الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
لماذا اجريتم الانتخابات ياسادة؟
رغم مضي قرابة أربعة اشهر على مسرحية الانتخابات العراقية الفاشلة والتي اعتقد المحتل وعملائه انهم ضحكوا بها على ذقوننا ،سيما وان نتائجها لم ولن تغير شيئا من مآسي العراقيين ، تستمر البلاد في مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والرفض الشعبي كما هو متوقع لما أفرزته تلك العملية من نتائج، ولم ولن يحدث ماتمناه البعض بأحتمال حدوث بعض التغيرات في المشهد، إلا أن المشاكل كثيرة تلك التي تواجهها الكتلة الصدرية في تشكيل الحكومة القادمة، الأمر الذي أدخل البلاد في ازمات سياسية مصطنعه بسبب رفض احزاب السلطة العميلة لان يكونوا خارج السلطة الجديدة لخشية بعضهم مثل المالكي لاحتمالية تعرضه للمحاكمة من قبل حكومة هواها صدري ولهذا كانت الجولات المكوكية لمندوب نظام طهران (قآني )والتي أجبرت مقتدى الصدر في تغيير هواه من حكومة لاشرقية ولا غربية الى حكومة ايرانية علما ان الصدر قيل عنه بعد نشوة الفوز بالانتخابات بأنه صانع الملوك.
مهما كانت أوجه الخطاب السياسي بعد انتهاء الانتخابات لتحديد مسارات العمل الميداني وفتح آفاق لخلق بيئة واسعة في رسم ملامح الحياة السياسية، تبقى الصراعات الحزبية والمصالح الفئوية والارتباطات الخارجية هي التي تتحكم في طبيعة تشكيل الحكومة العراقية القادمة، وستستمر الأزمات والاختلافات السياسية بين الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، وبعد ان فشلت الأصوات التي تعالت رافضة نتائج الانتخابات والتهديد باستخدام جميع الوسائل ومنها المواجهة المسلحة حيث تشير الاخبار الى وجود صفقة لاعادة تسريب قوات من داعش بعد ترتيب عملية اخراجهم من معتقلات الحسكة وتوجههم الى سنجار في شمال العراق في اعادة لسينيورهات سبق ان شهدها العراق المحتل في اوقات سابقة فقد تعودنا على لجوء نظام طهران الى مثل هكذا خطوات كلما تعرضت ذيوله الى اوضاع محرجة وهذا مما يعرض البلاد إلى زياد حدة التأزم والانفلات الأمني،قد تكون للتحالفات السياسية التي تسبق عملية تشكيل الحكومة وطبيعة تكوينها عاملا يساهم في تخفيف حالة الاختلاف القائم الآن، خاصة وأن هناك من يعترض ويرى أن مشروعه السياسي قد تلاشى أو تراجع بعد النتائج التي تفاجئ بها، والحكومة القادمة عليها أن تضع في مقدمة برنامجها إصلاح البنية السياسية والمنظومة الاقتصادية، ومعالجة الأزمات الاجتماعية وتحسين الحالة المعيشية ومكافحة البطالة وتجارة المخدرات، ورفع القدرة المالية للبلاد في مواجهة العجز المالي والديون الخارجية المستحقة.
أن نتائج العملية الانتخابية لم ولن تحدث تغيرا لا في نوعية النواب، ولا في تصويب بعض الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي منذ العام 2003، لكن يبدو أن المعادلة الموجودة لن تتغير، بالتالي سوف نعود إلى المربع الأول، و في كل الأحوال نجاح أي حكومة يجب أن يرتبط بالإرادة الشعبية التي ترفض الوجود الإيراني، فلا يمكن تحجيم دور طهران من خلال نفس الطبقة السياسية، بل عن طريق الجبهة الرافضة لها والتي تتشكل من الغالبية العظمى من الشعب العراقي ،ويبدو ان العراق، مستمر في حالة الفوضى، التي تنوعت بين احتجاجات وقطع طرق رئيسية، كما تستمر صدامات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولة منعهم من التظاهر.
أن عجز العراق عن إجراء إصلاحات جوهرية في نظامه السياسي واقتصاده سينتهي بثورة لا تبقي ولا تذر. ويتوقع أن تتسم الثورة القادمة بالعنف وألا تفرق كثيرا بين الأحزاب ،إن الثورة المتوقعة ربما ستسفر عن أزمة مهاجرين أشبه بتلك التي تواجهها حكومة إقليم كردستان العراق ، وستؤدي إلى الإطاحة بالقادة السياسيين الحاليين بالجملة إما إلى القبور مبكرا أو المنفى، فإن نزول الشباب العراقي إلى الشوارع في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019 –احتجاجا على الفساد المستشري والحكومة العاجزة كان بمثابة طلقة تحذير
أن المحتجين حينها كانوا على استعداد لمنح القادة العراقيين فرصة لإجراء إصلاحات، لكن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أهدرها، لأنه لا يتمتع بالجاذبية وأنه ضعيف سياسيا في بلد يعج بالشخصيات اللامعة لكنها ممنوعة منخدمة بلدها ، أن المهمة التي أوكلت إليه ارتكزت على وضع حد لحالة العجز التي يعاني منها العراق، والإشراف على الإصلاحات الجوهرية وقيادة البلاد إلى انتخابات كان يفترض انها تغير الاحوال السيئة غير أن الكاظمي أخفق في المهمة رغم مرور أكثر من عامين على رئاسته للفترة الانتقالية،فالكاظمي لم يستخدم موقعه السياسي المهم أو سلطته الأخلاقية لرعاية الإصلاحات الجوهرية التي كانت ستساعد في استقرار العراق لو وجدت طريقها للتنفيذ.
في حالة نواب البرلمان المنتخبون فهم في ظل النظام الانتخابي الذي يشجع على المحسوبية والفساد ويجافي الإصلاحات ويفرغها من معناها الحقيقي لاسيما وإن السياسيين العراقيين الفاسقين العملاء أنفسهم منخرطون اليوم في المساومات والمقايضات السياسية ذاتها التي تثريهم وتساعد في تمكينهم، لتبعدهم عن العراقيين الذين يدعون أنهم يمثلونهم.
ان المواطن العراقي وبعد ١٩ عام ادرك ان الواقع الذي يعيشه اثبت ان النظام الاداري المؤسساتي الوطني قبل الاحتلال بجميع مفاصله المدنية والعسكرية والامنية افضل ١٠٠% من النظام مابعد الاحتلال والذي اعتمد المحاصصة الطائفية ( الفارسية ) لتمزيق وحدة الشعب والمؤسسات لارضاء رهبر ايران ..وهذا حال الوطن يدفع آلاف الشهداء...الدواعش والمواعش والمليشيات تلعب لعب وقياداتهم في الخضراء والبرلمان الدمج .....هذا هو هدف قانون اجتثاث الدولة العراقية الادارية والامنية التي تأسست ١٩٢١ ووصلت لقوتها وأمنها حتى عام ٢٠٠٣...رغم بعض اخطائها ،ولكن عام ٢٠٠٣ تم اجتثاث الدولة بالكامل لتاسيس دولة محاصصة ضعيفة ممزقة تسيطر عليها عصابات وميليشيات اغلبهم لصوص وقتله لايختلفون عن القاعدة وداعش الارهابي.
من عمل على حل الجيش والشرطة وقد تأسستا في العشرينيات وتطورتا مع تطور الوضع في العراق ومع تغيير الانظمة ، وكان عملهما لخدمة وحماية العراق وشعبه ، ولم يتبع شخصا معينا وكان يمثل كل ابناء الشعب بكل طوائفهم وقومياتهم ..الا ان هؤلاء المتخلفين نفذوا مشروع الماسونية الفارسية لتمزيق العراق والغاء استقلاله الوطني ،تلك المؤسسات الوطنية الموجودة في كل أنظمة العالم ، لكن المحتلين وعملائهم عملوا على حلها وتأسيس مؤسسات طائفية محاصصاتية تأتمر باوامر نظام الملالي .
ان ادعاء الاحتلال بأنهم جلبوا الديمقراطية للعراق هو محظ افتراء واكذوبة ساذجة لان مايحدث في بلدنا هو اعتداء اثيم على جوهر الديمقراطية وهذا ماحصل بمسرحية الانتخابات بنسختها الخامسة الهجينة ، لقد اصبح جميع المخططين والمنفذين الذين صمموا العملية السياسية الموبوءة وألمأبونة،على يقين من ان الشعب الذي سبق وان ضحكوا عليه وغرروا به ،بعد نيسان 2003،لم يعد مراهقا سياسيا،بل اصبح على قدر من الوعي والادراك الذي يمكناه من فهم حيثيات مايحاك ضده من مؤامرات مستمرة لن تنتهي الا بأزالة الحقيقة المطلقة التي اسمها العراق.
المواطن العراقي الذي سبق وان خدروه بالشعارات والممارسات المناطقية والطائفية والعنصرية اكتشف (ولو بعد حين) انه كان هدف سهلا لمخطط دولي اقليمي محلي متناغم في المصالح بين جميع اطرافه القذرة ،فكثير من العراقيين بما فيهم اناس كانوا يعتقدون انهم على قدر من الفهم والوعي ما يمكنهم من كشف اغوار وطلاسم ماخطط له اعداء العراق ، حيث فهم اغلب شعبنا لاسيما الشباب منهم ان تجربة 19 عاما عجافا من الظلم والاستبداد وعمليات الهدم والتخريب والقتل والنهب والتهجير والتغييب كان جميعه عملا منظما تم يتم تنفيذه بدقة، فالهدف من احتلال العراق ليس (بناء دولة وتحقيق الديمقراطية )كما يحاول بعض المتخلفين والدجالين والآفاقين ،تمريره على العراقيين والعالم ، بل هو مشروع ديني صهيوني طائفي قديم جديد ،وكان العراق المستقل القوي المتقدم علميا عقبة في طريق تنفيذه،ولذلك كان احتلال العراق وقبله زجه بحروب خططوا لها رغم كل محاولات العراق تجنب تلك الحروب وغيرها.
المهم ان اربعة اشهر من اللف والدوران عادت بأصحابها الى اصل الموضوع شاؤا ام ابوا وجائتهم الاوامر الصارمة من الرهبر الكبير في طهران (بالتوافق والتنسيق مع واشنطن ولندن) بأن عليهم ان يتفاهموا ويتقاسموا الغنيمة التي كلفوا بالهيمنة على الحكم من اجلها ومن اجل خدمة من جاء بهم،ومن يخالف يعرف كيف سيكون مصيره المظلم!!
784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع