د علوان العبوسي
5 / 6 / 2022
الحرب الروسية الاوكرانية وانتكاس المعايير الدولية
الحرب الروسية الاوكرانية في بداياتها عام 2013 استذكرت من خلالها فوضى الاجتماع الاستثنائي المنعقد في جامعة الدول العربية بالقاهرة ابان احتلال العراق للكويت في 10 اب / اغسطس 1990 وتدويل موضوع الاحتلال دون التوصل الى حل عربي – عربي كان يامل منه حل الموضوع دون اللجوء الى تدخل القوات الامريكية والبريطانية والدولية ، كانت نتائجه النهائية احتلال العراق وتدميره باعتماد معايير طائفية وعنصرية مدروسة جيداً من قبل دول العدوان ، قريبة الشبه لدولة تريد تحقيق امنها القومي والجيبولتيكي المشروع ضد عدوان دول عظمى تتحالف ضدها .
كما تعددت الاراء بهذه الحرب من مؤيد وقادح ولم احاول الدخول في مناقشتها لاسبابي الخاصة اهمها عدم توفر المعلومات الدقيقة التي تنشرها وسائل الاعلام عن هذه الحرب ، اهدافها ،غاياتها ، حتى لا اتهم بالانحياز الى طرف دون الاخر هذه الاسباب تتعلق بالتصعيد المتعمد للحرب من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي (الناتو) والاتحاد الاوربي وبريطانيا حيال روسيا الاتحادية وحقيقة هذه الادوار ونواياها الحقيقية تجاه الاتحاد الروسي الذي بانت لنا ان روسيا تعرضت الى اخطاء وتهديد واضح من دول الجوار الاوربي والولايات المتحدة الامريكية وحلف شمال الاطلسي وكذلك التهديد الاوكراني من الداخل المجاور لها في الشرق والجنوب الشرقي وعليها ان تحارب على عدة جبهات .
نحن نعلم ان تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 كانت نتائجة ليست بصالح روسيا الجديدة التي تفككت وباتت تشكو من تهديد الغرب والولايات المتحدة وبريطانيا لها على العكس ماصور في حينه من رفاهية شعبها وارتفاع نسب امنها القومي نتيجة قوة دفاعها الوطني .
فمنذ حصول أوكرانيا على استقلالها عام 1991 ، اتجهت تدريجيا نحو الغرب ، الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ، بدعم الولايات المتحدة الامريكية ،عليه فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والكرملن يهدفان الى عكس هذا التوجه حيث يرون أن تفكك الاتحاد السوفيتي كان خطاً استراتيجياً فكك روسيا التاريخية، واضعف من انتصاراتها ضد الامبريالية والنازية ،وكذلك يرى بوتين أن الروس والأوكرانيين شعب واحد، نافياً انفصالها ولو بصورة غير مباشرة عن روسيا القوية وسيطرة الغرب عليها كخطوة تهدد الامن القومي الروسي .
في عام 2013 ابدى الرئيس بوتين رايه على الزعيم الأوكراني يانوكوفيتش الموالي لروسيا كي لا يوقع اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي مما أدى إلى احتجاجات للموالين للغرب أطاحت بالرئيس الأوكراني في فبراير/شباط من عام 2014.
وكان الرد الروسي في 2014 السيطرة على منطقة القرم الجنوبية ثم إثارة تمرد في الشرق ودعمت الانفصاليين الذين قاتلوا القوات الأوكرانية في حرب استمرت 8 سنوات وأودت بحياة الالاف من القتلى.
ولا ينسى بوتين دورالسلطة الاوكراني في قتل وتشريد وتدمير المنطقة الشرقية والجنوبية في جمهورية لوغانس الشعبية كما ان شعبها وكافة مدن جنوب شرق اوكرانيا ، في عام 2014 لاينسوا ماجرى لهم من قبل قوات بلدهم الاوكرانية من قتل وتشريد وتدمير لمنازلهم بحجة ولائهم الى روسيا بلدهم الام بدعم امريكا وحليفتها بريطانيا ودول حلف الناتوا ، مما دعى روسيا ضمها الى حدودها لحمايتهم من جهة وضمان امنها القومي من جهة اخرى .
لم تكن مطالب الرئيس بوتين صعبه ،فقد شدد على اعتراف كييف بالسيادة الروسية على القرم، ونزع السلاح وإنهاء هيمنة القوميين المتشددين على الدولة الأوكرانية، فضلاً عن ضمان الوضع المحايد لأوكرانيا، وعدم انضمامها الى الناتوا ، دون اللجوء الى القوة .
الاتحاد السوفيتي السابق ومن بعده روسيا الاتحادية يتمتعان بمبدئية وعدالة وصدق ،مع اصدقائهم من الدول وذات الامر شعبها يتمتع بخلق والتزام عالي وهذا ما لمسناه عندما كنا هناك في الستينات من القرن الماضي دورات تدريبية على استخدام الاسلحة الروسية ، وايضا عند تواجد الروس معنا في مؤسساتنا وقواعدنا العسكرية العراقية ،على العكس من امريكا وبريطانيا ومعظم دول اوربا التي تربطها فقط العلاقات المادية والنفعية دون اعتبار لمبدئ الصداقة ودليلنا الحربين التي شنتاهما اكثر من 34 دولة في 1991 ومثلها في عام 2003 على العكس من روسيا حيث امتنعت من المشاركة في هاتين الحربين ضد بلدنا تبعا للعلاقة السياسية الصادقة معها بل ابدت رايها الايجابي بعدم تدمير العراق كما سعت له امريكا واوربا وبريطانيا .
المتابع لواقع الحرب الجارية الان بين روسيا واوكرانيا نجد هذه الدول بدل ايجاد الحلول الناجزة و المعقولة والاعتراف بحق روسيا في اوكرانيا او على الاقل وقوفها على الحياد ، تسعيان الى اشعالها اكثر واكثر بارسال الاسلحة والمعدات وفرض عقوبات غير مقبولة لمصالح جيوسياسية تهدد الامن القومي الروسي.
روسيا الان تحارب ضد ثلاث او اربع جهات مرة واحدة بكل قوة وشجاعة والتزام دون تردد لتحقيق اهدافها المعلنة مسبقاً ، وقد يفلت زمام المبادرة لتصبح حرب عالمية وهذا واقع قانونا ،من يساعد العدو في حربه يعد مشاركا فيها ومع الاسف اختلفت المعايير الدولية والقانونية بسيطرة امريكا حيث تطبق على دول دون اخرى ولكن روسيا تدرك ذلك تماما واحتمال كبير اذا تعرضت مصالحها وامنها القومي للتهديد قد تستخدم سلاحها النووي اضطراراً .
من الواضح ان المتضرر الاعلى نتيجة الحرب هي دول الاتحاد الاوربي نتيجة ارتفاع اسعار الوقود ونقص الغذاء ، رغم الاجراءات المتخذة بهذا الخصوص ومن بعدها امريكا وباقي دول العالم وليس روسيا كونها قد اوجدت الحلول المناسبة للحد من العقوبات الغير مبررة عليها وهي الجارة الابدية لدول اوربا .
لو اطلعنا على الدور الروسي تجاه قضايانا العربية ومنها العراق فقد نقف على دورها المبدئي والاخلاقي الذي اشرنا اليه انفاً ناهيك انها من الدول ذات العلاقات الجيدة مع العراق ، وكانت من اكبر الدول المصدرة للسلاح لهذا البلد ، وقد استمرت هذه العلاقة في اطار تسلسل الاحداث التي مرت بها دول المنطقة عبر حربي الخليج الاولى والثانية وعقب ذلك كانت روسيا تحاول جاهدة مساعدة العراق لتجنب الازمات الدولية التي كان يمر بها مع التحالف الدولي او مع الامم المتحدة ، ويجدر القول ان الدبلوماسية الروسية حذرت الساسة العراقيين مراراً من خطورة سياستهم التي ينتهجونها مع الولايات المتحدة الامريكية حيث يمكنها القيام بعملية عسكرية ضد بغداد ، ويجدر القول ان هذه الدبلوماسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظلت سياستها مع العراق متينة ومتزنة في تقديم الدعم المعنوي والسياسي بما في ذلك ضمن اطار الامم المتحدة برفضها التوجه نحو استخدام القوة العسكرية في تطبيق قرارات الامم المتحدة ،وحاولت روسيا عدم انفراد الولايات المتحدة الامريكية بغزو العراق دون غطاء دولي وقرار الامم المتحدة في اطار سعيها لتحقيق الحل السلمي للازمة العراقية الامريكية ، كما سعت روسيا من جراء تحالفها مع المانيا وفرنسا من خلال مجلس الامن عدم استصدار قرار جديد بعد القرار 1441 ، هذا وقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية الضغط على روسيا بكافة الوسائل لموافقتها على تمرير قرار جديد من مجلس الامن يخول لها استخدام القوة ضد العراق تارة بالوسائل الدبلوماسية وتارة بالوسائل الاقتصادية سواء عن طريق مساعدتها الاقتصادية منها تقديم تكنلوجيا استخراج النفط من حقول سيبيريا ومد خط انابيب للغاز من غرب روسيا الى الجزر اليابانية ومنها الى غرب الولايات المتحدة الامريكية في اطار الحملة الامريكية لتقليل اعتمادها على بترول الشرق الاوسط واستخدام روسيا كمنافس للبترول السعودي في منظمة اوبك .اما الموقف الروسي في سوريا فلا نلومها عليه كون النظام السوري هو المسؤول الاول لما يجري من تدمير وخراب لهذا البلد العربي المسلم .
ان المنتصر في حرب روسيا على اوكرانيا براينا ، هو روسيا التي قاومت كل الاجراءات التي واجهتها سواء من الولايات المتحدة الامريكية او الاتحاد الاوربي وحلف شمال الاطلسي ، وبريطانيا ، انها حرب بالوكالة ضد اقوى دول العالم دون هوادة ، وكاننا نعيش في عالم تحكمه شريعة الغاب تقوده امريكا ومن سار في دربها في عدائياتها وكرهها الواضح تجاه عالمنا المعاصر من اجل مصالحها فقط ، وسنظل نحن العراقيين نستذكر دورها العدواني وتجييش الجيوش خارج الارادة الدولية لاحتلال العراق ثم تركه فريسة سهلة الى عدو العراق والاسلام ايران وجعله مرتكز لها تجاه دولنا العربية والاسلامية في نشر التطرف الديني الذي جاء به المقبور خميني في استحداث دين اسلامي جديد غايته الاولى الحط من الدين الاسلامي الحقيقي .
الحل الاوفق لانهاء الحرب العبثية اعتراف الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي بكافة مطالب روسيا المشار اليها انفاً والكف بالتوسل بامريكا والغرب بكل الذل الذي ينهجه كرئيس دولة ،دفعا لانهاء أستمرار روسيا باحتلال اوكرانيا كلها وضمها الى روسيا الاتحادية ومحاسبة قادتها الذين اوغلو بعلاقاتهم المشبوهة مع الغرب وبريطانيا والاتحاد الاوربي وتناسي العلاقة التاريخية مع روسيا الام .
471 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع