التصنيع العسكري العراقي احدى مرتكزات الامن الوطني والقومي العربي

                                                    

                      اللواء الطيارالركن الدكتور
                       علوان حسون العبوسي
                           ٥-١٢-٢٠٢١

التصنيع العسكري العراقي احدى مرتكزات الامن الوطني والقومي العربي

لقد اعطى انتصار العراق في حربه مع إيران (1980- 1988 ) العديد من الدلائل والمؤشرات على تفوقه العسكري والاقتصادي والسياسي والعلمي وانعكاسه إيجاباً على أمنه الوطني والقومي ، وهذا اقلق الدوائر الامبريالية والاستعمارية بسعيها الحثيث على تقوية مصالحها في المنطقة العربية عموماً والخليج خصوصاً وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية . فبعد شهر واحد من أحتفال العراقيين بهذا النصر أقر الكونكرس الامريكي في ايلول(سبتمبر) 1988مشروع القرار الخاص بفرض الحصار على العراق وتدمير اسلحته وفرض الرقابة عليه ، قدم هذا المشروع السناتورالامريكي (كلايبورن) تضمن القسم الاول والثالث من مشروع القرار إجراءات فرض العقوبات على العراق مصنفة الى عقوبات اولية تشتمل على امتناع الولايات المتحدة بيع أياً من المعدات العسكرية ، او إصدار اي اجازة تصدير لاي نوع من هذه المعدات ، وعقوبات اضافية تتضمن خمس فقرات هي( ايقاف استيراد النفط او اي ماده منتجة من العراق ، منع تصدير المنتجات الزراعية والتكنولوجية وأية مادة أخرى الى العراق ، امتناع الولايات المتحدة عن تقديم أية تسهيلات إنسانية ومعارضتها لقيام المؤسسات المالية الدولية بتقديم أية مساعدات مالية او فنية او قروض للعراق ، بالاضافة الى تخفيض التمثيل الدبلوماسي او تعليقه )

وكانت الولايات المتحدة الامريكية ، تنظر لتطور الامن العسكري والامني العراقي بعين الريبة والتهجس والخوف من المجهول خاصة أن معدلات التفوق العسكري العراقي أصبح متعادل تقريبا مع معدلات التفوق العسكري الإسرائيلي وهذا يشكل خطراً على مصالحها في الخليج والوطن العربي ، ففي نهاية عام 1989 أعدت ألمخابرات المركزية الامريكية تقريرها الذي تضمن ان العراق ينوي مهاجمة إسرائيل والتوسع على دول الخليج العربي و يقترب من انتاج الاسلحة النووية والبايولوجية والكيمياوية والصاروخية ،وركز التقرير على موضوع المدفع العملاق و الصواريخ بعيدة المدى بعد اطلاق صاروخة ذو البعد الاستراتيجي المسمى ( بالعابد) ونهج العراق نحو الوحدة العربية من خلال إنشاء مجلس التعاون العربي بين العراق والاردن ومصر واليمن ، مما سيشكل خطراً جسيماًعلى مصالحها في منطقة الشرق الاوسط ، وكانت ردود فعل الادارة الامريكية حيال هذا التقرير و بعد التشاور مع بريطانيا ألبدء بمرحلة التخطيط الهادىء لاستدراج العراق وادخاله في مشاكل أو خلق مواقف يصعب على قياداته ألتنصل منها أو أهمالها لكونها تشكل تهديداً لاْمنه القومي .
التصنيع العسكري العراقي
يعود تأسيس الصناعات العسكرية العراقية إلى بداية السبعينات عندما شكلت الحكومة حينذاك هيئة من كفاءات علمية للبدء بإنشاء المنشآت والمعامل والورش عبر (هيئة التصنيع العسكري) التي تم من خلالها تأهيل آلاف المهندسين والفنيين والعمال.
وازدادت الحاجة لهذه المصانع في الحرب مع ايران (1980-1988) ، وهو ما دفع لتطويرها وتنويع منتجاتها من الأسلحة والذخائر المختلفة، إلا أن حرب الخليج الثانية عام 1991 أدت إلى تدمير الكثير من منشآت التصنيع العسكري، فلو تطلعنا للصناعات التطويرية اثناء الحرب مع ايران وهي بودقة التطويرالفعلي للاسلحة العراقي منها في سلاح الجو مثلا التالي:
• استحداث منظومه للارضاع الجوي على طائرات اليوشن/76 لارضاع طائرات الميراج والسوخوي 22 .
• المباشره بمشروع تصميم منظومة لارضاع طائرات السوخوي/ 22 .
• تحوير طائرات النقل الاستراتيجي اليوشن /76 بالتعاون مع الخبراء الفرنسيين والروس لجعلها طائرة أنذار وسيطرة طائر وقد نجح المشروع نجاحاً باهراً، ثم تحوير طائرة بوينغ/ 727 وجعلها طائرة تشويش الكتروني.
• تحوير منظومة التصوير( بيلنك ) في الطائرة ميج/ 25 وجعلها قادره على القصف بالارتفاعات والسرع العاليه جداً.
• تحوير منظومة اطلاق صواريخ جو – جو لطائرات الميج/ 21 الروسية وجعلها قادرة على حمل واطلاق صاروخ الاشتباك القريب الفرنسي (ماجك 500 ) وبمعدل 2 صاروخ لكل طائرة .
• تصنيع خزانات الوقود الاحتياطية لكافة انواع الطائرات المستخدمة في القوة الجوية .
• تصنيع كافة انواع القنابر التي تستخدمها القوة الجوية بكافة الاوزان بخبرات عراقية .
• تصنيع اطارات الطائرات بدل استيرادها من بلد المصنع .
• العديد من الاجهزه والمعدات التي تستخدمها القوة الجوية والدفاع الجوي مثل العاكسات المستخدمه في الدفاع الجوي لخداع صواريخ جو- ارض المعادية .
• تحويرعدد من طائرات الفالكون / 50 لحمل صاروخين اكزوزيت .
• استحداث منظومات ومعدات رمي الصواريخ الحرة عيار 81 ملم على الطائرات السمتية مي /25 بغرض استخدامها لمعالجة الاهداف الغير مدرعة.
• تسليح الطائرات السمتية بالمقذوفات الموجهة ضد الدروع .
• كما استحدثت منظومة رمي الصواريخ الحرة آنفاً على الطائرات السمتية (بي او 105).
• اجراء تحوير لمنظومة الاسلحه للطائرة السمتية (بي او 105)وتسليحها بصواريخ(C3-K)ذات الاختراق العالي للدرع وصواريخ (C5-K)ضد الدروع والاشخاص .
• تركيب حاويات الصواريخ الحرة عيار 68 ملم ذات التشظية المسمارية على طائرة –الغزال- عيار 68 ملم .
اما منظومات الصواريخ ارض – ارض فهي كما ياتي:
صاروخ سكود بي الروسي، صاروخ الصمود ،صاروخ الحسين ،صاروخ العباس ،صاروخ العابد ،صاروخ الرعد ،صاروخ الفاتح ،صاروخ ابابيل وصواريخ اخرى مضاده للطائرات (منظومة صواريخ ارض – جو ام المعارك ).
صناعات اخرى منوعة ذات علاقة باستخدام قواتنا المسلحة (كالقذائف بانواعها ، تطوير الدبابات تي 62 ، تي 72 ،مدافع ميدانية ،الغام ، اسلحة خفيفة .
هذا غيض عن فيض لامجال التوسع اكثر في مجال التصنيع العسكري اعود لموضوع الصواريخ ارض – ارض ، وصاروخ العابد بالتفاصيل
الصواريخ ارض - ارض
• النواة الاولى لصنف صواريخ ارض ارض هي كتيبة الصواريخ 224 التي تأسست عام 1975 وارتبطت بمديرية المدفعية أنذاك وبتسليح صواريخ سكود-b روسية الصنع وتحولت فيما بعد الى لواء الصواريخ ارض أرض 224 وجهزت بقاذفات وصواريخ لثلاث كتائب.
• استمر التدريب على هذه المنظومة من قبل نخبة من ضباط ومراتب الجيش العراقي وبأشراف خبراء روس .وكان التدريب ينصب على المعلومات الخاصة بالاطلاق وكذلك التدريب الفني الخاص بالمهندسين والفنيين وهي تختص باسلوب وعمل كافة الاجهزة والمنظومات الكهربائية والميكانيكية والهيدروليكية وكافة المعلومات الفنية وباسلوب التصليح والصيانة بكافة الخطوط.
الحرب العراقية –الايرانية 1980-1988
• اول اطلاقة لهذه المنظومة كان في عام 1980 وعند بداية الحرب وكان للصواريخ دور فعال في دك اماكن تحشدات العدو وضرب اهداف حيوية في عمق الاراضي الايرانية وكافة الاهداف الحيوية التي تقع ضمن مدى الصواريخ وهي (300كم.
• خلال الحرب العراقية –الايرانية كانت الاهداف الاستراتيجية للصواريخ تحدد من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية لأهمية هذا الصنف وما تقوم به من دور فعال للاهداف المهمة في العمق الايراني .
• اثناء هذه الحرب قام العدو الايراني بستهداف عدة مدن عراقية بصواريخ أرض أرض واصبحت صواريخهم تطال حتى بغداد ,لهذا دعت الحاجة الى وجود صواريخ عراقية تصل الى اهداف بالعمق وخاصة العاصمة طهران. بدأ العمل مع هيئة التصنيع العسكري بغية تطوير مدى الصواريخ وفعلأ تمخض هذا العمل المثمر من تطوير صواريخ سكود الى انتاج صاروخ عراقي اطلق عليه تسمية ( الحسين ) بمدى (600كم) وتم دك اوكار العدو في العمق الايراني وخاصة طهران وقم عام 1987 وكان لهذا التطوير الاثر الكبير في تغيير مجرى الحرب بالاضافة الى التفوق الجوي العراقي
بعد انتهاء الحرب العراقية- الايرانية عام 1988 ،استمر العمل على تطوير قاذفات صواريخ الحسين لتتمكن من تنفيذ واجبات قتالية خاصة تحت التهديد الجوي المعادي لتتمكن من الاطلاق والانسحاب بسرعة ومباغتة عالية وكذلك لتهية قاذفات عراقية الصنع 100% دون الحاجة الى التسليح الروسي من هذه القاذفات . وتمخض هذا العمل مع رجال هيئة التصنيع العسكري من انتاج قاذفات عراقية وباعداد تكفي تجهيز لواء صواريخ .وفعلا تم تشكيل لواء صواريخ أرض أرض 223.
حرب الخليج الثانية ( ام المعارك)
لقد قام صنف الصواريخ ارض – ارض بدور فعال في هذه المعركة ففي عام 1991، تمكن هذا الصنف من استهداف تحشدات العدو بالعمق وكذلك في ساحة العمليات وكانت الواجبات حسب مديات الصواريخ المتيسرة وكالاتي :
• لواء الصواريخ أرض أرض 224: تمكن هذا اللواء من دك اوكار العدو الصهيوني ب (43) صاروخ . وبذلك سجل للعراق هذا الرد التأريخي على اسرائيل وهي اول دولة تضرب اسرائيل بالصواريخ. وقد شهدت لهذه المنظومة بأروع مباغتة في الاطلاق والاختفاء بسرعة بعد الاطلاق دون التعرض الى أي اصابات مباشرة من قبل طيران العدو هذا بالاضافة الى نشر عدد كبير من القاذفات الهيكلية (الكاذبة ) في المنطقة الغربية من العراق ومنصات اطلاق وهمية
• .لواء الصواريخ أرض أرض 223: تمكن هذا اللواء من استهداف اهداف حيوية لدول الحلف الاطلسي في العمق وخاصة اماكن تحشده في السعودية.
• لواء الصواريخ أرض أرض 225و226 : تمكنت هذه الالوية من القيام بدور فعال في المعركة وخاصة الاهداف القريبة ( العملياتية ) ضمن ساحة العمليات وخاصة معركة الخفجي .
بعد معركة حرب الخليج الثانية (ام المعارك) ونتيجة القرارات الجائرة من الامم المتحدة تم تدمير كل ما يتعلق بمنظومات صواريخ سكود والحسين من قبل مفتشي الامم المتحدة واصبح تطوير الصواريخ تحت اشراف الامم المتحدة . وعليه الغي تسليح لواء الصواريخ أرض أرض 224 والغاء لواء الصواريخ أرض أرض 223 كاملا .
الحرب الامريكية البريطانية على العراق
قامت وحدات الصواريخ بأطلاق اعداد كبيرة من الصواريخ على ارتال وتحشدات العدو منذ بداية الحرب يوم 20/3/2003 وفي كل قواطع العمليات خاصة في البصرة وام قصر والنجف والمحاور الاخرى التي يتقدم عليها العدو . وكذلك اطلقت العديد من الصواريخ على القوات الامريكية اثناء دخولها لمطار بغداد واستمر الاطلاق حتى دخول العدو الى بغداد واصبحت القيادة والسيطرة لا مركزية بحيث اصبح اطلاق الصواريخ بيد امري الوحدات واستمر الاطلاق حتى بعد 9/4/2003 مستهدفا قواعد ومعسكرات العدو الامريكي.
صاروخ العابد
هو أول صاروخ من صنع عربي تم صنعه ليحمل الأقمار الصناعية إلى مداراتها في الفضاء الخارجي وتم صنعه من قبل هيئة التصنيع العسكري في العراق بقدرات عراقية خالصة 100%.
في يوم 5 كانون الاول /ديسمبر 1989 أطلق أول اطلاق ناجح لصاروخ العابد تم صنعه ليحمل الأقمار الصناعية من قرب محافظة الأنبار ليعلن دخول العراق في مجال الفضاء كاول بلد عربي ينتج مثل هذه الصواريخ .
لم يعلن العراق عن هذا الصاروخ إلا في 14 من نفس الشهر وهذا الصاروخ من فئة الصواريخ الإستراتيجية فمداه يصل إلى نحو 2000 كيلو متر ، وهو في الأساس هو صاروخ مخصص للاتصالات والاستطلاع ولكنه معد أيضا لكي يحمل قمر صناعي. يتكون هذا الصاروخ من ثلاثة مراحل ويصل وزنه إلى نحو 48 طن وقد تم تصميمه بحيث يتحمل وزن حتى 70 طن عند الإقلاع.
يتكون بدن الصاروخ من سبيكة من 5 صواريخ الحسين والفتح حيث تم اعتبارها من أفضل الأسلحة العراقية.
وعقب إطلاق الصاروخ كثرت ردود الأفعال الغاضبة تجاه الرئيس العراقي صدام حسين، ابتداء من إنذار الولايات المتحدة بقيادة بوش الأب، مؤكداً على أن الصاروخ قادر على حمل أقمار صناعية للفضاء الخارجي.
ودعت وزارة الدفاع الأمريكية العراق لالتزام الحذر، وفى مراحل تطوير برنامج الصاروخ الفضائى، وذكر بيت وليامز المتحدث الرسمى باسم وزارة الدفاع الأمريكية، أن الصاروخ يتضمن تكنولوجيا تدخل في إنتاج صاروخ عابر القارات وحذر من إخطار انتشار مثل هذه الصواريخ في مناطق التوتر مما يهدد العلاقات الدولية، وتابعتها بريطانيا بقيادة "مارجريت تاتشر" ومطالبتهما بضرورة وقف البرنامج الفضائي للعراق.
أما فرنسا فترى أن صاروخ العاب وضع العراق في نادى الكبار، ويمكن تطوير الصاروخ ليكون معادلاً لصاروخ (إريان) الأوروبي.
وتعمدت إسرائيل إطلاق قمر التجسس (أفق.1) رداً على العراق الذى أعلن عن قدرته لتصنيع صاروخين جديدين هما (أبابيل) و (سجيل) للأرصاد الجوية والإتصالات وفى إمكانهما إطلاق أكثر من قمر للتجسس .

    

         مجموعة الصواريخ ارض – ارض العراقية

     

 مفاضلة بين مجموعة من الصواريخ ارض – ارض العراقية والكورية والايرانية

المصادر
• القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراقي في الفترة 1931- 2003: اللواء الطيار الركن دكتور علوان حسون العبوسي : دار نشر الاكاديميون : الطبعة الاولى : 2014عمان
• ويكيبديا الموسوعة الحرة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

548 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع