الدكتور رعد البيدر
استجوابُ الرئيس و ( شَخابيطٌ ) أُخرى
استوجَبّت الضرورة أن أعيدَ قراءة كتاب " استجواب الرئيسDebriefing – President " لمؤلفهِ العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) " جون نكيسون" .
سبَبُ إعادة قراءة الكتاب – هو محاولة للوصول إلى مزيدٍ من الفهم المُعَمَّق ؛ بما يعنيهِ وما يُخفيهِ المؤلف - تُبعدني عن (سوء الظن ) الذي توَّلّدَ عندي من القراءة الأولى ؛ فأضمِنُ أن أكون أقرب إلى العقل ، بدلاً من قُربي إلى العاطفة .
تطَلَّبَت غايتي من القراءة الثانية - أن أقف مُتأنياً عند بعض الكلمات، والعبارات، و الأحداث – التي اختارها المؤلف و ربطها ببعضها بعنايةٍ احترافية و ليس اعتباطية ... ثُمَ لأكَوِّن رأياً مُنصِفاً وعادلاً اقتَنعُ واحتفظُ به لنفسي ، أو انقلهُ لغيري ؛ بالتالي لا أبخَسُ حق المؤلف ، ولا أُثني عليه بمدحٍ دونَ استحقاق .
وفقاً لقناعتي - فإن ما أسعى له ليسَ فُضولاً، وليسَ انتقاداً ، وليسَ ترويجاً للكتاب أو لمؤلفه ، بقدر ما هو تسجيل ملاحظات قارئ دَوَّنَها بأسلوب " مُبَسَّط " أبتعدَ فيها عن المزاجية قَدَرُ المُستَطاع ، وإن لم يقترب بل لم يُلامس السياق العلمي المُتبع في تحليل المضمون - الذي يعرِفُ قواعدهِ وأسُسهِ وأسلوب تَتبُعهِ وتَدوينهِ ، وكيفية عَرضهِ ( شفاهاً أو كتابةً ) . بالتالي فهو محاولة للوصول إلى ما ضاعَ عن الباحثين من حقائق مُتناثرة في صفحات كتبٍ احتوَّت أكاذيب و مُغالطات أكثر مما تحتويه من حقائق موثوقة - كُتبت بأيادٍ يُمكِنُ تصنيفها إلى نوعين : أيادٍ امينة كَتَبَت ؛ فصَدَّقَت و أجادَّت - يقابلها ايادٍ أثيمةٍ كَتَبَت ؛ فكَذَبَّت و أساءَت ، وقد يجدُ القارئ حيادية مُميزة في بعض الكتُب ، لكنها لا تلائم مُيول معظم القُراء – الذين يبحثُونَ عن ضالَتهِم... باستثناء من يبحثُ عن الحقائق .
قبلَ المُباشرة بإعادة قراءة الكتاب - شاهدتُ (4) حلقات من برنامج " وفي روايةٍ أُخرى " بعضها يُكَّمِلُ البعض مع ضيف البرنامج المُحَلِل " جون نيكسون " مؤلف كتاب " استجواب الرئيس " مُدة كُل حَلَقَة أكثر من ( 50 ) دقيقة واقل من ساعة ، حاوَّرَهُ فيها الإعلامي " بدر الدين الصائغ " .
أعجَبَتني فِطنَة الضيف - الذي لم يستَعِن بورقةٍ أو بأيةِ وسيلة تذكير ، و لم يتلَكأ أو يُسهِب بإجاباتهِ ، ولم يَمتَنِع عن أية إجابة باستثناء بعض الأسئلة التي ( بَرَّرَ ) امتِناعهِ عن عدم الإجابة عنها - بوضوح ؛ بأن الإجابة لا تُرضي الجانب الأمريكي .
لِمَن يَود مشاهدة حلقات اللقاء التلفزيوني – أدرجُ روابطها في أدناه :
رابط الحلقة الأولى :
https://www.youtube.com/watch?v=gj88mLDjfmE
رابط الحلقة الثانية :
https://www.youtube.com/watch?v=O_pL_NlNNHQ
رابط الحلقة الثالثة :
https://www.youtube.com/watch?v=ijXbY0HYjvA
رابط الحلقة الرابعة :
https://www.youtube.com/watch?v=l4wEq7FV9us
بإمكان الراغب بقراءة الكتاب تنزيل النسخة الإلكترونية من الرابط التالي :
جنسية و مُهمَة المُحَقِق الأمريكي ، و شَخصية و ظروف المُستَجوَّب - الرئيس العراقي الأسبق ، وما يتوَّقع القارئ أن يقرأه في الكتاب تُشَكّل اسباب جَذِب للقُراء - الذين تستهويهم معرفة حقائق ( خافية ) أو للمتعاطفين ( سلبياً أو ايجابيا ) مع شخصية المُستَجوَّب .
لن أحكم على نَوايا المؤلف إن كانت ( بَريئة أو مُتَعَمَّدَة ) عندما استخدمَ عدد من المفردات ( مَدحاً ، أو ذَماً ) للمُستَجوَّب و لمُسَمَيات وحوادث أُخرى أورَدَها هنا و هناك - حيثُ اقتَضّت ضرورة الوضوح ، أو لم تقتَّضيها ، و أظَهَرَها بخطٍ ( غامق – مُميز ) ، وبإضافة نوعية إجابات المؤلف عن بعض الأسئلة في حلقات البرنامج التلفزيوني ، تتوَّلَد شكوكاً ( قد تَدخُلُ ) مُحَصِلتها النهائية ضِمنَ تفسير تعاقُب مراحل اللُعبَة الإعلامية الكُبرى - التي ابتدأت ولم تنتهي بَعد ، مع أن المدة على صدور الكتاب قد تجاوزت ( 10 ) سنوات ، وقد مَضى على تاريخ بث حلقات اللقاء التلفزيوني مع المؤلف قُرابَة ( 8 ) سنوات .
لا يخفى على الكثيرين بأنَ هناكَ فرقٌ كبير بين الوصف بناءً على المَسموع والمَقروء ، وبين تسجيل الأحداث و الوقائع استناداً على المُعايشة للمَنظور والمَسموع من تعاقُبِها الزمني ابتداءً و انتهاءً . ثم يتبناها المؤلف و يُبَينها ( برأي ) مُنصِف يخلو من ( المُغالطة ) ولا يَخضَعُ ( للمِزاج ) فينتقي ما يُريد ، و يَتَخَطى ما لا يُريد ؛ عندها يختَلِط ُالصوابَ مع الخطأ وتتشَوَّه الصورة ؛ فتَصبحُ مِزاجية المؤلف كأنها تتطابقُ مع قول سيدنا الشافعي :
وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
او كما يقولُ العراقيون في الدارجِ من امثالِهم بِلَهجَتِهِم ( العامِيَّة ):
حِبْ وأحچي وأكرَه وأحچي
مَسكُ العصا من الوسط هو نوع من انواع اللعب في المجالات السياسية ، الاستخباراتية ، الإعلامية … ومجالاتٍ أخرى تَطولُ الكتابة عنها ، وهي أسلوب من اساليب المُخادَعة ، وإن كانت تَبدو للآخرين سياسة إرضاء ؛ إلا إنها سبيل لا يخلو من المُغالطة - يُخفي خليطاً من حُسن وسُوء النوايا - سواءً أكانت العصا المَمسوكَة - غَليظة أو رفيعة .
استفَدتُ من نُصوصٍ كثيرة تضَمَّنَها الكتاب - لم أطَّلِع على حقيقتها من قَبل ، ولم تُفاجئني نصوصاً اخرى كونها واضحة ، في حين وجدتُ نصوصاً تَختلطُ بمغالطة ، أو تخلو من الصواب بالمَرَّة .
استَخدَمَ المؤلف الكثير من المُفردات التي تتنافى مع ( اللياقَة – الذوق ) و تُثير استهجان و تَعَجُب القارئ العراقي ؛ رُبما يَعودُ سَبب الاستِهجان و التَعَجُب إلى اختلاف الثقافة المُجتَمَعية بينَ المُحتل الأمريكي وبَينَ العراقي - الذي احتُلَ بلدهِ بذرائع سُرعان ما اتضَّحَت أكاذيبها على المستوى الرسمي - بمعنى آخر أن ثقافتنا كعراقيين لا تتقَبَّل مُفردات لَفظية استخدَمها المؤلف ، في حين تكون نفس المفردات مقبولة في الثقافة الغربية .
السؤال المُرَّكَب الذي يُلزمني أن أستَوضِحَهُ - يا تُرى هل تقع الملامة على المؤلف " جون نيكسون " أم على المُتَرجم " أياد أحمد " ؟ أم أنها شروراً لابد منها ؟
سطوري لا تعني أنني أبحثُ عن أخطاء المؤلف ، ولا أُشيدُ بما كَتَب ، بقدر ما هي اشارة لتسليط ضوء بسيط على سطور كتاب يتحمل اكثر من تفسير حول بعض ما ورَدَ فيه ، ويراهُ البعض أسلوباً مُبَطَّناً بغلاف القناعة ، لكنهُ ( رُبَّما ) يُضمِّرُ هدف الطَعنِ والتَشويه و طَمس الحقائق . سأتركُ للقارئ الفَطِن قناعة التعبير عمَّا يستَنتِجهُ بنفسه بمعزلٍ عن قناعتي الشخصية بالكتاب - التي احتفظُ بها و أُتحفَّظُ عليها .
يتسألُ البعض : يا تُرى هل أشارَ المؤلف " جون نيكسون " إلى حقائق موثوقة تخلو من اكاذيب (أمريكية) جديدة - تُعَزِزُ ( أكاذيب قديمة ) ؟ أمْ أنها ( أكاذيب جديدة ) بعضها مَدحاً وبعضُها قدحاً ؟ لا وجود لشاهدٍ يُدحِضُها ، ولا لضَميرٍ نقي ( يُعَدِّلُ اعوِجاجَ ) حروفها التي تبدو جميلة أو قبيحة انسجاماً مع ما تَرسُمَهُ من صورةٍ في ذهنية القارئ .
في الكتاب سيجدُ القارئ ( الحاقِد ) الكثير مِما يُريد، وبالمقابل سيقرأ ( المُحِب ) مُبتَغاه بين سطور كتابٍ – عنوانه ، و سَلاسَة كتابتهِ يجذبان القارئ ليُسرع بإكمال الصفحة ، ثُمَ لينتقل إلى الصفحة اللاحقة ؛ بهذا سيقتَبِسُ البعض ( ما يشتهي ) وقد يُضيفُ عليها ( توابِلاً ) فَيُطَّيبُها، أو يُنقِص من ( مِلحِها فَيُمَّسِخها ) ، بذلك تتزايدُ مَحَبَّة المُحبين ، ويتفاقمُ حِقدُ الكارهين …
المقومات الرئيسية للكتاب هي : عنوان ، وغاية ، ومضمون ، يُفترضُ أن تتحققَ فيها قواعد : الاختصار، الدقة ، والوضوح ، الترابط ، التكامل و المنطق . بمعنى أوضح - أن أي تخطي لهذه القواعد في الكتابة يُفسِدُ الكتاب بأكمَّلهِ - كما تُفسدُ قَطرَة ( البَول ) نقاوة الحليب مهما كانت كُثرتُهُ " أجَلَّكُم الله ".
أسهَبَ المؤلف بما لا يُفترَضُ أن يُشيرَ لَه ُ، أو بما لا يَتَطَلَب أن يَتَوَّسُعَ فيه ؛ فأتاحَ فُرصة حَد السكين لكل مَن يُريدُ أن يَذبَح النص ، ولَستُ مِنهُم - كما أسلفت .
في لغة أهل الضاد مَثَّل يقول :
ما هَكَذا يا سَعْدُ تُوْرَدُ الإِبِلْ ،
وعلى غِرار قَول " العرب ، الأعراب ، والمُستَعرِبَة " نقول للكاتب :
ما هَكَذا يا " جون نيكسون " تُكتَبُ الكُتُبْ .
رُبَّما أعودُ لتحليل بعض مَضامين الكتاب ... إن شاءَ رَبُ الأرباب .
4831 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع