ذو الفقار
تعلمنا من هؤلاء العمالقة الأفذاذ ممن تعلمتم أنتم؟
تنويه
المعلومات الواردة في المقال مصدرها دبلوماسي رفيع من زمن الدبلوماسية الحقيقية قبل عام 2003.
بلا ادنى شك ان الدبلوماسية بشكل عام مسيرة متواصلة تبدأ العلاقة ما بين الدبلوماسيين الجدد والدبلوماسيين القدماء كالعلاقة بين المعلم والطالب في المرحلة الدراسية الأولية، والدبلوماسية العراقية غنية برجالها الذين كانوا موضوع فخر واعتزاز من قبل العراقيين والعالمين العربي والخارجي، يمكن لبعض الدول ان تتفاخر بعدد قليل من الدبلوماسيين على ممر مسيرتها الدبلوماسية، لكن العراق فيه من الكفاءات الدبلوماسية العديد، واستمرت عجلة الدبلوماسية العراقية تتقدم الى الامام من العهد الملكي ولغاية عام 2003 عندما احتلت الولايات المتحدة وحلفائها بضمنهم ايران العراق، فلم تتوقف عجلة الدبلوماسية العراقية فحسب، بل تراجعت الى حافة الهاوية.
نحن الدبلوماسيين الذين عملنا في وزارة الخارجية منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تعلمنا أصول العمل الدبلوماسي على كفاءات دبلوماسية لم تشهدها حتى الدول المتقدمة، لقد ترك كبار السفراء لمسات وبصمات في عقولنا وافكارنا وسلوكنا الدبلوماسي ستبقى معنا ما حيينا، ومن ابرز السفراء عبد الجبار الهداوي، وسام الزهاوي، رياض القيسي، نزار حمدون، وهبي القره غلي، وداد عجام، فؤاد الراوي، اكرم الوتري، عصمت كتاني، بسام كبة، ومن بعدهم حميد الموسوي، غسان محسن، محمد العاملي، زهير البيرقدار، سعدون الزبيدي، حسن فهمي جمعة، صباح طلعت، فهمي القيسي، فاروق زيادة، مظفر الأمين والعشرات غيرهم.
هؤلاء هم اساتذتنا الذين استدمينا منهم ابجدية العمل الدبلوماسي، وواكبوا مسيرتنا الدبلوماسية وزودنا بتجاربهم الشخصية في العمل الدبلوماسي، بما في ذلك المواقف الطريفة والغريبة، كما تعلمنا أصول الإتكيت وكيفية التعامل مع الدول التي سنعمل فيها وكيفية التعامل مع الدبلوماسيين العرب والأجانب، وما هي الأمور التي يجب على الدبلوماسي ان يتجنبها، وحفظنا اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية على ظهر قلب، وقد استفدنا كثيرا من نصوص الاتفاقية لأنها عرفتنا بمهامنا القدمة من ناحية الحقوق والواجبات.
كان جميع الدبلوماسيين من العراقيين الا ثلاثة هم زهير البيرقدار (سوريا)، عبدو الديري (سوريا) واسعد الغوثاني (فلسطين)، وسكرتير ثالث (مازن الحناوي (سوريا) وعند عرقنة الوزارة، تم احالتهم الى التقاعد. فانحصر العمل في الوزارة على العراقيين فقط (الجميع من أب وأم عراقيين بالإصالة). ولا يوجد أي دبلوماسي او موظف اداري او عامل خدمات يحمل جنسيتين.
كان القبول في معهد الخدمة الخارجية يتوجب الحصول على شهادة البكالوريوس في تخصصات محددة وهي اللغات الأجنبية، القانون والسياسة، الاقتصاد فقط؟ وعلى ان يجتاز المتقدم امتحان اولي في اللغة الإنكليزية، علاوة على اللياقة البدنية، والمعلومات والثقافة العامة من خلال المقابلة مع لجنة خاصة في الوزارة، ولا توجد اية أسئلة تتعلق بالقومية والدين والمذهب والمحافظة وغيرها
كانت مدة الدراسة في معهد الخدمة الخارجية سنتين، والدراسة تتعلق بالعمل الدبلوماسي والقنصلي والأمور الإدارية والحسابات والعلاقات الدولية والأمم المتحدة والبرتوكول والاتكيت والقانون الدولي علاوة على اللغة العربية والإنكليزية، ودرجة النجاح في هذين الموضوعين 80% ومن يفشل في الدراسة يحول الى السلك الإداري، وكانت مواضيع اللغة الإنكليزية، المحادثة، القواعد، الترجمة من والى الإنكليزية، مع هذا كان الجانب الأمني يأخذ دوره في الدراسة، حيث يتم استقدام مسؤولين كبار من جهاز المخابرات لتقديم معلومات مهمة وضرورية ناجمة عن تجارب لغرض تحصين الدبلوماسيين، وتوضيح مخططات أجهزة المخابرات الأجنبية في تجنيد الموظفين عبر المال والجنس والرشاوي، وكانت الفائدة منها كبيرة جدا في تحصين الذات من مخططات المخابرات الأجنبية، مع هذا حصلت خروقات وقع ضحيتها بعص الدبلوماسيين والاداريين ولكنها محدودة، وتم كشفها عبر المخابرات العراقية او لاعتراف المتورطين وتبليغ الوزارة بتورطهم، وغالبا ما يتم نقلهم على الفور الى ديوان الوزارة، وينقلوا الى وزارات أخرى دون الإشارة الى سبب النقل.
لم يكن العمل في وزارة الخارجية يحتاج الى بيان المذهب او الدين، فهناك سفراء مستقلون مثل رياض القيسي ووسام الزهاوي وصباح عمران وفاروق زيادة وغيرهم، ويوجد سفراء شيعة مثل محمد العاملي، بسام كبة، وقصي مهدي وعباس كنفذ وغيرهم، بل ان بعض الدورات الدبلوماسية فيها من الشيعة اكثر من السنة، مثل الدورة الدبلوماسية (13) كما اعلمني دبلوماسي من الدورة.
بعد عام 2003 فقدت الدبلوماسية بوصلتها وانحرفت 180 درجة، حيث تم قبول اختصاصات غريبة في معهد الخدمة الخارجية، وخلال شهرين تم منح بعضهم درجة سكرتير ثالث ومنهم من منح سكرتير اول، بل ان وزير الخارجية السابق (الحملة دار المخبول) إبراهيم الجعفري منع بعض الإعلاميين في قناته العفنة درجة وزير مفوض وهي اعلى درجة في السلك الدبلوماسية تحتاج الى خدمة لا تقل عن (20) سنة في العمل الدبلوماسي، وكانت هذه هي الكبوة الاولى في العمل الدبلوماسي، سيما ان الدبلوماسيين السابقين اركنوا في زاوية خاصة، وبدأ التخبط في عمل الدبلوماسيين الجدد فلا يوجد من يوجههم سيما ان وزير الخارجية والسفراء ليس عندهم خبرة بالعمل الدبلوماسي. بل ان بعض اختصاصات السفراء تسير السخرية مثلا مستواه العلمي يقرأ ويكتب، وآخر صيدلي، وطبيب نفسي، وطبيب بيطري (يتعامل مع السفارة كزريبة حيوانات) وآخر جيولوجي والحبل على الجرار.
بعض السفراء عينوا أبنائهم في السفارات مثلا جواد الهنداوي عين ابنته في السفارة العراقية في باريس وهي لا تتكلم اللغة العربية، وهذا ا يقال عن بنت الجعفري وصولاغ وغيرهم. ولم يقتصر الأمر على هذا الجانب، فقد أشارت المعلومات من أروقة الخارجية ان 90% من السفراء هم مزدوجو الجنسية، بل بعضهم عين في نفس الدولة التي يحمل جنسيتها وأدى الولاء لها. على سبيل المثال السفير العراقي في ايران (مجيد عباس) وهو إيراني الأصل يحمل الجنسية الإيرانية، والسفير العراقي في المانيا (علاء الهاشمي) وهو يحمل الجنسية الألمانية، والسفير العراقي في سويسرا (طارق عقراوي) وهو متجنس نمساويا، والسفير العراقي في هولندا ( سيمند عبد الصمد) ومتجنس في هولندا، ومنهم جواد الهنداوي وآخرين.
بل ان وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري يحمل الجنسية البريطانية، والذي لحقه إبراهيم الجعفري يحمل الجنسية البريطانية، والحالي فؤاد حسين يحمل الجنسية الهولندية!! هل هذه صدفة؟
للمقال تابع نستعرض فيه مساوئ السفراء والدبلوماسيين بعد عام الاحتلال 2003.
989 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع