بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - القاتل المجهول/ الجزء الاول
المكان عاصمة بريطانيا لندن الزمان الساعة التاسعة من صباح الاثنين 4 كانون اول 2019
كان العمل لدى مشفى سانت ميري بلندن جنونياً. جميع الممرات والردهات مكتظة بالمراجعين الذين يُسمع في الاجواء صدى صرخاتهم واوجاعهم. تلك الحالة مألوفاً بالنسبة للطاقم الطبي بايام الاثنين لان اغلب الحوادث والوعكات الصحية تقع في عطلة نهاية الاسبوع ويبقى المرضى يعانون طوالها حتى يأتي الاثنين كي يراجعوا الاطباء بالعيادات الخارجية. ركضت الممرضة دورين بصحبة احد زملائها يدفعون كرسي متحرك لاحد المراجعين الطاعنين بالسن بسبب تعرضه لاصابة بسيطة شجت رأسه اثر اصطدامه بدولاب في مطبخ بيته. اخذت دورين مريضها المسن الى ردهة الطواريء وراحت تعقم جرحه ثم اغلقته بوضع الدبابيس الطبية عليه وانهتها بلصقات افقية. فتح الدكتور توني ستيفنسون الستار ودخل عليها فابتسمت بوجهه وقالت،
دورين : هذا هو السيد سميث مصاب برأسه اثر حادثٍ منزلي. قمت بتعقيم جرحه وربطته بثلاثة اقطاب ثم وضعت فوقها اللواصق، بامكانه المغادرة الآن.
توني : احسنتِ صنعاً يا دورين. دعيه يرتدي معطفه على رسله ويجلس قليلاً في صالة الانتظار ثم يغادر المشفى اما انتِ فتوجهي فوراً الى الحالة التالية لانها مستعجلة. انها حادث عنف اسري اصيبت بها امرأة من جراء تعنيف زوجها.
دورين : حاضر توني. ساعتني بها فوراً.
استمر العمل المثير للجنون بالمشفى لساعات طوال بحيث كان الاطباء والممرضات يتنقلون من حالة لاخرى كي يحاولوا توفير الاسعافات للجميع. وعندما انتهى الدكتور توني من آخر حالة لديه نظر الى ساعته واذا بها تشير الى الرابعة بعد الظهر، ادرك وقتها انه عمل لـ 7 ساعات متواصلة دون انقطاع وعليه ان يتوقف لتناول بعض الطعام. ذهب صوب احدى الردهات فرأى الممرضة دورين منهمكة في اسناد احد الاطفال لتعينه على الوقوف. تقرب منها وقال،
توني : هل تناولت شيئاً يا دورين؟
دورين : لازلت على فنجان القهوة الذي شربته هذا الصباح بالبيت وانت؟
توني : انا كذلك، اكاد اموت من الجوع. دعينا نذهب الى مطعم (ميكي) للسمك والبطاطا بجانب المشفى كي نأخذ وجبة الغداء.
دورين : اسبقني انت الى هناك وسالحق بك بعد قليل.
قبلها من فمها قبلة خاطفة وسار باتجاه الباب الخارجي بينما عادت الى عملها لتمسك بالطفل الصغير وتسنده كي يقف. وما هي الى دقائق حتى اكملت عملها وخلعت صدريتها لتخرج من المشفى وتذهب الى مطعم ميكي فترى زوجها الدكتور توني قد طلب لها سمك الحدّوق الذي تعشقه بينما طلب لنفسه سمك السكامبي. جلست امامه على الطاولة بداخل ذلك المطعم الصغير الذي تملأه روائح الاسماك والقلي واصوات طرق الملاقط على المقالي. راحت تلتهم طعامها على عجالة لانها تعلم ان عليها الرجوع لعملها خلال 20 دقائق. قبلت زوجها وخرجت مسرعة بينما بقي توني جالساً يستمتع بطعامه بتأني شديد إذ راح يغطس قطع السكامبي بصلصة التارتار ويتلذذ بمضغها حتى انتهى من آخر قطعة. مسح يده بالمنديل الورقي ثم وقف ليخرج من باب المطعم راجعاً للمشفى وفور دخوله قسم الطوارئ استقبلته رئيسة الممرضات وانبأته بانه مطلوب لحضور عملية استئصال الزائدة الدودية المنفجرة برقم 4. توجه مباشرة الى غرفة العمليات رقم 4 وراح يحك يديه ويعقمها ثم ارتدى صدرية العمليات الخضراء ودخل الغرفة مرتدياً كمامته فشاهد كبير الاطباء الدكتور دايفيز واقفاً الى جانب المريض ينتظره. اعتذر عن التأخير ووقف على يمين الطبيب فبدأت العملية. بما ان توني كان طبيباً مستجداً لذا لم يكن لديه الحق في اجراء العمليات بنفسه وعليه كان يقف جانباً بصفة متدرب تحت اشراف احد الجراحين المخضرمين ليتعلم منهم فنون الجراحة. الا ان هذه المرة قال له كبير الاطباء،
دايفيز : يا توني ستجري اليوم العملية بنفسك. عليك الاستعجال لان البكتيريا تتسرب الى جوف المريض الآن وسوف نواجه مضاعفات كبيرة إذا تأخرنا.
كان ذلك النبأ وكأنه قد استلم جائزة نوبل في الطب. فرح كثيراً واومأ برأسه معلنا عن امتنانه ليتقدم نحو المريض يبتسم بوجهه ويقول له بصوت هاديء مطمئن،
توني : سيدي ارجو منك ان لا تقلق، العملية ستدوم بعض الوقت، ستكون انت تحت التخدير وسوف لن تشعر بشيء.
المريض : شكراً لك يا دكتور.
نظر الى الطاقم الطبي وقال بلهجة واثقة، "ليبدأ التخدير" ثم نظر الى الممرضة المساعدة وقال، "المشرط" فبدأ العمل. دامت العملية ساعة وربع حتى اكملها بكل جدارة واحتراف ثم خرج من غرفة العمليات وهو سعيد جداً ليلتقيه كبير الاطباء الذي وقف امامه خارج غرفة العمليات مبتسماً،
الدكتور دايفيز : لقد ابليت بلاءاً حسناً يا دكتور توني. سامنحك المزيد من الفرص لاجراء العمليات بالمستقبل فانت كنت دقيقاً اليوم ولم ترتكب اي أخطاء. كنت حذراً وانا اراك تنفذ كل الاجرائات باحتراف كامل، لقد اثبت لي فعلاً انك جراح ماهر. اهنئك من كل قلبي.
توني : انت لا تعرف مدى امتناني لمنحك هذه الثقة، فقد مر علي اكثر من سنة كاملة هنا ولم يفسح لي احد المجال كي اقوم باجراء العمليات بنفسي. اريد ان اشكرك شكراً جزيلاً.
الدكتور دايفيز : هذا لا يعني انك ستتقاعس وتتهور بالمرات القادمة انتبه. يجب عليك ان تتمسك بالمعايير والطرق الجراحية التي يسير عليها جميع من سبقوك في هذه المهنة ذو المسار المضني.
جرى بالممر الطويل وترك توني وحده يكاد يطير من الفرح فقد حقق اليوم ما كان يصبوا اليه منذ امد بعيد. نظر توني الى ساعته ليجدها تشير الى السادسة مساءاً قال، "يا الهي، لقد تأخرت كثيراً. انا شبه متأكد من ان دورين تنتظرني الآن كي نعود سوياً الى البيت. دخل صالة الاستراحة فرأى زوجته دورين جالسة تقرأ احدى المجلات. فورما رأته مقبلاً رمت المجلة من يدها وقفت وقالت،
دورين : سألت عنك الساعة الخامسة فقالوا انك بغرفة العمليات بصحبة كبير الاطباء.
توني : إذاً، الم يخبروك عن الحدث الاهم؟
دورين : وما هو اهم من عملك؟
توني : لقد سمح لي كبير الاطباء ان اجري العملية بنفسي.
دورين : صحيح حبيبي؟ الف مبروك. واخيراً صاروا يعترفون بمهاراتك وقدراتك على اجراء العمليات.
توني : انا جداً سعيد يا دورين، اريد ان احتفل اليوم.
دورين : سادعك تحتفل على طريقتي الخاصة. سأحَضّر لك شيئاً يعجبك كثيراً بالبيت.
توني : لا اقوى على الانتظار. دعينا نرجع فوراً.
ركبا السيارة وتوجها بها مباشرة الى ساحة شيبرتزبوش ثم عرجا الى شارع متفرع منها حتى وصلا بيتهما. دخلت دورين اولاً وصعدت الى غرفة النوم لتأخذ حماماً ساخناً ثم ارتدت (اللونجوريه) وهي عبارة عن ملابس داخلية سوداء مخرمة تسمى شبكة الصياد كانت قد اشترتها في الاسبوع الفارط عندما كانت مع صديقتها الممرضة كرستينا. وضعت احمر الشفاه والمكياج والعطور وجهزت نفسها. صعد توني الى غرفة النوم فرأى زوجته ترتدي تلك الملابس وهي اشبه بممثلات السينما فصرخ صرخة الذئاب الجائعة وقال،
توني : اليوم ساضاجعك كما لو انني لم اضاجعك من قبل. تعالي الى عندي يا حلوتي.
امسك بزوجته وراح يقبلها بحرارة فاستجابت لقبلاته وصارت تتنفس بسرعة ثم دفعته نحو السرير ليسقط على ظهره فتصعد فوقه وتمتطيه كالفرس قالت،
دورين : اريدك ان تمارس الجنس معي بشدة هل فهمت يا اسد؟ اعطني كل ما لديك فانا اكاد اموت من الشبق.
امسك توني بخصرها وراح يمارس الحب معها بضراوة شديدة مما جعلها تستمتع بكل لحظة من ذلك العمل الممتع الذي جعلهما يتصببان عرقاً. وبعد نصف ساعة كاملة انهيا مهمتهما بنجاح فتوقفا واستلقيا على ظهريهما وكأن شخصاً ما قام برميهما بالرصاص. بقي توني يبتسم ويقول،
توني : شكراً لك حبيبتي، لقد التذيت بذلك الحب الرائع. كنتِ بديعة يا اميرتي انت منحتيني اوقاتاً لا تنسى.
دورين : وانت كذلك يا اسدي. كنت رائعاً وممتلئاً بالرجولة والحنان. دعنا نسترخي الآن قليلاً.
توني : اريد ان اتناول كأساً من النبيذ. فانت تعلمين عادتي بعد الجماع.
دورين : آسفة جداً حبيبي، لم اتمكن من شراء النبيذ اليوم لكنني ساخرج فوراً فاشتري زجاجة من الناصية التي بجانب بيتنا.
توني : دعيني اتمشى معك فانا احتاج للهواءاً النقي بعد هذا التمرين الممتع.
ارتديا الملابس وخرجا يتمشيان باتجاه الناصية ولكن قبل الوصول الى محل بيع المشروبات عارضهما رجلان يرتديان ثياباً رثة يبدو عليهما بوضوح انهما متشردان، اوقفاهما وقال الاول،
الرجل الاول : مساء الخير. هل لك ان تشتري لنا زجاجة (سايدر) معك يا سيدي؟
توني : كلا، لو كان بودك شراء المشروب فلماذا لا تعمل وتشتري بمالك الخاص؟ لماذا تتسول من الناس؟
الرجل الثاني : هل تسخر منا ايها الاحمق. وهل تريد ان تستفرد انت بتلك العاهر التي معك؟
توني : اخرس ايها المتشرد. هذه زوجتي. اياك ان تهينها.
الرجل الاول : حسناً إذا لم تكن تريد ان تعطينا ثمن المشروب فلماذا لا تتقاسم عاهرتك معنا فنحن ايضاً نحب النساء الجميلات ذوات النهود الممتلئة انظر اليه انه كبير حقاً يكاد يتدلى وحده الى الخارج.
توني : قلت لك اخرس والا اذقتك بعضاً من غضبي ايها الاحمق القذر.
امسكت زوجته بذراعه وسحبته اليها قائلةً،
دورين : اتركهم يا توني. انهم لا يستحقون ان توسخ ايديك بالشجار معهم.
الرجل الاول : حسناً، بدل ان يوسخ يديه بالقتال معنا فلماذا لا تضاجعينا نحن الاثنان ثم تذهبا لقضاء سهرتكما الماجنة؟
بدأ الدم يغلي بشرايين توني لكنه قرر ان يمارس الثبات السيطرة الذاتية على اعصابه وان يدع تلك الليلة تمر بسلام. لكن الرجل الثاني مد يده وامسك بذراع زوجته دورين وسحبها اليه وقبلها من فمها ووضع يده على نهدها. كان ذلك ايذاناً بان يقوم توني بلكمه على وجهه ليسقطه ارضاً. نظرت دورين لترى الرجل الاول يرفع صخرة كبيرة بحجم كرة القدم ويهم بقذفها على زوجها فصرخت على زوجها وقالت، "انتبه يا توني". لكنها قبل ان تهجم على الرجل لتمنعه رأته يتعثر بقدمه بالرصيف ويهوي على الارض وبينما كان يهوي طارت الصغرة من يده لتسقط فوق رأس صاحبه الرجل الثاني المستلقي على ظهره فامتلأ وجهه دماً. هرب الرجل الاول تاركاً صاحبه يتخبط بدمه. سألت دورين زوجها،
دورين : هل اصابك مكروه؟ هل انت بخير يا توني؟
توني : اجل، اجل انا بخير. ساعديني كي نأخذ هذا المعتوه ونضمد جراحه فنحن قريبين من بيتنا.
دورين : ليس بعد مليون سنة. هؤلاء السفلة لا يستحقون مساعدتنا. دعه يتمخض بدمه ويموت.
توني : لا يا عزيزتي، هذا ليس ما يمليه علينا شرف المهنة انا طبيب وانت ممرضة. لذلك علينا مساعدته.
دورين : إذاً دعنا نرجع لدارنا ونطلب له الاسعاف من هناك.
توني : هيا إذاً دعينا نعود.
دخلا الدار فرفعت دورين سماعة الهاتف الارضي لتتصل بالاسعاف وتخبرهم بحاجة الرجل للعناية الفورية.
ماهي الا 10 دقائق وسمعا صفير سيارة الاسعاف خارج الدار فعلما ان المسعفين قاموا بنقل المصاب من الشارع الى المشفى.
دورين : نحن متعبين ومتوترين جداً اليوم. دعنا نخلد للنوم حبيبي واترك عنك النبيذ.
توني : هيا ننام إذاً فقد يكون لدي عملية في الصباح الباكر. من يدري؟
صعد الزوجان الى الطابق العلوي ودخلا سريرهما الدافيء لكنهما لم يتمكنا من الخلود للنوم فوراً لانهما كانا مضطربين بسبب المواجهة مع المتشردين. بعد مرور ساعة او اكثر دخلا بنوم عميق. في الفجر استيقظت دورين على صوت جرس الباب يرن بالحاح. نظرت الى الساعة لتجدها تشير الى الرابعة فجراً. ايقظت زوجها وقالت له ان هناك من يقرع جرس الباب.
توني : هل تتوقعين زيارة احد بمثل هذه الساعة؟
دورين : كلا ابداً.
توني : دعيني انزل الى الطابق السفلي وارى من هو قليل الذوق الذي يزعجنا بمثل هذا الوقت.
ارتدى توني معطف حمام ابيض ونزل كي يستقصي الامر. فتح الباب وإذا برجلي شرطة بالبزة الرسمية ومعهما رجل بلباس مدني يقفون على ناصية المنزل قال،
توني : تفضل سيدي، كيف استطيع خدمتك؟
الشرطي : هل انت الدكتور توني ستيفنسون؟
توني : اجل انا الدكتور توني ستيفنسون. ما الامر؟
الشرطي : نرجو منك الحضور معنا. نريد ان نسألك عن بعض الامور في مركز الشرطة.
توني : بماذا يتعلق الامر؟
الشرطي : انه بخصوص الشجار الذي دار بينك وبين رجلين بالامس. ستفهم كل التفاصيل هناك سيدي.
توني : الا يمكنني ان اتي الى المركز عندما يحل الصباح؟
الشرطي : كلا الافضل ان تأتي معنا الآن.
توني : حسناً امهلوني بعض الوقت كي ارتدي ملابسي رجاءاً. تفضلوا واجلسوا بالصالة.
الشرطي : حسناً سندخل وننتظرك هناك ولكن لا تتأخر ارجوك.
صعد توني الى غرفة نومه فوجد زوجته تنتظره بفارغ الصبر سألته،
دورين : ماذا هناك؟ ما الامر؟
توني : لا اعلم. جائت الشرطة تريد اقوالي بالمركز وعلي ان اذهب معهم.
دورين : لماذا لا تمر عليهم في الصباح وتدلي بافادتك قبل الذهاب الى امشفى؟
توني : لقد اقترحت عليهم ذلك لكنهم رفضوا وقالوا انهم يريدون أخذي معهم الآن. ساذهب لارى ماذا يجري.
دورين : ربما هي شكوى من اولئك الاوغاد المتشردين الذين تشاجرت معهم؟
توني : ساذهب وساتصل بك من هناك لاخبرك بما يجري.
دورين : كلا هذا مستحيل. ساتي معك.
قفزت من السرير وراحت ترتدي ملابسها على عجالة كي تذهب معه. نزل الزوجان فوجدا رجال الشرطة ينتظرونهم بالصالون قالت،
دورين : سيدي لماذا تريدون أخذ زوجي؟
الشرطي : سيعرف كل شيء هناك بالمخفر. وسنستمع لاقواله.
دورين : حسناً، ساتي معكم.
الشرطي : لا يمكنك المجيء معنا بسيارة الشرطة لكنك تستطيعين اللحاق بنا بسيارتك.
دورين : الى اين ستأخذونه؟
الشرطي : سنذهب الى مركز شرطة بادنغتون گرين.
دورين : حسناً. سالحق بكم.
خرجوا جميعاً الى خارج البيت فركب توني مع الشرطة وتبعتهم دورين بسيارتها. بقيت تسير خلف سيارة الشرطة حتى وصلوا المركز فركنت السيارة بشارع ݘرݘ ستريت القريب، اقفلت الابواب ثم مشت بخطىً سريعة نحو المركز. دخلت ردهة الاستقبال لترى شرطياً يقف خلف مكتبه. سألته عن زوجها فقال ان زوجها في الداخل وعليها الانتظار حتى يأتي احد المحققين للتحدث معها. جلست وهي في غاية التوتر لانها لا تعلم ماذا يجري. بقيت تحرك قدمها بتوتر كبير فصار كعب حذائها يصدر اصوات طرقٍ على الارض مما جعل شرطي الاستعلامات يطلب منها التوقف عن فعل ذلك. بقيت جالسة لساعات طوال حتى خرجت عليها سيدة شقراء ثلاثينية جميلة ترتدي ملابس مدنية وتضع شارتها على خصرها قالت،
الشرطية : انا المحققة العريف انجي اندرو. هل انت دورين ستيفنسون زوجة المشتبه به الدكتور توني ستيفنسون؟
دورين : مهلاً مهلاً ما هذا الكلام؟ ماذا تقصدين بمشتبه به؟ ماذا فعل زوجي؟
انجي : زوجك قام بضرب رجل بصخرة كبير على رأسه فقدم الرجل شكوىً ضده.
دورين : انتِ مخطئة سيدتي زوجي ليس هو من ضرب الرجل وانما صاحبه التقط الصخرة من على الارض واراد ان يضرب زوجي بها الا انه تعثر فافلتت الصخرة من يده لتهوي فوق رأس صاحبه. انا كنت هناك وشاهدت ذلك بام عيني.
انجي : لقد قال زوجك نفس الكلام الذي قلتيه الآن وتطابقت اقواله مع اقوالك. على العموم نحن نحقق بالامر الآن وسوف نتأكد فيما اذا كان زوجك بريئ ام مذنب.
دورين : اقسم لك سيدتي ان زوجي لم...
قاطعتها المحققة وقالت،
انجي : لا داعي للقسم. قلت لك اننا سنحقق بالامر وسنتصرف بناءاً على نتائج التحقيق.
دورين : اسمعي مني، زوجي طبيب لامع ويعمل جراحاً بمشفى سانت ميري ولقد اجرى جراحته الاولى بالامس. لا يمكن ان يقوم بعمل مثلما تصفين. انه يسعى طوال وقته لانقاذ الناس ومساعدتهم صدقيني.
انجي : كما قلت لك سابقاً، التحقيق جارٍ وسنتصرف بنائاً على نتائجه. لا يمكنني ان اضيف اكثر.
دورين : حسناً هل سيبقى الآن لديكم؟
انجي : كلا، سوف نقوم باخذ بيانات (البايوداتا) والتي تشمل بصمات اصابعه وصورة وجهه ثم نطلق سراحه ليرجع الى بيته لكنه سيكون رهن طلبنا حينما نحصل على المزيد من المعلومات والادلة.
دورين : خبريني فقط عن اي ادلة تبحثون وساقوم بتزويدكم بها بكل ممنونية.
انجي : هل تريدين ان تعلّميني مهنتي يا مدام؟ لقد انيطت القضية اليّ وساكون انا المحققة بها وسأعرف كل ملابسات الاعتداء.
ادارت المحققة انجي ظهرها وسارت نحو الباب الزجاجي لتفتحه وتتوارى خلفه. بقيت دورين جالسة على الكرسي وهي بغاية التوتر حتى رأت زوجها يخرج من الباب الزجاجي بصحبة المحققة. ركضت اليه وعانقته فقال لها،
توني : هيا يا دورين تعالي نذهب الى البيت فانا متعب جداً.
امسكت دورين بذراع زوجها وخرجت من مركز شرطة بادنغتون گرين ليسيرا بالشارع حتى وصلا الى ݘرݘ ستريت حيث اوقفت سيارتها ففتحت الباب لزوجها وادارت المحرك لترجع به الى البيت. دخل الزوجان بيتهم فقالت له،
دورين : لماذا لا تنام فوراً فانت متعب جداً.
توني : كلا، ساخذ حماماً ساخناً ثم استعد للذهاب الى المشفى، ربما سيكلقوني بعملية اخرى اليوم.
دورين : اي عملية هذه؟ انت لم تغلق جفنيك طوال الليل عندما كنت بذلك المركز اللعين. ساتصل بالمشفى واخبرهم بانك مريض اليوم.
توني : لا يا دورين. انا بخير اريد ان اذهب للمشفى. لا تصري كثيراً.
دورين : حسناً، كما تشاء. ولكن خذ حمامك ونم قليلاً قبل ان تخرج.
صعد توني الى الطابق العلوي واخذ حماماً ساخناً غسل فيه كل تعبه وتوتره وغضبه ثم خرج الى غرفة النوم والبخار يخرج من جسده. لم يكلف نفسه عناء ارتداء ملابس النوم. دخل السرير وغطى نفسه ليغفو ساعة واحدة فقط ثم يذهب للعمل بعدها. استلقت دورين الى جانبه واحتضنته ونامت هي الاخرى. بعد ساعة استيقظ توني على رنين المنبه فقام بصعوبة وراح يرتدي الملابس فتبعته دورين ونزلت كي تعد الافطار. قال لها انه لا يرغب بتناول شيئ، اراد فقط ان يشرب القهوة. وصل الزوجان الى المشفى فوجدوه بحالة فوضى عارمة ابتسم توني وقال، "لقد اشتقت لتلك الفوضى". افترق الزوجان، كلٌ ذهب الى عمله. وفي الظهيرة اخذ توني زوجته وذهبا سوياً الى مطعم ميكي لتناول وجبة الغداء كالعادة. جلس الزوجان على الطاولة ينتظران الطعام كي يحضر فسألته،
دورين : كيف تشعر الآن؟
توني : اشعر وكأن قطاراً قد مر فوق رأسي. وهذا طبعاً بسبب قلة النوم. لذلك اريد اليوم ان انام 15 ساعة.
دورين : كما تريد حبيبي. لقد مررنا باوقات عصيبة جداً ليلة امس وعلينا ان نرتاح اليوم.
جاء ميكي صاحب المطعم وبيده صحني سمك ليضعهما امام الزوجين وتمنى لهما شهية طيبة. ما ان بدأ الزوجان بتناول الطعام حتى رأت دورين المحققة انجي تدخل المطعم وبصحبتها رجلين يرتديان زي الشرطة الرسمي. وقفت امام الطاولة وقالت،
انجي : سألت عنكما بالمشفى فاخبروني انكما هنا. دكتور توني ستيفنسون الآن انا القي القبض عليك بتهمة القتل المتعمد. اي كلام تنطق به بامكانه ان يسجل ضدك بالمحاكم، هل تريد ان تدلي باي شيء؟
توني : فقط انا بريء ولست الشخص الذي رمى الصخرة. فصاحبه هو الذي رماها.
اوقفت انجي المتهم ووضعت على معصميه الاصفاد. بهذه الاثناء سألت الزوجة،
دورين : ماذا يجري هنا؟ الم تتركينا نخرج بالامس وكنتِ متأكدة من برائة زوجي؟ الم اخبركم انني كنت الشاهدة لان الرجل الآخر هو الذي قذف بالصخرة على صاحبه حين تعثر؟
لم تجبها المحققة بشيء فقط طلبت من الشرطيين وضع الدكتور بداخل السيارة. خرجت دورين من المطعم وهي تنظر الى زوجها يساق الى مركز الشرطة. ركضت الى المشفى واخبرت كبير الاطباء بما حصل فوعدها بانه سيطلب من محامي المشفى كي يقف الى جانب زوجها. خرجت دورين من المشفى وعادت الى مركز شرطة بادنغتون گرين لكنها لم تجد مكاناً توقف به سيارتها هذه المرة لان شارع ݘرݘ ستريت تحول الى بازار كبير ممتلئ بالزبائن والبائعين على ناصية الطريق. لذلك بقيت تحوم حول المنطقة طويلاً حتى تمكنت بالنهاية من ايقاف سيارتها باحدى الشوارع الفرعية البعيدة عن مركز الشرطة. تركت سيارتها هناك وسارت باتجاه المركز. في الطريق كانت تستعرض بذاكرتها كل الاحداث التي جرت في ليلة الحادث وكيف سقط الرجل على الارض وكيف تعثر صاحبه لتسقط الصخرة من يده على رأس الثاني. تمرنت ذهنياً كي تعرض معلوماتها عليهم بشكل مفهوم ومنطقي كي يفهموا ان زوجها بريء وعليهم ان يطلقوا سراحه فوراً. دخلت المركزفوجدت هرجاً ومرجاً كبيرين اصوات اناس تعج بردهة الاستعلامات المزدحمة. وقفت بالخلف تنتظر دورها كي تصل الى موظف الاستعلامات حتى تستفسر منه عن زوجها. ولما وصلت اليه سألته فقال لها بانهم يحققون مع زوجها ولا يمكن ازعاجهم. بقيت واقفة حتى ساعة متأخرة من اليوم قضتها جالسة في ردهة الاستعلامات وعيناها تتطلعان الى الباب الزجاجي لعلها تحظى بلمحة تطمئنها عن زوجها. وفي تمام الساعة السابعة ليلاً خرجت المحققة انجي من الباب فركضت اليها دورين واستقبلتها بزخات من الاسئلة لتبقى المحققة هادئة تنتظر دورين كي تكمل اسئلتها. وعندما سكتت قالت لها،
انجي : ارجو منك الهدوء والسكينة، استمعي لما ساقوله لك. اتعديني بالهدوء؟
دورين : اعدك حضرة المحققة. ساكون هادئة، تحدثي.
انجي : اليوم ذهبت الى مشفى ارلز كورت وقمت بزيارة سلوين جورج الرجل الذي اتهم زوجك بالاعتداء عليه. فوجدته قد استعاد وعيه تماماً وكان صاحبه مايكل باركر جالساً الى جانبه فاخبرني بكل ما جرى.
قاطعتها دورين وقالت،
دورين : انه كذّاب لا تصدقي كلامه، لقد حاول الاعتداء عليّ ثم قام بمسك يدي و...
انجي : دعيني اكمل حديثي رجاءاً. اخبرني سلوين ان زوجك ليس هو من قذفه بالصخرة كما كان يعتقد وانما صاحبه مايكل باركر جاء في الصباح واعترف له بانه هو الذي حمل الصخرة ثم تعثر وسقطت الصخرة من يده على رأسه عن طريق الخطأ. لذا فالآن نحن نتعامل معها على انها حادثة غير مقصودة.
دورين : حمداً لله. إذا زوجي بريء وستخرجونه من هنا اليس كذلك؟
انجي : كلا، زوجك متهم بتهمة اخرى وعلينا التحقيق فيها.
دورين : وما هي تلك التهمة الاخرى؟ لقد قلت لك مسبقاً ان زوجي انسان شريف، نزيه يحب عمل الخير فلماذا تريدين تلفيق التهم ضده؟
انجي : نحن لا نلفق التهم ضد اي احد سيدتي. عندما احضرنا زوجك الى المركز بالامس قمنا باخذ بياناته الرقمية (البايوداتا) وادخلناها بالحاسوب لكن الحاسوب وجد تطابق بصمته مع بصمة شخص قتل عاهر بمدينة نيوكاسل قبل اربعة سنوات.
دورين : مــــــــــــــــــاذا؟ ذلك مستحيلاً. زوجي لا يقتل. ومن اين جائت تلك البصمات؟ بالتأكيد اخطأتم بتطابق البصمات. وللعلم فزوجي لم يذهب بحياته الى مدينة نيوكاسل فكيف ستتشكل هذه التهمة الملفقة.
انجي : الحاسوب لا يكذب ولا يلفق الحقائق. تعالي معي لو سمحتِ. مشت المحققة انجي نحو الباب الزجاجي فتبعتها دورين وهي بغاية التوتر. ادخلتها مكتبها واغلقت الباب خلفها ثم اجلستها على كرسي وسألت،
انجي : قهوة؟
دورين : لا اريد اي براز.
جلست المحققة انجي خلف مكتبها واخرجت صوراً فوتوغرافية وعرضتها على دورين. تفحضتها دورين فأشمأزت منها بشكل كبير. كانت الصور لامرأة شابة مهشمة الرأس وعارية الجسد الملطخ بالدماء بكل مكان. لم تتمكن دورين من النظر الى جميع الصور فرمتها على الطاولة لتستمع الى المحققة وهي تقول،
انجي : المجني عليها تدعى سارا بيترز من مواليد 1980. كانت تعمل كفتاة ليل وتتجول كي تحصل على قوت يومها بشوارع نيوكاسل الحمراء السيئة الصيت. مارس المتهم زوجك الجنس معها بفندق من الدرجة الثانية ثم هاجمها وحطم جمجمتها بعد ان امطرها ضرباً وركلاً ففارقت الحياة على الفور.
دورين : هذا مستحيل، انتِ تتحدثين عن شخص آخر بالتأكيد. زوجي لا يعمل ذلك ابداً. وإذا كان ذلك هو الحال فلماذا لا تطابقون الحمض النووي لزوجي مع السائل المنوي الذي بداخل المجني عليها؟ هل تريدوني ان اعلمكم عملكم؟
انجي : لقد اخذنا اليوم مسحة من زوجك كي نحصل منها على الحمض النووي ونطابقها مع السائل المنوي بداخل الضحية. الشرطة تحاول الوصول للجاني منذ اكثر من اربع سنوات ولم نعثر عليه الى ان وصلت بصمات زوجك الى الحاسوب فرجعنا وفتحنا قضية فتاة الليل المقتولة.
دورين : متى وقعت الجريمة؟
انجي : الاعتداء وقع بالليل بتألريخ 10 حزيران 2015. عُثر على جثة المجني عليها من قبل المنظفة في صباح اليوم التالي.
دورين : لا اصدق ذلك ابداً.
انجي : هل تتذكرين اين كان زوجك بهذا التاريخ؟
دورين : لا اعلم. كيف تتوقعيني ان اتذكر ماذا حصل قبل كل تلك السنين؟ علماً ان المشفى ستوكل محاميها للدفاع عن زوجي.
انجي : لدينا دليل قوي جداً وهو بصمة الاصابع الذي كان بجميع ارجاء غرفة المجني عليها وكذلك عثر على بصمات زوجك مغطاة بدم القتيلة. واذا تطابق الحمض النووي كذلك فسيكون من الصعب جداً على اي محامي ان يجعل زوجك يفلت من العدالة انا آسفة يا سيدتي.
وقفت وفتحت باب مكتبها لدورين ثم قالت،
انجي : لدي جميع بياناتكِ وارقام هواتفكِ. ساعلمك باي تطورات إذا جد جديد.
رمقتها دورين بنظرة اشمئزاز وقالت،
دورين : انتم ترتكبون خطئاً فادحاً.
خرجت دورين من مركز الشرطة ولما وصلت سيارتها وجدت مشبكاً حديدياً مربوطاً فوق عجلة سيارتها ايذاناً من الشرطة على انها تجاوزت الزمن القانوني. غضبت من ذلك ورفسته بقدمها ثم اشارت لسيارة اجرة كي تذهب بها الى المشفى حيث تعمل. رجعت المحققة انجي وجلست امام مكتبها فسمعت قرعاً على الباب لتأذن له فيدخل رئيس مركز الشرطة قال،
الرئيس : ما هي آخر المستجدات بقضية قتل زانية نيوكاسل؟
انجي : لقد بعثنا عينة الحمض النووي للمشتبه به توني وطلبنا من المختبر الاسراع باصدار النتائج. سوف لن تحضر قبل اسبوع على افضل تقدير.
الرئيس : بهذه الاثناء اريد تشديد الحراسة على زنزانة الحجز لدينا.
انجي : هناك رقابة على مدار الساعة سيدي ولدينا كامرات تراقب الزنازين كذلك.
خرج الرئيس من مكتبها واغلق الباب ورائه. بقي الدكتور توني في الحبس الاولي بداخل زنزانته بضعة ايام حتى جائه احد الحراس وقال له، :"قم وتعال معي ايها المشتبه به". وقف الدكتور توني وتبع الحارس بخطىً سريعة حتى ادخله مكتب التحقيق فاجلسه وربط اصفاده على الطاولة الحديدية ثم خرج من الغرفة. بعد قليل دخلت المحققة انجي بصحبة شرطي آخر ليجلسا امام توني. فتحت انجي ملفها وقالت،
انجي : دكتور توني ستيفنسون اليوم وصلت نتائج تحليل الحمض النووي الـ (دي ان اي) وقد عثروا على تطابق بينك وبين الحمض النووي الذي حصلوا عليه من السائل المنوي بمهبل المجني عليها بنسبة 100%. فما قولك؟
توني : وكيف يكون 100%؟ عادة التطابق يكون اما واطي او عالي واذا كان عالياً فلا يزيد على 97%. كيف حصلتم على 100%؟ ان ذلك مستحيلاً.
انجي : اجل كلامك علمي وصحيح طبعاً لانك طبيب وتعلم ان التطابق لا يقبل الشك مما يشير الى ان السائل المنوي الذي عثر عليه بداخل المجني عليها كان سائلك المنوي انت والبصمات هي بصماتك انت.
توني : ومع هذا فانا اقول لكِ انني لم اذهب الى مدينة نيوكاسل بحياتي. ولا اعرف عنها شيئاً سوى الجعة الحمراء المشهورة التي ينتجونها هناك.
انجي : لماذا لم تتصل بمحاميك كي ينوب عنك؟
توني : اخبرتني زوجتي ان المحامي اعتذر آخر لحظة وانسحب من الدفاع عني.
انجي : ولماذا لا تمتنع عن الاجابة على اسئلتي حتى تعين لك المحكمة محامياً ينوب عنك؟
توني : لانني مثلك يا محققة ينتابني الفضول واريد ان اعرف الحقيقة. كيف وصلت بصماتي وحمضي النووي بمسرح الجريمة. انها حقاً احجية كبيرة تثير الحيرة وتصيبني يالجنون. ربما زرعها شخص معين كي يورطني بتلك الجريمة.
انجي : هل لديك اقوال اخرى تود الادلاء بها بشكل رسمي؟
توني : فقط اعيد واكرر انني بريء وان هناك جهة وراء الصاق التهمة بي.
انجي : حسناً اقفل التحقيق مع الساعة 13.31 .
حملت انجي ملفاتها وخرجت من الغرفة تبعها الشرطي المرافق ثم الحارس الذي امسك بذراع توني ليرجعه الى زنزانة الاحتجاز. باليوم التالي جاء مدير المركز وقال للمحققة،
الرئيس : اليوم اريدك ان تصطحبي المشتبه به الى سجن بركستون يا انجي. سيبقى هناك حتى يحين موعد محاكمته. لقد تحدثت مع نائب المدعي العام فوافقني على ذلك.
انجي : ولماذا لا يصطحبه الشرطة الاعتياديون؟ لماذا علي ان اذهب معه؟ هل انا جليسة اطفال؟
الرئيس : لانه سجين مهم ولا نريد ان نفقده. انا لا اثق باي احد غيرك حتى لا يأخذه ويفلت منه فقد قضينا 4 سنوات ونحن نبحث عن الجاني نحاول الوصول اليه. لاحظي ان الجمهور من خلال الصحافة صار يعير انتباهاً كبيراً لتلك القضية.
انجي : حسناً سيدي. ساستعد وساذهب معه اليوم.
الرئيس : اسمعي مني يا انجي، اريدك ان تجلسي بالخلف مع السجين لا على الكرسي الامامي بجانب السائق مفهوم؟
انجي : مفهوم سيدي.
الرئيس : يجب ان تكوني صارمة جداً. لا ترجعي الى هنا حتى تسلمي المشتبه به باليد لسلطة السجن.
بنفس اليوم دخلت الممرضة دورين مسرعة الى المشفى وتوجهت فوراً الى القسم القانوني لتطرق الباب فاذن لها. دخلت، حيت المحامي لوقا تايلور وجلست امامه فقال لها،
المحامي لوقا : كيف حالك يا ممرضة ستيفنسون؟
دورين : لست بخير ابداً. لقد وعدني كبير الاطباء انه سيطلب منك ان تخرج زوجي من هذه الورطة الكبيرة.
المحامي لوقا : لقد اتصلت بمركز بادنغتون گرين وتحدثت مع رئيس المركز فاخبرني بجميع المعطيات. الا انها لا تبشر بخير ابداً. فقد عثروا على بصماته والحمض النووي يتطابق 100% مع...
قاطعته دورين وقالت،
دورين : بما انك خبير بهذا المضمار فانا اريد ان اسألك من باب الفضول، هل سبق لك خلال مسيرتك الطويلة بالقضايا والمحاكم ان تخطئ بصمات الاصابع؟
المحامي لوقا : بالامكان ان تخطئ اذا كان التطابق جزئياً. اي ان البصمة لم تكن كاملة الا ان بصمات زوجك كانت كاملة وواضحة لا لبس فيها حتى ان بعض البصمات كانت مرسومة بدم القتيلة. لذا فان اثبات عكس ذلك سيكون مستحيلاً.
دورين : وما العمل إذاً؟ كيف سننقذ توني؟
المحامي لوقا : بناءاً على المعطيات الجديدة التي اعطيت لي فقد قررت الانسحاب من القضية لان ذلك يتطلب محامياً متخصصاً بالقضايا الجنائية. ومع ذلك فان المحامي الجديد عليه ان يبحث اولاً بالامور المتعلقة بحالة توني النفسية.
دورين : اتريد ان تقول انه كان مريضاً نفسياً؟ كلا سيدي كان زوجي سوياً ولم يسبق له ان زار معالجين نفسيين ابداً. هو انسان رائع ووديع ليس بطبيعته ان يؤذي اي احد.
المحامي لوقا : لكنه اشتبك بشجار دامي مع رجلين بالشارع اليس كذلك؟
دورين : دعني اسألك هذا السؤال لو سمحت: إذا كنت تسير بالشارع مع زوجتك سيدي وقام احدهم بالامساك بها يريد ان يضاجعها امام عينيك فماذا كنت ستعمل؟
المحامي لوقا : لا اعلم ذلك لانني مثلي وليس لدي زوجة.
دورين : على العموم صديق المجني عليه اعترف بانه تعثر واسقط الصخرة من يده على رأس صاحبه بالخطأ واقفلت القضية فلماذا تريد ان تفتحها من جديد؟
المحامي لوقا : انا لا اريد ان افتح اي شيئ بل الادعاء العام هو الذي سيعيد الاشارة الى ذلك الشجار بالمحكمة.
دورين : وما هو الحل الآن إذاً.
المحامي لوقا : انا آسف لكن زوجكِ قابعٌ بوسط بركة من الغائط وعليك ان توكلي محامياً جنائياً مقتدراً لان ذلك ليس من اختصاصي.
دورين : وماذا ساعمل الآن؟ اين ساجد مثل هذا المحامي؟
المحامي لوقا : لا اعلم. بامكانك البحث بالانترنيت او بدليل الهاتف. والآن ارجو منك المعذرة.
قالها المحامي ورجع الى عمله.
في مكان آخر من لندن ركبت المحققة انجي بعربة نقل السجناء المصفحة مع المتهم توني ومعهما ثلاثة متهمين آخرين لتنطلق بهم جميعاً بشوارع لندن متجهة الى سجن بركستون. تحدثت المحققة انجي مع سائق العربة المصفحة من خلف القضبان وسألته،
انجي : اي طريق ستسلك يا فريزر؟
فريزر : ساذهب الى ماربل ارݘ ثم اعرج من هناك على ماي فير وبعد ذلك اتوجه الى ساحة الطرف الاغر ثم جسر وست منستر.
انجي : ولماذا اخترت هذا المسلك؟
فريزر : مدير المركز هو الذي حدد لي ذلك لاعتبارات امنية.
انجي : حسنا فريزر، دعنا نذهب هناك لنسلم السجناء ونعود على عجالة.
استمرت عربة نقل السجناء المسير بشوارع لندن متجهة الى الجنوب. بداخل الجزء الخلفي من العربة جلست انجي الى يسار توني بينما جلس شرطي آخر الى يمينه. المساجين الثلاثة الآخرين جلسوا امامهم. كان المساجين يتهامسون ويضحكون فيما بينهم حتى سئمت انجي من ذلك وصرخت قائلة، "الكلام ممنوع". فابتسم السجناء الثلاثة وكأنهم كانوا يخفون شيئاً. كانت تلك الابتسامات تغيض انجي لكنها لم تشأ ان تبالغ في توترها لذا تماسكت اعصابها وقررت ان تمارس الهدوء حتى يسلموا السجناء. استمرت العربة في المسير حتى احس الجميع ان المركبة قد توقفت فطرقت انجي على الشباك الحديدي كي تثير انتباه السائق وسألته،
انجي : ماذا يجري يا فريزر، لماذا توقفنا؟
فريزر : هناك عمال يقومون باصلاح الشارع. اشاروا لي كي اغير مساري نحو طريق فرعي. ماذا اعمل ايها العريف؟
انجي : غير المسار. وانت يا كووپر كن على حذر وتأهب لكل الاحتمالات.
كووپر : حسناً يا عريف.
غيرت العربة مسارها وصارت تسير فوق شارع غير معبد ثم استدارت بنائاً على اشارات الشارع حتى اصبح الطريق اكثر وعورة والحفر صارت اكثر عمقاً. نادت انجي السائق مرة ثانية وسألت،
انجي : ماذا يجري الآن يا فريزر؟
فريزر : لا اعلم سيدتي يبدو ان الشارع قد انتهى وليس هناك مخرج. وعلي ان اتوقف.
انجي : إذاً استدر وارجع الى الطريق الرئيسي.
هم السائق بالاستدارة ثم وقف فجأة فنادته وقالت،
انجي : ما الامر الآن يا فريزر، لماذا توقفت ثانيةً؟
فريزر : هناك الكثير من المسلحين يحملون بنادق آلية يحيطون بالعربة من كل الاتجاهات. انه كمين يا عريف. ماذا افعل؟
انجي : السيارة مصفحة ومضادة للرصاص. ابقى بمكانك واياك انت او الحارس الذي بجانبك فتح الباب ساتصل انا بالمركز كي يبعثوا لنا الدعم.
امسكت بجهاز اللاسلكي وحاولت الاتصال بالمركز الا ان الجهاز كان معطلاً اخرجت هاتفها النقال كي تطلب النجدة فوجدته لا يعمل هو الآخر فعلمت ان المهاجمين قاموا باعتراض الاشارة الكترونياً مما يعني انهم جاثمون بوسط الطريق وليس بالامكان طلب النجدة. قالت،
انجي : المهاجمون قامو باعتراض الاشارة لذلك سوف لن تُبعث لنا اي قوات دعم. ابقوا في اماكنكم وسوف لن يتمكنوا من اقتحام العربة.
بهذه الاثناء تحدث احد المساجين بداخل العربة وقال،
المسجون الاول : هؤلاء رجالنا يا عاهر جاؤوا ليحررونا. لا تحاولي مقاومتهم فهم اشرار ولن يتوانوا عن قتلك.
المسجون الثاني : دعينا نرحل وسوف لن يصب احد باذى.
لم تجبهم على اقتراحاتهم. اخرجت مسدسها ووجهته نحو المساجين وقالت بصوت مرتفع لتسمع من بالخارج قالت، "إذا كنتم تريدون تحرير زملائكم فسوف اقتلهم جميعاً قبل ان تضعوا ايدكم عليهم. لا تحاولوا اي شيء".
فجأة سمع صوت انفجار صغير تبعه رشقات رصاص من بندقية آلية فطرقت انجي على الشباك ونادت السائق قائلة،
انجي : يا فريزر هل انت بخير؟
لم يجبها احد ثم نادت الحارس الذي يجلس بجانب السائق وقالت،
انجي : وانت يا كووپر هل انت بخير؟
الا ان الحارس الثاني لم يجبها هو الآخر فعلمت انهما مصابان لذلك طلبت من الشرطي الذي معها ان يستعد لكل الاحتمالات. فجأة سمع صوت انفجار صغير ادى الى فتح الباب الخلفي للعربة. فور انقشاع الدخان بدأ المجرمون باطلاق النار فاصابوا الشرطي الذي بداخل العربة لكن انجي بقيت تطلق النار حتى اصيبت هي الاخرة برصاصة فسقطت على ارض العربة. دخل احد افراد العصابة داخل العربة واخرج مفتاح الاصفاد من جيب انجي وراح يفتح الاصفاد للمجرمين الثلاثة ثم نظر الى توني فعلم انه ليس عضواً بالعصابة الا ان احد المساجين امره ان يفتح اصفاد توني ففتحها ثم قال هيا دعونا نخرجكم من هنا. نظر توني الى انجي فوجدها لا تزال حية قال،
توني : انا لا اريد الذهاب معكم. اتركوني هنا.
المجرم : نحن نريد ان نمنحك الحرية وانت ترفضها؟ كم انت غبي.
توني : شكراً لكم ولكني لا اريد ان اذهب معكم.
المجرم : انت حر، ابقى حيث انت إذاً.
قام رئيس العصابة باخذ هواتف الشرطة الخلوية وخرج مع الجميع ليركبوا مركباتهم وتواروا عن الانظار. تقرب توني من العريف انجي وصار يتفحصها. نظر الى وجهها ففتحت عيناها وسألته،
انجي : لماذا لم تهرب معهم؟ كانت تلك فرصتك الذهبية.
توني : اولا انت جريحة ويجب علي اسعافك وثانياً انا بريء ولم اقترف اي ذنب فلماذا اهرب مع المجرمين؟ استرخي رجاءاً، ساقوم الآن بمعالجة جرحك.
اغمضت عينيها ببطئ الا انه صرخ بوجهها وقال،
توني : انجي، انجي افتحي عينيك يا انجي، لا تنامي يجب ان اسعفك فوراً. سار بداخل العربة واخرج علبة الاسعافات الاولية من كبينة السائق، سحبها ورجع لانجي. تفحص جرحها فوجد ان الرصاصة دخلت واستقرت في كتفها قال،
توني : حمداً لله، الرصاصة اصابت كتفك.
انجي : واين كانت ستصيبني مثلاً؟
توني : في الصدر او البطن مثلاً.
انجي : هذا لا يمكن لانني ارتدي سترة واقية تحت قميصي يا دكتور.
توني : حسناً انت محقة، حدثيني عن اي شيء تريدين. هل لديك زوج أو حبيب؟
انجي : انت تريدني ان اتحدث وحسب. انا اعرف اساليب الاطباء.
توني : السؤال الاهم هو، كيف اصبحت امرأة بجمالكِ وانوثتكِ شرطية بدلاً من ان تكون عارضة ازياء او ملكة جمال مثلاً؟
انجي : ارجوك لا تضحكني فالجرح يؤلمني كثيراً.
اثناء حديث توني مع انجي كان يعقم الاصابة ويربط الجرح ليغلفه بالقطن والشاش. تركها مستلقية وراح يتفحص باقي رجال الشرطة. تجول في الارجاء يتفقد المكان ثم رجع الى انجي فسألته،
انجي : هل هناك احياء بين رجال الشرطة؟
توني : كلا لقد ماتوا جميعاً. ونحن الآن في مكان منعزل غير مأهول. يجب علينا ان نغادر هذا المكان فوراً كي نحصل على هاتف لنتمكن من خلاله طلب النجدة. هل تستطيعين الوقوف على ساقيك؟
حاولت انجي الوقوف الا انها رجعت واستلقت على ظهرها ثانيةً فقام توني بحملها وراح يسير بها. بقي يسير بصعوبة حاملاً انجي لاكثر من عشر دقائق ثم انزلها ارضاً لتسأله، "ما الامر؟ هل انا ثقيلة عليك؟" قال، "اريد ان ارتاح قليلاً ثم اواصل السير بعدها". بعد قليل عاد وحملها ثانية ليواصل السير باتجاه الغرب حتى رأى بيتاً خرباً قال، سنحتمي هنا بهذا البيت لان المطر اخذ يهطل. ادخل انجي وفتش بداخل الخرابة فلم يجد اي شيء الا الغبار والاحجار وقطع الاخشاب المهشمة. جمع بعضها وراح يصف الاحجار حولها على شكل دائرة بالقرب من انجي ثم قال،
توني : لقد جمعت بعض الاخشاب والحطب لاوقد النار لكنني لا احمل علبة كبريت.
انجي : ضع يدك بجيب معطفي اليمين ستجد ولاعة سجائر.
دس توني يده بجيب انجي ليخرج الولاعة ثم اشعل النار فبدأوا يشعرون بالدفئ بشكل تدريجي.
توني : ساعود الآن الى مكان الحادث واجلب علبة الاسعافات الاولية لانني ساحتاج اليها لاحقاً.
انجي : لكن المطر ما زال يهطل. انتظر حتى يتوقف واذهب لجلبها فيما بعد.
توني : هذا لا يهم. ساذهب وارجع على عجالة.
امسكت بيده وقالت،
انجي : لا تهرب ارجوك.
ابتسم بوجهها وقال،
توني : لو كنت ابغي الهروب لهربت مع باقي المجرمين. انت سبب بقائي هنا.
سار توني نحو مكان الحادث وجلب معه حقيبة الاسعافات الاولية ثم تفحص الموقع بشكل دقيق وعاد ادراجه حيث تقبع انجي. دخل عليها فسألته،
انجي : هل جلبتها؟
توني : اجل وتفحصت الموقع فلم اجد اي شيء. لقد عسعس الليل وسيخيم الظلام قريباً لذلك اردت ان اعود قبل ان افقد مكانك وتعتقدين انني هربت.
انجي : حسناً فعلت.
استلقى بجانبها وقال انه يشعر بتعب كبير. وما هي الا ثوانٍ وغرق على الفور بنوم عميق. في صباح اليوم التالي استيقض مبكراً وخرج من الخرابة يبحث عن المزيد من الاخشاب كي يوقد النار من جديد لمريضته ثم عاد اليها حاملاً الاخشاب والحطب، وضعها بداخل حلقة الموقد الذي اوقد بها النار في ليلة الامس واشعل النار فيها من جديد. استيقضت انجي على لمسات توني لجرحها فقالت،
انجي : الم تهرب بعد؟
توني : قلت لك يا انجي، انتِ الآن مريضتي والطبيب لا يتخلى عن مريضته ويبعد عنها مهما كانت الاسباب.
انجي : وماذا ستفعل الآن إذاً؟
توني : ساقوم بتغيير ضماداتك اولاً كي اطمئن عليك ثم اتركك هنا بالقرب من النار وارجع الى موقع الحادث، فلربما يكون زملائكم بمركز الشرطة قد افتقدوكم وارسلوا ورائكم بعض القوات لتفتش عنكم.
انجي : تفكير سليم ايها الدكتور. اذهب ولا تتأخر.
سار توني باتجاه العربة فوجدها على حالها وجثث الشرطة الثلاثة مبعثرة ومازالت باماكنها فتش بين الانقاض ليجد علبة في الموقع الامامي للعربة تحتوي على شطائر وبرتقالة وتفاحة. ابتسم وقال لنفسه لقد وجدت الطعام لمريضتي. حملها وعاد الى الخرابة مسرعاً فرأى انجي تنظر اليه،
انجي : هل توفقت بشيء؟
توني : لقد وجدت لك طعاماً. كان احد افراد الشرطة قد جاء به من بيته فاحضرته لك كي تتغذين.
فتح العلبة واخرج منها الشطيرة واعطاها لانجي. لم تتمكن الامساك بها لان كتفها مصاب لذلك صار يطعمها بيده ويمسح فمها بالمنديل الورقي من قطرات المايونيز. وبينما هو يفعل ذلك سألته،
انجي : كل منها انت ايضاً. بالتأكيد ستكون جوعاناً.
توني : انتِ اهم الآن، يجب عليك ان تتغذي كي تتمكنِ من الشفاء يا انجي.
انجي : لكنك لم تاكل منذ البارحة واذا اغمي عليك فمن الذي سيعتني بي؟
توني : لا تقلقي من اجلي. ساكون بخير.
بعد ان فرغ من إطعامها صار يزيل قشرة البرتقالة قال،
توني : هذه البرتقالة تحتوي على الكثير من الفيتامينات التي ستساعدك على الشفاء.
اطعمها البرتقالة كاملةً حتى صرخت وقالت،
انجي : كفى ارجوك لا استطيع اكل المزيد.
توني : إذا ساخبئ التفاحة كي تأكليها فيما بعد. سالقي المزيد من الحطب على النار كي لا تنطفئ.
كان توني يعتني بها ويمرضها ويمسح على وجهها بالماء الذي عثر عليه في حاوية بلاستيكية بداخل عربة نقل السجناء. وكان يُشربها ويشرب منها هو الآخر. في تلك الليلة قال،
توني : هيا حان وقت النوم. لقد قمت باحضار معاطف الشرطة من العربة لذا ساقوم بتغطيتك كي تنعمي بالدفئ.
انجي : انت تعاملني بكل حنان. انا حقاً ممتنة لك يا دكتور.
توني : ارجوك نادني توني.
انجي : شكراً لك يا توني.
توني : اشكريني عندما نعود الى الحضارة. الآن دعيني امارس مهنتي لو سمحتِ.
ابتسمت بوجهه واغلقت جفنيها ولم تفتحها حتى حل صباح اليوم التالي لترى توني يهم بجلب المزيد من الحطب وقطع الاخشاب قالت،
انجي : صباح الخير توني، ما هو البرنامج اليوم؟
توني : اعتقد انك اصبحت بحالة افضل عن الايام السابقة لذلك ساقوم بتركك وحيدةً لمدة اطول باحثاً عن المساعدة. اولاً ساقوم بتغيير ضماداتك ثم اغادر.
امسك بضمادها القديم وراح يزيله حتى صار وجهه يكاد يلامس وجهها. نظروا الى بعضهما البعض وتجمدا لثوانٍ طويلة ثم فجأة ومن دون ان يشعرا قبلا بعضهما البعض فراح يمسد على شعرها الاشقر لكنه توقف فجأة وقال،
توني : آسف جداً، انا اعتذر يا انجي. لم يكن هدفي ان استغل الموقف او ان...
قاطعته وقالت،
انجي : تعال واعطني المزيد من القبل فالقبلة الاولى كانت مقتضبة. انها ستساعدني على الشفاء.
قرب نحوها بشفته وقبلها ثانية لكن هذه المرة كانت طويلة الامد وممتعة جداً عبر لها فيها عن مشاعره واحاسيسه نحوها. وبعد ان افترقت الشفاه قالت له،
انجي : انا كنت تواقة كي اقبلك فانت اثبت لي انك رجل كريم ونزيه. انا اعلم انك متزوج وقد سبق لي ان تحدثت مع زوجتك دورين وهي انسانة لطيفة جداً. لكنني شعرت بحرارة مشاعرك اليوم فبادلتك القبلة. صدقني يا توني لو كتب لنا النجاة فانا سوف اعمل كل ما بوسعي كي اثبت برائتك لانني الآن متيقنة من انك لست الجاني وان شخص ما قد قام بلصق التهمة على مؤخرتك.
توني : شكراً انجي، ساشعل النار واذهب فوراً. حاولي ان لا تتحركي كثيراً.
خرج توني وسار بخط مستقيم لاكثر من ساعة حتى سمع صوت آلة زراعية يأتي من بعيد. بقي يتتبع صوت الآلة حتى بان له مصدر الصوت، رأى محراثاً آلياً يقوده فلاح بمزرعته. قرب منه وحياه ليسأله،
توني : سيدي لقد وقع لي ولمريضتي حادث واريد استعمال هاتفك بالدار لاطلب النجدة.
دس الفلاح يده بجيبه واخرج هاتفه الخلوي ثم قال،
الفلاح : استعمل هاتفي هذا.
ضغط توني على قم 999 ليبلغ الطوارئ عن كل شيء فطلبت منه ان ينتظر حتى توصله بمركز شرطة بادنغتون گرين. بعد قليل سمع سيدة اخرى تقول له،
موظفة الاستعلامات : مركز شرطة بادنغتون گرين تفضلوا.
توني : انا الدكتور توني ستيفنسون احد المتهمين الذين اردتم نقلهم الى سجن بركستون. تعرضنا لهجوم مسلح قبل يومين والآن نحن نحتاج الى مساعدتكم.
موظفة الاستعلامات : لحظة واحدة ساصلك برئيس المركز.
الرئيس : الو انا الملازم جورج سميث رئيس مركز بادنغتون گرين تفضل.
توني : سيدي انا المتهم الدكتور توني ستيفنسون. كنت بعربة النقل المتوجهة الى سجن بركستون واعترضتنا مجموعة مسلحة قاموا بقتل ثلاثة من افراد الشرطة وجرحوا العريف انجي ثم هربوا جميعاً. تخلفت انا مع العريف انجي وقمت بتمريضها لانها جريحة ونحن بمنطقة... بمنطقة... لحظة واحدة لو سمحت.
سأل المزارع،
توني : اين نحن؟
المزارع : نحن بمنطقة پيكهام.
توني : يقول المزارع اننا بمنطقة پيكهام. سارسل لكم الموقع من خلال رسالة نصية بعد قليل هل لديك رقم هاتف نقال؟
الرئيس : اجل سجل عندك 0555688820 هذا هاتفي الشخصي.
ارسل توني الموقع الى رئيس مركز الشرطة فطلب منه البقاء بالمزرعة حتى تأتيه النجدة. بقي توني بداخل منزل المزارع حيث قدم له بعض البسكويت والشاي بينما كانوا ينتظرون وصول الشرطة. وما هي الى نصف ساعة وسمعوا طبطبة مراوح طوافة حامت فوق منزل المزارع ثم هبطت امامه لتثير الغبار بكل الارجاء. شكر توني المزارع وركض نحو الطوافة ليركب معهم ويدلهم على موقع الحادث عندما شاهدوا عربة الشرطة المصفحة والجثث المبعثرة على الارض ثم ادلهم توني بعد ذلك على الخرابة التي تقبع فيها انجي. هبطت الطوافة بجانب الخرابة فخرج منها توني يتبعه ثلاثة من افراد الشرطة ومعهم مسعفين فقاموا بتهنئة انجي على سلامتها واعتنوا بها ثم قرب احد افراد الشرطة يريد وضع الاصفاد على معصم توني الا ان انجي اعترضت وقالت،
انجي : دع عنك ذلك.
ركب توني الطوافة دون ان يقيدوا يديه لتقلع بهم ثانية ثم تهبط فوق سطح المباني المشفى. فُتحت ابواب الطوافة وقام المسعفون والممرضات باعانة انجي على النزول من الطائرة فنزل معهم توني ودخلوا الى قسم الطوارئ. كان توني يشرح حالة انجي وكيف عالجها بالرغم من ضعف الموارد المتاحة لديه فتفحصها الطبيب هناك واثنى على عمل توني كثيراً. جاء احد افراد الشرطة الى توني كي يأخذه فاعطاه يديه كي يضع الاصفاد عليها الا انه امسك بذراع توني وسحبه كي يرجعه الى الطوافة. نظرت اليه انجي وابتسمت ابتسامة كانت فيها معانٍ كثيرة. رد على ابتسامتها بابتسامة واومأ برأسه كي يودعها ثم خرج مع الشرطي وتوارى عن الانظار. في الطريق قال توني،
توني : بالرغم من توصياة العريف انجي، يتحتم عليك ان تضع الاصفاد على معصمي والا فسوف يعتقد السجناء وحراس السجن ان لدي معاملة خاصة فيقومون بالتنمر ضدي.
اقلعت الطوافة من سطح المشفى وهبطت بعد نصف ساعة فوق سطح سجن بركستون لينزل احد الشرطة بصحبة توني ويسلمه لسلطات السجن.
رقدت انجي بالمشفى سبعة ايام تلقت خلالها العلاج والمعاملة المميزة حتى تعافت تماماً من جرحها. بتلك الاثناء كل الذي كانت تفكر فيه هو توني وكيف تعلق قلبها به وكيف يتحتم عليها ان تحارب باقصى ما لديها من اجل ان تثبت برائته لانه ما فتئ يقول للجميع انه بريئ وانه لم يرتكب الجريمة المنسوبة اليه. وصلت سيارة جورج سميث رئيس مركز شرطة بادنغتون گرين امام المشفى ودخل مباشرة الى غرفتها فوجدها تهم في حزم امتعتها. زف لها الاخبار وقال،
جورج : عزيزتي انجي، لدي خبرسعيد وخبر سيء. ماذا تودين سماعه اولاً؟
انجي : السعيد اولاً لو سمحت سيدي.
جورج : الخبر السعيد ذو شقين الاول هو انك حصلت على ترقية واصبح لقبك (المحققة رئيس عرفاء انجي اندرو). اما الثاني فقد امسكنا باثنان من مجموع ثلاثة من المجرمين الفارين وقتل الثالث اثناء امواجهات وفككنا عصابتهم باجمعها والآن هم بسجن بركستون وسوف تضاف الى جرائمهم جريمة القتل المتعمد ضد زملائنا الذين ماتوا في عملية المداهمة.
انجي : وما هو الخبر السيء إذاً سيدي؟
جورج : وردني اليوم امر من نيو سكوتلانديارد مفاده انك ستتولين اعادة فتح التحقيق بقضية مقتل فتاة الليل بمدينة نيوكاسل.
انجي : هذا ما كنت اتمناه سيدي. لذلك هو ليس خبراً سيئاً كما تعتقد. ساباشر تحرياتي غداً وساكون بغاية الاستعداد عندما يطلب مني الادعاء العام تقديم المزيد من الادلة بقضية جريمة قتل فتاة الليل.
جورج : ساضع كل امكانيات بادنغتون گرين تحت تصرفكِ بالاضافة الى دعم سكوتلانديارد اللا محدود لتتمكني من زج الجاني وتقديمه للعدالة.
انجي : انا متأكدة من ذلك سيدي.
جورج : والآن تعالي معنا كي نأخذك بطائرة سمتية لبادنغتون ثم يوصلك زملائك من هناك بسيارة ليموزين الى منزلك.
انجي : امنحني بضع دقائق كي اكمل حزم امتعتي لاكون معك.
ركب رئيس المركز والمحققة انجي الطائرة السمتية لترجعهما الى مقرعملهما.
يا ترى هل ستتوفق انجي بكشف الحقيقة ومعرفة ملابسات القضية؟ هل سيكون حبيبها الدكتور توني هو القاتل؟ هل سيكون لزوجته دورين علاقة بجريمة القتل؟ ستعرف الاجوبة عن كل تلك التسائلات في الجزء الثاني من قصة القاتل المجهول.
1778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع