عبد الرضا حمد جاسم
خوض في كتاب : الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية/١٣
يتبع ما قبله لطفاً
تطرقتُ في سابقات الى عُقَدْ الشخصية العراقية كما وردت في كتاب البروفيسور قاسم حسين صالح: (الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية) حيث كانت العقدة الاولى هي (عقدة الخلاف مع الأخر) و الثانية هي (عقدة تضخم الانا)...و اليوم اناقش ما تفضل به البروفيسور قاسم حسين صالح حول العقدة الثالثة و التي هي: (عقدة التعصب للهوية):ـ
حيث ورد التالي: [يتداول السياسيون مفردة "الهوية" كما لو انهم يحملون عنها مفهوماً مشتركاً واضحاً و الواقع يشير انهم يختلفون في معانيها]. ولم يقدم لنا البروفيسور قاسم مثال عن الهوية و عن اختلاف السياسيون حول مفهومها ولم يُبَّين لنا كيف قال الواقع انهم يختلفون في معانيها، لنتعلم منه؟
لكنه كتب في ص19 من الكتاب تحت عنوان فرعي هو (مفهوم الهوية في.. أربعة حقائق)
1 ـ هوية الشخص هي التي تحدد أهدافه و سلوكه.
2 ـ كل فرد يحمل اكثر من هوية: (قومية، عشائرية، مذهبية، دينية).
3 ـ بحالة الاستقرار، يغلب على الجميع الشعور بالهوية الوطنية (الانتماء للوطن).
4 ـ حين يتعرض الفرد للخطر يتراجع الشعور بالهوية الوطنية و يتماهى "يتوحد" مع هويته الفرعية اذا تعرضت للتجريح و المظلومية.
أقـــــــــــول:
1 ـ انا شخصياً وفق ماورد في (2) أعلاه هوياتي هن: عربي طائي...دينياً مسلم كما مسجل في هوية الأحوال المدنية من اسمي شيعي...ماركسي و يمكن ان أكون علماني و مدني...احترم كل هذه الأمور لكن لا علاقة لي بها من حيث عندما اتفاعل او اتعامل مع شخص اخر مختلف ...يكون اخي لا تؤثر على موقفي منه مثل هذه الهويات و انا واضح في ذلك و تمنى على غيري ان يشيرون الى ما عندي مخالف لذلك كما يتصورون و يستنتجون و أكون فخور بذلك و محتَرِمْ لتلك التشخيصات المحببات المحترمات حتى لو كان كان في أسلوب طرحها قسوة او إهانة او اعتداء..احترم من يحمل تلك الهويات او ما يشابهها لأنها قناعته و ايمانه ،لكنها ما حددت يوماً اهدافي و سلوكي في أي مرحلة من مراحل حياتي مطلقا... في تظاهرات عيد العمال العالمي عام 1959 في العراق جعلتني الصدفة احمل مشعل الحرية و أتقدم التظاهرة الكبرى في الناصرية بمناسبة عيد العمال العالمي و كان عمري ثماني سنوات...و انا اليوم قد تجاوزت السبعين منذ ثلاث سنوات حيث ما ظهر و لم ولن يظهر مني أي سلوك او تصرف تحت تأثير تلك الهويات و معي ملايين العراقيين و مليارات من البشر... فقدت ثلاثة اشقاء و والدتي تقول ""يمه خسران النص مو خسران" حيث كنا ستة اخوة و تعاملت بهدوء مع من يظن البعض انهم من كانوا السبب.
اسأل البروفيسور قاسم هنا: كم الف و ربما كم مليون عراقي تلك هوياتهم؟...ثم هناك مليار و نصف المليار مسلم يحملون هوية إسلامية بهويات متفرعة منها... فهل كانت او تكون او ستكون أهدافهم او سلوكهم واحد/ة او هل ساروا على تعاليم الإسلام في أهدافهم و سلوكهم كما ورد في (1) اعلاه؟
هل ينطبق عليك شخصيا هذا التفصيل عن الهوية؟ بمعنى هل حددت هويتك اهدافك و سلوكك كما ورد في (1) اعلاه؟ اذا كانت الهويات كما تفضلت في (2) أعلاه هي (قومية ، عشائرية، مذهبية، دينية) فماذا عن هوية الماركسي او العلماني وانت ماركسي/ علماني؟
يقول البروفيسور قاسم: في (3) أعلاه انه بحالة الاستقرار، يغلب على الجميع الشعور بالهوية الوطنية (الانتماء للوطن).
السؤال هنا :هل كان كُرد/كورد العراق يشعرون بالهوية الوطنية العراقية أيام بيان 11 آذار او هل هم اليوم يشعرون بذلك...و هل كان أهالي مدينة الثورة يشعرون بالهوية الوطنية العراقية خلال كل تلك الفترات من اشكال الحكم...
في احلك الظروف التي مرت على العراق...سواء الاحتلال الأمريكي للعراق او الاحتلال الداعشي لنصف العراق هل وجدت عشيرة او طائفة او دين او قومية تنكرت للوطن و تبرأت من وطنيتها ؟
ثم يُكمل البروفيسور قاسم حسين صالح في (4) أعلاه بالقول: [حين يتعرض الفرد للخطر يتراجع الشعور بالهوية الوطنية و يتماهى الفرد "يتوحد" مع هويته الفرعية إذا تعرضت للتجريح و المظلومية]
السؤال هنا: و إذا لم تتعرض هويته الفرعية للتجريح و المظلومية هل يقف متفرجاً عندما يجد ان الهوية الفرعية الأخرى تتعرض للتجريح و المظلومية؟؟؟... هل سكتت العشائر العراقية و وقفت متفرجة على ما أصاب اللأيزيديين و المسيحيين العراقيين من ظلم و قتل و استباحة و قهر و إذلال؟؟ ثم خلال اشّْكالْ و أنواع نظم الحكم التي تعاقبت على العراق و اخرها النظام السابق "نظام صدام حسين" وانت تعاملت معه علمياً و إعلامياً و ربما سياسياً و هذا غير مستغرب... تعرضت كل الهويات الفرعية للتجريح و المظلومية... بما فيها هوياتك... لطفاً كم عدد او ماهي نسبة الذين توحدوا "تماهوا" مع هويتهم الفرعية وتركوا هويتهم الوطنية...هل انتخى مظلوم و محروم واحد بعشيرته لنصرته ضد ظلم النظام السابق؟ كم نسبة او عدد الاكراد الذين وقفوا مع ظالم الاكراد كما يُطلق عليه ""صدام حسين" و صاروا جحوش قَتَلوا من أبناء جلدتهم/هويتهم القومية و حتى العائلية او ساهموا بقتلهم بحيث اُطلق عليهم جحوش؟...كم عدد الشيعة الذين تعرضوا لظلم أبناء شيعتهم خلال فترة حكم النظام السابق؟ كم عدد الأشخاص الذين أعلنت عشائرهم و طوائفهم و أديانهم و أقوامهم التبراء منهم خدمة للظالم؟ هل هتف احد لعشيرته/طائفته خلال حكم البعث بما فيهم رؤساء العشائر و الطوائف؟ هل التجأ حسين كامل و مجموعته او من هرب معه الى عشيرته في هروبه او عودته و من ثم مقتله عليه اللعنة؟
و في ص(19) ايضاً و تحت العنوان الفرعي : ( تعليق و استنتاج) كتب البروفيسور قاسم تحت عنوان "تعليق" التالي:
*1 ـ لكل فرد الحق في الاعتزاز بهويته القومية، الدينية، المذهبية...شرط ان لا يستعلي بها على الهويات الأخرى.
أقــــــــــــول: استغرب هنا غياب الهوية العشائرية التي تناولها و أشار اليها الأستاذ الكاتب عديد المرات و في مقالات كثيرة و منها في هذا الكتاب!!! هل هي غير مشمولة بهذا الطرح...أي لا يعتز بها الفرد و لماذا؟
ثم مفردة "الاعتزاز" هنا قد تعني الدعوة للتحيز للهوية و التطرف في هذا التحيز ليصبح الشخص مصاب ب"الحول العقلي" او البارانويا او غيرها من غير المفهومات...ثم في أي مجال يبرز هذا الاعتزاز
*2 ـ الذي حصل بعد التغيير ان الشخصية السياسية العراقية فعَّلت الهويات الفرعية بعملية سيكولوجية افضت الى تعصب قائم على تقسيم الناس الى مجموعتين (نحن) و (هم).
اقــــــــــــــول: "نحن و هُم "هذا موضوع مهم عند البروفيسور قاسم حيث يضعه / وضعهُ في مكانه و في أي مكان حتى لو كان خارج السياق لذلك فهو يحتاج الى وقفة. و يحتاج الى بيان الرأي به.
.............................
اول طرح لمعادلة """هم و نحن""" جاءت في مقالة البروفيسور قاسم التي نشرها بتاريخ24 تشرين2/نوفمبر 2009 حسب اطلاعي على منشورات البروفيسور قاسم...في ذلك مقالته: [ التعصب و الاتجاهات..دراسة أولية في طبيعة المجتمع العراقي المعاصر] حيث ورد التالي: (يعدّ التعصب العرقي اخطر أنواع التعصب و أكثرها أذى. وتعنى العرقية Ethnocentrism، النزعة لدى الفرد نحو تفضيل الجماعة التي ينتمي إليها على باقي الجماعات الأخرى. ونظرته إلى جماعته على أنها مركز كل شئ، والحكم على الآخرين بمقاييسها. وتميل الجماعة العرقية إلى ان تضع نفسها فوق الجماعات الأخرى، وتنظر بازدراء إلى الغرباء عنها، وتعتقد أن طريقتها في الحياة هي الطريقة الصحيحة].
يبرز هنا سؤال: اليس هذا التفصيل ينطبق على المتعصبين حزبياً و عشائرياً و عائلياً؟؟؟؟
ويضيف البروفيسور قاسم حيث كتب: ان ثمة حقيقة نفسية خافية عن الناس هي انهم يحابون جماعتهم العرقية، وينظرون إلى أعضائها بمنظار غاية في المحاباة. إذ يرون أنفسهم بأنهم يمتلكون صفات لطيفة، وسلوكاً مهذباً، وانهم محبوبون للغاية. والعامل المزاجي في هذه الحقيقة النفسية هي ان الناس ينـزعون إلى تصنيف عالمهم الاجتماعي الى صنفين (نحن) و (هم). وانه من هذا التقسيم ينشأ التعصب و الصراع و التحيز و التمييز.) انتهى
اود ان أقول للبروفيسور قاسم ان الحياة بكل فصولها و تفاصيها و مكوناتها وما جرى و يجري فيها مذ تكورت هي : """نحن وهم""" هم الاذكياء و نحن الاغبياء هم الابطال و نحن الجبناء هم الصادقين و نحن الكاذبين هم الناجحون و نحن الفاشلون هم الصح و نحن الخطأ...الخ ( قلبت الاقوال بين نحن و هم حتى لا يشملني تفسير البروفيسور قاسم الذي يقول نحن الاذكياء وهم الاغبياء).
ثم يقول البروفيسور قاسم حسين صالح في نفس المقالة التالي: [وعلينا أن نعترف بحقيقة نفسية أخرى، هي حاجة الإنسان إلى هويتين: واحدة للذات وأخرى اجتماعية. الأولى تمثل كينونته ووجوده و(أناه) الخاص به. والثانية تمثل عضويته في جماعة مرجعية (قومية، دينية، مذهبية...). ونشير هنا الى أن الاعتزاز بالقومية أو الدين أو المذهب، يحقق حاجتين نفسيتين لدى الإنسان: الحاجة الى هوية اجتماعية والحاجة الى الانتماء، وهما حاجتان إنسانيتان مشروعتان، شرط أن لا تكونا مصابتين بالتضخم الذي يقود الى الاستعلاء، أو الإحساس بالنقص الذي يفضي الى الشعور بالاضطهاد، وكلاهما من صنف (البارانويا). وأبشع ما في البارانويا أنها اذا ما تمكنت من صاحبها فأنه يصاب بهذيان (لأتغدى به قبل أن يتعشى بي)، ولن يرتاح إلا بعد أن يفعلها، وهذا ما حصل بين العراقيين في عامي 2006 و2007، لدرجة أن القتل صار يستهدف من أسمه " عمر " و "حيدر " و "كاكا سيروان" !.] انتهى
أقـــــــــــول: بعد ان قال عن الهوية الواحدة" قومية دينية طائفية...الخ" جاء هنا ليقول عن حاجة الانسان الى هويتين واحدة للذات تمثل كينونته ووجوده (اناه) و الثانية عضويته في جماعة مرجعية (قومية، دينية، مذهبية...)...وهذا يعني لا هوية وطنية!
الى اللقاء في التالي
عبد الرضا حمد جاسم
549 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع