الاحتيال على أهل العراق وسلب أموالهم

                                                   

                         د.مؤيد عبد الستار

  

الاحتيال على أهل العراق وسلب أموالهم

العراق الحالي بحدوده الجغرافية جزء من الشرق الاوسط ، وهو تاريخيا جزء من بلاد الرافدين التي تمتد من البحر المتوسط غربا حتى افغانستان شرقا ، ومن جبال طوروس شمالا حتى الخليج جنوبا ، على اعتبار ان الرافدين هما دجلة والفرات وانهما ينبعان من جبال طوروس ومن بحيرة وان وبلاد الارمن ارمينيا وبلاد الترك تركستان ومن جبال كردستان ويجريان في بلاد الاناضول والجزيرة ثم يدخلان العراق ويصبان في الخليج.

العراق بلد غني منذ فجر التاريخ وهو مهد الحضارات المختلفة ، والسومرية أم الحضارات ، كما اشتهرت في بلاد الرافدين الحضارة العيلامية و البابلية والاشورية . وحضارة السند وحضارة اوغاريت ...الخ.
وبسبب شهرة بلاد الرافدين بالزراعة ووفرة الانتاج الغذائي وتدجين الحيوانات وتربيتها مثل الاغنام والابقار والخيول ، أصبح العراق محجا للاقوام المختلفة . قدموا اليه من أقاصي الارض ومن أطراف الدنيا ، وظلت الموجات البشرية تترى على بلاد ما بين النهرين ، من جبال هندوكوش في افغانستان ومن بلاد المغول والقبق – القوقاز – شرقا ومن اليمن والجزيرة العربية غربا وجنوبا ، واستمرت الموجات البشرية تهجم على العراق أحيانا بهجرات سلمية وأخرى بهجرات عسكرية مسلحة فكانت سببا لحروب طاحنة قصمت ظهر المواطنين الاصليين في العراق فانهارت مدنهم وقُـتل ملوكهم ونُـهبت أموالهم ودُمرت بساتينهم ومزارعهم .
آخر الموجات البشرية الكبرى كانت موجة المغول التي دمرت بغداد وأسقطت الخلافة العباسية ، وقبلها كانت الفتوحات الاسلامية التي استولت من خلالها الاقوام والقبائل العربية القادمة من الجزيرة العربية ، على ثروات أبناء بلاد الرافدين وكان الخراج - اي جباية الضرائب - أكبر مصدر لثراء قادة الفتوحات.
اطلعت على بعض الاخبار التي تناقلتها أمهات الكتب التي تذكر بعض تلك الاحداث أحيانا من باب كتابة التاريخ وأخرى من باب الادب ، فوجدت في كتاب ابي حيان التوحيدي الامتاع والمؤانسة مايلي :
حيلة ابو جعفر المنصور
اخذ ابو جعفر المنصور من وجوه العراق أموالا بخواتيم اصحابها وأفقرهم ، وجعلها في خزائنه بعد أن كتب على تلك الخرائط والظروف أسماء أهلها ، ثم أوصى المهدي بردها على أصحابها بعد موته ، ووكد ذلك عليه .
وقال له : يابني ، انما اريد بهذا أن أحببك الى الناس ، ففعل المهدي ذلك ، فانتشر له الصيت وكثر الدعاء وعجت الاصوات، وقال الناس هذا هو المهدي الذي ورد في الاثر ...1))
يدل هذا الخبر على سعة حيلة الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور واعتماده على الحيلة في تحبيب ابنه المهدي الى قلوب الناس.وهذا مشابه لما كان يقوم به نظام الطاغية صدام ، كان يمنع أو يقطع العلاوات والترفيعات من رواتب الموظفين ثم يطلقها أو يعيد بعضها و يدعي انه يمنح مكرمة الى المواطنين ، او يمنع استيراد البيض و الدجاج ثم يمنح المواطنين دجاجة او طبقة بيض بمناسبة شهر رمضان الكريم ويعد ذلك مكرمة من الرئيس .

قدر من ذهب

قال سلمة بن المُحبق : شهدت فتح الابلة ، فوقع في سهمي قدر نحاس ، فنظرت فاذا هي ذهب فيها ثمانون الف مثقال ، فكتبت في ذلك الى عمر ، فاجاب بان يحلف سلمة بانه اخذها يوم أخذها وهي عنده ، فان حلف سلمت اليه ، والا قسمت بين المسلمين ، قال : فحلفت فسلمت الي ، فاصول اموالنا اليوم منها . 2))
يدل هذا الخبر على مقدار الغنى الذي كان عليه أهل العراق فلديهم قدور وآنية من ذهب ، وكانت هذه الاواني والقدور معروفة للمنقبين عن الاثار وتم العثور على تحف ذهبية من هذا النوع في مناطق مثل سوسة عاصمة الحضارة العيلامية وبابل واشور ومناطق مختلفة من بلاد الرافدين ، ومازالت بعض الاواني الذهبية معروضة في أشهر المتاحف العالمية مثل العربة الميدية الذهبية ، والقيثارة الذهبية والقدر الذهبي - نرفق صورته مع المقال - يعود للعصر الاخميني حوالي 500 ق م ، محفوظ في متحف المتروبوليتان في نيويورك .
.................................................

1 الامتاع والمؤانسة ، ابو حيان التوحيدي ، ص 182 ، ط 1بيروت
2 المصدر السابق ، ص 203
* سلمة بن المحبق : هو الحكم بن سنان بن المحبق الهذلي المحبقي.
** الابلة : عين بالبصرة أحد جنان الدنيا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

441 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع