د علوان العبوسي
٥-٦-٢٠٢٢
صراع اللادولة والدولة في عراق مابعد ٢٠٠٣
لم يكن لدي قناعة بمواصلة الكتابة بعد انقطاعي عنها لاسبابي الخاصة ،وهذا معروف لدى اصدقائي المقربين اهمها انعدام الوعي للتغيير الذي ينشده العراقيين من واقعهم المؤلم ، حتى بات البعض منهم اكثر من غيرهم في تدمير بلدهم دون ان يعوا ذلك لتسلط المغرضين والمشعوذين وما يسمى برجال الدين ،ضمن تخطيط امريكي /فارسي واضح في هذا السبيل ، ناهيك عن اللامبالات في هذا الواقع ولهذا اسبابه القسرية المقصودة .
كنت أامل ان الانتخابات الاخيرة قد تحدث التغيير ويبدوا املي قد تضائل وهذا ما اسعى لايضاحه حسب وجهة نظري المتواضعة في مقالي هذا .
في البدء وفق عنوان المقال ،لم ارى داع لتعريف الدولة فقد بات واضحاً لكل ابناء شعبنا ان الدولة العراقية بعد الاحتلال اصبحت في مهب ريح المزاجيات والترهات والجهالة والاعلام المبرمج الغير مستندة الى مبادئ العلم والمنطق والدستور ثم القانون وحتى الاعراف التي ترتكز عليها الدولة في تعاملاتها العامة بعد الاحتلال الامريكي البريطاني الفارسي للعراق ، ضاربا بعرض الحائط لكل هذه المسميات ، ساعد هذا الواقع الى التدخلات المباشرة الخارجية وأمتدادها في الداخل لاغراض حزبية طائفية عنصرية وعرقية وشخصية وبات البلد ينزف بشدة وبحاجة الى عملية جراحية مستعجلة وصعبة قد يكتب لها النجاح اويبقيه عليلا كما هو الحال الان ان صح الوصف بالفوضى المتحكمة في كل مناحي الحياة.
وكما لامجال ألتعمق أكثر في مبادئ العمل السياسي فقد اختفت كافة الاسس والمرتكزات التي ينبغي ان تكون عليها سياسة الدولة كما اشرت ، استغل هذا الواقع المقصود والمخطط له من قبل المحتل واعوانه من الاحزاب والمليشيات المسلحة الموالية للخارج المتحكمة في قوى البلد ودفاعه الوطني (اقصد في ذلك سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا واعلامياً وما يتبع لهما وكل مظاهر الدولة وقوتها ) ،وهذا واضح ، فعندما يسعى البعض من القوى السياسية التي يبغي فيها الاصلاح حتى بابسط انواعه ، نجد هرولة قادة الاحزاب الاخرى الى الخارج لاخذ الراي فيما ينبغي الاخذ به حيال هذا الامر فالاصلاح غير مقبول لهم وهم مرتاحون لهذا الواقع المتخلف الذي جر البلد الى كوارث وازمات لايحمد عقباها في مجال دفاعه الوطني الذي اشرت اليه ، وهي في هذا السبيل الان تتقدم الخطى وتتطور للاسوء دون الاصلاح الذي يكشف ويعري نواياهم وفسادهم .
قالت الاحزاب والتكتلات دعونا نسرع الخطى في اجراء الانتخابات ونحتكم لها ، وتم اجراء الانتخابات في 10 تشرين الاول / اكتوبر 2021 ، وكانت حقيقة تختلف عما سبقها من انتخابات من حيث النزاهة والدقة وفازت فئات وانتكست اخرى وقامت كلا منهما باجراء عدد من التحالفات لسعيها في تكوين الكتلة الاكبر، البعض لم يجعل اهتمامه للموضوع الطائفي او العرقي دورا مهما في تشكيل الكتلة الاكبر قد نطلق عليها مبدئياً بمجموعة التغيير ، والاخر جعل من الطائفة دورا مهما في البقاء على الوضع الحالي في تشكيل الكتلة الاكبر قد نطلق عليها بمجموعة اللاتغيير كلا منهما تسعى لتشكيل الحكومة ورئاسة الدولة .
حتى الان ليس هناك وضوح للكتلتين المفترضتين الى حدٍ ما ،رغم حصول مجموعة التغيير على الكتلة الاكبر على العكس من مجموعة اللاتغيير فهي لم تحصل على العدد الكافي لتاهيلها للكتلة الاكبر وباتت عنصرا مماطلا ومعوقاً لتشكيل الحكومة ورئاسة الدولة بحجج غير قانونية ولا دستورية من اجل البدء بتغيير الواقع المرير الذي مر بالعراق منذ الاحتلال حتى الان اهمها استعادة سيادة الدولة لهيبتها في المجتمع الدولي والداخلي واعتماد الاسس الصحيحة التي ترتكز عليها الدول في العادة .
لقد مضى منذ اجراء الانتخابات حوالي ثمان اشهر لم يجري تشكيل الحكومة ورئاسة الدولة واي تغيير مقبول لنتائجها وكاّن شيئا لم يكن ولا فائدة منها كما كان يدعي البعض في التغيير ، فمجموعة التغيير ( ممكن نشبهها أفتراضاً بجماعة الدولة )ومن تحالف معها يسعون الى فرض ارادتهم السياسية كونهم الكتلة الاكبر وهذا حقهم القانوني ، اما جماعة اللاتغيير (ممكن تشبيهها افتراضاً بلادولة) التي ولائها لايران مع مليشياتها المسلحة ساعيه لفرض ارادتها بالقوة بدعم ايران دون استناد دستوري أوقانوني، اعتقادا منها ان (جماعة الدولة) تسعى لسحب البساط منها وتغيير الواقع الطائفي الجاري الان .
(جماعة اللادولة) مرتاحة للواقع الحالي بدعم وسيطرة ايران على العراق آخذة من توجيهاتها سبيل لارباك الوضع السياسي العراقي ، وهذا واضح من لجوئهم المستمر الى ايران في كل صفيرة وكبيرة منذ ظهور نتائج الانتخابات ، بالاضافة الى الزيارات المكوكية المتكررة والغير معلنة رسمياً لقائد الحرس الثوري الايراني الجنرال قائاني وقيامه بالتجول براحة هنا وهناك ثم اللقاء مع كتل اللادولة والتباحث معهم في امور شتى غير معلنه، بعد الزيارة زاد الرفض للانتخابات واعتماد كتلهم في رئاسة الدولة دون سند قانوني ثم تشكيل الحكومة ، توالت الزيارات المتبادلة مابين ايران وكتلة اللادولة في ابقاء الواقع الحالي دون تغيير، والعراق اليوم في المجهول وهذا الذي تسعى له ايران وحلفائها داخل العراق .
مجموعة اللادولة تهدف حسب تصوري ، ابقاء الحال كما هو عليه الان تحت سيطرة ايران تنفيذا لمبدئ خميني في ولاية الفقيه ومن يخرج عليها او يعارضها يعد مرتدا عن الدين الاسلامي والامام وقد اكدت ذلك المادة الثانية من الدستور الايراني بجعل الفقيه نائباً لله والوصي الاوحد على الاسلام والمسلمين كافة ، ناهيك عن تكريس موضوع الطائفية كهدف استراتيجي لفك اللحمة الوطنية ، ثم رفض نزع سلاح المليشيات بحجة انها تمثل عنصر المقاومة ضد امريكا والكيان الصهيوني ، جعل ايران المصدر الرئيس للموارد الاقتصادية والبنا التحتية الوطنية بكافة انواعها ،وشل القوى التي تعتمد عليها الدولة في اثبات وجودها دوليا ،ثم جعل الدين الاسلامي غطاء لنهجها المتبع تجاه العراق وباقي دولنا العربية أعتماداً على نشر مبدئ ولاية الفقيه .
ويمضي الوقت حثيثاً ،ولا زلنا ننتظر متى يتم تشكيل الحكومة ورئاسة الدولة وكيف سيكون هل مع مجموعة الدولة او مجموعة اللادولة والله اعلم متى يتم ذلك .
2009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع