سيف شمس
مسرور بارزاني
يلعب السيد مسرور بارزاني دوراً محورياً في إعادة فهم القضية الكردية ونقلها من المحيط المحلي إلى العالمي. فهو يدرك حق اليقين القضية لا تدار فقط بحمل السلاح من فوق قمم الجبال، بل نحن في عصر حيث الاقتصاد هو المحور الأساسي بالعلاقات الدولية والجيوسياسية، أي نقلها من الجبل إلى العالم فتصبح أكثر مرئية، وهذه هي لغة العصر الحالي.
إن حياته المتنوعة قد منحته إمكانية المرونة للتعامل مع أغلب الأطراف لحل أي نزاع كان، فدراسته المبكرة في كوردستان ومن ثم إيران وبعد ذلك ليكمل دراسته للغة الإنكليزية في لندن ليلتحق بالجامعة الامريكية في واشنطن، وليكمل دراسته البكالوريوس في الدراسات الدولية، كما ركز في دراساته العليا على السلام وحل النزاعات. فهذه الدراسات لها أبعاد قادرة على اعطاء من يمتلكها الخوض في إقامة علاقات متينة مع كل من يحيطه.
كل صاحب رؤى عميقة هو الذي يدرس سياسة ما يدور من حوله ليترجم ذلك على واقعه ليتم الاستفادة منه. ينشغل العالم في صراع الطاقة مشكلاً البترول والغاز الطبيعي محورها. وقد تجلت عظمة البترول والغاز الطبيعي خلال الحرب الروسية-الأوكرانية بعد أن حاول ويحاول الغرب فرض عقوبات على روسيا إلا أن الأخيرة صاحبة شوكة كبيرة وتقاوم بشراسة بسبب ما تمتلكه من غاز طبيعي.
عظمة روسيا الآن هي ليست فيما تمتلكه من ثروات كالذهب والماس والأسلحة المتنوعة وحتى النووية، بل قوتها كامنه بما تمتلكه من غاز طبيعي. وهذا ما يمتلكه إقليم كوردستان ويبلغ تقديرات ما يمتلكه الـ3 بالمائة من الاحتياطي العالمي، وهذه النسبة أكبر ما يمتلكه النرويج. وهنا تتجلى أهمية هذا الإقليم. قد وعى السيد مسرور هذه الأهمية فانتقل إلى طاولة الرئاسات وأصبح الآن يفاوض كبار رؤساء الدول كما شاهدناه مؤخراً مع السيد رجب اردوغان، وزيارته الأخيرة الى لندن ولقاءه بجونسون. وقد نقل موقع CNN بالعربي أن الحكومة البريطانية أعلنت أن رئيس وزرائها جونسن قد اجتمع برئيس وزراء كوردستان مسرور بارزاني واعرابه عن تطلعه لتصدير الطاقة إلى أوروبا. وهذا ما قد وجد الترحيب والاشادة من الجانب البريطاني، كون إقليم كوردستان يسعى لمساعدة على تقليل من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي. وهذا ما يعطي التقارب والتفاهم من كلا الجانبين.
إن هذين اللقاءين مهمان بنقل كوردستان فرض نفسها كقوة مهمة قادرة على المشاركة في السياسات الدولة، لذلك إن السيد مسرور بارزاني قد رأى أهمية مشروعه ومكانته فلقي الترحاب من تركيا وبريطانيا لإيصال الطاقة لأوروبا.
كوردستان لم تعد اقليماً محلياً منشغلاً بحلول مشاكله مع حكومة بغداد التي باتت الآن متهالكة وغارقة بفسادها، بل أصبح الأقليم ذا شأن كبير قادراً على المساهمة بحل الأزمات الدولية. فهو أضحى في نظر وعرف السياسة الدولية ذا استقلالية استثنائية ومكانة دولية يمكنه إدارة عجلة تقدمه بنفسه.
السنين الطويلة للنضال الكوردي على يد جده ملا مصطفى وأبيه مسعود قد نجد ثمارها عند الحفيد الذي تبلورت لديه رؤى ذلك الكفاح الذي طالما تاق له الشعب الكوردي. فموضوع الطاقة هو ربط الإقليم بالعالم الغربي وربطه بالشبكة الدولية وهذا من شأنه سيدير دفة العملية السياسية المحلية والإقليمية والدولية.
695 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع