عائشة سلطان
العالم.. إلى أين؟
لا جدال في أن ظروف الحياة أصبحت أكثر تعقيداً مما كانت قبل سنوات عدة، وبلا شك فإن السياسة والاقتصاد والأزمات التي تعصف بالعالم، وتولد كل يوم أوضاعاً لا قبل للبشر باحتمال تبعاتها، ما يجعلهم يميلون للتذمر والشكوى والسخط والعنف ويقعون ضحايا للأمراض النفسية الشائعة في زماننا هذا كالاكتئاب واليأس والوحدة والانسحاب، ما يعني المزيد من العقاقير المهدئة وغير ذلك، هذا لا يبرر الانحراف، لكن من يتابع أحوال الناس حول العالم يعلم مقدار المعاناة والضغوط وصعوبة تدبير أمور المعيشة بشكل لا يحتاج لكثير من الجدل.
وعلى الجانب الآخر، الجانب الذي يمسك بزمامه سياسيون كبار ودول عظمى ورجال يملكون قرار الحرب والسلم الدوليين، وبذلك يقبضون على مصائر ملايين من البشر على هذا الكوكب، كما يتحكمون بمصير المناخ والبيئة والثروات الطبيعية، فالذي يمكنه بعثرة آلاف الأنواع من أسلحة الدمار والقنابل في الأرض لن يقتل البشر فقط، إنه يدمر المناخ والبيئة ويغلق الباب أمام مستقبل أكثر أماناً وسلاماً!
الحرب لم تبدأ بعد.. هكذا صرح الرئيس الروسي، لكن الحروب انطلقت منذ زمن بعيد وبأشكال عدة، وإلا فلماذا تعاني الاقتصادات؟ ولماذا تضج ملايين الألسن بالشكوى من غلاء الأسعار واضطرابات الأسواق وخسائر الشركات وفقدان آلاف الموظفين وظائفهم، وبالتالي انعكاس كل هذا على السلم والاستقرار المجتمعي، وارتباك السياحة وحركة المطارات.. الخ، ما سبب ما يحدث في لبنان وفي سريلانكا وفي اليونان و…، إن العالم جسد واحد، إذا انطلقت رصاصة في سيبيريا سيسمع صداها على ضفاف المتوسط! إن الرصاصة لن تقتل رجلاً لكنها ستقتل اثنين وستجرف معهما الكثير!
نعلم أن العالم لن يعود كسابق عهده، وحتى فيما مضى لم يسلم هذا العالم من الحروب والعداوات والأزمات والأوبئة، إلا أن الإنسان كان بإمكانه أن يحافظ على مستوى معين من الانهيارات، بدل جعلها تتفاقم بفعل الجشع والأنانية والولع بالسيطرة وجنون العظمة، إن تغيرات الطقس التي يعانيها العالم لا تحدث من فراغ، ليست قدراً، إنها «بما كسبت أيدي الناس..»!
476 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع