ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في الأدب/١ امثال أوردها عباس العزاوي
يعتبر تأريخ العراق بين إحتلالين (8 أجزاء)، أي من الإحتلال المغولي (650هـ) الى الإحتلال البريطاني مرورا بالإحتلال الصفوي والمملوكي والعثماني، ابرز كتاب تأريخي عن العراق يمكن الإستعانة به لفهم مجريات الأحداث، ولا يمكن لباحث في تأريخ العراق أن يستغني عنه، وقد إعتمد د. علي الوردي عليه في كتابه (لمحات إجتماعية من تأريخ العراق /8 أجزاء). وألحقه بكتاب (عشائر العراق/4 أجزاء)، لقد ساهم إتقان العزاوي اللغتين الفارسية والتركية بالإستعانة بالمصادر التركية والفارسية المهمة على إعتبار ان البلدين تكالبا في إحتلالهما للعراق عبر حقبات تأريخية متعددة، وقد قرأت في كتاب ( إغتيال العقل الشيعي) الفترة الزمنية للإحتلالين العثماني والفارسي للعراق وتفاجأت من حقيقة مهولة غابت عن الكثيرين وهي مدة إحتلال العراق من قبل المستعمريين التركي والفارسي:
اولا: مدة حكم الفرس للعراق منذ 7000 عام ولغاية الآن هي (1141 + منذ الغزو عام 2003 للآن) وهي موزعة كالتالي: الدولة الكيانية 207 عاما (538-331) ق م. الدولة البرتية وتعني خراسان حاليا(352)عاما للفترة(126-226) ق م . الدولة الساسانية ( 411) عاما للفترة (226-637) م. الدولة البويهية (110) عاما للفترة(945-1055) م. الدولة الصفوية الاولى (33) عاما للفترة(1502-1535)م. الدولة الصفوية الثانية (17) عاما للفترة(1620-1638) م. الدولة الزندية في البصرة(3) أعوام للفترة (1768-1771). الإحتلال الأمريكي- الفارسي (19) أعوام للفترة (2003- 2022).
ثانيا: مدة حكم الأتراك للعراق منذ 7000 عام تبلغ (459+ منذ الغزو عام 2003 للآن) عاما وهي موزعة كالتالي. الدولة الجلائرية (94 ) أعوام بغداد من(1338 ـ 1410) والبصرة ( 1410 ـ 1432). الدولة العثمانية الاولى (85) عاما للفترة (1535-1620) . الدولة العثمانية الثانية (280) عاما للفترة (1638-1917). الإحتلال التركي لمناطق في شمال العراق (2003 ـ 2022).
لاحظ كيف ان الإحتلال الفارسي للعراق أكثر من ضعف الإحتلال التركي للعراق!!!
المهم لم يكن الغرض من مراجعة الكتاب سوى معرفة تأريخ بلدنا وسبب النكبات التي توالت عليه من قبل الجارين اللدودين الفارسي والتركي والمستمرة لحد الآن، فكلاهما يحتل العراق اليوم، كأن التأريخ يُعيد نفسه، والظلم أبى أن يغادر العراق بفعل مجاورة بلدين معاديان للعراق وشعبه. ان قال عمر الفاروق (رض) : ليت بيننا وبين فارس جبل من نار، نضيف وليت بين بلدنا وتركيا جبل من نار.
تضمن الكتاب عددا من الأمثال العراقية القديمة، البعض منها لم نتعرف عليها، بل لم ترد في كتب الأمثال المنشورة، وقد جمعت هذه الأمثال، ليتعرف عليها القاريء العراقي والعربي.
ـ قال عباس العزاوي" عندنا في المثل العامي (شايل قزان بكتاش) لمن يتحمل أمرا عظيما غير ملتزم بتحمله. أن السلطان أورخان غازي العثماني زاره فدعا له وهو الذي وضع اسم الينكچرية (الانكشارية) لجيشه وانتزع كم خرقته ووضعه على رأس الينكرية فصار معتادا لهم وضع ما يشبه الكم في رؤوسهم، توفي أيام السلطان أورخان ودفن بجوار قير شهري، والرسوم الموجودة ليست من وضعه وإنما ابتدعها درويش يقال له (باليم سلطان) وصار في الحقيقة هو المؤسس لهذه الطريقة". (تأريخ العراق بين احتلالين2/271).
ـ وقال" يقول العوام في أغانيهم (بين العجم والروم بلوى ابتلينا) وهذه وإن كان موردها غراميا تعني التألم والتوجع مما جرى فقد احترق الأهلون بين نيران المتحاربين من العثمانيين والصفويين". (تأريخ العراق بين احتلالين3/333).
ـ وقال" في المثل العامي (يقتل ويؤدي الخانة) أي يضرب ضربا مبرحا ثم يؤدي البيتية وهذه تحسب على الكل ثم توزع على الأغنياء والمتوسطي الحالة ولا يؤخذ من الفقير وكان مقدارها (15) قرشا. وهي من الضرائب المحدثة أيام العثمانيين. والعشائر البعيدة لا تسلط للحكومة عليها. ثم بلغت ثلاثمائة قرش. وكان السادة لا يؤخذ منهم فصار يأخذها علي رضا باشا وزادت في أيامه. والشيخ يشارك الموظفين. وهذه الضريبة تسمى (القلمية) ثم صارت معتادا (50) قرشا. ومرة شاميا واحدا". (تأريخ العراق بين احتلالين7/318).
ـ وقال معقبا على إحتلال العراق من قبل الأنكليز" وبحق كان يصح أن يقال (الطائح رائح) ". (تأريخ العراق بين احتلالين8/361).
ـ " من حلقت لحية جار له، فليسكب الماء على لحيته". (عشائر العراق1/17).
ـ قد قيل" لا يترك الميسور بالمعسور". (عشائر العراق1/3).
ـ من " قول العوام (غصه بغصه ولا كصه بكصه) ". (عشائر العراق1/18).
ـ وقال " يوردون المثل البدوي المعروف (عنّت عليّ ديرة هلي)". (عشائر العراق1/42).
ـ وقال" يلهج العربي بقوله (العرق دساس)، و (ثلثا الولد لخاله)، و (دور علي المنسب ترى الخال جرارّ) ، و (بنت الذلول ذلول)، وكلها تدعو الى لزوم التحري عن الزوجة اللائقة". (عشائر العراق1/91). ويقولون: خوذ من النسا وجيد العدا (خذ من النساء وكد الاعداء". (عشائر العراق1/92).
ـ وذكر" المثل (بنت الذلول ذلول)، هذا المثل يعين ناحية مهمة في اختيار الأصل والنسب المقبول بطريقة ان من لم يراع حكم هذا المثل يناله ما نال الرجل الذي كان مضرب هذا المثل فيقع بما لا يرضى ولا يحمد. وذلك أنهم يحكون أن رجلاً أحب امرأة، وأراد أن يشاور آخر في أمر زواجها، وكان يأمل أن يشاركه في التشجيع على الأخذ في حين انه يعرف أن أصلها رديء، وكانت أمها مشتبهاً في عفافها نهاه صاحبه أن يتصل بها نظراً لسوء جرثومتها، وان لا يختار هذا المركب فلم يوافق على رأي المستشار وقال له ليس من المعلوم أن تتابع أمها، بل تتجنب ذلك السلوك الرديء ولا تعلم عنه ... ولما كان عازماً على التزوج نهاه صاحبه ولامه من جراء استشارته فقال مضطراً على مراعاة فكرتك..!! انتهى الحديث بينه وبين رفيقه وتزوجها ... وفي أحد الأيام أراد أن يعبر من مكان فيه نهر وقد امتنعت عليه الابل من العبور، وتعسر عليه ذلك استطلع رأي زوجته في الأمر فقالت له: - عندنا بكرة أمها ذلول، وهذه تعبر، وتتبعها الابل. فقال لها انها ليست ذلولاً ولم تركب بعد. فقالت له: ضع زمام امها في رأسها وهي تعبر فاعترضها فقالت: انها - (بنت ذلول) على كل تكون ذلولاً. وحينئذ وضع الزمام في رأسها فانقادت وعبرت الابل.! - ومن ثم تيقن الرجل صحة قول رفيقه من ان (بنت الذلول ذلول) وقطع في هذه التجربة التي أجراها على يد زوجته، وعلى هذا اخبر زوجته بانه سوف لا يرضاها، وأنه يخشى أن تكون ذلولاً كأمها فطلقها، ولم يسمع منها دليلاً أو كلاماً آخر بعد أن وضح لها الأمر عياناً في المثال المضروب، ثم تبين للزوج انها كانت قد خانته ولكنه لم يستطع ان يعلم ذلك وانما عرف الحقيقة بعد أن تزوجت بآخر فظهر عليها ما كانت تكتمه خفية". (عشائر العراق1/93).
ـ قال عباس العزاوي" المثل (لعيون حصة ما تمصه)، حصة هذه بنت الحميدي وأخت عبد المحسن جد الشيخ محروت، وهذه شاع فيها المثل (لعيون حصة ما تمصه) . وتفصيل الواقعة ان قوم ابن هذال من عنزة اصابتهم سنة فامحلت ارضهم، فاقتضى ان يعبروا الى الجزيرة، وكان يسكنها قبائل شمر. وكان الذي عبر هو الحميدي ابن هذال، وعبرت عنزة معه، وهذه لا تفكر الا في قبائل شمر وتعدها عدوها، أو ضدها. ومن مألوف البدو أن يبعثوا ركباً يدعون الضديد (الضد) الى المسالمة. ويطلبون أن يقضوا سنتهم، والى مثل هذه يميل الضعيف ويطلب ما يطلب من المهادنة. ولكن القوي لا يمنعه مانع، ولا يركن الى هذا النوع بل يعده ذلاً، واعترافاً بالضعف، وعنزة لم ترضخ لشمر في وقت، ولم تبد اذعاناً، أو ما ماثل. وان كانت الحروب بينهم سجالاً إذا غلبت قبيلة مرة، استعادت قوتها وأخذت بحيفها مرة أخرى. عبروا ولم يبالوا، ومضوا لسبيلهم. وأما شمر فقد اتخذت هذه فرصة سانحة عرضت، ومن ثم تناوخوا، والكل متأهب لقتال صاحبه، وطال المناخ لمدة شهرين ولم تكن النتيجة لصالح عنزة، وانما انتصرت شمر انتصاراً باهراً.وفي هذه الوقعة كانت حصة بنت الحميدي بين من أسر واستولوا عليه من نساء عنزة، والعادة ان لا يتعرض القوم للنساء، ولا يمسهن احد بسوء، ولكن هذه المرة رأت حصة اهانة من بعض افراد شمر عرف انها بنت الحميدي فتطاول عليها وطعنها. ومن ثم صاحت حصة " الدريعي يا رجالي "! وصل خبر هذه الصيحة الى الدريعي، وكان من رؤساء عنزة المعروفين آنئذ وعادت عنزة في هذه الحرب مخذولة. أما الدريعي فانه لم ينم على هذه الندبة من حصة وأمر قبائله في سورية أن تتأهب للحرب المقبلة، وإن من كان عنده فرس ذبح مهرها لئلا تذهب قوتهامن الرضاع. تأهبوا لأخذ الثار ونفروا للحرب، وصاروا يخاطبون أمهارهم بقولهم " لعيون حصة ما تمصّه" أي أن أخذ ثأر حصة دعا أن حرمناك من الرضاع من ثدي امك. والبدوي متأهب بطبعه للغزو، ولكن الاهتمام في هذه الوقعة زاد، والتأهب والعناية بلغا حدهما". (عشائر العراق1/99).
ـ وقال المثل (الحمل وزان) ". (عشائر العراق1/99).
ـ ذكر المثل البدوي (من طوّل الغيبات جاب الغنائم) فإذا تم الحرب أو الغزو بالربح والغنيمة فكيف تقسم الغنائم وتوزع بين الغانمين؟". (عشائر العراق1/101).
ـ وقال المعروف عندنا قول البدو (دمدوم، وجرف مهدوم) ويريدون به دفن المطالبات". (عشائر العراق1/116).
ـ يقال في المثل (البينات يطردن الذمايم)، ويقولون (الشاهد ماله حتن) أي ليس له مدة". (عشائر العراق1/119).
ـ وقال " القضوة: في المثل (عارفة الغزو أميرها) ، إلا إذا رخص الأمير. وإذا صار المتخاصمان الى العارفة أخذ منهم أجرة على القضاء يقال لها (قضوة) و (رزقة) وفي الغالب تكون: عن الفرس 8 دنانير تقريباً". (عشائر العراق 1/120).
موعدنا مع بقية الحلقات بعون الله تعالى.
ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
حزيران 2022
537 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع