وائل القيسي
مبدعون من بلادي
إلى المنتفضين الأحرار:
ومن حناجرِنا بحّة مُلتاعة تهذي
بحروف:
العينُ، عيونٌ لم تكتحل بسوى الألم
الراءُ، رؤيا حلمنا بها وما خانتنا التآويل
الألفُ، أول الكونِ، يا أنت العظيم وآخر
الزمان
والقافُ، قيامةٌ تصنع الحياة فيك يا عراق.
هذا بعض صدى هتاف مزمجر دوّت به حنجرة عراقيةٍ لتشارك شباب العراق الثائر في تشرينيته التي أعادت لبوصلة العراق اتجاهها الصحيح، بعدما تكالبت كل شرور أهل الأرض على العراق العظيم وشعبه الموشّح بكل أنواع المعاناة...
إنها امرأة تنتمي لوطنها رغم غربتها التي تزيد عن ربع قرن في بلاد الأندلس.
عندما يهمّ أي مهتم بالبحث عن سيرتها يجد نفسه، يسبح في بحر متلاطم العطاء وربما يَصعب عليه اتخاذ قرار الكتابة عنها لغزارة نتائجها وتنوعه.
إنها الدكتورة باهرة محمد عبد اللطيف.
كاتبة وأكاديمية ومترجمة وشاعرة وباحثة متخصصة بالأدب الأسباني والآثار العربية والإسلامية.
ولدت عام 1957 في العاصمة العراقية بغداد.
تخرجت في كلية الآداب/ جامعة بغداد العريقة، وحصلت على البكالوريوس في اللغة والأدب الأسباني عام 1979.
وحصلت على الماجستير في أدب أمريكا اللاتينية من جامعة (أوتونوما) بمدريد عام 1982.
وعملت أستاذة في الكثير من الجامعات منها جامعة بغداد/ كلية اللغات وجامعة أوتونوما وجامعة سلامانكا وجامعة كومبلوتنسي في مدريد.
وهي تكتب باللغتين العربية والأسبانية، وتُعَدّ واحدة من أبرز المترجمات المتخصصات في اللغة الإسبانية على مستوى الوطن العربي.
حازت ترجمتها لكتاب (الغابة الضائعة)، وهي مذكرات الشاعر الأسباني الكبير (رافائيل ألبرتي) على جائزة أفضل كتاب مترجم في العراق عام 1993.
وقد ساهمت بشكل فاعل في تأصيل وترسيخ ثقافة التعريف بالتراث العربي والإسلامي في الغرب وخصوصا المجتمعات الناطقة بالإسبانية وذلك من خلال نشاطاتها الكثيرة والمكثفة عبر الندوات والدورات والمهرجانات والمحاضرات التي تقيمها أو تساهم فيها.
ومن أبرز إصداراتها الشعرية وهي كثيرة وغزيرة:
_لي منزل هناك، وهي مجموعة شعرية صدرت عام 2021.
وعندما سألتها (أتراه لم يزل ذلك المنزل حبيس الروح والأمنيات...؟)
أجابت بيقين لا يفارقه الصدق ولا يخطئه الحنين (ما زال وسيبقى للأسف قيد الشعر والأماني وهذا أشد ما يحزنني).
_حرب تتعرّى أمام نافذتي، مجموعة شعرية صدرت عام 2019.
_بغداد جرح في خارطة العالم، شعر، عام 2016.
ومن بين مؤلفاتها الكثيرة سواء الخاصة بها أو المساهمة فيها:
_كتاب النزاعات المسلحة والجندل والاتصالات، بحث بعنوان (الخدعة الكبرى في عملية غزو العراق) صدر عام 2015.
_كتاب العراق في ظل الاحتلال: تدمير الهوية والذاكرة، فصل بعنوان (النظام العشائري في العراق واحولت النساء في ظل الاحتلال الأمريكي)، عام 2008.
_كتاب كُتّاب عراقيين، قصة للدكتورة باهرة عبد اللطيف بعنوان (حالة فلزية)، ترجمة: ماريبيل للثارو دوران.
من المؤكد أن إبداع الدكتورة باهرة عبد اللطيف ونتاجها الغزير والمستمر لا يمكن اختزاله ببضعة سطور ولسنا بوارد ذكر كل ما كتبته فهو لا يتسع ذكره هنا وباستطاعة الجميع الاطلاع عليه من خلال البحث على شبكة الإنترنت وأن المكتبات تزخر بما ترجمت وكتبت وألّفت.
إننا نجد من المناسب هنا ذكر بعض الجوائز التي حصلت عليها، ومن بينها:
_حازت على جائزة أفضل كتاب مترجم لمذكرات الشاعر الإسباني رافائيل ألبرتي، الذي صدر عن دار المأمون للترجمة والنشر في بغداد عام 1993.
_تم تتويجها بالميدالية الذهبية لعام 2017 للمنتدى الثقافي العربي الأسباني بمدريد عن مجمل نتائجها الأدبي والترجمي.
_حصلت على عدد كبير من شهادات التقدير من الهيئات الرسمية والمؤسسات الثقافية الإسبانية والعربية والعالمية.
ولا زالت هذه المبدعة العراقية تواصل عطاءها المتميز حتى أنها أصبحت أيقونة في مجالات هذا العطاء في أسبانيا والدول الناطقة بالأسبانية وكذلك الدول العربية بالإضافة إلى كتاب آخرين مثل الكاتب محسن الرملي وعبد الهادي السعدون وغيرهم، بل إن أعمالها قد تُرجمت إلى مختلف لغات العالم، بينما لا يكاد يذكرها أحد في وطنها الذي يسكن روحها، فهي مسكونة بحب العراق.
وكمْ نتمنى ألا لا تكون إبداعات مبدعينا حبيسة الغرب الذي يحتضنهم بينما تتخلى عنهم أوطانهم كما حصل مع المبدعة الراحلة زها حديد.
وخير ما نختتم به هذه السطور عن هذه المرأة العراقية المبدعة الدكتورة باهرة عبداللطيف هو زفير أنفاسها الذي يحتضن العراق:
حُزْنُ جلجامش
ارضُ ما بين فكرتين
تتلوى عُمْراً بين جرحين
تنزف أبنائها
تباعاً
لتروي
احفادها
الظامئين .
755 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع