ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في الأدب واللغة/٦٣- الطعام والمطبخ العربي
النخالة والحصار
من طرائف العراق خلال الحكم الوطني وبسبب الحصار الاقتصادي الظالم كانت حصة المواطن العراقي من الطحين ـ وفق البطاقة التموينية ـ مليئة بالنخالة، حتى جاء في الاهزوجة الشعبية" جبناله الطحين وعفنا النخالة.. ثلثين الولد طالع على خاله". (جبناله: اتينا له. عفنا: تركنا)
قال التوحيدي "سمعت (بباب الطّاق) قوما يقولون: اجتمع الناس اليوم على الشّطّ، فلما نزل الوزير ليركب المركب صاحوا وضجوا وذكروا غلاء القوت وعوز الطعام وتعذر الكسب وغلبة الفقر وتهتّك صاحب العيال، وأنّه أجابهم بجواب مرّ مع قطوب الوجه وإظهار التبرم بالاستغاثة: بعد لم تأكلوا النّخالة". (الإمتاع والمؤانسة2/176).
الكسيس
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" الكَسِيسُ: لَحْمٌ يُجَفَّفُ على الحِجَارَة، فإِذَا يَبِسَ دُقَّ فيَصيرُ كالسَّويق. و أَخْضَرُ منه لو قال: لحْمٌ يُجَفَّفُ على الحِجَارَة ثمّ يُدَقُّ كالسَّوِيق، يُتَزَوَّدُ في الأَسْفَار، عن ابن دُرَيْدٍ، سُمِّيَ به، لأَنَّهُ يُكَسُّ، أَي يُدَقُّ". (تاج العروس8/447). وقال ابن دريد" الكسيس: لحم يجفف ثمَّ يدق كالسويق فيتزود بِهِ فِي الْأَسْفَار". (جمهرة اللغة1/204) قال ابن دريد" أمة: مَعْرُوفَة تصغيرها أُميَّة وَتجمع أمة إِمَاء وآم وإموانا. قَالَ الشَّاعِر:
أما الْإِمَاء فَلَا يدعونني ولدا ... إِذا ترامى بَنو الإموان بالعار". (جمهرة اللغة1/248).
القهوة ومحالها
كتبت مجموعة أبو الضيا التركية مقالة في القهوة ومحالها قالت فيها ادعى الدكتور لاند الألماني أن أول محل للقهوة أنشئ في الآستانة سنة 1551 كما أنشئ أول محل لها في إيطاليا سنة 1645 وفي إنكلترا سنة 1652 وفي فرنسا سنة 1659 وفي فرنكفورت وآم ماين سنة 1675 وفي وارسوفيا سنة 1681 وفي فينا سنة 1685 والغالب أن الكاتب ارتكب هذا الغلط لما علم من تاريخ انتشار القهوة وذلك أنه جيء بها من اليمن عَلَى يد السلطان سليمان القانوني سنة 958 فأخرجت فتوى بإغراق السفن التي تحملها مع حمولتها فأغرقت أمام دار المدفعية (طوبخانة) بالقسطنطينية وقد سرد كاتب جلبي أسباب ذلك في كتابه ميزان الحق في اختيار الحق ولقد دخل الدخان إلى الممالك العثمانية عَلَى عهد السلطان أحمد الأول سنة 1012 وجرى استعماله في الآستانة سنة 1022 واسست محال لقهوة سنة 1024 في زاوية من زوايا خالي جير وفي سنة 1043 أحرقت في الحريق المشهور جميع محال القهوة وذلك عَلَى عهد السلطان مراد الرابع وعندها صدر الأمر بمنع التدخين وكل من رؤي بأنه شربه أو خبر عنه بانه شربه يقتل في الحال وهذه الشدة في المنع اتخذت إذ ذاك حجة سياسية وذلك لن السلطان مراد الرابع أراد أن ينتقم للسلطان العثماني الذي قتله أرباب الفتوة من اليكجرية (الإنكشارية ).فكان عَلَى هذه الصورة ينكل ببغاتهم فتوضع عَلَى من يراد إعدامه منهم لأنه شرب الدخان علامة فارقة وهي عبارة عن مشعل ينيطونه به يبقى عليه إلى المساء موقداً وقد رأى ذات يوم السلطان مراد في إحدى الساحات رجلاً من الإنكشارية يتقدم إلى آخر من إخوانه مصلوب لأنه شرب الدخان فأخرج غليونه من جيبه وشعله من المشعل فعجب الناس من هذه الجرأة ولم يسع ذاك السلطان المستبد إلا أن أصدر أمره عَلَى لسان الدلالين يبيح استعمال الدخان كما كان سابقاً والغالب بان السلطان ظن بأن جرأة هذا الإنكشاري ناتجة عن تحرش بفتنة يدبرها إخوانه. أما استعمال السعوط في الآستانة فكان سنة 1050 ومن حسن الطالع أنه لم يشع استعماله قبل سنة 1049 وغلا لكان السلطان مراد قضى يجدع انف من يستعمله جزاء وفاقا. مجلة المقتبس(73/81 عام 1911).
فطور الفقراء في التراث
الخليفة الناصر لدين الله هذا هو الذي تقدم كما قال ابن الساعي بإنشاء دور ضيافة لفطور الفقراء في شهر رمضان في سائر محال بغداد شرقيها وغربيها فوقع الشروع في ذلك على يد قوام الدين نصر بن ناصر صدر المخزن المعمور وسلم إلى كل ثقة أهل محله مقدار من العين وأمر بإثبات فقراء أهل كل محلة وأن يجري لكل واحد في كل يوم رطلين من الخبز الفائق وقدح طبيخ فيه نصف رطل لحم ضأن فأثبت في كل دار مقدار خمسمائة نفس زائداً وناقصاً فعم الفقراء والضعفاء هذه الصدقة وانتفعوا بها وتفرغ بالهم في هذا الشهر واستراحوا من السعي في تحصيل القوت والاهتمام به فالله تعالى يجعل ذلك نوراً يسعى بين يديه؟ هذا سوى ما يفرق على الفقهاء في جميع المدارس والصوفية في سائر الربط والمنقطعين في الجوامع والمساجد والزوايا م الغنم والدقيق والذهب أجزل الله بذلك ثوابه وخفف به حسابه.
العلكه في التراث
ـ قال النَّبِيَّ (ص) َ: سِتٌّ مِنْهَا النِّسْيَانُ: سُؤْرُ الْفَأْرِ، وَإِلْقَاءُ الْقَمْلَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَالْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَقَطْعُ الْقِطَارِ، وَمَضْغُ الْعِلْكِ وَأَكْلُ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ. وَيُحِلُّ ذَلِكَ اللِّبَانُ الذَّكَرُ ".( غذاء الألباب1/51).
ـ قال أبو سعد الآبي" قَالَت أعرابية وَقد دفع إِلَيْهَا علك لتمضغه: مَا فِيهِ إِلَّا تَعب الأضراس وخيبة الحنجرة ". (نثر الدر في المحاضرات4/37) .( ربيع الأبرار3/233).
قال الجاحظ" دفعوا إلى أعرابية علكا لتمضغه، فلم تفعل، فقيل لها في ذلك فقالت: ما فيه إلا تعب الأضراس، وخيبة الحنجرة". (البيان والتبيين2/64)
ـ قال مزبّد: كان الرجل فيما مضى إذا عشق الجارية راسلها سنة، ثم رضي أن يمضغ العلك الّذي تمضغه".(الإمتاع والمؤانسة2/194).
ـ قال السيوطي" كتب رجل إلى محبوبة له: طال العهد، واشتد الشوق، فاستدركي رمقي بلبان تمضغينه، وتجعلينه بين دينارين، وتنفذيه إليّ لأستشفي به. فكتبت إليه: قد امتثلت أمرك، فتفضل برد الطبق والمكبّة". (المحاضرات والمحاورات/418)
قال العاملي" مضغت أعرابية علكا ثم طرحته وقالت: تعسا له: تعب الأضراس، وخيبة الحنجرة". (الكشكول2/305)
قال النويري" إذا كان التراب علكا لاصقا، فهو اللّازب. فإذا كان حرّا طيبا علكا وفيه خضرة، فهو الغضراء". (نهاية الأرب1/204). قال النويري" حكى أنّ بعض المجّان كان يعشق جارية أمجن منه. فضاق يوما، فكتب إليها: قد طال عهدي بك يا سيدتي، وأقلقني الشوق إليك. فإن رأيت أن تستدرك رمقي بمضغة علك وتجعليه بين دينارين وتنفذيه إلىّ لاستشفى به فعلت إن شاء الله. ففعلت ذلك وكتبت إليه: ردّ الظّرف من الظّرف، وقد سارعت إلى إنفاذ ما طلبت؛ فأنعم بردّ الطبق والمكبّة، واستعمل الخبر: استدرّوا الهدايا بردّ الظّروف". (نهاية الأرب4/20)
العلك في الاحلام
قال ابن سيرين" أما مضغ العلك فمن رأى أنه يمضغه فغنه ينال مالاً في منازعة وقيل إنّ مضغ العلك إتيان فاحشة لأنّه من عمل قوم لوط". (منتخب الكلام2/305).
قال ابن سيرين" لو رأى أنّه يمضغ اللبان والعلك فإنه يصير إلى أمر يكثر فيه الكلام وترداده مثل منازعة أو شكوى". (منتخب الكلام2/305).
قال ابو الفرج" عن أحمد بن الحسن البزار وجدت بخط ابن الوشاء عن أبي الوشاء عن الكديمي عن أبي عاصم قال قيل لأشعب الطامع أرأيت أحداً قط أطمع منك قال نعم كلباً يتبعني أربعة أميال على مضغ العلك". (الاغاني19/169).
صناعة السموم
قال الجاحظ" أهل السّجن يعملون منها سموما أنفذ من سم البيش، ومن ريق الأفاعي، وذلك أنّهم يدخلون الوزغ قارورة، ثمّ يصبّون فيها من الزّيت ما يغمرها، ويضعونها في الشّمس أربعين يوما، حتّى تختلط بالزّيت وتصير شيئا واحدا، فإن مسح السّجين منه على رغيف مسحة يسيرة فأكل منه عشرة أنفس ماتوا". (كتاب الحيوان4/403).
الشريحة وطبخها على الجمر
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" الشَّرْحَةُ : القِطْعَةُ من اللَّحْمِ، كالشَّريحَةِ والشَّرِيحِ . وقيل: الشَّرِيحةُ : القِطْعَةُ من اللَّحْمِ المُرَقَّقَةُ. وكلُّ سَمينٍ من اللَّحْم مُمْتَدٍّ: فهو شَرِيحةٌ و شَريح. وعن ابن شُمَيل: الشَّرْحَةُ من الظِّبَاءِ: الّذي يُجَاءُ به يابِساً كما هو، لم يُقَدَّدْ. يقال: خُذْ لنا شَرْحَةً من الظِّباءِ، وهو لَحْمٌ مَشْرُوحٌ، وقد شَرَحْته و شَرَّحْته. والتَّصْفيف نَحْوٌ من التَّشْرِيح، وهو تَرْقيقُ البَضْعةِ من اللَّحْمِ حتى يَشِفَّ من رِقَّته، ثم يُرْمَى على الجمر". (تاج العروس4/104).
ممنوعات الطعام حسب الأشهر
قال ابن عبد ربه" كتاب إسحاق بن عمران إلى بعض اخوانه:
اعلمك- رحمك الله- ان الخام والبلغم يظهران على الدم والمرة بعد الاربعين سنة فيأكلانهما، وهما عدوا الجسد وهادماه، ولا ينبغي لمن خلف الاربعين سنة ان يحرك طبيعة من طبائعه غير الخام والبلغم، ويقوّي الدم جاهدا، غير أنه ينبغي له في كل سبع سنين ان يفجر من دمه شيئا، ومن المرة مثل ذلك، لقلة صبره على الطعام اللذيذ والمشروب الرويّ، فتعاهد اصلحك الله ذلك من نفسك، واعلم ان الصحة خير من المال والاهل والولد، ولا شيء بعد تقوى الله سبحانه وتعالى خير من العافية. ومما تأخذ به نفسك وتحفظ به صحتك، ان تلزم ما اكتب به إليك:
في شهر ينير : لا تأكل السلق، واشرب شرابا شديدا كل غداة.
وفي شهر فبرير: لا تأكل السلق.
وفي مارس: لا تأكل الحلواء كلها وتشرب الأفسنتين في الحلاوة.
وفي أبريل: لا تأكل شيئا من الاصول التي تنبت في الأرض، ولا الفجل.
وفي مايه: لا تأكل رأس شيء من الحيوان.
وفي يونيه: تشرب الماء البارد بعد ما تطبخه وتبرده على الريق.
وفي يوليه: تجنب الوطء.
وفي أغشت: لا تأكل الحيتان.
وفي سبتمبر: تشرب اللبن البقري.
وفي أكتوبر: لا تأكل الكراث نيئا ولا مطبوخا.
وفي نبنبر: لا تدخل الحمام.
وفي دجنبر: لا تأكل الارانب". (العقد الفريد8/45).
اكلة المخ قديمة
ذكر ابن عبد ربه " قيل لأعرابي: اتحسن أن تأكل الرأس؟ قال: نعم؛ أعض العينين، وأفك لحييه، وأنقي خديه، وأرمي بالدماع إلى من هو أحق مني، وكانوا يكرهون أكل الدماغ، ولذا يقول قائلهم.
ولا أبتغي المخّ الذي في الجماجم". (العقد الفريد7/205).
الكعك من مأكولاتنا
قال السيوطي" من ألوان الخبز الكعك الدرمكي الجردق السميذ". (المزهر1/218).
طبخ البيض بالماء
غالبا ما ينصح الأطباء بالتقليل من الدهون سيما عند قلي البيض بالدهن، وهذه الطريقة موجودة في تراثنا، ذكر الدميري" بيض الحجل إذا طبخ في الماء المغلي في الكمون والملح أو بخل العنصل وأكل نفع من المغص وسائر أوجاع البطن". (حياة الحيوان الكبرى1/325).
القديد من أكلات السفر
يمكن الاستفادة في السفر الطويل من بعض الاكلات غير سريعة التلف ومنها القديد. قال ابن منظور" قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوَشِيقةُ اللَّحْمُ يُؤْخَذُ فَيُغْلَى إغلاءه وَيُحْمَلُ فِي الأَسفار وَلَا ينضجُ فَيَتَهَرَّأ، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه بِمَنْزِلَةِ الْقَدِيدِ لَا تَمَسُّهُ النَّارُ. أَبو عَمْرٍو: الوَشِيق القَديد وَكَذَلِكَ المُشَنَّقُ: اللَّيْثُ: الوَشِيق لَحْمٌ يُقَدَّدُ حَتَّى يَقِبَّ وَتَذْهَبَ نُدُوَّتُه ". (لسان العرب10/381).
المستكي في تراثنا
قال ابن منظور" العُلُوك؛ رُومِيٌّ وَهُوَ دَخِيلٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ:
فشامَ فِيهَا مثلَ مِحراث الغَضَا تَقْذِفُ عَيْنَاهُ بمثلِ المُصْطُكَى ( لسان العرب10/455).
مرق اللحم
قال ابو الفرج" أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن رؤبة قال لما ولي الوليد بن عبد الملك الخلافة بعث بي الحجاج مع أبي لنلقاه فاستقبلنا الشمال حتى صرنا بباب الفراديس . وكان خروجنا في عام مخصب وكنت أصلي الغداة وأجتني من الكمأة ما شئت ثم لا أجاوز إلا قليلً حتى أرى خيراً منها فأرمي بها وآخذ الآخر حتى نزلنا بعض المياه فأهدي لنا حمل مخرفج ووطب لبن غليظ وزبدة كأنها رأس نعجة حوشية فقطعنا الحمل آراباً وكررنا عليه اللبن والزبدة حتى إذا بلغ إناه انتشلنا اللحم بغير خبز، ثم شربت من مرقه شربة لم تزل لها ذفرياي ترشحان حتى رجعنا إلى حجر". (الاغاني20/365).
ضحى عبد الرحمن
كانون الأول 2023
861 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع