بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - طاقم الطب الشرعي /الجزء الثاني
من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://algardenia.com/maqalat/53666-2022-04-25-10-21-41.html
استمر الطاقم يبحث ويمحص بكل الاصعدة كلٌ في مجال اختصاصه وخبرته لمدة ثلاثة اشهر ونصف دون ان يصلهم بلاغ عن جريمة جديدة ترتبط بابليس. لكن فجأة وبينما كان شون ذاهباً الى دائرة الهجرة والجوازات بصحبة محامي الطاقم لغرض انجاز اجرائات اقامته في امريكا اتصلت به اماندا هاتفياً وقالت،
اماندا : اين انت يا شون؟
شون : انا بسيارتي مع المحامي السيد اوپنهايمر في طريقنا الى دائرة الهجرة والجوازات. هل هناك امر طارئ؟
اماندا : اجل. اترك عنك دائرة الهجرة والجوازات واجلها ليوم آخر. لقد عثرنا على جثة جديدة وعليها توقيع ابليس.
شون : اين الجثة؟
اماندا : انها موجودة في مصنع مهجور بمنطقة دوگلاس. اسرع الى هناك فجميع الطاقم سينطلق اليه بعد دقائق. سابعث اليك احداثيات المكان.
شون : حسناً، سالقاكم بمسرح الجريمة.
اغلق الخط مع اماندا ونظر الى المحامي ليخبره بان عليهم الاتجاه الى منطقة دوگلاس. الا ان المحامي اخبره بانه يريد النزول باقرب مكان يستطيع استئجار سيارة تكسي كي يعود بها الى مكتبه. وقف شون بوسط قرية صغيرة وانزل راكبه ثم واصل سيره الى المصنع المهجور وعندما وصل الموقع لاحظَ ان الطاقم قد سبقه الى هناك فنزل وتوجه الى سيارة المعدات واخرج منها بدلة واقية بيضاء ثم دخل الموقع ليرى الطاقم منشغلاً باخذ العينات ورفع بصمات الاصابع. نظر اليه مديره بيتر وقال،
بيتر : هذه المرة التوقيع كما شاهدناه اول مرة انظر.
نظر شون الى التوقيع وتفحصه جيداً ثم قال،
شون : هذا يؤكد نظريتنا بان الجناة مختلفين تماماً.
بيتر : لكنك لم ترى وجه القتيلة بعد. انظر اليها جيداً يا شون واخبرني ان كنت تتعرف عليها.
ازال شون الغطاء عن وجه المجني عليها فاصيب بصدمة كبيرة.
شون : يا الهي، لا اصدق. انها هي، انها المسؤول عن الصيدلية سارا لونسكي التي تحدثنا معها باقتضاب قبل ان تركلني بركبتها في ... في...
بيتر : اجل في... ولكنها الآن مقتولة. يجب ان نبدأ التشريح فوراً يا شون لان الامر تعقد كثيراً.
شون : تعقد اكثر مما ينبغي. هيا ننقل الجثمان الى المختبر وسنقوم بتشريح مكثف هناك. دعنا نشرك المحقق لويس معنا لان لديه افكار قد نستفيد منها.
بيتر : بما انه هنا الآن، ساطلب منه المجيء معنا الى المقر.
بعد ان اكملوا جميع اعمالهم الجنائية ووضعوا جثة المجني عليها في سيارة اسعاف. انطلقوا جميعاً راجعين الى المركز. فور وصول الطاقم ومعهم المحقق لويس دخلوا صالة الاجتماعات وبدأ المحقق لويس بالحديث.
لويس : يجب علينا ان ندرس الجرائم السابقة بتفاصيلها وعلى ضوء ذلك سنتمكن من رسم خارطة طريق للامساك بالجاني/الجناة.
شون : كنا قد توصلنا الى حقيقة ثابتة وهي ان الجاني اكثر من شخص واحد عن طريقة توقيع الاسم على الجثة. كنا كذلك قد شملنا المجني عليها (سارا لونسكي) في لائحة الجناة والآن يجب ان نلغيها منها.
بيتر : ربما كانت عضوة بفريق القتلة لكنها اصبحت ورقة مكشوفة لديهم عندما داهمها طاقمي في المشفى لذلك قرروا التخلص منها كي لا ينكشف امرهم.
زوي : جميع الضحايا وجدنا بداخلهم مادة (السكوبولامين). لكني متأكدة من هذه المرة سوف لن نجد هذه المادة بداخل جثة سارا لانهم لم يقتلوها لغرض التعذيب بل لانهم يريدون اسكاتها. وهذه النظرية تعتمد على نتيجة الفحص الدقيق الذي سنقوم به اليوم.
ديدي : لو كان القتلة هم مرضى نفسيين يتلذذون بتعذيب ضحاياهم قبل قتلهم فان جثة سارة سوف تخبرنا إن كانوا حقاً مرضى نفسيين او انهم يتضاهرون بالمرض.
لويس : واذا ثبت ذلك فيجب علينا ان نبحث بامور اكبر بكثير من مجرد امراض نفسية. هل بالامكان ان نبحث بمواقع الجريمة بشكل هندسي حسب موقعهم بالخارطة؟
اماندا : لقد قمت بمسح مواقع الجرائم السابقة في ميامي لكنني وجدت انها ارتكبت بشكل عشوائي ولم تتركز بحي معين.
شون : إذا دعونا لا نضيع المزيد من الوقت ونبدأ التشريح فوراً طالما ان جثتها لم تصل الى درجة حرارة متدنية.
بيتر : اجل انا ائيد شون دعنا ننهي هذا الاجتماع ونحاول ان ننبش القضية بمشط دقيق حتى نصل الى مسببات الجريمة.
تفرق الطاقم وخرج المحقق لويس راجعاً الى مركز عمله كي يجري المزيد من البحث والتدقيق بحرفية وانسياب بينما دخل طاقم التشريح وصاروا يعملون بشكل دقيق لكي يحصلوا على اجوبة تنفعهم في اسناد فرضياتهم. جلست اماندا امام ما تسميه غرفة التحكم وراحت تبحث بحواسيبها محاولةً ايجاد خيط رفيع يربط الضحايا بالجناة كي يتمكنوا من الوصول الى ادلة. وفجأة ظهر لها شيء كان مخفياً عن الجميع لاول مرة فصرخت وقالت، "وجدتها، وجدتها، وجدتها". ركض الجميع الى غرفة التحكم ونظروا اليها بفضول كبير يريدون ان يعرفوا ماذا وجدت. قالت، سيداتي سادتي سوف تصابون بالدهشة عندما تعلمون ان هناك رابط جغرافي بين المجني عليهن كالتالي،
1 سيبل فورت مقتولة بمنطقة شرق هفانا الصغيرة
2 ماري فورستر في غرب فلاكلر.
3 زوي روميروس بالقرب من مجمع سيلفر باف للتسوق.
4 هانا لونكفيلد بالقرب من مجمع كورال للتسوق.
لاحظوا سيداتي سادتي ان جميع هؤلاء الضحايا الاربعة سكنوا وماتوا بضواحي ميامي. ولكن ما لم نكن نعرفه ان جميعهن كانوا يملكون عقاراً في مركز المدينة بالقرب من نهر ميامي. اغلب الظن انهن ورثنها من اقاربهن. وهذه المنطقة من اغنى مناطق ميامي. هذا يعني ان من مصلحة "جهات او جهة معينة" ان تشتري منهم عقاراتهم لغرض تطويرها وتحويلها الى ناطحات سحاب. لذلك دققت بشكل مكثف فوجدت ان هناك شركة عملاقة تدعى (ذي نورث ستار) نجمة الشمال للاستثمارات المصرفية تنشيء بنايات كبيرة بنفس المنطقة التي تقع فيها منازل المجني عليهم. علماً ان الشركة سبق لها وان اشترت 55 عقاراً بتلك المنطقة ولم يبقى سوى بعض المنازل كي يتمكنوا من انشاء بنايتهم العملاقة.
بيتر : عمل رائع يا اماندا. الآن يجب ان نعطي هذه المعلومة للمحقق لويس كي يتصرف مع الشركة ويحاول الوصول للمزيد من المعلومات.
اخرج بيتر هاتفه النقال من جيبه واتصل بالمحقق لويس فسأله،
لويس : هل جد جديد يا بيتر؟
بيتر : اجل، قمنا بالكثير من التحليلات ولدينا معلومات بغاية الاهمية. اعتقد اننا عرفنا من هي الجهة المستفيدة من جرائم (ابليس) لذلك عليك ان تأتي الى مقرنا فوراً كي نشرح لك بالتفصيل آخر ما توصلنا اليه.
لويس : سانطلق فوراً.
خرج المحقق لويس من مركز الشرطة وتوجه الى مقر التحقيق الجنائي. دخل المكتب فاستقبله شون وقال
شون : الجميع ينتظروك بالقرب من الساحرة تعال معي.
لويس : ومن هي الساحرة؟
شون : انا آسف، انها اماندا. المسؤولة عن الكومبيوتر.
دخل شون ليتبعه المحقق لويس الى غرفة اماندا فوجدوا جميع اعضاء الطاقم واقفين بجوارها. الجميع نظر اليه وقالوا، "لقد جئت بالوقت المناسب". تقرب لويس من شاشة اماندا فبدأت تعرض عليه استنتاجاتها بالتفصيل الممل حتى اكملت حديثها ونظرت الى المحقق لويس فوجدته مشدوها من شدة الصدمة. بعد قليل نظر الى بيتر وقال،
لويس : كل هذا الوقت كنا نعتقد ان الفاعل هو مريض نفسي يقتل بدافع مرضه. لكن تبين ان الدافع ليس سوى الجشع. يا الهي سوف اهدم الدنيا فوق رؤوس مدراء هذه الشركة. ساذهب فوراً الى المدعي العام ولكن، هل لي بقائمة مكتوبة بكل المعلومات التي عثرتِ عليها يا ساحرة؟
اماندا : كنت اعرف انك ستطلبها مني، لذلك اعددتها مسبقاً. تفضل.
اعطت اماندا الاوراق اليه فامسك بها وخرج من المقر مسرعاً. ركب سيارته وقادها الى مكتب المدعي العام السيد جوشوا باترك. دخل غرفته فدعاه جوشوا الى الجلوس. جلس وبدأ حديثه،
لويس : لقد جئت للتو من مكتب طاقم البحث الجنائي بعد ان قاموا بالمزيد من الابحاث حول جرائم المدعو ابليس. لقد اثبتوا بما لا يقبل الشك ان المسؤول عن هذه الجرائم هو ليس رجل مريض نفسياً بل انها جريمة مدفوعة من قبل شركة استثمارية كبيرة تدعى نجمة الشمال للاستثمارات المصرفية. لدي كل النصوص والمستلزمات التي بهذا التقرير عليك الاطلاع عليه فوراً.
جوشوا : هل جننت يا لويس؟ انت تتحدث عن شركة من عمالقة الشركات بميامي بل بالولايات المتحدة الامريكية او ربما في العالم.
لويس : يا جوش انت قمت بالدفاع عنهم قبل ان تدرس الادلة. انظر فقط اليها بدقة ثم اخبرني برأيك.
جوشوا : حسناً ساراجعها بهذه الايام القادمة فانا مشغول جداً الآن.
لويس : يا جوش هذا الموضوع بغاية الاهمية ويجب ان يكون على رأس قائمة اولوياتك. يجب عليك الاطلاع عليها فوراً.
جوشوا : هل تريد ان تعلمني كيف اعمل؟
لويس : انا آسف ولكن انت تضطرني لان الجأ للقضاة إذا لم تعير لتلك المسألة جل اهتمامك.
جوشوا : طيب، طيب لا تنفعل كثيراً. سالقي نظرة عليها الآن.
لويس : اريدك ان تتصل بي اليوم بعد ان تقرأها جيداً كي تعطني رأيك بالموضوع وكيف سنواجه المسألة؟
جوشوا : كن مطمئناً من ذلك.
انتفض المحقق لويس من كرسيه وغادر مكتب النائب العام جوشوا.
بدأ جوشوا بقرائة النصوص وبدأت حدقة عينه تتسع. علم ان طاقم الابحاث الجنائية قد توصل الى نتائج خطيرة جداً.
اما المحقق لويس فرجع الى مكتبه لان مساعدته العريف زلنسكي اخبرته عن وجوده مطلوب بقضية اخرى وهي قضية (المعتدي الجنسي). بالمساء بعد ان اكمل جميع اعماله رفع سماعة هاتفه واتصل بالمدعي العام قال،
لويس : ماذا فعلت يا جوش؟ هل قرأت النصوص التي تركتها معك؟
جوشوا : اجل ولكنها مليئة بالثقوب. الادلة لا تعدو من كونها أدلة ظرفية وهذا لا يكفي لان نتحرك ضدهم فالشركة لديها جيش محامين من العيار الثقيل وقد يمزقونا ارباً إذا خضنا حرباً معهم بالمحاكم. اقترح ان تترك الامر وتهتم بالقضايا الاكثر اهمية.
لويس : ما هذا الحديث يا جوش؟ كيف تقول هذا الكلام؟ ليس هناك اناس فوق القانون. النصوص تؤكد بما لا يدع مجالا للشك انهم يستعملون اساليب ترهيب لم تستعمل ولا حتى بالحقبة النازية.
جوشوا : دعك من كل هذا الهراء يا لويس. وركز على عملك. فذلك افضل لك.
لويس : حسناً مسائك سعيد.
اغلق الخط مع المدعي العام جوشوا وقرر ان يخوض الحرب بالتعاون مع طاقم البحث الجنائي. وعندما يصل الى ادلة تقربه من الفاعل الحقيقي فانه سوف يفضح كل المتورطين بتلك الجرائم النكراء حتى لو كان المدعي العام جوشوا متورطاً هو الآخر بها.
بعد عطلة نهاية الاسبوع اتصل المحقق لويس برئيس طاقم التحقيق الجنائي واخبره انه يريد ان يجتمع بمقر الطاقم. بعد ساعة دخل المحقق مقر البحث الجنائي فرأى جميع الطاقم جالسين بغرفة الاجتماعات. حياهم وقال لبيتر،
لويس : هل بامكاننا ان نتحدث على انفراد؟
بيتر : كلا يا لويس. كل اعضاء الطاقم هم لحمة واحدة لا تتجزأ. ان كان لديك حديث فتكلم امامنا جميعاً.
هنا علم المحقق لويس انه قد اصبح ينتمي للطاقم ابتداءاً من تلك اللحظة كي يتمكن من الايقاع بالقتلة ومجابهة الشركة العملاقة (نجمة الشمال). ابتسم وسحب احدى الكراسي وكانت الاعين كلها متوجهة نحوه ثم بدأ الحديث، "اعزائي طاقم (السي اي اس) لقد طرحت الادلة على المدعي العام (جوشوا باترك) وبالرغم من وضوح الادلة لم يجد فيها اي شيء يستحق التبني. لذا طلب مني ترك الموضوع والاهتمام باعمالي الاخرى. لكنني لم اقتنع بكلامه وقررت ان اتحالف معكم كي نشكل قوة ضاربة نستطيع منها الايقاع بالفاعل.
بيتر : يا لويس نحن فخورون بالعمل معك. انا من ناحيتي ارحب بك دون العودة لاراء باقي الطاقم.
فجأة صرح كل اعضاء الطاقم بموافقتهم على انضمام المحقق الى جهودهم بالبحث بتلك الجريمة التي ارقت نوم المنظومة البوليسية برمتها. وقف المحقق لويس وقال،
لويس : اول شيء اريده منكِ يا اماندا هو ان تزوديني بقائمة اسماء جميع مجلس الادارة بشركة نجمة الشمال وحبذا لو حصلنا على نبذة عن كل واحد منهم. سيكون هذا هو المكان الذي سننطلق منه بعملنا.
اماندا : هذه القائمة جاهزة. لقد توقعت اننا سنحتاجها لذلك اعددتها لك مسبقاً. خذ القائمة وانظر اليها.
امسك المحقق لويس بالقائمة وراح يقرأ الاسماء الواحد تلو الآخر فلم يتعرف على اي من الاشخاص. قال،
لويس : هل تمكنتِ من التعريف على كل واحد منهم؟
اماندا : القائمة كما ترى متألفة من احد عشر عضواً. ولكن الاهم فيها هم اثنان فقط، رئيس اللجنة وهو الشخص الذي يملك اكبر عدد من الاسهم هو السيد جون بورتر وابنه ماثيو بورتر. اما باقي الاعضاء فهم مدراء تنفيذيون بالشركة.
لويس : إذاً علينا ان نركز على رأس الافعى جون بورتر. هل بامكانك البحث عنه، ألديه سوابق؟ هل كان قد اشتبه به في اي قضية؟ اشياء من هذا القبيل.
اماندا : سابدأ البحث فوراً.
شون : اسمحوا لي ان اتدخل لانني من ايرلندا وكما تعلمون بلدي يعتبر من البلدان الكاثوليكية الشديدة التدين. الاسماء (جون) و (ماثيو) توحي الى انهما من بيئة متدينة. لذلك بالتأكيد سيكون لديهم ارتباط وثيق بالكنيسة. حاولي ان تجدي اي صلات لهم بالكنيسة يا اماندا.
ديدي : وبحكم صلاتي بالمشافي النفسية ساحاول البحث هناك عن اي ارتباط لهذين الاسمين مع الاطباء النفسيين.
اماندا : اثناء ابحاثي الاولية وجدت على الفيسبوك صوراً للعائلة وهم يعمدون حفيدتهم الطفلة ماري ماجدولين في كنيسة بلايموث كونگريگايشون والتي تقع بشارع ديفون رقم 3400.
بيتر : بما ان لدينا خبير بالامور الدينية لذلك اريدك يا شون ان تذهب الى هناك وتحاول الحصول على بعض المعلومات.
شون : لك ذلك.
وهكذا بدأ الجميع يفكر بكيفية السعي المنسق كي يحلوا الغاز هذه القضية الشائكة بسرعة فائقة قبل ان تأتيهم جثة جديدة من المجرم او المجرمين.
في اليوم التالي دخل شون كنيسة بلايموث كونگريگايشون فوجدها خالية من المصلين. وقف بالوسط ورسم علامة الصليب تحية للكنيسة ثم جلس على احدى الارائك ليصلي قليلاً. ما ان مرت ربع ساعة حتى جاء شماس الكنيسة وصار يغير الشموع الآفلة بشموع جديدة ثم يشعل فتيلها. تقدم شون نحوه وحياه قائلاً،
شون : صباح الخير يا حضرة الشماس. السلام عليك.
الشماس : وعليك السلام.
شون : هل القس موجوداً؟
الشماس : اجل القس شون موجود بمكتبه.
شون : اود مقابلته لو سمحت.
الشماس : بالتأكيد سابلغه بذلك ولكن من تكون؟
شون : انا شون مكنزي من طاقم البحث الجنائي بميامي.
الشماس : حسناً ساعود بعد قليل.
ذهب الشماس وغاب قليلاً ثم عاد وقال،
الشماس : القس ينتظرك بمكتبه تفضل معي.
سار الشماس وتبعه شون حتى بلغ مكتب ليدخلانه فوجد شون رجلاً سبعينياً احمر الوجه اصلع الرأس يجلس وراء مكتب متواضع. حياه بكل ادب وقال،
شون : صباح الخير يا حضرة القس. السلام عليك.
القس شون : وعليك السلام.
شون : انا شون مكنزي من طاقم البحث الجنائي بميامي.
القس شون : تشرفت بمعرفتك، كيف استطيع خدمتك سيدي؟
شون : نحن نقوم بابحاث عن امور عدة وضهر لنا اسم السيد جون بورتر وابنه ماثيو. هل تعرفهم؟
القس شون : اجل بالتأكيد، لقد عمدت حفيدة جون، ماري ماجدولين في الصيف الماضي. انه انسان رائع ويدعم الكنيسة بشكل دائم.
شون : هل تعرف شيئاً عن علاقته مع زوجته مع اولاده؟
القس شون : يبدو انك تفهم بدياننا سيد شون لان من الواضح من خلال لهجتك انك ايرلندي. القس لا يمكنه ان يفشي اسرار احد رعاياه.
شون : اجل، اجل، بالتأكيد انا لا اريدك ان تفشي اي شيء. فقط اريد ان اعرف المزيد عنه.
القس شون : ليس لدي اكثر مما قلته لك قبل قليل. فالسيد جون بورتر انسان مؤمن ويحرص على الحضور للكنيسة مع عائلته كل قداس. لذلك ارجوك انهي حديثك فانا رجل مشغول.
شون : سامحني يا ابي. انا فقط اردت ان...
قاطعه القس وقال،
القس شون : رافقتك السلامة يا ولدي، السلام عليك.
شون : وعليك السلام.
خرج شون وهو غير مقتنع بالحديث الذي دار بينه وبين القس. لكنه يعلم جيداً ان القس لا يمكنه كسر القسم الالاهي الذي اتخذه على ان لا يدلي بشيء لاي شخص عن اولئك الرعايا ممن يأتون الى كنيسته ويدلون باعترافاتهم. لذا فقد اعذر القس وعلم انها كانت محاولة فاشلة. توجه شون الى الباب الرئيسي للكنيسة ينوي العودة الى مقر الطاقم حين سمع الشماس يناديه من مكان مظلم بزاوية من الكنيسة. سار نحوه وقال،
شون : هل ناديتني يا شماس؟
الشماس : اجل، اجل تعال هنا واخفض من صوتك.
شون : ما الامر؟
الشماس : سمعتك تتحدث مع القس شون بخصوص السيد جون وابنه ماثيو بورتر.
شون : اجل هذا صحيح. هل لديك اي معلومات عن ذلك؟
الشماس : اسمع، قابلني بمقهى اليس بالقرب من الكنيسة بعد نصف ساعة وساخبرك عن تلك العائلة.
شون : شكراً لك يا شماس.
خرج شون من الكنيسة وهو في غاية السعادة. بحث قليلاً عن مقهى اليس حتى عثر عليه فدخله وطلب فنجان قهوة ثم جلس على احدى الطاولات بالقرب من النافذة المطلة على الشارع الخلفي للكنيسة. صار يترشف قهوته فجائته مكالمة هاتفية من مديره بيتر قال،
بيتر : كيف سارت الامور بالكنيسة؟
شون : القس لم يتمكن من الحديث عن احد لانه مربوط بالقسم الالاهي. لكن الشماس اراد ان يتحدث معي.
بيتر : ولماذا لم تتحدث معه.
شون : لانه كان بوسط الكنيسة وكان يخاف ان يُسمع حديثنا لذلك طلب مني المجيء الى احدى المقاهي وسوف يخبرني بكل شيء هنا. لذا يجب علي ان اقفل على مكالمتك هذه.
بيتر : اسمع، استعمل هاتفك لتسجيل ما سيقوله الشماس.
شون : كنت سافعل ذلك بكل الاحوال.
بيتر : انت البطل.
اغلق الخط مع بيتر وبقي ينتظر. وبعد مرور 5 اكواب من القهوة وثلاثة قطع من الكيك لمح الشماس يعبر الشارع مرتدياً ملابس اعتيادية متجهاً للمقهى. دخل وجلس على الطاولة امام شون قال،
الشماس : ساخبرك بكل شيء ولكن يجب ان تعدني ان لا تخبر احد بمصدر معلوماتك.
شون : هذا وعد مني تكلم.
الشماس : انظر يا سيد شون، ان ما قاله القس عن السيد جون بورتر وابنه ماثيو صحيح جداً فهم اناس طيبون ومؤمنون، يرتادون الكنيسة كل يوم احد. ويقومون بالتبرع بالكثير من المال. ولولاهم لاغلقت الكنيسة ابوابها لقلة المرتادين اليها بهذه الايام.
شون : لقد سمعت هذا الكلام من القس. هل جئت لتكرر لي نفس الكلام؟
قالها شون ووقف كي يخرج من المقهى الا ان الشماس امسك بيده، سحبه اليه واجبره على الجلوس قال،
الشماس : انتظر قليلاً يا سيد شون. المشكلة ليست بجون او ابنه ماثيو ولا بزوجته كارولينا. المشكلة بابنتهم اگنيس. انها والدة ماري ماجدولين التي عمدوها هنا بالكنيسة.
شون : انا اسمعك.
الشماس : عادة، هم لا يسمحون لابنتهم اگنيس بالحضور الى القداس لكنهم اعتبروا تعميد ابنتها ماري ماجدولين استثناءاً خاصاً فسمحوا لها ان تحضر.
شون : لماذا لا يسمحون لابنتهم اگنيس بالحضور الى القداس؟
الشماس : لانها مختلة عقلياً. تخيل، اثناء تأدية مراسيم تعميد ابنتها صارت تشتم القس وتقول ان الماء المقدس الذي يضعه فوق رأس ابنتها انما هو ماء الحنفية. ثم قامت بخلع سروالها الداخي وتبولت امام الجميع. وبالرغم من محاولة والديها كبحها والسيطرة عليها الا انها فتحت فمها بوابل من السباب والشتم بشكل مقزز وصارت تشتم الرب والسيدة العذراء.
شون : يا الهي.
الشماس : وعندما لم يتمكنوا من السيطرة على فمها، امسكوا بها واخرجوها من الكنيسة كي تجلس بسيارتها الفارهة من نوع فراري الحمراء حتى تتم مراسيم التعميد.
شون : هل هناك المزيد؟
الشماس : اجل، كنت اريد ان اعمل احسانا واذهب اليها اثناء جلوسها بداخل السيارة فقلت لها، "لماذا لا تهدئي قليلاً يا سيدتي فهي مناسبة مهمة لابنتك؟" الا انها اجابت بجملة واحدة فقط قالت، "ابليس سينتقم منهم جميعاً".
شون : هل قالت ابليس ام الشيطان؟
الشماس : كلا، انا اتذكر جيداً. انها قالت ابليس.
شون : وماذا تعرف عنها؟
الشماس : لا اعرف المزيد. لقد سردت لك كل ما اعرفه عن تلك الحادثة.
شون : شكراً لك يا شماس، لقد ساعدتني كثيراً.
الشماس : ارجو ان يبقى حديثنا سراً يا سيد شون.
شون : تأكد انه سر بيننا ولن افصح به لاحد.
خرج شون من المقهى بعد ان دفع الفاتورة ورجع الى مقر الطاقم فواجهته الطبيبة النفسية ديدي ماسينا بمراب السيارات حياها وقال،
شون : فقط الشخص الذي اريد التحدث اليه.
ديدي : سنتحدث بالداخل هيا تعال معي.
دخل الاثنان الى المقر فوجدا باقي افراد الطاقم حاضرين جميعاً قال شون، "لدي معلومات جديدة، دعنا ندخل قاعة الاجتماعات". دخل القاعة فتبعه جميع اعضاء الطاقم واخذوا مواقعهم على طاولة الاجتماعات الكبيرة فسأل بيتر،
بيتر : هل تريد ان تحدثنا عما دار بالكنيسة؟
شون : اجل انها معلومات في غاية الاهمية وسوف تتطلب المزيد من المثابرة كي نعرف الحقيقة.
هنا بدأ شون يقص عليهم كيف دخل الكنيسة وتحدث مع القس ثم خرج لكن الشماس تبعه واتفق معه كي يلتقيا بالمقهى. اخبرهم عن حديثه مع الشماس ثم عرض عليهم التسجيل الصوتي للحديث الذي دار بينه وبين الشماس. وعندما انتهى الشريط نظر شون اليهم وسأل، "ما رأيكم؟"
ديدي : يبدو ان عليّ البدأ بالبحث في مشافي الامراض العقلية والاطباء النفسيين.
اماندا : وانا ساقوم بالحصول على كل معلومات عن مدير الشركة وعائلته من عناوين واوقات اجتماعات وما الى ذلك.
لويس : وانا سابحث بسجلات الشرطة عن اي تهم او قضايا لصاحب الشركة السيد بورتر وعائلته.
انتهى الاجتماع بعد ان هم الفريق بالعمل الدؤوب كل حسب اختصاصه. على ان تستأنف الجلسة عندما يجد جديد لأي واحد منهم.
بعد مرور يومين طلبت الطبيبة النفسية ديدي ماسينا اجتماعاً طارءاً للفريق فحضر الاعضاء واتخذوا اماكنهم على الطاولة لتبدأ الحديث قائلةً،
ديدي : بالامس ذهبت الى عدة مشافي خصوصية واتصلت بعدة اطباء نفسيين من زملائي السابقين لكنني لم اعثر على احد يعترف بانه يعالج اگنيس. الا انني بالنهاية اضطررت الدخول على احد الاطباء الذي كانت تربطني معه علاقة حميمة قبل اربع سنوات وبالرغم من انني كنت اتجنب التحدث اليه الا انني دست على كرامتي وذهبت اليه فرحب بي بشكل كبير الا انني فسرتها على انه ترحيب ملغوم. شرحت له سبب زيارتي فاسمعني بعض الكلمات القاسية عن علاقتنا السابقة لكنه بالنهاية قال انه سوف يخدمني من اجل الايام السعيدة التي قضيناها سوياً. خلاصة القول، اخبرني ان اگنيس تتعالج لدى مشفى خاص بزيورخ / سويسرا يسمى بلومن كلينيك اي مشفى الزهور احياناً تذهب اگنيس الى سويسرى واحيانا يأتوها اطباء الى ميامي كي يتأكدوا من سير علاجها. وعندما سألته عن حالتها قال انها تعاني من الفصام والاضطراب ثنائي القطب فهي تعتقد انها تتحدث مع الشيطان بشكل دائم وهو الذي يقودها للراحة النفسية فتهدأ تصرفاتها. شكرته كثيراً عن هذه التشخيصات وقررت ان اخبركم ان هناك الاحتمال كبير ان تكون اگنيس هي التي تقوم بجميع الجرائم التي وقعت ظناً منها انها تقدم خدمة لشركة والدها.
شون : وكيف تحللين الاختلاف بكتابة توقيع الشيطان باختلاف حرف الراء (r) إذا كانت مجنونة؟
ديدي : المرضى النفسيين احياناً يكونوا في غاية الذكاء ويقومون باعمال تضلل المحققين كي ترميهم الى ابعاد اخرى وهذا ما فعلت كي تجعلنا نعتقد ان هناك اكثر من قاتل. فهي تقتل لغرض اشباع رغباتها. قامت بمنح لونسكي المال كي تجلب لها مادة السكوبولامين. وبما انها علمت ان هناك بعض المالكين للمنازل قد رفضوا بيع بيوتهم لشركة والدها ولعلمها انها احدى الورثة لشركة والدها فمن المؤكد انها قررت تأدية دورها في خدمته واشباع رغباتها بآن واحد. والآن علينا ان نواصل ابحاثنا المكثفة كي نقوم برصد تحركاتها قبل ان ترتكب جريمة جديدة.
بهذه الاثناء رن هاتف المحقق لويس فاستأذن من المجتمعين وقال لدي مكالمة مهمة من مركز الشرطة. خرج خارج قاعة الاجتماعات وتحدث بهاتفه ثم عاد بعد قليل وقال،
لويس : لقد اختفت سيدة سبعينية تدعى كاميليا هاربر ممن يملكن عقاراً بنفس المنطقة. يبدو ان المشتبه بها قامت بخطفها وسوف تقتلها إن لم نتحرك بشكل سريع.
انفظ الاجتماع وتناثر الفريق كلٌ ذهب الى زاويته يحاول تفادي كارثة بجريمة جديدة بشعة. جلست الساحرة امام حاسوبها وراحت اصابعها تتطاير كالبرق فوق لوحة المفاتيح وتجرجر فارتها بشكل مثير للشفقة حتى صاحت،
اماندا : وجدتها. انا اعلم اين اخذت ضحيتها. انها في كوخ صغير على بحيرة تدعى بحيرة الشياطين. لدي احداثيات القمر الاصطناعي.
لويس : دعنا نذهب هناك وساتصل بمركز الشرطة كي يزودونا بدعم الى موقع الجريمة.
بيتر : سنذهب كلنا هناك عسى ان نستطيع انقاذ حياة الضحية.
انطلقت كل سيارات الفريق باتجاه بحيرة الشياطين وهم في قمة الحماس يتحدثون فيما بينهم بجهاز اللاسلكي بينما كان المحقق لويس قد طلب من ادارة الشرطة ارسال قوات دعم واسعاف الى موقع الكوخ. وبعد رحلة دامت اكثر من 45 دقيقة وصل الركب الى هناك فوجدوا سيارة رياضية فارها من نوع فراري حمراء اللون تقف امام الكوخ علموا ان اگنيس في الداخل. ترجل الجميع من السياراتهم فقال بيتر،
بيتر : سندخل جميعاً الى الكوخ باوقات متفاوتة ونحاول تهدئة اگنيس ربما نستطيع نقاذ الرهينة من يدها. اما انت يا شون فابقى بالخارج ولا تدخل معنا فانت لم تحصل على تدريب لاستعمال السلاح.
وقف شون بالخارج بينما حاصر الفريق الكوخ من جميع منافذه. رفس المحقق لويس الباب ووجه مسدسه الى الامام ليجد اگنيس ممسكة بالسيدة العجوز تضع سكين مطبخ كبير على رقبتها بينما اجلستها على كرسي وربطتها بالحبال. قال،
بيتر : على رسلك يا اگنيس. اتركي السيدة كاميليا ولا تؤذيها رجاءاً.
اگنيس : إن تقدمت خطوة واحدة فسوف اذبحها امامك واخلص العالم منها.
هنا دخلت الطبيبة النفسية من الباب الخلفي وقالت،
ديدي : انا اايدك يا اگنيس ولكن يجب عليك ان تفكري ملياً هنا، كيف سيفكر والدك بفعلتك هذه؟ هل سيفرح ام سيحزن؟
اگنيس : مهما فعلت له ولشركته فانه لن يرضى عني باي حال من الاحوال. انا اعمل ذلك لابعثها الى جهنم لان ذلك عملي فان مندوبة ابليس. سترون كيف اذبحها امامكم.
دخلت اماندا من الشباك وقالت،
اماندا : صدقيني سوف لن يرف لاحد طرف. سوف يفرحون إن القي القبض عليك او حتى اصبت بطلق ناري. انا انصحك بان تتركي الضحية وتأتي معنا.
هنا دخلت زوي من باب الكوخ الرئيسي وقالت، المكان كله محاصر بسيارات الشرطة سوف يلقون القبض عليك سواءاً قتلتيها او تركتيها. انا انصحك ان تتركيها يا اگنيس.
هنا قالت الطبيبة النفسية،
ديدي : هناك خيط رفيع من الخير بداخلك. انا متأكدة انك لا تريدين قتلها لان جميع افراد عائلتك ستكرهك.
اگنيس : إذاً كلكم جئتم الى هنا كي تهدؤوا تلك المجنونة وتثنوها عن القتل اليس كذلك؟ انظروا ماذا سافعل إذاً.
امسكت باسكين ووضعته على عنق ضحيتها كاميليا وهمت بذبحها الا ان جميع من كان بداخل ذلك الكوخ سقط على الارض. وبعد قليل بدأوا يعودون الى وعيهم فوجدوا المجنونة اگنيس مكبلة بالاصفاد من وراء ظهرها وملقاة على الارض اما باقي فريق البحث الجنائي كله فقد كان على الارض بينما وقف شون فوقهم وهو يقول،
شون : لقد تداركت الامر. قمت باخذ الغاز المخدر من سيارتي وضخيته من شباك الكوخ لانقذ الموقف. صحيح ان الجميع تخدر وسقط على الارض لكن الضحية بخير والجميع بخير.
بيتر : انت انقذت الموقف يا شون لكنني ساقطع رقبتك لانك ستعطيني صداعاً بعد هذا المورفين المخدر.
شون : يقطع رأسي بيدك افضل من ان يقطع رأس المسكينة كاميليا.
بهذه اللحظة استعادت كاميليا وعيها فوجدت نفسها على الارض لتسأل،
كاميليا : هل انا ميتة؟
شون : كلا يا كاميليا، انا بعثتك بقيلولة صغيرة حتى استطيع انقاذك.
كاميليا : كم انت شاب ذكي ووسيم. شكراً لك، بل شكراً لكم جميعاً لانكم انقذتموني.
بتلك اللحظة سمعت اصوات سيارات الشرطة جائت لدعم المحقق لويس فضحك لويس وقال،
لويس : الدعم وصل، اطمئنوا على ارواحكم.
قهقه الجميع بصوت عال واقتيدت اگنيس الى سيارة الشرطة ليرجع الجميع سالماً بعد ان حلوا آخر جريمة لتلك المختلة عقلياً.
3233 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع