ضحى عبد الرحمن
مباحث في اللغة والأدب/٢ عبارات متداولة عند العراقيين
يستحدم العراقيون بعض العبارات التي صارت مألوفة في حياتهم اليومية، للدلالة على بعض الأمور أو الصفات او الأحوال السلوكية، وربما الجيل الحالي والأجيال القادمة سوف تنسى هذه العبارات، لذا آثرنا ان ننشرها عسى أن يستفيد منها البعض، وكي لا يطمسها الدهر، كما طمس الكثير منها، وقد سبقنا في هذا الأمر المرحوم الشيخ جلال الحنفي رحمه الله، ولكنه لم يكمل معجمه العامي، ففقدنا بفقدانه الكثير من الكلمات والعبارات التي كانت يستخدمها الأجداد والآباء، مع هذا يبقى كتابه معجم اللغة العامية وكتاب الرسالة البغدادية لأبي حيان التوحيدي، وجمهرة الأمثال البغدادية لعبد الرحمن التكريتي من أهم المصادر المعتمدة في هذا الجانب، وسنستعرض البعض من هذه العبارات ونكملها لاحقا.
گعدنة على الحصيره
نشير هذه العبارة للدلالة على الإفقار، مثلا يقول أحدهم عن رجل انفق ماله في مجال ما: كعدنه على الحصير، والأصل كما ذكر مرتضى الزبيدي" الحَصِيرُ : البَخِيلُ المُمْسِك، كالحَصر، والحَصِيرُ : الَّذِي لا يَشْرَبُ الشَّرَابَ بُخْلاً. يُقَالُ: شَرِبَ القومُ فحَصِرَ عليهم فُلانٌ أَي بَخِل. والحَصِيرُ جَبَلٌ لِجُهَيْنَةَ ، و آخرُ في بِلاَد بَنِي كِلاَبٍ، أَو بِبِلادِ غَطَفانَ ، وقيل هو بالضّاد. والحَصِيرُ كُلُّ ما نُسِجَ مِن جَمِيعِ الأَشْيَاءِ ، سُمِّيَ به لحَصْرِ بعْضِ طاقَاته على بعْضِ، فهو فَعِيل بمعنى مَفْعُول، وهو أَعمُّ من البارِيَّة. والحصيرة عبارة عن بساط يحاك من القصب، يستعمله العراقيون للجلوس عليها، وفي الصيف الحار يرشون عليها الماء لكي تبرد، فيطيب الجلوس.
كاني ماني
تستخدم للتشبيه او الموائمة بين شيئين، مثلا يقال مثل القيمر والدبس، ويقال (صارا كاني ماني) اي متقاربان جدا، والأصل هما كلمتان قبطيتان بمعنى السمن والعسل، قال: كل من عاد يقول لي كاني ماني في رماني.
هذر مذر / شذر مذر
وهذه الكلمة متداولة في معظم لغات العالم، وغالبا ما تستخدم مثلا عندما يكسر صحن او قدح من الزجاج، فيقال صار شذر مذر، والأصل كما قال ابو علي القالي" يقُولُونَ: هذر مذر، فالهذر: الْكثير الْكَلَام، والمذر: الْفَاسِد، مَأْخُوذ من قَوْلهم: مذرت الْبَيْضَة تمذر مذراً، إِذا فَسدتْ، ومذرت معدته أَيْضا". (الأتباع/77). وتستخدم العبارة كوصف يُطلق على البشر عندما يهربون من معركة أو يباد معظمهم.
القيل والقال
غالبا ما تعني بالنميمة، والقيل والقال، قد تدل على الثرثرة، والتدخل في شؤون الآخرين، قال الشاعر:
أبكى إلى الشوق أن كانت منازلكم بجانب الغرب خوف القيل والقال
بالخد خال حين أذكره خوف الرقيب، وما بالخد من خال (المنازل والديار/6).
واوردها الزمخشري:
أصبوا إلى الشرق إن كانت منازلها ... في جنب الغرب خوف القيل والقال
أقول في الخد خالٌ حين أذكرها ... خوف الوشاة وما في الخد من خال
(المرقصات المطربات/86).
ضربه راشدي أو محمودي
الراشدي يعني صفع الوجه باليد، والأصل كما قيل" الراشدي هو عند أهل العراق لحن أو مقام عالي النغمة واكثر ما يعرف في بغداد. ودونه علواً (المحمودي). فإذا قيل: (ضربه راشدي، فكأنه قيل: لطمه لطمةً يسمع صوتها كما يسمع الراشدي أو المحمودي أي من بعيد أي لطمة قوية وقد يبدلون كلمة (ضرب) بألفاظ أخرى مرجعها كلها إلى هذا المعنى كقولهم: شرفه أو جرخه براشدي أو داره براشدي أي أدار صفحة وجهه بصفعته لقوتها، إلى آخر ما هناك. فلما وقف الأديب المسلم على ذلك قال: لقد توافينا في التأويل. وما علينا إلا أن نعرض ألفاظنا على أصحاب الحكم والتعليل، ليبدوا رأيهم ويظهروا ما فيها من دبير وقبيل.قلنا: فأن كان لأحد القراء غير هذا الرأي فليبده والله الموفق لسواء السبيل".( ي. ن. س2/463).
مرحبا. وصبحك الله بالخير
تطلق هذه العبارة للترحيب بالمقابل، والقول صبحك الله بالخير تستخدم كتحية للصباح، والأصل كما ورد، انه قال رجل للأصمعي: مرحبا وأهلا وسهلا، فقال: أرحب الله بلدك وأهلّ رحلك وسهل أمرك". (محاضرات الأدباء1/480)
كانت العرب تتحيا في الجاهلية بقولهم:
صبّحك الله بخير فاخر ... ولحم طير وشراب خازر
قبل طلوع الشمس للمسافر (محاضرات الأدباء1/482)
وصبّحك الافلاح بكل خير ونجاح، صبحك الخير وجنّبك الضير. (محاضرات الأدباء1/482) وقال ابن قتيبة الدينوري" قولهم مرحباً " أي: أتيت رُحْباً، أي: سَعَة، وأهلاً أي: أتيت أهلاً لا غُرَباء فأنَسْ ولا تستوحِشْ، وسهلاً أي: أتيت سهلاً لا حَزْناً، وهو في مذهب الدعاء، كما تقول: لقيتَ خيراً". (أدب الكاتب/50)
نحبل انجيب
وتقال (شعنده غيرك نحبل انجيب) دلالة الى الإعتزاز بالمقابل، بإعباره محط الإهتمام والإعتبار، قال الفضل بن سعد ابن محمد الأشقانيّ:
إن الوزارة كانت في الألى سلفوا ... أمّا تعيش وتبقى جمّة الولد
لكن بمثلك في بدو وفي حضر ... مذ سارت الدهر لم تحبل ولم تلد
(دمية القصر2/11670)
موخوش سالفة
ونقال عند إستنكار قول أو فعل ما يثير الإستياء عند البعض، والسوالف: كناية عن خصل من الشعر ترسل على الخد واحدها سالف أو سالفة، وسميت خصلة الشعر سالفة لأنها تتصل بصفحة العنق. قال ابو فراس:
سكرتُ من لحظه لا من مدامته ومال بالنوم عن عيني تمايله
وما السلاف دهتني بل سوالفه وما الشمول ذهتني بل شمائله
(زهر الآداب/738). والسالفة باللهجة العراقية، تعني الحكاية او القصة او الخبر.
والله وكسه كبيرة
تقال عند التعرض الى خسارة او حزن كبير او فقدان شيء ما. تعني النقص" لا تمهلها ان تنال منها الغرض الذي تكسر به عين خصمك وتوكس بحرمته". ( التيفاشي/70). وربما جاءت منها في اللهجة البغدادية ( الوكسه) يراد بها العيب او الفعل الشائن.وأحيانا للتعبير عن خسارة شخص مثلا بموته أو فقدان شيء ما.
داريته مثل الماي باالصينية
أي خاتلته وخدعته. وأصل ذلك من قولهم: دريت الصيد أدريه إذا ختلته حتى تصيده، وقال الشاعرالمداراة تعني الإهتمام، وغالبا ما تسمع هذه الكلمة غالبا في المطاعن، عندما يقول الشيف للطبخ مثلا (نفر قوزي وداريه) أي صحن رز مع قطعة من لحم الضأن وإهتم بها، وتقال ايضا للزبائن المهمين. ويقال:
فإنْ كنتُ لا أدري الظِّباءَ فإنَّني ... أدرسُّ لها تحتَ التُّرابِ الدَّواهيا (أحسن ما سمعت/310)
وفي اللهجة البغدادية تعني الإهتمام المفرط ، وقد ورد في الأغنية ( داريت هواي مثل المي بالصينية)، اي الماء في الصحن، كي لا يتبدد.
فلان ركيك
الركيك يعني الضعيف، او أي ضعيف العقل: والركة: الضعف. والرك: الماء الضعيف الجرية. قال الخطيم بن نويرة المحرزي يصف غديراً شبه مشى المرأة به:
تهادى كعومِ الركّ كعكعهُ الحيا ... بأبطحَ سهلٍ حين تمشى تأوَّدُ (أحسن ما سمعت/297).
يقال مثلا: حجيه او كلامه ركيك.
انسان جلف
الجلف هو الإنسان الخشن، وصعب المراس، والذي لا يتقبل الناس سلوكه وغطرسته وتعاليه عليهم.
قال ابن قتيبة الدينوري" يقولون هو جِلْفٌ " أي جافٍ، وأصله من أجْلافِ الشاء، وهو المسلوخة بلا رأس ولا قوائم ولا بطن". (أدب الكاتب/58)
خاس به/ خييس بيه
وهي تستخدم للدلالة على إنتصار شخص على آخر، وتلقينه درسا بليغا، وقيل معناه: غدر به. قال ابن ميادة:
فيا ربِّ إنْ خاستْ بما كان بيننا ... من العهدِ فابعثْ لي بما فعلتْ نصرا (أحسن ما سمعت/299). نقول خَيس به. اي اشبعه ضربا وهزمه شر هزيمة.
ذيبٌ أمعط
تستخدم للدلالة على القوة والشجاعة، وذلك أن الأمعط هو الذي يكون في الشجر يستنر فلا يشعر به حتى يثب على الإنسان، فيتمعط شعره، أي يتنتف من أغصان الشجرة. ىوقال الخليل: ذئب أمعط، لأن شعره يتمرط فيتأذى بالبعوض والذباب، فيخرج على أذى شديد وجوع، فلا يكاد يسلم منه ما اعترض له. (أحسن ما سمعت/282).
نغصت عليهم
وتعني أفشلت مسعاهم، وجعلتهم يمتعضوا ويغادروا المكان، قال الأصمعي: التنغيص: قطع الشيء قبل الفراغ منه. فيقال: لكل من منع إنساناً أو غيره أن يفرغ مما هو عليه: قد نغص عليه. قال ذو الرمة:
غداةَ امترتْ ماءَ العيونِ ونغَّصتْ ... لباناً من الحاج الحدورُ الروافعُ
(أحسن ما سمعت/294). يقال: نغص عليٌ عيشتي، أي أمتعضت منه كثيرا.
نِكَس المريض
بمعنى ان صحته تدهورت او تتجه نحو الأسوأ، إذا عاودته العلة. ويقال: نكست الخضاب وغيره إذا أعدت عليه مرة بعد مرة. وقال عبد الله بن سليم الحوالي من الأزد:
لمنِ الديارُ بتولعٍ فيبوسِ ... كالوشمِ رجِّع في اليدِ المكنوسِ
(أحسن ما سمعت/295). نقول بالللهجة العراقية: انتكست صحته، أي تدهورت.
خَبزَه خوش خبزه
بمعنى ضربه ضربا مبرحا، وغلبه بسهوله، ولقنه درسا لن ينساه. قال ابن القطاع " خبز وخَبزَ" الشىءَ خَبْزاً ضَرَبه باليدِ ضَرْباً شديداً والإبلَ ساقها سَوقاً شديداً والخُبزَ عَمِله والقومَ أطعمهم الخُبزَ". (كتاب الأفعال1/297).
إلك الحلاوة
تستخدم عندما يبشر الإنسان غيره بخبر سعيد يفرحه ولا يعلم به، فيقول له (لك الحلاة) اي سأكرمك بمال او هدية ما. قَالَ ابن منظور" حُلْوانُ المرأَة: مَهْرُها، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَتْ تُعْطى عَلَى مُتْعَتِها بِمَكَّةَ. والحُلْوانُ أَيضاً: أُجْرة الكاهِن. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنْ حُلْوانِ الكاهِنِ ؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلْوانُ مَا يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ لَهُ عَلَى كهَانَتهِ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلَوْتُه أَحْلوه حُلواناً إِذَا حَبَوْته. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُلْوان أُجْرة الدَّلَّالِ خَاصَّةً. والحُلْوانُ: مَا أَعْطَيْتَ مِنْ رَشْوة وَنَحْوِهَا. ولأَحلُوَنَّك حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والحُلْوانُ: مَصْدَرٌ كالغُفْران، وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وأَصله مِنَ الحَلا. والحُلْوانُ: الرَّشْوة. يُقَالُ: حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ؛ وأَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ:
فَمَنْ راكبٌ أَحْلُوه رَحْلَا وَنَاقَةً يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إِذْ ماتَ قائِلُه". (لسان العرب14/194).
گُرة عينك، قرة عينك
أي أكرمك الله بما حصلت عليه من ولادة او وظيفة او عمل، والأصل قال ابو العلاء الربعي" أقر الله عينك: أي برٌدها بدمع السرور، لأنه إذا بكي المرء سرورا كان دمعه باردا، وإذا بكى أسفا كان دمعه حارا. قال الشاعر:
أعوذ بربٌ الناس من كل نِعمة تقرُ بها عيناي فيها أناهما (كتاب الفصوص2/141).
مسرح شعره ومطلع كذلته
يقال لمن صفف شعرهن، وابرز مقدمه شعره الى خارج جبهته. قال ابن منظور" المُنْسَرِحُ: ضربٌ مِنَ الشِّعْر لِخِفَّتِهِ، وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الْعُرُوضِ تَفْعِيلُهُ: مُسْتَفْعِلُنْ مَفْعُولَاتْ مُسْتَفْعِلُنْ سِتَّ مَرَّات، والمِسْرَحةُ: مَا يُسَرَّحُ بِهِ الشعَر والكَتَّان وَنَحْوُهُمَا". (لسان العرب2/480)
لغف الاول والتالي
بمعنى هيمن وإستحوذ على كل شيء، ولم يبق لغيره شيئا مما أستولى عليه. قال ابن القطاع" ألغَف على الرجل أكثر عليه من الكلام القَبيح، ولَغفْتُ الإناءَ لَغْفاً ولَغِفته لَغَفاً لَعِقته". (كتاب الأفعال3/140).
سخَّم الله وجهَهُ
قال ابن قتيبة الدينوري" سخَّم الله وجهَهُ " أي: سوَّده، من السُّخام، وهو سواد القِدْر". (أدب الكاتب/49). وقال الصولي" سخم الله وجهه سوده من السخام وهو سواد القدر". (أدب الكتاب2/185). وتستخدم هذه العبارة للدلالة على من يتدخل بأمر بصورة سلبية، وهو لا يدرك ما يقول فيزيد الأمر تعقيدا، ويضر بدلا من ان ينفع، قال الفراهيدي" سَخَّمْتُ وَجْهَهُ: سَوَّدْتُهُ". (العين4/205). ويعني سخام ما تبقى من مسحوق الفحم في اليد عند إستعماله، وغالبا ما تجد وجوه وأيادي باعة الفحم في العراق مسخمه.
أم الرأس وأم العين/ على الأس والعين
وتقال على الرأس والعين، دلالة على التكريم والإشادة بالمقابل، أكثر بعض الكتاب في هذه الأيام من القول: رآه أو شاهده بأم رأسه ورآه أو شاهده بأم عينه وكل ذلك من قبيح الاستعمال ومن وضع الشيء في غر موضعه. لأن (أم الرأس) عند الفصحاء هي الدماغ أو الجلدة الرقيقة التي عليها. فيقال: ضربه على أم رأسه أو وقع على أم رأسه؛ لكن لا يقال: رآه أو شاهده بأم رأسه لأن الروية لا تنسب إلا إلى العين. ونسبتها إلى الدماغ لا يخلو من تكلف بعيد. وأما قولهم رآه بأم عينه أو شاهده بأم عينه فمن قبيح التصرف في الألفاظ. وإذا تمحلنا لها وجهاً قلنا: إن ألام في اللغة هي كل شيء انضمت إليه أشياء فتكون (أم العين) بمعنى المقلة أي شحمة العين التي تجمع البياض والسواد والتي يقال لها عندهم أيضاً (مخ العين). لكن أم العين لم تأت في كتبهم بمعنى المقلة أو الهانة أو الهناتة التي هي شحمة العين" (مجلة لغة العرب3/202). نتذكر أغنية المطرب الشهير فريد الأطرش رحمه الله: أمر على الرأس وعلعين.
معنى حيدرية (حشيشة)/ دكة حيدرية
كلمة حيدرية تعني الشدة، ويستخدم العراقيون هذا القول " دكة حيدرية"، وجاء في الأغنية العراقية (دكة المحبوب دكة حيدرية"، اي ما قام به المحبوب شديد، والأصل كما ذكره نجم الدين الغزي" من قبائح العجم: أكل الحشيش المسكر. قال الزركشي في (زهر العريش): قيل: إن أول ظهورها كان على يد حيدر الأعجمي في سنة خمسين وخمسمئة تقريبًا، ولهذا سميِّت حيدرية، وكان سببه أنه خرج هائماً بنفر من أصحابه، فمرَّ على هذه الحشيشة، فرأى أغصانها تتحرك من غير هواء، فقال في نفسه: هذا لسر فيها، فاقتطف فأكل منها، فطرب، فلما رجع أعلمهم أنه رأى فيها سراً، وأمرهم بأكلها. وقيل: ظهرت على يد أحد المسارجي القلندري، ولهذا سميت: قلندرية". (حسن التنبيه8/408). وقال الشيخ شمس الدين العلقمي في (حاشية الجامع الصغير) للسيوطي: حكي أنَّ رجلًا من العجم قدم القاهرة، وطلب دليلًا على تحريم الحشيشة، وعقد له مجلس حضره علماء العصر، فاستدل الحافظ زين الدين العراقي بحديث الإمام أحمد، وأبي داود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: نهى رسول الله (ص) عن كل مسكر ومُفتِّر". (مسند أحمد6/309). (سنن أبي داود/3686).
إختلط الحابل بالنابل
يضرب عند اختلاط الأمور وتشابك الأحداث، بحيث صار من الصعب تمييزها او تفريقها، وقيل الاختلاط معروف؛ والحابل الذي يصيد بالحبل؛ والنابل الذي يصيد بالنبل فيضرب ذلك في اختلاط الرأي ويقال الحابل هنا هو السدى والنابل الطعمة وهذا كما مر في قولهم: حول حابله على نابله. (زهر الأكم في الأمثال والحكم2/195)
حذو النعل بالنعل.
يقال عندما تتشابه الأشياء، او الأقوال والأفعال، تقول: حذوت النعل أحذوها حذوا إذا قطعتها وقدرتها وحذوت النعل بالنعل إذا قدرتها وقطعتها عليها. والنعل معروفة. والمثل يضرب في التساوي والتشابه. تقول في الشيئين يستويان: هما حذو النعل وذلك لأن كلا من النعلين تقدر بالأخرى وتقاس بقالبها. ومن ذلك قول الهذلي:
وتأملت السبت الذي أحذوله ... فأنظر بمثل حذائه أخذولي
ويقال أيضاً: احتذيت حذو فلان أي فعلت فعله. وركاب (زهر الأكم في الأمثال2/106)
اراويك نجوم الظهر
يستخدم أهل العراق هذه العبارة للتهديد والوعيد، فيهدد المقابل باهذا القول، والأصل كما قال الثعالبي" لأرينك الكواكب ظهراً". (التمثيل والمحاضرة/233).
قال الشاعر:
أيا أقبح في المن … ظر من دبٍّ على غول
ويا أسمج من طل … عة شيطانٍ على فيل (التمثيل والمحاضرة/333).
أبو وجهين
يقال للمنافق الذي يظهر سلوكا عكس ما يبطنه، وقال ابن هرمة في المنصور:
له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل
فأمّ الذي آمنت امنة الرّدى ... وأمّ الذي أوعدت بالثّكل ثاكل
كريم له وجهان وجه لدى الرّضا ... أسيل، ووجه في الكريهة باسل.( عيون الأخبار3/410)
انهجم بيتك
دلاله على الخراب، وتكذيب قول المقابل، والعبارة مأخوذة من قول علقمة بن عبدة:
صعل كأن جناحيه وجؤجؤه ... بيت أطافت به خرقاء مهجوم
قال المبرد" المهجوم: المهدوم. وفي الخبر أنه لما قتل بسطام بن قيس لم يبق بيت في بكر بن وائل إلا هجم، أي هدم". (الكامل3/27). وعندما يكذب أحدهم، يقال له المقابل: إنهجم بيتك على هذا الكذب.
عتاده خلب
يشار فيها الى الرجل العقيم، او الذي كلامه فارغ ولا معنى له، ذكر نشوان الحميري" الخُلُب: الليف ، وفي الحديث " قعد النبي (ص) على كرسي خُلُبٍ ، قوائمه من حديد".. والخُلُب : الطين الرطب، الواحدة منها : خُلُبة بالهاء ". (شمس العلوم3//644). (النهاية لابن الأثير2/58).
فد واحد شيطان او مشيطن!
غالبا ما تستخدم مع الأطفال للدلالة على شقاوتهم أو قوة ذكائهم، فيتصرفون بسلوك أكبر من عمرهم. قال الجاحظ" كذلك أيضا ربّما قالوا: ما فلان إلا شيطان، على معنى الشّهامة والنّفاذ وأشباه ذلك". (كتاب الحيوان6/426)
بنات الليل
للدلالة على الفتيات اللولتي يمارسن البغاء، فيقفن بالشوارع لإصطياد الزبائن، قال رضي الدين" قال عمرو بن أحمر الباهلي يخاطب الحارِثِيَّة:
لو كُنتِ بالطَّبَسَيْنِ أو بِأُ لالَةٍ ... أو بَرْ بَعِيْصَ مَعَ الجَنَانِ الأسْوَدِ
عَلقَتْ بناتُ اللَّيلِ حيثُ عَهِدْتَني ... حتى تُوافيَني إذا قُلتُ اهْجُدِ". (العباب الزاخر1/133).
هرقل الجبار
من المؤسف انه في الخمسينات والستينات من القرن الماضي انتشرت افلام هرقل والتي ملثها بعض أبطال كمال الأجسام مثل (ستيف ريفز)، ويقال للرجل البطل والشجاع (هرقل الجبار) تشبها بهرقل مع انه هرب من المسلمين في معركة، ذكر نشوان الحميري " هِرَقْل، بالقاف: اسم ملك من ملوك الروم". (شمس العلوم10/483). وقال الثعالبي" يقصد بالمثل (جنَّة الدُّنْيَا)" كَانَ يُقَال للشام جنَّة الدُّنْيَا وَلما افرج هِرقل عَن بِلَاد الشَّام للْمُسلمين وَخرج مِنْهَا هَارِبا إِلَى الرّوم بَكَى حَتَّى أخضلت لحيته وغشى عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا سوريا يَا جنَّة الدُّنْيَا سَلام غير ملاق". (ثمار القلوب/694).
حار مريس/ حار سميط
السميط مازال يتواجد في الأسواق العراقية، حيث يبيعه الباعة الجوالين، وهي فطيرة من الطحين على شكل حلقة مجوفة من الداخل، وتُغطى بالسمسم، لكن الكثير من العراقيين الشباب لا يعرف ما هو المريس، المريس عبارة عن قرض اشبة بالخبر ولكنه أصغر وأكثر سمكا منه، وفي وسطه يوجد كرفس وجبن أبيض، ويشوى بتنور الفخار. وكان الباعة يحملونه في سلال مسطحة، ويروجون للمريس بالقول (حار مريس، طيب مريس). واظن التسمية ترجع الى مرز، ذكر نشوان الحميري" مَرزَ، العجينَ : إِذا قطعه أقراصاً، يقال امْرُزْ لي من العجين مِرْزةً : أي اقطع لي منه قطعة ". (شمس العلوم9/573).
وجه أصفر مثل النومي
دلالة على المرض والشحوب، الأترج: وهو ما يسمى الآن (البرتقال) وكانوا العرب يصفون مصفري الوجوه بالأترج ومنهم محمد بن عبد الله الهاشمي الملقب بأترجة (تأريخ الطبري3/2182). (لطائف المعارف للثعالبي/31).
لا تنعفص علينا/ لا تتعنفص علينا
أي لا تتجاسر علينا، او تتفاخر علينا، او تسيء لنا، قال ابن دريد " والعِنْفِص: الْمَرْأَة الضئيلة الْجِسْم الْكَثِيرَة الْحَرَكَة فِي الْمَجِيء والذهاب. قَالَ الْأَعْشَى:
لَيست بسوداءَ وَلَا عِنْفِصٍ ... سريعةِ الوَثب الى الداعرِ)". (جمهرة اللغة2/1158).
لسانه زفر
تقال لصاحب الكلمات النابية التي يرددها دائما، ويحاول الناس إتقاء شره ولسنه بالإبتعاد عنه وعدم التعامل معه. والزفر الحمل، ويضرب مثلاً للرجل، فيقال، إنه لزفر. أي حمال للأثقال، ويقال: أتى حمله فأزدفره، قال أبو قحامة أعشى بأهلة:
أخو رغائب يعطيها ويسألها ... يأبى الظلامة منه النوافل الزفر (الكامل1/51).
معنى الحنفية
قال البونسي" الحنيف المسلمُ الذي يستَقبل قِبْلَة البيت الحرام على مِلَّة إبراهيم وكان حنيفاً مُسلماً، والحنيفُ أيضاً كل من أَسْلَمَ في أمر الله فلم يَلْتَوِ في شيء. والجميع الحُنَفاءُ. وقال بعض أهل العلم؛ قيل له حَنيفٌ لأنه تَحَنَّفَ عن الأديان كُلِّها؛ أي مال إلى الحَقِّ. وفي الحديث: "أَحَبُّ الأديان إلى الله الحَنيفِيَّة السَّمحة وهي مِلَّة النبي صلى الله عليه وسلم لاَ حَرَجَ فيها ولا ضيق". وقال عمربن الخطاب رضي الله عنه:
حَمِدْتُ اللَّه حين هَدى فُؤادي إلى الإِسْلاَم والدِّين الحَنيفِ.
وقال غيره:
أَبَعْدَ حلم المسلم الحنيفِ راقتكَ ذات العقدِ والشنوفِ
قال أبو حاتم: قلت للأصمعي من أَيْنَ عرف في الجاهلية الحَنِيف؟ فقال: لأنّه مَنْ عَدَلَ عن دين
اليهود والنَّصارى فهو حَنيفٌ عندهم. وكان كُلُّ من حجَّ البيتَ سُمِّي حَنيفاً. وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا الحجَّ قالوا: هَلْمُّوا نَتَحَنَّف. وقال أبو بكر بن دريد: الحنيف العادل عن دين إلى دين، وبه سميت الحنيفية لأنها مالت عن اليهودية والنصرانية. وقال صاحب العين: الحَنَفُ مَيَلٌ في صدر القدَم فالرَّجل أَحْنف، والرِّجْل حَنْفاء. وسُمِّي الأحنف لحنفٍ كان به. وقالت حاضنته وهي تُرقصه:
والله لولا حَنَفٌ بِرِجله ما كان في صِبْيانِكم كَمِثْلِهِ
وأصل الحَنف الميَلُ، وقيل: الاستقامة. فسمي المستقيم حنيفاً على التفاؤل، كما سُّمِّي اللَّديغُ سليماً
تفاؤلاً بالسلامة. وكما قيل للمَهْلَكَة مفازة تفاؤلاً بالفوز والنجاة. هذا كله يحكى عن الرياشي وابن قتيبة وغيرهما. وقال الزجاج: أصله المَيَل، فالمعنى أنه حَنَفَ إلى دين الله وهو الإسلام، فلا شك أن معناه قد صار الاستقامة على دين إبراهيم، كيف تصرفت الحال في أصله. ولو استدل مُسْتَدِلٌّ على أن أصله الاستقامة لِشَرَف الحنيفية، فاشتق لها مما يليق بمعناه، كان وجهاً. قال هذا أبو الحسن الرماني". (كنز الكتاب/134).
ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
تموز 2022
544 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع