بقلم أحمد فخري
تحقيق موضوعي وراء ملابسات مسلسل (دفعة لندن)
برمضان 2023 عرضت قناة MBC الفضائية مسلسل كويتي بعنوان (دفعة لندن). هذا المسلسل من تأليف هبة مشاري حمادة واخراج محمد بكير وايمان شعبان. وردت بذلك العمل الدرامي الكثير من الاشارات للانتقاص من شأن المرأة العراقية ونخوة وشهامة رجاله. وقتها تحرك الكثير من المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي لانتقاد المسلسل والدفاع عن العراق واهله بشكل ملحوظ. وبناءاً على ذلك طلب مني الكثير من القراء والاصدقاء وافراد اسرتي الرد على تطاولات المادة على كرامة العراق والعراقيين. كان خيارهم لي انا بالتحديد للاسباب الخمسة التالية:
اولاً كنت طالباً في بريطانيا من عام 1970 وحتى غادرتها بعد اكمال دراستي عام 1980. وهذا يضعني في فترة احداث مسلسل (دفعة لندن) وبنفس الوقت استطيع التقييم اللغوي على سياق المحادثات التي جرت بين الممثلين الذين اخذوا ادواراً مختلفة كبريطانيين وهنود وايرانيين وعرب...الخ
ثانياً شغلت منصب نائب رئيس تحرير مجلتنا الغراء الگاردينيا منذ اكثر من 10 سنوات وذلك منحني الفرصة لمتابعة الكثير من الاعمال الادبية والدرامية التي قدمها ثلة من الكتاب والادباء والشعراء العراقيين والعرب.
ثالثاً انا نفسي كاتب قصصي قدمت للمجلة 80 قصة قصيرة. الغالبية العظمى منها كان مضمونها يتمحور حول نفس الاسلوب الادبي الذي كتب فيه مسلسل دفعة لندن. بالاضافة الى كل ما تقدم، لدي ثلاثة مؤلفات الفتها باللغة الانكليزية بعنوان Fatal Epispdes و Asylum و Pilgrims of freedom نشرت عام 2004، 2008، 2014على التوالي بموقع امازون.
رابعاً كان لدي الكثير من العلاقات الودية والصداقات الحميمة مع الكثير من الطلاب العرب وغير العرب اثناء تواجدي بلندن بنفس الفترة الزمنية. وخصوصاً بعض الطلاب الكويتيين العزيزين على قلبي ممن اوفدوا للدراسة هناك من قبل عوائلهم او قامت دولتهم بارسالهم ببعثات على نفقتها. كذلك كونت علاقات ودية مع الكثير من العراقيين والعرب من غير الطلاب ممن جاؤوا الى لندن لكسب رزقهم بالعمل هناك باعمال متدنية الاجر. اغلبهم كانوا يعملون كنوادل في المطاعم والمقاهي والفنادق بلندن. لذلك فإن مقولة عدم وجود (خادمات عراقيات) بتلك الحقبة هو امر غير دقيق وعارِ تماماً من الصحة. ولكن وبكل صراحة ففكرة الخادمة المنزلية كانت شبه معدومة ببريطانيا والخادمات المنزليات الوحيدات اللواتي لاحظناهن مع العاوائل الخليجية كانوا من بلدان اسيوية جاؤوا مع اربابهم في العطلة الصيفية ورجعوا معهم بعد انتهاء الاجازة.
الطلاب العراقيين كانوا ينقسمون الى قسمين رئيسيين وهما: 1) طلاب البعثات الحكومية و 2) طلاب النفقة الخاصة. والذين جائوا الى بريطانيا لغرض العمل فقد كانوا يرومون الاستفادة من قانون صدر في العراق في زمن الرئيس المرحوم احمد حسن البكر وهو الاعفاء الجمركي على سياراتهم لمن يسكن في الغرب لفترة تزيد عن 3 سنوات خارج الوطن.
خامساً عملت وسكنت بالامارات العربية لمدة عشر سنوات من عام 1980 وحتى 1990 وهذا مكنني من الاحتكاك بشكل مباشر مع الشخصية الخليجية حين كونت صداقات هناك.
كان ردي كل مرة على تلك الطلبات بان الحكم على عمل درامي لا يصلح من خلال مشاهدة حلقة واحدة او بضع حلقات فقط. لان ذلك يعتبر اجحافاً بحق المادة المرغوب تقييمها. ووعدت الجميع ان اقوم بمتابعتها بنفسي كاملةً وبجميع حلقاتها الـ 27 بهدوء تام وبتجرد من كوني عراقي والا فإن ذلك سيجعلني اخسر مصداقيتي في التحقيق بهذا العمل الا بمتابعته بجميع الحلقات من الالف الى الياء. وها قد ودعنا شهر رمضان المبارك وانتهى بث المسلسل لاوكل لنفسي مهمة متابعة العمل الدرامي بتمعن كبير واعداً نفسي ان اكون بمنتهى العدالة والاستقامة في حكمي. لان الحاكم او القاضي الذي ينحاز الى جهة دون اخرى ينعت بالحاكم الجائر.
مضمون المسلسل باختصار
المسلسل يحكي عن مجموعة من الطلاب والطالبات من دولة الكويت العزيزة ممن جاؤوا ليدرسوا الطب بالكلية الطبية ببريطانيا. وخلال تواجدهم هناك وقعت لهم الكثير من الاحداث جسدها المسلسل تارةً بشكل جدي وتارة بنمط كوميدي لتلطيف الاجواء الا ان الاسلوب هو دراما جدية بحتة بكل المعايير.
فتحت الحلقة الاولى لاشاهد المقدمة الجرافيكية التي تحتوي على اسماء الممثلين والقائمين على انتاج العمل مثل المصورين والمخرجين والديكور وما الى ذلك.
ولكن ما اثار انتباهي في هذه المرحلة الابتدائية هو ان من صمم تلك المقدمة كان جاهلاً ببعض الامور فقد اورد صور متعددة لمعالم لندن الشهيرة مثل تمثال السير البرت في الهايدبارك وتمثال الاسد في ساحة الطرف الاغر وعجلة عين لندن The London Eye. الذي اطلق عليها ايضاً اسم (العجلة الالفية) والتي تمكن السواح من مشاهدة جميع معالم لندن من ارتفاعات شاهقة تصل الى 135 متراً. هنا استوقفني ذلك الامر واتسائلت. "حسب اعتقادي ان هذا المعلم تم بنائه وافتتاحه بتاريخ 31 ديسمبر / كانون الاول من عام 1999. ولكن بما ان احداث المسلسل وقعت بالسبعينات والثمانينات فان هذه العجلة لم تكن قد انشئت بعد. كمن يضع مقدمة لفلم (الرسالة) واحدى المقاطع تجد فيها ابو لهب بزيه العربي واقفاً امام سيارة دفع رباعي. وهذا ما نسميه بالاخطاء التزامنية. يبدو ان مصمم هذا التصميم كان يراهن على سذاجة المشاهد العربي لانه يتلقى دائماً ما يعرض عليه دون ان يتسائل او يعترض.
عين لندن
وما ان اختفت هذه الصورة حتى ظهرت امامي لوحة تحتوي على اسم المسلسل مصممة بهذا الشكل
طبعاً الذي ترجم عبارة دفعة لندن الى LONDON CLASS هو شخص لا يمت للانكليزية بشيء لأن ذلك خطأ لغوي فادح. فـ LONDON CLASS تعني صف لندن ولا تعني دفعة لندن. ولكي تترجم العبارة بشكل صحيح يجب ان تكون THE CLASS OF LONDON وهذا يرمز الى الطلاب الذين درسوا بتلك الحقبة الزمنية او المكان الجغرافي. لذلك يقوم الانكليز والامريكان باحياء ذكرى مجموعة من الطلاب لسنة معينة ويسمونها مثلاً THE CLASS OF 64 دلالة على طلاب تخرجوا سنة 1964 اي دفعة 64. او THE CLASS OF 81 اي طلاب تخرجوا سنة 1981 اي دفعة 81 وهكذا.
بدأت التحقيق في مضمون المسلسل لمحاولة التعرف على المستوى الدراسي للطلبة الكويتيين من سياق القصة. وبعبارة اخرى اردت ان اعرف هل هم طلاب جامعة الطب ((بكلوريوس)) ام انهم طلاب الدراسات العليا (ماجستير او دكتوراه) في الاختصاصات المختلفة كالجراحة او المسالك البولية او القلب او الانف والاذن والحنجرة او العظام وما شابه لكن سياق القصة يشير الى انهم كانوا طلاب كلية الطب (بكلوريوس) وليس طلاب تخصص بدليل انهم كانوا يتدربون على خياطة الفواكة (القطب). فانت لا تستطيع ان تعلم شخصاً تخرج من كلية الطب ومارس الطب لعدة سنوات كيف يخيط الجروح. وبناءاً على ذلك فانهم بالتأكيد في مرحلة دراسة الطب بمستوى البكالوريوس. وهنا يكمن اكبر خطأ ارتكبته السيدة هبه مشاري حمادة مؤلفة القصة ولم يفكر بها المخرجين محمد بكير وايمان شعبان. كيف يا مثقفين ويا متعلمين تغلطون هذه الغلطة الشنيعة؟ دعوني اشرح لكم اين تكمن العلة الكارثية:
في تلك الحقبة من الزمن كان هناك في بريطانيا 96 جامعة من اقصى شمالها الى اقصى جنوبها. واليوم وصل هذا العدد الى اكثر من 160 جامعة. هذه الجامعات تقدم الدراسات الجامعية بمختلف المواد من هندسة وطب وقانون وفنون ولغات وتراث واقتصاد...الخ ولكن الطب هي المادة الوحيدة واكرر الوحيدة التي لا يسمح فيها مزاولة الدراسة للاجانب، لذلك فهي حكر على البريطانيين فقط لا للطلاب الاجانب. والسبب في ذلك هو التكلفة الباهضة التي تصرفها الدولة على طلابها بكلية الطب. لذلك فهم يمارسون قانون غير مدون وغير معلن عنه بالخط العريض الا وهو رفض الطلاب الاجانب بدراسة الطب. سيقفز احدكم ويقاطعني ليقول ولكن الكثير من طلاب العالم يذهبون الى بريطانيا لدراسة الطب فكيف تقول ذلك؟ والسر هنا يكمن في كلمة واحدة هي (التخصصات). التخصصات يا قرائي الاعزاء التخصصات يا هبة مشاري التخصصات يا محمد بكير مسموح بها للاجانب ولكن (ليس) بمرحلة البكلوريوس.
بشكل عام. فالطالب الاجنبي الذي يأتي من بلاده ليكمل دراسته ببريطانيا للحصول على البكلوريوس يكون قد حاز على شهادة الاعدادية في بلده الام. وفور وصوله بريطانيا يبدأ بدراسة مرحلة التحضيري للجامعة والتي تسمى GCE ALEVEL كي يتأهل للجامعة. وليس هناك استثناء ابدأ. طلابنا العراقيون عندما ينتهون من مرحلة السادس الاعدادي بالعراق وينتقلون الى بريطانيا لاكمال دراستهم: يبدأون بدراسة GCE ALEVEL لمدة سنتين إذا كانت لغتهم الانكليزية جيدة والا، فانهم يقضون سنة اضافية لتعلم اللغة الانكليزية قبل التأهيل كي يدخلوا المرحلة الجامعية. اذكر في عام 1975 كان لدينا صديق حميم وهو طالب ارمني عراقي يدعى (ڤاهي) يدرس التحضيري GCE ALEVEL. فجميع الجامعات تدون في كتيباتها الرئيسية الشروط الاساسية لدخول الطالب اليها وتتمثل تلك الشروط بالحصول على درجات مثل A اوB او C. فمثلاً لدروس مادة الفيزياء اوالكيمياء او ماشابه. لذا فالدخول للهندسة الميكانيكية على سبيل المثال تطلب الجامعات مادة الرياضيات بشقيها الرياضيات التطبيقية الرياضيات البحتة والفيزياء. اما الطب فكانوا يطلبون كحد ادنى ثلاثة مواضيع وهي على التوالي الكيمياء والاحياء والانكليزية بدرجات لا تقل عن A+ و A+ و A+ على التوالي وللعلم فقط فإن A+ يعادل 95 بالمئة وهي درجة عالية جداً. اما زميلنا الارمني فقد حصل على A++ و A++ و A++ و A++ اي اعلى من 95 بالمئة بجميع الدروس وليس بثلاثة. وهي اكثر بكثير مما كانت تطلبه كليات الطب وقتها بكامل بريطانيا. ومع كل ذلك اكرر ومع كل ذلك فقد كان يأتيه الرفض تلو الآخر عندما كان يقدم على الجامعات لدراسة الطب لمرحلة البكلوريوس. وبعد مرور شهرين من عناء التقديم والترقب والانتظار ومحاولة الاقناع بشتى الطرق، وافقت احدى الجامعات فقط على طلبه وهي جامعة برستول فمنحته الفرصة بسبب تفوقه الكبير وعلاماته الفلكية الهائلة. فكيف يأتي 8 او 9 طلاب من الكويت يجلسون في جامعات لندن العريقة ويمارسون شتى التفاهات (والمقالب) فيما بينهم؟ يبدو ان السيدة هبة مشاري كتبت قصتها مستندة على زياراتها الى لندن دون التحقق من كل هذه المعلومات. او ربما تأثرت بمسرحية مدرسة المشاغبين.
دعنا نواصل التحقيق في المسلسل: الذي يتابع هذا المسلسل يشعر ان الطلاب الكويتيين كانوا الوحيدين بالجامعة الذين لم يختلطوا بطلاب آخرين (سوى مشهد واحد باحدى مراحيض الجامعة) فكيف حصل ذلك؟ هل قامت الكويت بخلق جامعة خاصة لهم كي يتعلم طلبتها فيها؟
اذكر ان في تلك الحقبة من الزمان كنا نحن الطلاب العرب في احتكاك دائم بيننا وبين الطلاب الانكليز واليونانيين والهنود والاتراك والفرنسيين...الخ لذا كنا نتعلم منهم بعض كلمات التحية الصباحية لليونانيين مثل كاليميرا وكالسبيرا وياسو واندكسي ونتعلم من الفرنسيين بون جور وبونسوار وميرد وسالو وميرسي ومن الباكستانيين تيكاي وشكريا وكيساهي ساب وبلكل تيكاي ومن الايرانيين سلام اغا وخدا هافز وخفيشو (وكلمة خفيشو) هي الكلمة التي استعملتها الام الايرانية صاحبة المتجر فقالتها لابنتها بمعنى توقفي عن الكلام او اخرسي. السيدة هبة مشاري لم تنقل لنا هذه اللقائات المهمة مع الاجانب بتاتاً إذ كانت فقط تركز كثيراً لتنقل لنا طريقة اذلال العائلة العراقية والتي على رأسها الاخت الكبيرة. فهل هناك غاية في صدر هبة يا ترى؟ انا اتسائل!
اما اسلوب التعامل فيما بين الكويتين فكانت تثير الاشمئزاز لانهم يتلفظون الكلام النابي ويتكلمون بتحقير وبتعالي حتى فيما بينهم فمثلاً يستعملون عبارات (زقنبوت وزكاك يشك بطنج) وينعت الواحد الآخر بكلمة (يا حمار). و(مالت عليج) و(مالت عليك) وهذا ما لاحظته في جميع الاعمال الكويتية منذ السبعينات والثمانينات عندما كنت اشاهد مسلسلات كوميدية مثل (درب الزلق) و (الى ابي وامي مع التحية) و (خالتي قماشة) و (رقية وسبيجة) و (عتاوية الفريج) و (ابلة منيرة) و (عائلة فوق تنور ساخن) ومسرحيات مثل (باي باي لندن) وغيرها. فـ (باي باي لندن) بالتحديد كانت تحمل مصداقية عالية لان الممثلين كانوا لا يتضاهرون بمعرفة اللغة الانكليزية بينما كان بعض ممثلين وممثلات دفعة لندن يتكلمون الانكليزية ولكن بشكل مخزي ومثير للشفقة. واللافت للنظر ان المنتجين الكويتيين لا يكترثون لمستوى الاداء ولا للقصة عند انتاج العمل. وذلك لانهم اعتادوا لاعمالهم ان تلاقي ترحيباً كبيراً في البلدان العربية. الا انهم مخطؤون هذه المرة ولم يعد هذا هو ميزان نجاح الاعمال التلفزيونية. فبوجود خدمات مثل Netflix, HBO, Viaplay وغيرها. اصبح للمشاهد خيار اكبر في انتقاء الاعمال التي يستمتع بمتابعتها والاعمال التي يرفضها لانها تبعث فيه الملل والاكتئاب.
ولكي اكون منصفاً بحكمي كان هناك ممثل واحد فقط اخذ دور عميد الجامعة وقام بتوبيخ الطالبات على عمل المقلب ضد الذكور من زملائهن كي يقمن باعمال النظافة بالجامعة للتكفير عن ذنبهن وتلقي العقوبة. كانت انكليزيته رائعة ولفضه نظيف جداً. كذلك السيدة الايرانية وابنتها كانتا تتحدثان بلهجة انكليزية جيدة. اما الممرضات والاطباء بالمشفى فكانوا يتكلمون وكأنهم من اوروبا الشرقية. فهل هذه مستشفيات بريطانيا ام في وارشو او براغ؟
دعنا نواصل التحقيق في المسلسل: في بداية كل حلقة يقوم شخص ما (ربما الكاتبة) بالقاء جمل مبهمة وبطريقة بدائية كانت تثير الملل. دعني اسطر عليكم واحدة منها:
كان يجب ان نبقى بمرحلة المصافحة، المصافحة آمنة، جسر مؤقت بين ذراعين يركب ويفك دون آثار جانبية اما العناق فاستعمار هل تفهم ما هو الاستعمار؟ محو هوية محو لغة محو تاريخ فاذا كتبت لك حرية لن يكتب لك النسيان.
تخيلوا جمل من هذا القبيل سمعناها 27 مرة على رأس كل حلقة. فقد كانت بمثابة تعذيب سادي للمشاهد. سامحيني يا اخت هبة مشاري فهذا ما نسميه بالعراق (خريط) ليتني كنت مثل اللمبي لتمكنت من ان اصدر حكماً ساخراً عليها. حاولي ان تتعلمي من المسلسلات السورية وانظري كيف ينظمون الشعر خصيصاً لاقوالهم بداخل كل مسلسلة. وعلى ذكر المسلسلات العربية الاخرى فقد تابعت مسلسل اردني اسمه (مدرسة الروابي للبنات). تابعيه جيداً اخت هبة فسترين ان اخراجه وتمثيله وقصته على مستوى عال جداً وهو يضاهي مستويات الانتاجات العالمية الاخرى. لماذا لا تتعلمين منهم؟ وما الضير في ذلك؟ فمستوى الدراما الكويتية لم يتقدم منذ اربع عقود خلت. انظري الى المسلسلات اللبنانية السورية المشتركة واخص بالذكر مسلسل (للموت). سوف تعلمين ان اساليبكم الكويتية لازالت (مكانك راوح وتيتي تيتي شلون مرحتي شلون مجيتي).
اما قصة (دفعة لندن) فانها لا تملك الحبكة في تسلسل احداث القصة. وقد أصبت بملل شديد وانا اتابعها لكنني وعدت قرائي كي اقوم بتقييم حيادي ومبني على معلومات علمية وواقعية صحيحة. لذلك اردت ان لا اجعل من مقالي هذا توبيخاً او تهجماً على الكاتبة الناشئة هبة مشاري. بل اشجعها على كتابة المزيد من المسلسلات ولكن.. ارجوك، ارجوك، ارجوك، لا تختاري في المرة القادمة دفعة جديدة في بلد تكون فيه اللغة الاساسية فرنسية او المانية او سويدية لان اللغة الانكليزية بدفعة لندن تسببت لك فضائح كبيرة انت في غنى عنها. وإذا كنت تريدين اقتراحاً مني فانا اقترح عليك برمضان 2024 عمل (دفعة البصرة) لان عوائل كويتية كثيرة بعثوا اولادهم الى البصرة ليتعلموا في جامعات البصرة عام 1990 بعد ان اصبحت الكويت جزءاً من العراق. وبذلك فان لهجة البصرة قريبة جداً من لهجة الكويت وسوف يتمكن ممثلوك من تأدية ادوارهم بشكل انسيابي سهل افضل بكثير من الانكليزية بالرغم من ان غالبية ممثلي دفعة لندن لم يكونوا من الكويتين بل خليط من بلدان عربية اخرى. فليلى عبدالله كانت من لبنان وميلا الزهراني من السعودية...الخ
دعيني يا هبة، اسدي لك النصح ككاتب قصصي قديم. نصيحتي هي كالتالي: يقوم الكتاب العالميين الكبار بتكبد عناء السفر والذهاب الى البلدان والمواقع التي يرمون كتابة احداث قصصهم فيها ويقيمون هناك لشهور بل ولسنين حتى كي يتقربوا كثيراً من الواقع اما التخصصات العلمية فالكاتب اما ان يكون ضليعاً فيها او يقوم بعمل بحث مكثف كي يصوغ المعلومات الصحيحة حتى يُكسِب قصته الكثير من المصداقية. دعيني اضرب لك مثلاُ لما دار بالحلقة 18 في (دفعة لندن): المشهد يقص علينا حالة مرض احدى الصديقات فتقوم زميلتها (مضاوي) بتعريضها لبخار الماء حين قالت لها انها تعاني من الربو المزمن. يا ترى اي نوع من الطب درست (مضاوي) هل هو الطب الشعبي ام طب الاعشاب؟ الا تعلم ان بخار الماء لا يصلح ابداً لمرضى الربو المزمن؟ وبالامكان ان يسبب لها ازمة ربو قاتلة. اهذا ما تريده الكاتبة؟ ان تنشر الجهل بالطب فقط كي يقال عنها كاتبة؟
دعونا نواصل حديثنا. فعندما خرج العراق من الكويت عام 1990 قام الكويتيون بانتاج مسرحية سيف العرب الكوميدية الساخرة ليطلقوا جم غضبهم وبشكل استهزاء صارخ من العراقيين بشتى الطرق. لكننا كعراقيين تفهمنا ذلك لان العراق قام باحتلال الكويت خلال ثلاث ساعات فاسرع امرائها ووزرائها واعضاء مجالسها بالهروب الى السعودية ودولة الامارات وبلدان مجاورة اخرى واضعين اذنابهم بين سيقانهم. كذلك القيَ الكثير منهم على قارعة الطريق بمدن اوروبية بعد ان سقطت بطاقاتهم الائتمانية وهذا امر مؤسف حقاً ومن الممكن ان نتفهمه. لذلك لم نتكلم وقتها ولم نعترض على سيف العرب. ولكن الاحتلال العراقي للكويت وقع قبل اكثر من ثلاثة عقود والكل يعلم ان الشعب العراقي لم يكن له يد في عملية اجتياح الكويت ولم نكن نريد انضمامكم الينا لان مستوانا العلمي والخلقي سوف يهبط لابعد الحدود. وكل اللوم وقع على القيادة والحكومة العراقية. الا ان الحقد الذي ظهر في مسلسل هبة مشاري كان غريباً جداً. وكأنها تريد ان تحيي وتؤجج البغضاء والضغينة من جديد. فلماذا يا هبة؟ وبالمناسبة فانا اعلم انك من اصل عراقي. لان لقبك (مشاري) وتلفض كلمة مشاري باللهجة العراقية (مچاري) لذا لو انك بحثت بشجرة العائلة ستجدين ان اصلك من العراق. احترمي بلدك واصلك يا هبة فنحن نعتز بكِ ونحبك ونتمنى لك الخير. والى اللقاء في مسلسلك القادم (دفعة البصرة).
391 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع