قاسم محمد داود
مليار دولار دفعها العراق تعويضات غزو الكويت، متى نطالب أمريكا بتعويضات غزو العراق؟
جورج بوش الأبن
" نحن لا نعد الجثث" هذا ما واجه به الجنرال تومي فرانكس، قائد حملة الغزو على بغداد الصحفيين بشأن ضحايا الحرب عام 2003.
"اعتمد مجلس الأمن يوم الثلاثاء 22 شباط 2022، قرار 2621 بالأجماع والذي أعلن بموجبه انتهاء ولاية لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت عام 1990، بعد وفاء حكومة العراق بالتزاماتها الدولية بالتعويض عن "الخسائر والأضرار التي تكبدها كنتيجة مباشرة للغزو غير المشروع للكويت".
وقالت لجنة التعويضات بالأمم المتحدة "إن العراق استكمل دفع 52.4 مليار دولار لتعويض الأفراد والشركات والحكومات الذين أثبتوا أنهم تعرضوا لأضرار بسبب غزو الكويت واحتلاله لها."
وبعد حصار دولي غير مسبوق بشدته وقسوته فرضته الأمم المتحدة على العراق نتيجة للغزو العراقي إلى الكويت أستمر قرابة 13 عام، وقد عانى العراقيون الأمرين من هذه العقوبات التي كان وقعها على الشعب دون حكامه، فقد حرمتهم من الغذاء والدواء فضلاً عن كل وسائل التقدم والتكنولوجيا التي وصل إليها العالم في حقبة التسعينات من القرن الماضي، مما أدى إلى وفاة مليون ونصف طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء الحاد وافتقادهم ابسط وسائل الحياة، كما اضطرت هذه العقوبات بالكثير من الكفاءات العراقية من اكاديميين وأطباء ومهندسين وأصحاب رؤوس أموال، على الهجرة إلى دول الجوار والمهجر بحثاً عن الأمان والحياة والتطور. ونتيجة لقرار الأمم المتحدة التي شكلت لجنة هي الأخرى غير مسبوقة "لجنة الأمم المتحدة للتعويضات"، وفق القرار الأممي 705 في 15 آب 1991 الذي الزم لعراق بدفع 52.4 مليار دولار للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها ممن تكبدوا خسائر مباشرة ناجمة عن غزو الكويت. وحسب تقدير الخبراء فأن ملف التعويضات كان يكلف العراق بين 6 إلى 7 ملايين دولار يومياً.
لقد انتزعت الكويت من العراق 52.4 مليار دولار أكثر من عشرين ضعفاً مما خسرته في غزو العراق لها حسب دراسات عديدة. وما دام الأمر كذلك لماذا لا يطالب العراق تعويضاً من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عن غزوهما العراق واحتلاله الذي كلف مئات الضحايا وأوقع الشرق الأوسط في حالة الفوضى، لاسيما وأن دوافع الغزو المعلنة ومبرراته بنيت على أكاذيب... لكن الحقوق ديون لا تموت وأحكام الزمان والظروف متغيرة غير ثابتة وما يُسلب يسترد.
وبعد مرور ما يقارب تسعة عشر عاماً على غزو الولايات المتحدة وتابعتها بريطانيا، لاتزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة، أولها هو السؤال عن عدد ضحايا حرب العراق عام 2003 والفوضى العارمة التي تلت ذلك والاقتتال الطائفي وضحاياه من المدنيين. فوفقاً لـ (هيئة إحصاء القتلى العراقيين) فإن عدد القتلى العراقيين الذين سقطوا حتى شهر حزيران من عام 2010 يتراوح ما بين 97461 و106348 شخصاً، وكان شهر آذار من عام 2003 أي الشهر الذي وقع فيه الغزو أكثر الفترات دموية فوفقاً للهيئة المذكورة إن 3977 مواطناً عراقياً قتلوا في هذا الشهر و3437 قُتلوا في شهر نيسان من ذلك العام.
أما تقرير "استطلاع صحة الأسرة العراقية"، الذي دعمته الأمم المتحدة فأن عدد من قضوا في العراق جراء أعمال العنف في الفترة الممتدة ما بين شهري آذار من عام 2003 وحزيران من عام 2006 بـ 150 ألف شخص.
أما مجلة "لانسيت" وهي مجلة طبية عامة أسبوعية وتعد من أقدم وأشهر المجلات تميزاً في العالم، فقد نشرت في عام 2006 دراسة قدّرت عدد العراقيين الذين قضوا جراء الحرب بـ 654965 قتيلاً، منهم 601027 قُتلوا نتيجة أعمال العنف في البلاد.
وعن المهجرين نتيجة للغزو والاحتلال الأمريكي / البريطاني للعراق وما نتج عنه من حرب أهلية طائفية فأن " المنظمة العالمية للهجرة" والتي ترصد أعداد الأسر المهجرة تقدر أن حوالي 1.6 مليون عراقي أبعدوا عن ديارهم داخل العراق وهذا يشمل المسجلين لديها فقط ما بين عامي 2006 و2010 ويشكل هذا العدد 5.5 في المئة من سكان العراق أضف إلى ذلك اعداد المهاجرين خارج البلاد.
خلاصة القول: خلف الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 آلاف الضحايا، فضلاً عن تخلف البلاد اقتصادياً وسياسياً حتى يومنا هذا. وغزت أمريكا العراق بحجة الإطاحة بنظام صدام حسين الذي يمثل "تهديداً للأمن العالمي بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل" على حد قولها. ومنذ الغزو وحتى اليوم تعرضت البلاد لكثير من الخسائر المالية والبشرية إثر نشر التطرف فيها، والنهب والسلب والقتل عقب الغزو.
وفي النهاية هل سيطالب العراق من الأمم المتحدة ومجلس الأمن ان يأمر الولايات المتحدة وبريطانيا تعويض العراق عن خسائره بسب غزوهم الذي بني على أكاذيب وإجبارهم على الدفع كما أُجبر العراق على دفع 52.4 مليار دولار للكويت، أضعاف مضاعفة لخسائره نتيجة الغزو. لقد خلف غزوهم العراق عام 2003:
1- أكثر من نصف مليون قتيل عراقي.
2ـ عشرات الآلاف من المعتقلين والمختفين قسراً.
3ـ 8 ملايين مهجر بينهم 5 ملايين فروا خارج البلاد و3 ملايين داخلياً توزعوا في مخيمات للمهجرين.
4ـ 31% نسبة البطالة في البلاد.
5ـ 6 ملايين أمي لا يجيدون القراءة أو الكتابة.
6ـ 35% معدل العراقيين المسجلين تحت خط الفقر.
7ـ 9.9 نسبة عمالة الأطفال دون سن الخامسة عشرة.
8- 5 ملايين يتيم.
9ـ مليونا أرملة 60% منهن ترملن بسبب أحداث ما بعد 2003.
10- 60 ألف مفقود.
11- أكثر من مليوني مصاب ثلثهم بإعاقات دائمة.
12ـ 23 ألف قبر دفن فيها اشخاص مجهولون قتلوا في المعارك أو بأعمال طائفية.
13- أنتشر 39 مرضاً ووباء أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفيروسي، واتسع نطاق الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية.
14- توقف 13 ألفاً و328 معملاً ومصنعا ومؤسسة أنتاج عراقية في عموم البلاد.
15- بلغ مجمل الديون العراقية 124 مليار دولار.
وأخيراً يبقى السؤال المهم وهو هل سيحظى العراق ذات يوم بقيادة قوية تطالب أمريكا باعتذار صريح وتعويضات كاملة عن الغزو ومآسيه، فصورة بوش الأبن وهو يعلن انتصاره بعد غزو العراق بأكذوبة أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وأن بلاده "مكلفة بنشر الحرية" لا تزال عالقة في الأذهان وما زالت الشاشات تتذكر وزير خارجيته كولن بأول وهو يسوق إلى العالم عبر مجلس الأمن أكذوبة أن بلاده تمتلك أدلة قاطعة على إخفاء العراق أسلحة دمار شامل، وهو سبب كافي يجعلنا نحرك الجيش الأمريكي لتخليص العالم من شرور هذا البلد!؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
* مجلة بلوس ميدسين الأمريكية.
* بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي".
* وزارة التخطيط العراقية.
* موقع الخليج أون لاين.
3164 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع