زيد الحلي
هل تصدقون : ١٧ سيارة عند كل ١٠٠ مواطن عراقي !
عجيب امر الحكومات التي تربعت على عرش ادارة الدولة في تعاطيها مع طروحات الصحافة ، فهي لا تتوقف عند اية ملاحظة او معلومة تتناولها الصحف ، وكأن الامر مجرد عناد ، واظني على حق حين نشرتُ مقالا في صحيفة " الزمان " الدولية في الخامس من تموز سنة ٢٠٢٠ حمل عنوان " الحكومة تكره الصحافة "!
ولولا ما اعلنته وزارة التخطيط من خبر ازعجني الخميس المنصرم ، ما عدتُ الى الكتابة بشأنه ، خبر يؤكد مضمونه عدم وجود تخطيط البتة ، بشأن البنى التحتية للحالة الحضارية للبلد .. خبر اشعر بالخجل من اعادة نشره ، لكني احيي وزارة التخطيط على شجاعتها في اعلانه للرأي العام ، حيث يتبين كم ان الصحافة على حق حينما حذرت من تداعياته .. يقول الخبر: ( أعداد السيارات في البلاد ارتفع إلى أكثر من سبعة ملايين سيارة خلال عام 2020 ) وان (معدل عدد السيارات المسجلة لسنة 2020 بلوحاتها كافة بلغ 175 سيارة لكل 1000 نسمة من سكان العراق ) اي وجود 17 سيارة عند كل 100 مواطن .. وهي حالة لا تؤكد الرفاه المجتمعي ، بل العكس فهي الفوضى بعينها .
هذه النسبة ( وهي بالمناسبة لا تشمل التكتك وما شابهها ، والدراجات النارية) لن نجدها في اية دولة تنتشر فيها نظم السير الحديثة والطرق السريعة والمجسرات الرابطة بين الشوارع بهندستها الراقية ، غير انها موجودة ، وبإصرار عجيب ، في بلدنا الذي يعاني من شوارع ضيقة وطرق متهالكة وتقاطعات هنا وهناك وازقة لا تسع لمرور عربة صغيرة !
حين تقع عينيّ على الناقلات العملاقة التي تحمل طبقتين من المركبات الصغيرة والمتوسطة المستوردة ، يوميا وهي تسير بخيلاء نحو بغداد او المحافظات او تتمركز قرب مجمعات “معارض السيارات” ، اشعر بإحباط شديد ، وترتفع عندي مشاعر العتب والغضب تجاه دائرة المرور العامة ، واتساءل : اليس عند مسؤولي هذه الدائرة دراسات عن حالات الازدحام التي تشهدها العاصمة والمحافظات نتيجة كثرة الحافلات القديمة والجديدة التي تتجول مختنقة في الشوارع ؟ اين صوت هذه الدائرة في الحد من هذه الظاهرة التي اخذت بالتفاقم الى حد لا يطاق .. وما هو دور هذه الدائرة المهمة التي تعد برامج للتوعية في عدد من الفضائيات العراقية ، في مناشدة ” الدولة” بإيقاف مهزلة الاستيراد العشوائي للحافلات لاسيما ذات المنشأ الرديء ..؟
ايتها الحكومة .. يا وزارة الداخلية ، لاسيما دائرة ( المرور العامة ) .. يا وزارة التجارة .. ايتها الضمائر المحبة للعراق .. متى تدركون ان الازدحام اصبح أسوأ ما يواجه المواطنين في حياتهم اليومية، سواء من حيث التأخير صباحاً ، عند الذهاب إلى العمل او عند عودتهم الى بيوتهم.
ولحل هذه المشكلة التي تشكل عامل التوتر النفسي الثاني لدى المجتمع بعد الكهرباء ، يجب أن نحاول أولاً فهم ما الذي يسببها، لكن ذلك يبدو خارج اولوياتكم ، متناسين ان ازمة الازدحام خلقت العديد من ردود الافعال النفسية .. فرغم الزيادة العشوائية في استيراد المركبات التي ذكرتها ، لم نجد للحكومة رؤية بوقفها ، بل هي تغض النظر،لأسباب بات المواطن يعرفها ، ويتندر عليها في مجالسه الخاصة والعامة !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
415 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع