سلام مرقس / باريس
عندما يفشل القضاء في تحقيق العدالة .. يخيم الظلام على البلاد والضيم على العباد
قال الامام علي بن ابي طالب مقولته الشهيرة (العدل ملاك والجور هلاك)، القضاء العادل يحافظ على حقوق المواطن ويحفظ له كرامته وهيبته ، ويدافع عن البلاد من التدهور على يد الفاسدين ، وهو القوة التي تنهض بالاقتصاد عندما يكون هناك برنامج اصلاحي وطني ، ويعمل على إرساء موازين الحق والعدل واي إختلال في هذه الموازين يهتز الوطن ويفقد استقراره فيغيب النظام وتعم الفوضى ويظهر المجرم والمنافق والوصولي والمرابي والقاتل والسارق فتسقط القيم الاجتماعية ، لذلك يعتبر القضاء العادل سور يحمي الوطن وهنا نستعير ما قاله ابن خلدون ( فساد القضاء يفضي الى نهاية الدولة ) .
رمزية الدولة :
واضح اليوم ان في العراق الحالي غياب مطلق للعدل والقانون والسلطة والقضاء سواء كان الوضع في الدوائر والمؤسسات الحكومية او من جهة رعاية مصالح المواطن،فالمحاكم مرتع للرشوة واختلال في ميزان العدل ،والمليشيات والاحزاب الحاكمة المتنفذة ( احزاب السلطة) مسيطرة وتتحكم في كل المصالح والمشاريع والخدمات سواء بالمال او السلاح ودليلنا ما ينقله الاعلام وتكتبه الصحافة الحرة وعامة الشعب والكل يتحدثون عن معاناة المواطن بالتجاوز على حقوقه او منعه من ممارسة حقوقه الوطنية وكان البلاد غابة يحكمها المتنفذين مالاً او سلاحاً.او من خلال بسط ارادة الاحزاب المتنفذة ومواليهم على قوة الامن او الجيش في حسم اي موضوع لصالحهم والضحية الكبرى هى الوطن !!!.
واما في الشان الدولي والاقليمي ، فالعراق اقليمياً يتعرض الى اعتداء بين الحين والاخر من دول الجوار كتركيا وايران مثلاً ، فالقصف المتكرر للمدن الحدودية من سليمانية الى زاخو بات امراً عادياً وكانهم يخترقون حدود حديقة خلفية لبلادهم ، غير محترمين كرامة او سيادة العراق ، بالمقابل لا رادع ولا اعتراض من الدولة ، وكيف يكون ذلك وهم الجبناء الخانعين الضعفاء .
او ينتهك نظام البلاد الاقتصادي من خلال بواباته الحدودية بتهريب العملات الى الخارج او ادخال المخدرات الى الداخل ، او من خلال الاستيلاء على حصصه المائية او قطع الانهر التي تغذي الزراعة في البلاد ، ولا ننسى كيف يتم تهريب العملة الصعبة جهاراً نهاراً لصالح دولة مجاورة لكسر حصار مفروض عليها .
هيبة الدولة :
واما دولياً فما الاستدعاء الاخير لرئيس الوزراء الى الولايات المتحدة الامريكية الا دليل ان لا سيادة للعراق فالارادة الامريكية تفرض علية شروط .
عسكرياً : ( حل الحشد الشعبي) .
اقتصادياً : ايقاف عمليات تهريب العملة لدول الجوار المعاقبة امريكياً .
امنياً : وفي مجال مكافحة الفساد والكشف عن رؤوس الفساد الكبيرة طلبت الحكومة الامريكية قائمة بأسمائهم ( الفاسدين والسراق ) لغرض ملاحقتهم وتجفيف أموالهم .
استدعاء رئيس وزراء وكانه موظف في الخارجية الامريكية( اي اهانة هذه) .
نفهم من ما تقدم ان دولة العراق دولة قاصرة وغير مؤهلة لادارة شؤونها ، نعود ونؤكد بان من اهم الاسباب التي جعلت العراق لا دولة هو القضاء ( القضاء الصامت ) كونه الدعامة الاساسية والمحورية التي يُعتمد عليها للنهوض بالدولة فلو كان للعراق سيادة ( والقضاء ركن اساسي في تكوين الدولة ) ماكان لاحد الحق في التجاوز او استدعاء منصب كبير في الدولة كرئيس الوزراء لتوجيهه كيف يقود ويحمي بلده .
وهنا نتذكر شارل ديجول (1890-1970 م ) رمز فرنسا الحره حين دخل باريس بعد تحرير بلاده من الغزو الالماني.. سال عن احوال البلاد ومؤسساتها فاخبروه انها باسوا حال.. فسال سؤاله الشهير هل القضاء بخير؟ فقالوا له نعم.. فقال قولته الاشهر(اذا كان القضاء بخير ففرنسا بخير.. فهو الدعامه الاساسيه للنهوض بالدوله) ، لذلك يصح القول ان العراق لاتنطبق عليه معايير الدولة !!!!.
ومن ارض الواقع المعاش نستعرض حادثة سحب المرسوم المرقم 147/2013 الخاص بتولية راس الكنيسة الكلدانية في العراق على امور واملاك الكنيسة ، والذي يعتبر امتداد تاريخي يربو الى قرون، ليُلغى بقرار رقم 31/2023 , وتحت انظار راس الدولة العراقية ، الذي يعتبر حامي للدستور ، ولكن بضغط واكراه واجبار من عصابة مليشياويه منفلته خارجه عن القانون فرضت ارادتها على اعلى سلطة في البلد وهى رئاسة الجمهورية والتي من المفترض ان تكون حامية للدستور !!!! (الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة )، واتضح ان عصابة صاغت القرار ( المرسوم) واصدرته بعد ان ختمته امام راس الدولة وهو صاغر مقابل مبلغ من المال !!! والا لماذا هذه الطاعة العمياء والاصرار على خطا اصدار هذا المرسوم الذي اقرت خطاءه العشرات من الجهات القضائية والشخصيات القانونية ، سواء داخل العراق او خارجه ، اصرار يعكس مدى فشل الدولة وخضوعها للابتزاز امام اموال العصابات ، والى اليوم وبعد مرور بضعة اشهر لم يتحرك القضاء بالرغم من مئات المطالبات والتظاهرات والمناشدات بالغاء او تعديل المرسوم ، من هنا يصح ان نقول ان العراق يعيش حالة اللادولة ، حيث ان راس الدولة متهم بتقاضي رشوة واصدار مرسوم خطأ، وباقي السلطات ليست افضل حال فالحكومة غارقة في الفساد والسرقة واما البرلمان فحدث ولا حرج فهو نسخة من باقي السلطات في الفشل والسرقة والعقود المزورة والتحايل على القانون .
وفي مثال معاكس للنظام في العراق ، نرى رئيس الدولة يحمي بلاده ويحمي المواطن ويمنع الانهيار الاقتصادي ولنا في دوله البرازيل خير مثال ففي عهد رئيسها السابق لولادي سيلفا(1954 م - ) الذي نقل البرازيل من الفقر والمديونيه والاضطراب الاجتماعي الي الفقر = صفر.. حيث لا فقر هناك.. حيث البرازيل التي تتمتع اليوم بفائض مالي 200 مليار دولار... بالمقابل العراق اليوم يرضخ تحت ديون حتى نفطه لا يسعفه في تسديدها ، عراق فيه مستوى الفقر فاق الخيال والبطالة ارقام قياسية والامية تضرب اطنابها ، والتعليم العالي في ادنى مستوياته ، تصور الجامعات الايرانية في العراق اكثر من الجامعات العراقية !!!! في العراق يُسرق فيه المواطن من قبل البنوك والسلطات الثلاثة صامتة وكان لهم اذن من طين واذن من عجين .
من ما تقدم يصح ما قاله الامام علي بن ابي طالب :(العدل ملاك والجور هلاك).
1964 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع