ابحث عن الطعام الأسلم لا الأدسم ولا الأتخم !!

احمد الحاج

ابحث عن الطعام الأسلم لا الأدسم ولا الأتخم !!

وجبة غداء متأخرة جدا - في تمام الساعة الرابعة عصرا - وبسيطة جدا جدا عبارة عن -اربع كبابات عروك صغيرة - مع الشاي الاسود ، في منزل صديق كادح يقع في أطراف العاصمة بغداد ، كانت كفيلة بتسكين ألم القولون الذي كنت أعاني منه ولساعات طويلة قبلها ..ولولا إصرار الرجل على تقديم الغذاء البسيط لنا كرما وضيافة وحفاوة استقبال ،لما تناولناه لأننا قد أتيناه في أمر آخر تماما ولم يكن الطعام مدرجا على جدول الزيارة اطلاقا ...
لقد كان ذلكم الطعام هو الأكرم والأسلم والاطعم بحق ... بخلاف عسر الهضم والذي عادة ما يجتاحني عقب ولائم أدسم لطالما سألت نفسي بعدها " هل يليق بشخص يكتب عن معاناة الفقراء والمساكين والمحرومين والعاطلين أن يتناول بشراهة طبقا أو عدة أطباق مما لذ وطاب من الطعام في وليمة يتراوح سعر الطبق الصغير الواحد منها بين - 25 ..الى 35 الف دينار -على أقل تقدير ،لأعود بعدها وأكتب عن "فضل وأجر وثواب اطعام الجياع والمحرومين ولو بشق تمرة حسبة لله تعالى " أي نفاق هذا ، وأي هراء ذاك ؟
الحقيقة لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد ، و بالتناقض الكبير ، بل والنفاق الصارخ ، من هذا الصنيع الآثم حتى أصبحت مشتتا بين خيارين لاثالث لهما ،أما الكف عن تلبية الدعوات وحضور العزائم والولائم التي أصبحت عرفا وجرت عليها العادة في جميع المناسبات المفرحة منها والمحزنة ، في كل ارجاء العراق من شماله وحتى جنوبه ، وأغلبها في المطاعم والمضايف والفنادق والمؤسسات بعد أن ضاقت البيوت بأصحابها ولم تعد تتسع للضيوف ، حيث صار البيت العراقي وبعد أن كانت مساحته - أيام الخير - لا تقل عن 1000 متر خلال حقبتي الخمسينات والستينات ، تتقلص الى 600 متر في حقبة السبعينات ، ومن ثم 300 متر في حقبة التسعينات، حتى وصلت الى 150 مترا فـ 50 مترا في حقبة الالفينات ، وربما تعادل عش الطيور ،و قن الدجاج مستقبلا، وأما الكف عن الكتابة في معاناة الجياع والعاطلين والمحرومين والمعوزين كليا ...وقد وقع اختياري على الأول ولاشك فهو الأريح للضمير ، والأفضل للمعدة ، والأسلم للذوق ، والأقرب للشرع ، والأجدى للفقراء ، والأضمن للقلم ، والأكرم للشخص ، والأنفع للمبدأ !
لا طعام في مأدبة ولا وليمة ولا عزيمة بعد اليوم أبدا ..بما فيها موائد الافطار الرمضانية الجماعية الكبرى ...موائد إفطار صغرى نعم ..موائد إفطار كبرى لا ، فهل يعقل أن نضرب بعرض الحائط واحدة من اهداف الصيام الجليلة والكثيرة ، والمتمثلة بالجوع والعطش لنصف يوم كامل ، ولمدة شهر كامل ،بغية التعاطف مع الفقراء والجياع والمعوزين ، لنفطر عند الغروب على وجبة دسمة - بلوشي - ليس بوسع الفقير تناولها بل ولاحتى الحلم بها طوال عام كامل ؟!
وبئست الولائم بما فيها موائد الافطار التي يدعى اليها الأغنياء والمترفون والمتهمون وأصحاب الكروش والقروش ،التقدمية منها والرجعية ، ويطرد عنها الجياع والأيتام والمحرومون والعاطلون والكادحون !
ولله در القائل في ذم الشراهة وعشاقها :

لا خيرَ في طمعٍ يهدي إلى طبع ...وغفَّةٌ مِن قوامِ العيشِ تكفيني

اودعناكم اغاتي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع