حوار / أحمد الحاج
سلسلة (أباطيل وخرافات حاخامات صهيون) الحلقة ( ١٣)
* آرثر كوستلر: المصادر التاريخية المتاحة لا تكفي لتأكيد مقولة حصر انتساب الأشكناز إلى الخزر، ولكن من المؤكد أنهم ليسوا من بني إسرائيل.
*مالك بن نبي : يهود المشرق والعالم الإسلامي لم يكونوا يعانون من أي اضطهاد بل كانوا يعيشون في تسامح وبحبوحة وانفتاح.
*العالمة الروسية "التاتيانا غراتشوفا": الإمبريالية الجديدة تسعى لتأسيس خازاريا اليهودية الجديدة أو "خزاريا المخفيّة" .
وهكذا وفي اليوم الـ 197 للعدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة وبينما نحن بصدد كتابة السطور التالية أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية،أن"ضحايا العدوان قد ارتفع إلى 34049 شهيدا و76901 مصاب منذ الـ 7 من أكتوبر 2023" فيما نزح نحو 85% من سكان القطاع المدمر والمحاصر، بينما يواجه نحو 1.11 مليونا من سكان القطاع ظروفا معيشية كارثية وانعداما كليا للأمن الغذائي، اضافة الى تدمير 13 مكتبة عامة، و 195 موقعا تراثيا، و 227 مسجدا ، و3 كنائس، وتدمير 80% من مدارس غزة،الأمر الذي حرم أكثر من 625 ألف طالب من التعليم.
وفي خضم ذلك كله نواصل سلسلة (أباطيل وخرافات حاخامات صهيون) مع الدكتور خالد العبيدي ،الذي أجاب عن اسئلتنا مشكورا لتوثيق السجل الاجرامي الحافل للكيان الصهيوني اللقيط فضلا على بيان دوافعه ومحركاته وجذوره التاريخية والفكرية والسياسية .
س1: لقد أفاض كتاب ” القبيلة الثالثة عشرة : امبراطورية الخازار وإرثها ” لمؤلفه آرثر كوستلر، في بيان أصل اليهود الخازار وهذا ما بيناه في الحلقة " 12" من السلسلة ، ترى بماذا تكهن كوستلر اضافة الى ما ذكرناه سلفا ؟
ج : يتكهن كويستلر حول الإيمان النهائي للخازار وتأثيرهم على التركيب العرقي والإرث الاجتماعي لليهود المعاصرين ، حيث كان الخزر أكثر قوة من جميع جيرانهم، وكانوا في مراحل من التاريخ يعدون القوة الثالثة بعد الإمبراطورية البيزنطية والخلافة العربية، ومع ذلك فقد زالوا من الوجود، وانتهت دولتهم، واضمحل شأنهم. وربما يعود سبب ذلك إلى غياب التماسك الديني والثقافي، فقد كانت دولة الخزر تديرها طبقة حاكمة من اليهود،وأما شعوبها فأغلبها من المسلمين والمسيحيين والوثنيين.
بقيت دولة الخزر بعد القرن العاشر حوالي مائتي سنة، ولكنها لم تعد قوية مؤثرة، وظلت كيانا سياسياً لليهود. وبقي كثير من يهود الخزر وظهر في القرن الثاني عشر الميلادي حركات يهودية تحاول إعادة تجميع اليهود في الأرض المقدسة وتحقيق الرؤية اليهودية القديمة، ويبدو أن الضعف السياسي والعسكري الذي أصاب الخزر فتح المجال للحركات والتنظيمات اليهودية لتطوير التواصل اليهودي عبر العالم لأجل تجميع اليهود، وإنشاء كيان لهم كبديل عن دولة الخزر ويغلب على الدراسات التاريخية أن تنسب يهود الإشكناز إلى الخزر، ولكن قد يكون أيضا كثير من الأشكناز من الأوروبيين الأصليين وليس فقط من الخزر،فالمعلومات والمصادر التاريخية المتاحة لا تكفي لتأكيد مقولة حصر انتساب الأشكناز إلى الخزر، ولكن المؤكد هو أنهم ليسوا من بني إسرائيل.
س2 : وماذا عن كتاب "تاريخ يهود الخزر" ؟
ج : يقول مؤلف الكتاب ( د. م. دنلوب ) في دراسة تاريخية عن يهود الخزر، أنهم شعوب استوطنت حوض نهر قزوين، واعتنقت اليهودية في القرن التاسع الميلادي، وينحدر منها اليهود الأشكناز (الغربيون) المجموعة المسيطرة على إسرائيل ويهود العالم، وهي دراسة تعيد النظر في حقيقة علاقة اليهود بفلسطين، إذ إنها ليست علاقة قومية ووطنية مكانية،على الأقل بالنسبة ليهود الأشكناز.ويؤكد الكاتب أن من المؤكد أن الخزر لم يكونوا عرقا واحدا أو ينتمون إلىقبيلة معينة، ولكنهم تجمع سياسي وعسكري من الشعوب والقبائل، ولا توجد أدلة على نسبة يهود الأشكناز إليهم ولكن المؤكد هو أنهم ليسوا من بني إسرائيل.
ويبين كيف "أقام الخزر دولة قوية وواسعة ومزدهرة استطاعت أن تجد لها مكانا في آسيا وأوراسيا، وأن ترث الإمبراطورية الفارسية، وتنجو من الهيمنة البيزنطية" مضيفا أن انهيار دولة الخزر بسبب المد الإسلامي والذي كان في طبيعته الثقافية والسلمية والاستيعابية يمثل عملية هضم بطيئة وصعبة المراس تكاد تستحيل مقاومتها، فتحولت الخزر بدولها وشعوبها إلى جزء من الأمة الإسلامية، كما حدث للترك والمغول وسائر الشعوب والبلاد التي اتصلت بالإسلام".
س3 : وماذا تعني كلمة خزر ؟
ج : كلمة خزر مشتقة من جذر الفعل التركي " قز" ويعني التجوال والرحيل والبداوة، وبهذا يكون الخزر هم البدو، و كان الخزر جزءا من الإمبراطورية التركية الغربية في آسيا الوسطى في حوالي منتصف القرن السادس الميلادي (قبل أن تعتنق الشعوب التركية الإسلام، والأمة التركية هي في الأصل الشعوب التي كانت تستوطن ما يعرف اليوم بدول وأقاليم أوزبكستان وأذربيجان، وتركمانستان وقرغيزستان، وكازاخستان، وقد هاجرت إلى ما يعرف اليوم بتركيا في القرن الثاني عشر الميلادي وما يليه بعد إسلامها وفي حروبها مع الدولة البيزنطية، ونجحت الدولة التركية عام 1453 في القضاء على بيزنطة، واحتلال عاصمتها القسطنطينية (إسطنبول) التي صارت عاصمة ومركز الدولة التركية ورمزها أيضا). ولاحقا حصل الخرز على استقلال كامل، وأقاموا دولة خاصة بهم، وكانوا يقومون بهجرات وغارات باتجاه الشرق حتى وصلوا أوروبا الشرقية واستقروا فيها في القرن الحادي عشر الميلادي.
س4: هل هناك دراسات أخرى حول الخزر ؟
ج : هناك مقولات ونظريات تاريخية كثيرة حول شعوب الخزر، وأهمها الدراسات العربية والعبرية والصينية القديمة، ولكنها وفي مجملها تدور حول تحولات وتواريخ هجرة هذه الشعوب والأقاليم التي استوطنتها، وتختلف في التاريخ الزمني وإن كانت متفقة في جوهرها على أن هذه الشعوب بدأت تنتشر بينها اليهودية بعد اعتناق أحد ملوكها لليهودية، وكانت في غاراتها وهجراتها متجهة من الشرق (وسط آسيا) إلى الغرب (شمال غرب آسيا وشرق أوروبا).واستطاع الخزر في هجراتهم وحروبهم أن يسيطروا على أراض واسعة في حوض بحر قزوين والبحر الأسود ويزيحوا الشعوب الأخرى نحو الشمال والغرب، ونشأت علاقات وصراعات طويلة ومعقدة مع الدولة البيزنطية. وفي صراع بين الإمبراطور جستنيان والقرم طلب القرم مساعدة الخزر، ونجح التحالف الخزري القرمي في صد البيزنطيين، لكنه زاد من شوكة الخزر وقوتهم وهيمنتهم على شعوب وأراضي المنطقة وتجارتها ومواردها. وفي المحصلة فقد أقام الخزر دولة قوية وواسعة ومزدهرة استطاعت أن تجد لها مكانا في آسيا وأوراسيا، وأن ترث أجزاء من الإمبراطورية الفارسية، وتنجو من الهيمنة البيزنطية.
وعن ارتباط الخزر باليهودية يقول المؤلف: تشير المصادر العربية إلى أنملك الخزر (الخاقان) اعتنق اليهودية وتبعه كثير من حاشيته وشعبه في القرن السابع الميلادي، وبعضها يشير إلى ما بعد ذلك في فترة حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد، وكان الخزر كما ذكر الاصطخري تتوزعهم الديانات المسيحية والإسلامية واليهودية
وغيرها وإن كان ملكهم (خاقان الخزر) من اليهود، ولم تكن تعقد الخاقانية إلا لمن يعتقد اليهودية، وظلت دولة الخزر تعتبر يهودية مستقلة كما في المصادر العربية المتعددة، مثل ابن رستة، والمسعودي، وابن فضلان، وابن حوقل، والاصطخري. ولا تبتعد المصادر اليهودية كثيرا عن المصادر العربية في التأريخ للتحول اليهودي لشعوب الخزر، ففي كتاب يهودا هاليفي الخزري أن ملك الخزر تحول إلى اليهودية سنة 740م، بعد رؤيا رآها، وربما كان يخوض حوارا ذاتيا وبحثا عن الحقيقة أدى به إلى اليهودية.
س5: وهل تناولت العالمة تاتيانا غراتشوفا، الخزر في مؤلفاتها ؟
ج : بالتأكيد فالعالمة المتخصصة تاتيانا غراتشوفا ، وهي باحثة ومحلّلة سياسية ومسؤولة قسم الأبحاث السياسيّة في أكاديمية العلوم العسكرية التابعة لقيادة الأركان العامّة في الجيش الروسي، وباحثة في مركز العلوم العسكرية التابع لقيادة الأركان، حازت على شهادة الدكتوراه من أكاديمية قيادة الأركان في العلوم العسكرية، مختصّة بالأمن القومي، لها العديد من المقالات والكتب حول الأمن القوميّ الروسيّ، وكيفية تطويره بما يتناسب مع التهديدات الداخلية والخارجية وتغيراتها وتطوراتها. وقد قامت الباحثة بتأليف كتاب مهم ببحوث غزيرة عن تاريخ وحقيقة دولة دولة خزاريا اليهودية ونهايتها وتشتت شعبها في شعاب أوروبا وسيطرتهم على مراكز المال والتجارة فيها خلال العصور الوسطى وما تبعها.
تناول الكتاب فصول مهمة مثل: كيف تُدمّر المؤسسة الحكومية للدول، الهدف الأساسي للحروب الحديثة، الحرب النفسية، الحرب الديموغرافية، كيف تستخدم المخدرات لتدمير حياة الشعوب ، تكنولوجيا تدمير الشعوب، المرتزقة: جنود خفيّون يدمرون الدول من الداخل دون أن يشعر أحد بوجودهم، مشروع خازاريا، ما بعد تدمير خازاريا، عودة خازاريا من جديد، انتقام قادة خازاريا الجدد وخططهم للسيطرة على العالم، الولايات المتحدة تحت سيطرة إسرائيل، الحرب النفسية ضد الشعوب، الحرب الحضارية (تدمير الحضارات)، الحرب الثقافية، الإمبريالية الجديدة وخازاريا الجديدة: تأسيس خزاريا، هل ستكون "بيرل هاربر جديدة" وحرب عالمية ثالثة، دور روسيا في محاربة خازاريا الجديدة"خزاريا المخفيّة".
وتذكر المؤلفة في كتابها أن دولة خزاريا أسسها الخزر على شواطئ بحر قزوين في منطقة دلتا نهر الفولغا، امتدت من جبال القوقاز حتى ضفاف الفولغا، والخزر هم قبائل تركيّة الأصل، تمركزوا في تلك المنطقة من آسيا الوسطى، وفي العام 802م، حضر إلى خازاريا من إيران عدد من التجار اليهود بزعامة الحاخام عبادي ، بعد اندلاع ثورة ضدهم، ونجح الحاخام في إقناع حاكمها، الذي كان يطلق علية لقب "الخاقان"، باعتناق اليهودية وجعلها الدين الرسمي للبلاد، بعد أن كان الحاكم على وشك اعتناق إحدى الديانتين المسيحية أو الإسلاميّة، بحكم أنهما الأكثر انتشارًا في المنطقة. وكانت تلك المجموعة من التجار، وعلى رأسهم الحاخام، قد أقنعوا الخاقان أن اعتناقه للإسلام يعني تبعيته للدولة العباسية في بغداد، أمّا اعتناقه المسيحية، فسيؤدي إلى تبعيته للقيصر البيزنطي في القسطنطينيّة،وذلك على عكس اعتناق اليهودية، إذ سيبقى مستقلًّا دون تبعية لأي كان.
بعد أن أعلنت اليهودية الديانة الرسمية للبلاد، رفض الحاخام اعتناق جميع سكان خازاريا الديانة اليهودية، وجعلها حكرًا على طبقة النبلاء من كبار التجار وقادة الجيش ووجهاء القوم، وعندما استتب الأمر لهم، شكّلوا مجلسًا استشاريًا للخاقان، كان بمنزلة سلطة تشريعية وتنفيذية في البلاد، يرأسه أحد أفراد الجالية اليهودية القادمة من إيران، ليتحوّل الخاقان إلى ألعوبة بأيدي اليهود الغرباء عن المجتمع الخزري.
س6 : وماذا عن العالم السوفيتي ليف غوميلوف ؟
ج : يذكر العالم السوفييتي ليف غوميلوف في كتابه "اكتشاف خازاريا"، أنّ اليهود حكموا البلاد بطريقة ديكتاتورية قمعية لم يعرف التاريخ لها مثيلا، فقمعوا بشدة ودموية ووحشية أيّ ثورة شعبية مطالبة بالحدّ من هيمنة اليهود الأجانب، ومع الزمن تكوّن في خازاريا مجتمع مؤلف من عدة طبقات:
* الطبقة الأولى: وهي الطبقة الحاكمة من اليهود الإيرانيين الغرباء،إضافة إلى الخاقان الخزريّ وحاشيته.
* الطبقة الثانية: وهي اليهود الذين ولدوا من أم يهودية إيرانية وأبٍ خزريٍّ، واعتبروا يهوداً وشكّلوا طبقة كبار ضباط الجيش وكبار موظفي الدولة.
*الطبقة الثالثة: وهي الأشخاص الذين ينتمون لأبٍ يهوديّ وأم خزرية، اعتبروا يهودًا من الدرجة الثانية أو "أنصاف يهود" وعملوا أيضًا في الجيش كضبّاطٍ ميدانيين صغار وشغلوا الوظائف الحكومية المتواضعة.
*الطبقة الرابعة: هم عامّة الشعب الخزريّ أو المقيمون فيها من جنسيات وعرقيات أخرى من غير اليهود، منهم المسلمون والمسيحيون الشرقيون والوثنيون.
س7 : هل للمفكر مالك بن نبي ، بحث في هذا الموضوع ؟
ج : المفكر مالك بن نبي في مبحثه عن المسألة اليهودية يكشف أن يهود المشرق والعالم الإسلامي لم يكونوا يعانون من أي اضطهاد بل كانوا يعيشون في تسامح وبحبوحة وانفتاح بل إنهم تبوأوا مناصب مهمة في تلك المنطقة عبر حقب شتى،على العكس من يهود أوربا المسيحية الذين عانوا من اضطهاد وتفرقة وطرد وملاحقات وتشريد وتقنيل ومذابح وما شاكل، لذلك فهو يعتقد أن المسألة اليهودية أو المشكلة اليهودية منحصرة فقط في أوربا المسيحية وليس العالم الإسلامي حيث كانت أوربا تكرههم لأسباب دينية تتعلق باعتقادهم أنهم هم من وشى بعيسى عليه السلام كي يصلب وكذلك لأسباب سلوكية اجتماعية واقتصادية تتعلق بممارسة الربا وشيوع الفاحشة والتهتك الأخلاقي لديهم ونشره في المجتمعات الأوربية المتدينة المحافظة. ويذكر الرجل أن هناك آلاف من الكتب التي نشرت في اوربا منذ القرن التاسع عشر وربما أقدم من ذلك بكثير تتعلق وترتبط وتناقش المسألة اليهودية وتاريخها وملابساتها وأسبابها من المنظور الأوربي حتى انها كانت ضمن أدبيات وقصص العديد من الأدباء والكتاب مثل قصة "تاجر البندقية" الشهيرة لوليام شكسبير وغيرها كثير. لذلك نجد أن مالك بن نبي عالج وناقش المسألة اليهودية - من خلال مؤلفاته العديدة عن الحضارة الإسلامية وكيفية نهضتها من جديد - على انها ترتبط بالحضارة الغربية وسلبياتها وآثارها المدمرة على المسلمين، فهو يقول أن أوربا انحرفت مرتين الأولى عندما تركوا الديانة المسيحية وعادوا للتقاليد الرومانية القديمة والانحراف الثاني عندما بدأ اليهود يسيطرون على أوربا اقتصادياً وثقافياً عن طريق التعاملات الربوية وإشاعة الفواحش والرذئل ونشر الأفكار القومية المتعصبة في المجتمعات الأوربية المحافظة حتى أصبحت اوربا ذات هوية يهودية تقريباً. ويتساءل مالك بن نبي رحمه الله تعالى سؤالاً جوهرياً ل ميسبقة له أحد لا من الغربيين ولا من الشرقيين، ألا وهو: (لماذا اختار اليهود الهجرة نحو الغرب بعد السبي البابلي وهدم الهيكل قبل أكثر من 2000 عام ولم يختاروا الشرق رغم أن الشرق كان متحضراً ومتطوراً جداً فيما كانت أوربا متخلفة وهمجية؟!) ويعتقد أن السبب هو القديس شاؤول أو بول الذي كان يهودياً وأصبح نصرانياً وأعاد كتابة الدين المسيحي وفق المعتقدات اليهودية مما جعل اليهود يتبعونه بعد خروجه من دمشق باتجاه أنطاكية والقسطنطينية فكان ذلك أول تحالف يهودي أوربي عبر التاريخ، ومنذ ذلك الوقت بدأ الانصهار اليهودي في مجتمعات أوربا يزداد بشكل مضطرد حتى وصلت لما وصلت إليه من سيطرة كاملة تقريباً على مقدرات أوربا السياسية والاقتصادية والفكرية الثقافية وغيرها بعد أن تمكنوا من خداع الأوربيين السذج وقتها واستغلوا حاجتهم للأموال فسيطروا على التجارة والصناعة والزراعة واستمروا يقرضون الحكومات الأوربية ربوياً وبشكل فاحش ليغذوا الفتن والحروب والثورات بعدما أشاع مفكروا وحكماء اليهود النعرات القومية والفلسفية الجديدة لدى الأوربيين بشكل مقصود كي يرسخوا السيطرة المالية والاقتصادية عليهم.
ويفسر المؤلف سبب ذلك التوجه نحو الغرب وليس الشرق بأن اليهود عاشوا في الشرق وعرفوه وعرفهم طيلة قرون كثيرة لذلك لن تنجح خططهم في السيطرة عليه وإتمام تمكينهم وهيمنتهم بينما لم يكن ذلك موجوداً مع الأوربيين الذين لم يخبروا اليهود وألاعيبهم وأساليبهم فكان رهانهم للناجح في أوربا الجاهلة أكبر بطثير من الشرق المتقدم الخبير. ثم يستمر الرحل بتبيان التسلسل التاريخي للسيطرة اليهودية على الفكر الأوربي والحياة بشكل كامل حتى وصولهم اليوم للسيطرة على جميع مفاصل الحياة الغربية الأمريكية والأوربية والروسية وغيرها وتحديداً السيرة على الكنيسة الشرقية والغربية وتحريف النصوص المسيحية التي تشير لاتهام اليهود يقتل عيسى عليه السلام وفق معتقداتهم. وقد وصل الرجل لاستنتاج مختصر مفاده أن سيطرة اليهود على أوربا يمكن وصفها بأنهم يفكرون وأوربا تنفذ وتعمل بمثابة أداة طيعة بيدهم وبشكل أعمى.
كل تلك الأسباب والتحليلات وغيرها جعلت، وبحسب مالك بن نبي، من أوربا وأمريكا بعدها خدم للصهيونية العالمية خصوصاً بعد سيطرة كبارها على المال العالمي والثروات
بشكل كبير منذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. انتهى
859 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع