عربي الخميسي
شيئ كنت قد دونته في حينه عن احداث ثوره ١٤ / تموز ١٩٥٨
قبل ان ابدأ بالكتابه أؤكد للتاريخ ان ما كتبه بعض الاساتذة الافاضل عن هذا الموضوع بالذات بمناسبة 14 / تموز هذه السنة وكل سنة قبلها ، ولا تزال الكتابات متواليه حتى هذه الساعه وهم كثر ، ومع احترامي للجميع فقد جاء في بعضها كثير من خلط الوقائع وتوجيه الاتهامات الى فرد معين او جهة معينه ، جراء تناقل المعلومات التي قد تكون في معظمها غير دقيقة في وصفها
وتاريخها وشخوصها وكل كتب من زاويته الخاصه وحسب رؤيته لها واليكم القصة بالكامل كما عشتها :
في الصباح الباكر من يوم الاثنين الموافق 14 تموز سنة 1958 اوقضت من النوم من قبل زوجتي لتخبرني بما سمعت من دار الاذاعة العراقية وان ثورة
ضد الحكم قد وقعت ، وكان لي علم بها دون معرفة موعدها المحدد بالضبط ،
حيث كنت وزملائي خريجي كلية الاركان نتمتع باجازة التخرج آنذاك ، ومع ذلك
عرفت ان الثورة المرتقبة ها هي قد حدثت !! وحالا ارتديت ملابسي العسكرية
وذهبت على الفور الى وزارة الدفاع الكائنة آنذاك في شارع الرشيد من جهة
باب المعظم ، وكانت الجماهير قد سبقتني وهي محتشدة ولا زالت حتى تلك
اللحظه تحتشد يمينا ويسارا وقد احتلت شارع الرشيد ، وكل المنافذ والازقه
المؤديه لوزارة الدفاع وفي كل الاتجاهات ، وبطريقي من الاعظميه حيث اسكن
الى وزارة الدفاع شاهدت قوات مدرعة اعرف بعض ضباطها منهم المقدم سعدي ... وقد اتخذت موضعا لها في ساحة عنتر - الاعظمية .
كان باب وزارة الدفاع مفتوحا على مصراعيه ، دخلت الوزارة ورأيت احد ضباط الان لوزارة الدفاع ، وبعد مدة قليلة رأيت العقيد عبد الكريم الجدة امر
الانضباط العسكري وهو منهمك باصدار الاوامر لضباط ومراتب الانضباط
العسكري ، ولما لم يصدر بعد امر تعيني وضباط دورتي الثالثة والعشرين
المتخرجين من كلية الاركان قبل خمسة ايام فقط من الثورة اي في 9 / 7 /
1958 ، فقد اشار علي العقيد كريم الجده ان التحق بامرة العقيد عبد اللطيف
الدراجي الذي عين توا امرا للواء المشاة العشرين الى حين صدور الامر
بتوزيعنا وزملائي الخريجين على وحدات الجيش العراقي .
لقد اتاحت لي هذه الحالة فرصة التنقل بحرية تامة ، وخلال هذا الوقت كانت
نداءآت عبد السلام عارف وقراءته للبيان الاول للثورة تتكرر باستمرار ،
وهو ينادي جماهير الشعب الى التوجه الى قصر الرحاب لدعم الثوار والثوره ،
ويحرض على اقتحامه فتوجهت مشيا على الاقدام نحو قصر الرحاب ووصلته حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا ، ولم اجد هناك سوى بعض الجنود اثنين او ثلاثه وهم منهمكين بحزم عفشهم وجمع حاجاتهم الشخصيه لمغادرة المكان ،
وكانت رائحة الدخان لا تزال تنبعث من بوابة القصر ، وهو خال من الاثاث
والمحتويات ورأيت هنا وهناك بعضها اما مهشما ا و مبعثرا ومكسورا ، وان
عمود شرفة الباب الايمن (الدنكه ) والحائط الامامي لمبنى القصر كانتا قد
ضربتا بصاروخين كما هو ظاهر للعيان بشكل واضح تماما للفرد الواقف امام
الباب .
وقد روى لي احد جنود الحرس القله من الباقين ، تفاصيل ما حدثت من امور
قبل ساعة من الزمن ردا على تساؤلاتي منهم حول ما جرى فسمعت لأول مرة قصة قتل افراد العائلة المالكة سأتي عليها لاحقا .
وبعدها عدت راجعا وفي طريقي عرجت الى موقع السفارة البريطانية الواقعة في جانب الكرخ على ضفة نهر دجلة اليمنى بين محلتي الكريمات والشواكة ، فرأيت الجماهير المحتشدة امام السفارة وهناك تبادل لأطلاق نار خفيف من والى داخل السفاره ، وتمثال الجنرال الانكليزي ( مود ) رمز الاستعمار قد أَسقط من مكانه ، وهناك بعض الاشخاص كانوا يقومون بنهب السفارة البريطانية من جهة شاطى نهر دجلة من محلة الكريمات حيث انحسار مياه دجلة ، وبعضهم كان يحاول تهشيم التمثال ، وفي طريقي لعبور جسر الشهداء رأيت جثمان الوصي عبدالاله معلقا على العمود الكهربائي الملتصق بفندق الرحاب في شارع المأمون قرب ساحة الشهداء في الكرخ ، وشخص ما مدنيا بملابسه العربية وعلى الاكثر كان قصابا كما يظهر من هيئته حاملا قامة ( اشبه بالسيف ) يقوم بالعبث بها وتقطيعها ، والجماهير محتشده على شدتها ، ومن ثم بعدها توجهت راجعا الى وزارة الدفاع حيث التحقت انا والرئيس الركن صبحي محمود الطعان بمقر اللواء العشرين ، وكان آمره العقيد عبد اللطيف الدراجي والذي اتخذ من بناية الثكنة الشمالية ( الكرنتينة ) للجيش الواقعة في باب المعظم مقابل وزارة الاوقاف والشؤون الدينية حاليا مقرا له ، وهناك التقيت ببعض ضباط
ركنه اتذكر منهم الرئيس الاول الركن حاتم عطية وهو زميلي بالدراسه ،
وخلال وجودي لم الاحظ اية فعاليات او نشاط لضباط هذا المقر بما فيهم آمره
، وكان الجو تسوده الكآبه وقدر من الحيطة والحذر وربما الخوف بما تضمره
الساعات القادمه من اخطار ، وتبادلت الحديث مع بعضهم وسمعت منهم بعض
المعلومات عما يجري آنذاك وكذلك الحديث عن قصة قتل العائلة المالكة وكانت
مطابقة تماما لما اخبرني به الجنود امام القصر كما جاء اعلاه والتي
سارويها لاحقا .
خلال الثلاثة ايام من وجودي في او حوالي وزارة الدفاع شاهدت وسمعت الكثير
من الامور والاحداث التي كانت تاتي متسارعة منها اعتقال وزراء العهد
الملكي وشخصيات الحكم فيه وكيف كانوا يعاملون بكل احترام وتقدير ويرسلون
الى الموقف العام الواقع خلف المستشفى الملكي سابقا ( مكان وزارة الصحة
الان ) وكان آمر الموقف الرئيس الاول انور الحيثي الذي عين توا وقد زرت
هذا الموقف شخصيا في اليوم الثالث للثوره ورايت حسن معاملتهم من قبل
مسوؤلي الموقف كذلك رأيت جثث تسحل بالشوارع لبعض الذين قتلوا خلالها منهم صباح نوري السعيد والبقيه الباقيه من جثة الوصي عبد الاله واثنان قيل لنا هما من الوزراء الاردنيين كانا نزيليٌ فندق سمير آميس في العراق لتلك الليله
وقيل ايضا انهما ممثلا الحكومة الاردنية لحضور اجتماع وفود الأتحاد
الهاشمي بين العراق والاردن وكذلك جثة نوري السعيد في اليوم التالي
وغيرها من وقائع واني اعلم جيدا ان هذه الافعال لم تكن من مهمات الثورة
ولا من قراراتها بتاتا كما ان سحل بعض الجثث في الشوارع لا يمكن ان تنسب
لآية جهة اطلاقا بل هي ردة فعل الجماهير الغاضبة وممارساتها غير الموجهة
وغير المنضبطة حيث لم تكن صورة الثوره واضحة المعالم حتى تلك اللحظة
لسائر الناس بشكل جلي خاصة وان معظم الجماهير كانت من العامة البسطاء .
ولم يكن هناك اي نشاطات اوممارسات تنسب لجهات حزبية او تنظيميه حتى تلك الساعه . كما لم اسمع بها سابقا او لاحقا كتوجيه مبيت من قبل قادة الثوره
ما عدا تصريح واحد سمعته باذني وقد صدر عن عبد السلام عارف في زيارته
للبصره بعد الثوره بثلاثة اشهر كما اتذكر اذ قال امام آمر الموقع وبعض
الضباط وانا منهم – اننا انتهينا من الحبال وسنرسلها الى الاردن -- وقد
فوجئنا بهذا القول غير الموزون يصدر من رجل دوله مسؤول في حينه وامام حشد من الجنود .
كيف حدث قتل نزلاء قصر الرحاب كان احتلال قصر الرحاب كما تقتضي الخطه ، تقوم به احدى سرايا المشاة التي كان آمرها الرئيس منذر سليم من خريجي الدوره الرابعة والعشرون للكلية العسكرية ، وكان معه اثنان من آمري الفصائل الضباط برتبة ملازم وملازم اول لنفس السريه ، كما كانت السرية ناقصة الملاك والتجهيز والتسليح ويقدر تعدادها بحوالي ثمانون فرد .
وفي ليلة التنفيذ 13 /14 تموز 1958 اتجهت السريه المذكوره قادمة من معسكرالمنصورية ضمن باقي القوات نحو صوب الكرخ باتجاه قصر الرحاب منقولة بعدد من السيارات العسكريه سالكة الطريق العام بغداد الحله ، الذي كان
آنذاك عباره عن سدة قليلة الارتفاع تمتد طولا من محلة علاوي الحله حتى
نهاية الحارثيه ، تفصل القصر عن معسكر الوشاش ( منتزه الزوراء حاليا )
ومارة بثكنات وحدات لواء الحرس الملكي عند جسرالحارثية ( نهر الخر ) وعلى الجانب الايسر للطريق . وعند وصول السريه مقابل قصر الرحاب - الذي هو حاليا ساحات معرض بغداد الدولي _ ترجل منها منتسبو السرية وانتشرت السريه على شكل نسق منفتحه موازية للطريق ، وتقدمت نزولا الى صوب القصر بامر آمرالسريه المذكور وكانت الساعه تشير الى السادسه او قبلها بقليل ، حيث لا يزال الظلام بدرجه خفيفه اوعند الضياء الاول من النهار .
ومعلوم ان قصر الرحاب عبارة عن بناء من الطابوق ذو طابقين مربع الشكل
تقريبا ، وان طول ضلعه حوالي الاربعين مترا له باب اماميه تؤدي الى
الداخل وعلى ذات الباب شرفة مستندة على عمودين (دنكه ) واحد على كل جانب من الباب ، ومثلها في الطابق العلوي الثاني كما يحيط بالقصر سياج خارجي بارتفاع حوالي المترين ، مبني من الطابوق ايضا على شكل مربع يبعد السياج الخارجي حوالي الخمسين مترا عن القصر ، وله اربعة ربايا للحراسة موزعة على زواياه الاربعه ، وله باب عريضة امامية للدخول وعلى جانبي الباب غرفتين صغيرتين لسكنى الحرس ، كما كانت هناك حديقة كبيرة امام القصر مزروعه شجيرات صغيره ذات ارتفاع واطئ هي على الاغلب من شجر الآس ، وعلى شكل سواقي صغيره متوازيه وأرضها مغطاة بالعشب الاخضر (الثيل ) ، يخرق الحديقة من باب السياج الخارجي شارع مبلط مؤدي الى باب القصر الداخليه يسمح لدخول العربات وينتهي بساحه مبلطه صغيره امام القصر مباشرة وهو يقسم الحديقه الاماميه الى قسمين متساوين .
في تلك الليله وكالعاده هناك قوة عسكريه من المشاة قائمة بواجب الحراسه ،
تحت امرة ضابط الخفر الملازم الاول مؤنس ثابت ( وهو بالوقت نفسه احد
مرافقي الملك فيصل الثاني ) اضافة الى ذلك كان يتواجد بالقصر ضابط اخر
يقوم بواجب رئيس الخفر وهو الرئيس عبد الرحمن صالح زميلي من الدوره
الخامسة والعشرين للكليه العسكريه ، وفي تلك الليله بالذات كان هناك مقدم
خفر متواجد بمقر لواء الحرس الملكي في الحارثيه التي لا تبعد اكثر من
خمسمائة متر من القصر وهو معاون آمر فوج الحرس الملكي المقدم طه البامرني .
حال اقتراب افراد السريه من الباب الخارجي للسياج احس بهم رجال الحرس
فقام بمناداتهم- قف – فرد امر السريه على الصوت سلموا انفسكم لقد قامت
الثوره ..وبعد تكرار السؤال والكلام بين الطرفين لفتره قصيره ، اطلق
الرصاص باتجاه السريه فردت السريه بالمثل باطلاق الرصاص ولكن بكثافه ، ثم اغلق الباب الخارجي ، وعلى اثرها انسحب افراد الحرس الى الداخل ، فقامت
السريه بالتقدم نحو الباب الخارجي وتمكن افرادها من التسلل داخل القصر
متخذين وضع الانبطاح مستفيدين من سواقي الحديقه وشجيراتها ، منتشرين على شكل نسق بمواجهة مبني القصر ، وفي اثناء ذلك بدأ اطلاق الرصاص بشدة على جنود السريه من بوابة القصر الداخليه ، ومن شرفة القصر وكانت السريه بدورها تطلق النار باتجاه مصدر الاطلاق ، واستمرت الحاله لفتره قصيره من تبادل اطلاق النار بين الطرفين ، ولما كانت السريه مزودة بعدد قليل من العتاد بحدود عشرين طلقه لكل بندقيه لذا اصبح موقف السريه حرج وخطر ان استمرت حالة الرمي لوقت اخر اطول ، مما دعا آمر السريه ان يفكر جديا
بضرورة الحصول على العتاد وباسرع وقت ممكن .
وفي تلك اللحظات الحرجه وبالصدفه ، وصلت مدرعه تقل الملازم الاول عبد
الرزاق غصيبه ومعه الملازم الاول جبار خضير بغية استطلاع الموقف بعد ان
انهيا واجبهما من فرض السيطره على معسكر الوشاش القريب والمقابل لقصر
الرحاب ، وبعد الاستفسار عن الوضع من امر السريه طلب الاخير منهما جلب
العتاد لأفراد سريته الذي اوشك على النفاذ وبالسرعه الممكنه ، وبناء على
ذلك ذهبت المدرعه ومن فيها الى مقر مدرسة المشاة في معسكر الوشاش والتي تبعد عن القصر فقط ثلاثمائة متر ، وهناك وجدا فيها كل من الملازم الاول
عبد الله الحديثي والملازم الاول عبد الستار العبوسي وهما من معلمي دورات
تدريب الضابط على مدفع عشرين ملم ضد الدبابات ، وكذلك كان الملازم مصطفى عبد الله احد الضباط التلاميذ فيها فقام هؤلاء الضباط بفتح باب المشجب
واخذوا منه العتاد المطلوب ، وركب الثلاثة سيارة من نوع جيب تحمل مدفع
بازوكه من عيار 105 مم ضد الدبابات ومعه عتاده وهي عدد من الصواريخ ،وتحركت السياره صوب القصر حيث وصلت خلال وقت قصير جدا فوزعت الاعتده على الجنود وانضم هؤلاء الضباط الى امر السريه ، وهنا اشتد تبادل اطلاق النار بين القصر وافراد السريه ، وبالنظر لعدم استجابة من في القصر للاستسلام كما كان يعبر عن حال لسانهم ضابط الخفر الملازم الاول مؤنس ثابت حتى تلك اللحظه ، فقد بادر الملازم الاول ستار العبوسي باستخدام المدفع لضرب
القصر بصاروخ واحد اي طلقه واحده اصابت الدنكه لشرفة باب القصر ، ولما لم تستجب القوه المدافعه عن القصر للأستسلام ايضا فقد كرر الضربه فاصابت هذه المره الجدار الامامي للقصر ، مما احدثت الضربه هزه عنيفه وصوت عالي وعلى اثرها وافق نزلاء القصر بالاستسلام دون قيد اوشرط ، وكان اول من خرج من الباب ضابط الخفر ( المرافق ) الملازم الاول مؤنس ثابت رافعا بيده اليسرى منديلا ابيضا ، وخلفه مباشرة كان الملك والوصي ومن ثم باقي افراد العائله المالكه وبعض افراد الحاشيه ، وعندها وقف امر السريه وباقي الضباط وجميع منتسبي السريه حاملين اسلحتهم وهم بوضع التهيئ مستقبلين المستسلمين لأستلامهم ، وحين اقترب الملازم الاول مؤنس ثابت من الواقفين بانتظاره وهو على بعد عشرة امتار تقريبا فاجئ الواقفين بسحب مسدسه الشخصي الاوتوماتيكي المثبت بحزامه واطلق منه صلية واحدة من عدة اطلاقات ، تزامنت تماما مع فتح نار شديده وبكثافه من رماة كانوا بالطابق الاول من
القصر ، وكانت بالتحديد الشرفة الاماميه هي مصدر تلك النار ، وبردة فعل
غير اراديه فتح جميع الضباط بما فيهم الملازم الاول ستارالعبوسي وباقي
المراتب النار على الملازم الاول مؤنس ثابت فاردوه قتيلا في الحال هو ومن
كان خلفه من الافراد من العائله المالكه دون تمييز ، وكانت حصيلة الرمي
من الطرفين سقوط احد مراتب السرية قتيلا وجرح الملازم الاول مصطفى عبد
الله واخرين ، ومن الجانب الثاني سقوط الجميع رجالا ونساء قتلى ما عدا
زوجة الوصي وشخص اخر . ومن ثم جرى نقل القتلى لمستشفىالرشيد العسكري بسيارة عسكريه الا ان الجماهير اوفقتها وسحبت منها جثة الوصي عبد الاله فقط وتصرفت بها كما سابين ذلك .
لقد تاكد لي على وجه اليقين في تلك الساعه وذلك اليوم ان سبب الحدث
يتحمله الملازم الاول المرحوم مؤنس ثابت بالذات ، والذي تبين ان موضوع
فتح النار كان امر مدبر من قبله ، وهوالذي وضع خطة الرمي على السريه من
شرفة القصر باشارة منه ، وان قيامه بفتح النار كانت بمثابة ايعاز بالرمي
، مما سبب كارثة لم تكن بالحسبان مطلقا ، وان الملازم الاول عبد الستار
العبوسي لم يكن سوى واحد من اؤلئك الرماة كما اسلفت وكان مسلحا بغدارة من نوع ( بجت ) مثل باقي الضباط الاخرين .
من الامور المهمه التي الفت نظر القراء الكرام اليها هي ، موقف كل من
رئيس الخفر عبد الرحمن صالح ومقدم الخفر المقدم طه البامرني وهما في موضع المسؤوليه والواجب لتلك الليله ، فالاول اتصل بالثاني تلفونيا منذ بدء
الهجوم على القصر واعطاه تقريرا شفويا عن الموقف وآخر تطورات الاحداث
اكثر من مرة ، وطلب منه التدخل بناء على طلب الوصي نفسه ، إلا ان المقدم
طه البامرني لم يلبِ الطلب ولم يحرك قطعات الحرس الملكي التي كان
بامكانها اجهاض الثورة والقضاء على السريه المهاجمه وابادتها كليا ، وقد
تبين فيما بعد ان الموما اليه كان متعاطفا مع حركة الضباط الاحرار
ومناصرا لهم ولولا موقفه هذا ما كان لثورة تموز ان تنجح او قد تتعقد
الامور على اقل تقدير من جراء تدخل الحرس الملكي المتفوق عددا وتسليحا !!
وختاما اشهد وبحيادية تامه ، ان معلوماتي هذه عن وقائع واحداث قصرالرحاب
يوم 14 /تموز التي قتل فيها الملك فيصل الثاني وخاله الوصي عبد الاله
وباقي افراد العائله المالكه ، جاءت من مصدرين الاول مشاهداتي الشخصيه
لبعض جوانبها يوم وقوعها مباشرة كما اسلفت ، والمصدر الثاني تفاصيل
أحداثها مستقاة من لقائي الشخصي مع بعض الضباط الذين اشتركوا بها
اواشرفوا عليها ، ومن الضباط الذين لهم صلة قربى اوزماله مع اؤلئك الضباط
المنفذين المباشرين لها في ايامها الثلاث الاولى من وقوعها ، وجلهم من
معارفي واقراني في الكلية العسكريه وفي كلية الاركان . اتمنى ان اكون قد
تمكنت من اعطاء الموضوع ابعاده الحقيقه ، طالما هو مكان نقاش وسجال منذ خمسين عاما خلت !!
903 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع