أحمد العبدالله
رسالتي إلى إخواننا في الكويت..وأنا لكم من الناصحين(٤-٤)
كان لحكام الكويت دور أساسي في التآمر على العراق لإضعافه اقتصاديا, وكان إغراق الأسواق بالنفط وانهيار أسعاره هي الخطوة الأولى بهذا الاتجاه. وقد كشفت الوثائق التي حاز عليها العراق بعد احتلاله للكويت عن تمارين وخطط عسكرية وتدريبات مشتركة مع الجيش الأمريكي للتصدي لهجوم عسكري مفترض يأتي من العراق!!, وزار(شوارزكوف)الكويت لهذا الغرض. وإن محاولة تبرئة حكام الكويت ممّا حصل في الثاني من آب, وعلى إنهم(ضحيّة)!!, وتعليق المسؤولية برقبة القيادة العراقية فقط, هو تزوير لوقائع التاريخ. فالذي حصل هو؛(رد فعل خاطئ على فعل خاطئ), على حد وصف(ناجي صبري).
بعد(تحرير)بلادهم, كان يُفترض بحكام الكويت الانصراف لشأنهم وعدم استفزاز جارهم العراقي ومعالجة الأخطاء التي قادت للغزو. ولكن الذي حصل هو عكس ذلك تماما. فبدأوا بافتعال الأزمات للضغط على العراق من خلال ملفات؛ترسيم الحدود والتعويضات والمفقودين والممتلكات,..الخ. وكان مبعوثوهم يجوبون بلدان العالم في الفترة بين 1991-2003, للضغط على تلك البلدان ورشوة بعضها, في سبيل إبقاء الحصار الاقتصادي المفروض على العراق وعدم رفعه, أو حتى تخفيفه!!.
وسَعوا لافتعال المشاكل مع العراق بكل خبثهم المعهود, وبـ(دبلوماسية المال والإعلام)التي يجيدونها, لتحقيق هذا الهدف, وقد نجحوا فيه, ممّا أدى لموت مليون ونصف مليون طفل عراقي, ووصول شعب العراق لحافة المجاعة خلال فترة الحصار, والتي كانت أقساها سنوات منتصف التسعينات, قبيل الشروع بمذكرة التفاهم؛(النفط مقابل الغذاء والدواء). ومن ينسى مقال الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ 19-1-1993, وممّا جاء فيه؛(الكويتيون؛يا شعب العراق,لا قائده, أرفع منكم وأطهر.. نقول للعراق ولشعبه كلّه, لا لنظامه الحالي أو المستقبلي, أنتم أسفل السافلين.. فاللهم سلِّط على العراق غضبك واللهم لا تبقي فيها حجرًا على حجر)!!!.
ولم يقف حقدهم ولؤمهم عند هذا الحد, بل فتحوا قواعدهم الجوية وجعلوها منطلقًا للطائرات الأمريكية والبريطانية لفرض الحظر الجوي غير المشروع على جنوب العراق, وبدون قرار من مجلس الأمن, وقصف المنشآت العراقية وتدمير الكثير من البُنى التحتية وإلحاق الخسائر البشرية بالشعب العراقي طيلة الفترة التي أعقبت سنة 1991 لغاية الاحتلال في 2003, فكانوا شركاء فعليّين لهم بكل ما لحق بالعراق من تضحيات وخسائر, وبرقبتهم أوزار تلك الأرواح التي أزهقت والممتلكات التي دمّرت, ويجب أن يدفعوا ثمنًا باهضًا جدًا ذات يوم, وأيُّ ثمن!!.
ورغم مرور تلك السنين الطوال, الكفيلة بتهدئة النفوس الثائرة. وتقديم القيادة العراقية اعتذارًا لشعب الكويت, أواخر عام 2002 من قبل الرئيس صدّام حسين برسالة متلفزة تُليت من قبل وزير الإعلام؛محمد سعيد الصحاف, ثم بعد احتلال العراق من قبل عزت الدوري بخطاب صوتي مسجّل ومكتوب, ولكن يبدو إن حقد هؤلاء القوم ليس له حدود, فاحتلال سبعة أشهر بكل ما رافقها من آلام, لا يتناسب أبدًا مع ما قاموا به لاحقًا من إيذاء متعمّد للعراق وشعبه. فقد دعموا حثالات إيران سياسيا وماليا وإعلاميا, حتى تسلّطت على بلادنا في 2003. وكان الهالك(باقر الحكيم)زعيم المجلس الإيراني(الأدنى), يتم الاحتفاء به في الكويت و(يُفرش له السجاد الأحمر), ويحرص(سموّ الأمير)على استقباله شخصيا خلال زياراته الكثيرة للـ(ديرة)!!.
أما في آذار 2003, فلم يجد الغُزاة منطلقًا وجسرًا للعدوان على بلادنا واحتلاله سوى الأراضي والأجواء والمياه الكويتية, وجُعلت ثلث أرض الكويت منطقة عسكرية مغلقة وبتصرّف جحافل الاحتلال, وسُخّرت موانئ الكويت ومطاراتها ومقدراتها المالية و(اللوجستية)لذلك. وعندما منعت تركيا قوات الغزو الأمريكية من استخدام أراضيها للعدوان علينا,(تبرّع)الكوايتة لاستقبالها مع القوات الموجودة لديهم أصلا!!. فكانت جريمتهم هذه, هي(أم الجرائم)!!.
وبعد احتلال العراق من قبل الغزاة الأمريكان وتسليمه على طبق من ذهب للفرس المجوس, أضحى شغل الكويتيّين الشاغل هو الإساءة للعراقيّين, من خلال إعلامهم وأعمالهم الفنية المسرحية والتلفزيونية المبتذلة, واستهداف شخص الرئيس صدّام حسين بشكل خاص, والتطاول عليه بسوء, وصبّوا جام غضبهم وحقدهم عليه وهو في ذمّة الله, وأظهروا الشماتة بمقتله!!. ولكن الله سبحانه وتعالى أكرمه بحسن الخاتمة, رغم أنفهم, ورزقه الشهادة على يد أحقر خلقه. وزاده كرَمًا من لدنه, بأن أطلق لسانه بترديد كلمة التوحيد وعلى رؤوس الأشهاد, وهو في ذلك الموقف الرهيب الذي يضعف أمامه صناديد الرجال وأقواهم!!.
وتناسوا إنه لولا صدّام حسين وجيشه لكانت الكويت(سنجقًا)إيرانيًّا. لقد كان العراق سدًّا شامخًا منيعًا بوجه الأطماع الفارسية على مدى ربع قرن, فلما انهارت بوابة العرب الشرقية*, بتآمر القريب والبعيد, صارت المنطقة ملعبًا لإيران وحديقة خلفية لها, وغدت الكويت ضمن مرمى نيرانهم. فكم من شبكات التجسس والتخريب الإيرانية ومخابئ السلاح المهرّب تم اكتشافها داخل الأراضي الكويتية. تلك الشبكات الإجرامية التي تعاونت ونسّقت مع الجالية الشيعية الإيرانية النشطة في الكويت والتي تتحكم بالمفاصل الاقتصادية المهمة, ولهم وجود مؤثر في البرلمان والحكومة والإعلام, ولديهم تحالفات مع بعض شيوخ الأسرة الحاكمة, مثل(الشيخ ناصر المحمد الصباح)؛سفير الكويت في طهران سابقًا, ثم رئيس وزرائها لاحقًا.
وفي الختام, فإن رسالتي لإخوتنا في الكويت؛أن يُخرِسوا الأفواه النتنة لبعض كلابهم العقورة التي أوغلت كثيرًا في إيذاء شعب العراق وأساءت له ولرموزه الوطنية التاريخية الخالدة. فالعراق هو جاركم وشقيقكم الحريص على أمنكم ووجودكم. وغدًا سينضب نفطكم, وتعود(كويت), كما كانت, قرية صغيرة داخل سورها الطيني القديم, أرضًا يبابًا قاحلة ويهجرها أهلها, إلّا من قلّة قليلة تعود لمهنتها الأولى في صيد السمك واستخراج اللؤلؤ. وعلى مقربة منكم, ستكون أبصاركم شاخصة إلى البصرة العريقة, وهي تزهو بتاريخها وحضارتها, وأرضها الخصبة وشطّها اليعربي.
فلا تبقوا أسرى للماضي, وانظروا للمستقبل, وكونوا بلسمًا لجراح غائرة, عساها أن تندمل ذات يوم. ولا تغترّوا بأموالكم, وإن كثُرت, فعندما يكتسحكم(سيل العرم), لن تُغني عنكم شيئا. ولا تراهنوا كثيرًا على(حماية الدول العظمى), فقد تصبحون, في ظرف ما, مجرد(جائزة ترضية)في صفقة تُعقد مع تلك القوى العالمية عندما تقتضي مصالحها, و(تروحون بالرجلين)!!. كما كاد أن يحصل ذلك عام 1958, عندما طُرح موضوع ضمّ الكويت للاتحاد الهاشمي, ولكن انقلاب 14 تموز, أجهض ذلك المشروع. وكان يمكن أن يتحقّق عام 1988, لو أن صدّام حسين ساوم الأمريكان؛الكويت مقابل أمن إسرائيل, ولكن طموحه الزائد دفعه لمحاولة مسك كلا(الرمانتين)؛فلسطين والكويت, بيد واحدة. فخسر الاثنتين, ومعهما العراق, أيضا!!.
وتذكّروا ولا تنسوا؛ إن إيران هي العدو اللدود للمسلمين جميعًا, فإيّاكم أن تأمنوا للأفعى الفارسية, وإن لانَ ملمسها وغرّكم مظهرها, ففي فحيحها المغلّف بـ(التقية)وأنيابها, يكمن خطرها وسمّها الناقع!!. والحذر كل الحذر من طابور إيران الخامس, المتغلغل في صفوفكم والمُمسِك بتلابيبكم, والذي ينتظر الفرصة المواتية ليميلوا عليكم ميلةً واحدة. وحينها قد لا تسعفكم(ريولكم)على الهرب, ولن تجدوا(صدّامًا)آخر لينقذكم من غدرهم. وعندها ستبكون بدموع حقيقية, وليست كاذبة مثل(دموع)نيرة سعود الصباح أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي بُعيد(القزو)!!. وأقول قولي هذا, وأنا لكم من الناصحين.
.................................
* في مقابلة للرئيس صدّام حسين مع مجلة(المجلة)بتاريخ 18-12-1982, قال, وكأنه يقرأ في كتاب الغيب,ما يلي؛(إذا صُرِع العراق فالطوفان سيُغرِق كل ما هو في مستوى ارتفاع العراق أو أدنى، وأعتقد إذ ذاك أن الطوفان سيكون واسعًا)!!.
.........................................................................
الجزء الثالث من هذه السلسلة..
https://www.algardenia.com/maqalat/59661-2023-07-31-19-13-18.html
الگاردينيا - مجلة ثقافية عامة - صدّام حسين:٢ آب..صفعة للولد العاقّ!! (٣-٤)
مجلة ثقافية عامة
www.algardenia.com
4761 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع