شتاءٌ بلا كهرباء بعد صيف ساخن

                                                      

                         سحبان فيصل محجوب*

شتاءٌ بلا كهرباء بعد صيف ساخن

في الدراسات المعتمدة حول توقعات التطور والنمو في استهلاك الطاقة الكهربائية يلجأ المعنيون إلى تحليل البيانات الخاصة لمتطلبات تغطية الطلب وتحديد الاحتياجات لضمان استمرار التغذية الكهربائية المستقرة للمستهلكين حيث تعتمد منحنيات الأحمال السنوية السابقة والتي تؤشر بدقة توقعات الطلب المستقبلي، بعد الأخذ بنظر الاعتبار التطور السنوي له على وفق عوامل معتمدة عالمياً بالإضافة إلى المعطيات المحلية الخاصة بتشغيل ما مخطط له من مشروعات زراعية أو صناعية وأخرى مختلفة، كما هو معروف لدى دوائر التخطيط في قطاع الكهرباء فأن شكل منحنى الأحمال للاستهلاك السنوي يؤشر ذروتين تعبران عن ارتفاع واضح وكبير لكمية الطلب على الكهرباء في أثناء فصلي الشتاء والصيف.

من هنا، توجب على القائمين على خدمة توفير الكهرباء تسخير ما يمكن من إمكانيات لتأمين الايفاء بمتطلبات تغطية أحمال هاتين الذروتين.
إن عدم الاكتراث بهذا الجانب سوف يوقع المنظومة الكهربائية في العجز عن الاداء المطلوب أو سوف يكون له تأثيرات مباشرة على نوعية الطاقة المجهزة، بعيدا ً عن
المواصفات الفنية الآمنة المعمول بها.
إن قيمة ذروة الأحمال الكهربائية تعكس زيادة الطلب في الاستهلاك الموسمي الناتج عن نمط الاستخدام والذي يمكن تحديد أسبابها بدقة فهي تخضع إلى التشغيل المفرط لوسائل التكييف (تدفئة أو تبريد) في المنازل والمرافق العامة، وعلى وجه التحديد في البلدان التي يكون فيها الفرق بدرجات الحرارة كبيراً بين موسمي الصيف والشتاء، كما هو الحال في أجواء العراق الباردة في مثل هذه الأيام بالمقارنة مع الأجواء الساخنة لأيام الصيف اللاهبة.
في المنظومات الكهربائية الناجحة يجري احتواء التغييرات بكميات الطاقة المجهزة نتيجة الظروف المناخية، بنحو غير مؤثر على انسيابية الخدمة الكهربائية المستقرة، بالاعتماد على ما هو منشأ من مولدات احتياطية جاهزة للاستخدام في ظروف زيادة الطلب على الكهرباء حيث يطلق عليها اسم الاحتياط البارد.
أما في منظومات الكهرباء العاجزة، كما هو حال المنظومة العراقية التي أصابها العوق الدائم، فهي تشهد سلسلة من حالات الفشل المستمر في الايفاء بمتطلبات تلبية الأحمال ليس في موسمي الذروة (الصيف والشتاء)، بل قد يتعدى ذلك إلى طيلة مواسم السنة.
غالباً ما تبقى مثل هذه المنظومات (الفاشلة) على حالها المتعثر بالرغم من توافر شروط ترميمها من موارد مادية وبشرية في حالة غياب الإرادة الشجاعة والفعل المؤثر للإدارات الماهرة القادرة على تنفيذ الخطط المستقبلية بمهنية عالية بعيدًا عن المؤثرات الناتجة عن صفقات الفساد والمصالح الشخصية وأجندات سياسة التبعية والتي سوف تشوه مسارات العمل النزيه المطلوب لانتشالها من حالة التردي المستمر التي تلقي بتبعاتها القاسية على ظروف الحياة المختلفة للمجتمع.

* مهندس استشاري - رئيس هيئة الكهرباء الأسبق

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1328 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع