نزار جاف
کلام في الحب
قالت أخاف من المجهول، أتوجس ريبة من لحظات قادمة تحمل في آجمها باقات من زهور لم يتسنى لي قطفها من حدائق سنيني التي ذبلت وانا أبحث عن حب، عن قدر في صورة رجل يعشق کل ذرة من وجودي ويجعلني ثملى بخمر لايرتشفه غيري.
کانت ترتعش کورقة خضراء يانعة في خريف تسحب من خلفها حدائق ومروج ربيع مازال يرفض الاستسلام لنهاية زمن الورد، وهي تدرك جليا أنها مازالت کزهرة فواحة تعبق بأريج عطرها الفواح في ارجاء هذا الزمن الغريب.
قالت؛ ترى من يکون هذا الذي يطرق أبواب قلبي المکلوم بسيف إنتظار السنين؟ من هذا الذي يترنح أمام مروجي و يحدق کالمجنون في دنيا عيوني ويکاد يخطف سنا بريقهما من وجدي المتوله بإحساس غريب طفق يجتاح کياني؟ سألته لکنها وجدت تسأل نفسها، أرادت أن تکلمه فإذا بها تکلم ذاتها ونادت: من أنت بحق السماء؟
أنا الزمن الضائع والمسروق من عمرين، أنا النبض المکبوت والممنوع عن قلبين. وهتفت بوجد؛ لکن أي زمن سيعود بعد أن خطفته أيادي الاقدار، أي نبض بمقدور أن يواجه سياج وأشواك الممنوع وان يعيد للمکبوت حق شهيقه؟
هو الحب يا سيدتي! الحب الذي سرقه زمن آثم من دنيانا من دون أن نجني شيئا سوى اننا کنا صادقين وشفافين في عواطفنا واحاسيسنا، الحب الذي کنا بحاجة اليه لکي يهز روحينا من الجذور ويعيد الينا رشفات من عبق السنوات الضائعة فننهل من فيض السعادة معنى للوجود.
الحب الذي لم يستأذن أحدا على وجه الاطلاق کي يطرق بابه ولا جاء بعد إشعار بالمجئ، انه کالقدر الذي ان دنت ساعته فرض سطوته على الانسان ولذلك فليس لنا من الامر شئ أبدا سوى الانصياع والرضوخ لحکم لامناص من أن يمضي کحد السيف على رقاب زمنينا الموبوئين بالجفاء والخريف.
انه الحب لمناهل غادرتها مياه الامطار منذ زمن بعيد وها قد شرعت الغيوم الحبلى بأمطار غزيرة تذيقها طعم الفيضانات اللذيذة ومعنى الغرق من دون موت والموت من دون توقف. وهتفت مرة أخرى جذلى؛ لکن الزمن و حقيقته أکبر من کلينا فصاح بها صوت قادم من أعماقها أو ليس نبيك القائل(الدين هو الحب والحب هو الدين) وترنحت وهي تتذکر أيضا قول نبي الرحمة(متعوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا کلت ملت)، ولاح بريق بسمة مشرقة من ليل عيونها ولم تجد نفسها وروحها إلا أن تهتف بجنون: حبيبي حبيبي أنت الزمن الذي أنتظرتك فيه زمنا کان إنتظاره مرا کالسم الزعاف لکن ماأطيب ذلك السم الذي من وراء إجتراعه يفضي الى لقائك!
ونست الزمن، والقت الامور على عواهنها وهي تذوب في لحظات وجد غريبة لم يسبق لها وان ذاقت طعما يشابهها إطلاقا وتيقنت من أنها قد ألقت کل ماضيها خلفها وانها باتت ملك زمن جديد، ربيع جديد، قدر جديد، وأدرکت لابل تيقنت من أنها قد باتت مختلفة ومتألقة في کل شئ لکنها رغم ذلك لم تکف عن التساؤل: ماهذا الشئ الغريب ياربي!!
انه سر الوجود والحياة إنه الفرق والفيصل الحقيقي بين الحياة والموت، إنه مجرد کلمة من حرفين لکنها أکبر من کل معاني الحياة برمتها وهذه الکلمة لوحدها فقط قادرة على أن تعيد الربيع لأکثر من مرة في السنة وتجعله فصلا للحياة کلها!
4747 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع