيع الصواريخ وبعد الكشف عنها ونشر خبر الاستفسار عن مصدر تلك المواد والجهة المستوردة لها في مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة العراقية اختفت تلك المواد وتم التعتيم عليها وكذلك فان هناك شبكة من العملاء الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين مهمتها الوصول الى المعارضين لنظام ولاية الفقيه في ايران والعراق المقيمين في أوروبا للوصول اليهم واغتيالهم كما حصل قبل ثلاث سنوات عندما تم اغتيال مؤسس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز في هولندا امام بيته في وضح النهار وفي بداية شهر رمضان من هذا العام صدر حكم بالسجن عشرين سنة على دبلوماسي إيراني خطط لعمليات اغتيال معارضين في أوروبا ولم يصدر أي تعليق من ايران على ذلك الحكم ومن جانب اخر وميدانيا تتخذ ايران أسلوبا اخر وهو استغلال الحسينيات والجمعيات الإسلامية والاجتماعية في تجنيد العملاء والمؤيدين وممارسة نشاطاتها تحت غطاء تلك الهياكل وتنتشر تلك الجمعيات في هولندا والسويد وفرنسا بشكل كبير لوجود جاليات إيرانية وعراقية كبيرة هناك وقد قامت ايران باستغلال القوانين الأوروبية بالسماح بتأسيس جمعيات أهلية ذات اهداف اجتماعية واسست مئات الجمعيات هناك والمضحك ان تلك الجمعيات تأخذ الدعم المادي الشهري من الحكومات الأوروبية في الوقت الذي تقوم بنشاطات غير قانونية في أراضي تلك الدول , من جانب اخبر فان تلك المجموعات الخاصة تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنيت في استقطاب عملاء وجمهور لها على حد سواء وتراقب المعارضين وتقوم بتقسيطهم حيث تنتشر الاف الحسابات على الفيس بوك تقوم بنشاطات على مدار الساعة بتبادل المعلومات ونشر الأفكار وتحليل ما ينشر وتستغل تلك الشبكات عمليات غسيل الأموال وتهريب المخدرات كما حصل قبل اشهر عند قيام حزب الله اللبناني وجماعة الأسد بتهريب ملايين الحبوب من المخدرات الى إيطاليا وتم كشفها في احد الموانئ الإيطالية , ان الدول الأوروبية باتت عاجزة اليوم عن متابعة تلك النشاطات التجسسية وذلك لأنها تحتاج الى جيش من المراقبين يتكلم لغات تلك الدول ويتابعهم على مدار الساعة ومن جانب اخر فان تلك الشبكة دخلت وتسللت وبشكل قوي الى وسائل اعلام حكومية مهمة في هولندا وألمانيا والسويد والدنمارك وبريطانيا وتقوم بتوجيه الراي العام الاوروبي الناطق بالعربية حسب مصالح ايران من جانب وتخوض حربا شرسة في غسل ادمغة مجتمعات تلك الدول وفي منع أي راي مخالف لمصالح ايران من جانب اخر.
ان عالم التجسس الحديث في زمن ما بعد الطفرة التكنلوجية عالم واسع وقد اخذت في هذا المقال بعض جوانب ذلك العالم فيما يخص القارئ العربي والمؤثرات الدولية عليه لان عالم التجسس اليوم في ظل توفر الاتصالات وتوفر فرص ترويج الآراء والأفكار المختلفة والبضائع والخدمات الممنوعة قد أصبحت متاحة للجميع.
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1387 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع