احمد الحاج
شيفرة وكود"الفيلطوز"الرنان لإرباك وتضليل الكيان !
بعيدا عن وصفات وشيفرات و"راجيتات"بعض الأطباء غير المفهومة لأصحاب بعض المختبرات والمذاخر والصيدليات المشؤومة ممن يتعاملون معها وربما يمتلكون أسهما وحصصا فيها،والتي لن يفهم المريض المسكين ولا مرافقوه أيا من رموزها ولن يفلحوا بفك شيء من طلاسمها بغية إرغام المريض في زمن الغلاء والوباء والبلاء على إجراء التحليلات والفحوصات زيادة على شراء الأدوية تحديدا من الصيدليات الوحيدة القادرة على فك شيفرة الطبيب الاختصاص بناء على اتفاق مسبق بينهما وإلا فلن يحصل المريض المبتلى على علاجه الناجع وبأي ثمن كان ولو شارف على الهلاك،وبعيدا عن تنبؤات المنجمين المشفرة كذلك طلاسم السحرة والدجالين والمشعوذين ممن هجموا بيوت عشرات الملايين،وبعيدا عن رواية"شيفرة دافنتشي"لمؤلفها الامريكي دان براون،وقد ترجمت منذ اصدارها عام 2003 الى (56) لغة حية،فيما تحولت الى مادة دسمة لمناقشة الألغاز والطلاسم، والخوض في أسرار المتاحف العالمية،وسبر أغوار الجماعات والجمعيات والمنظمات السرية الغامضة وعلاقتها بالمال والحكومات والقوى الناعمة وأجهزة المخابرات الدولية وكلها تدور حول "رسالة مشفرة" كتبها القائم على متحف اللوفر بدمائه قبل مفارقته الحياة بفعل رصاصة غادرة أطلقها عليه مجهولون ينتمون الى إحدى المنظمات السرية، وليس قريبا من رواية "شيفرة بلال" الرائعة للروائي العراقي الدكتور احمد خيري العمري،والتي كتبت على هامش أول فيلم أنيميشن عربي طويل بعنوان "بلال" من انتاج شركة "بارجون انتر تينمنت"أقول،كثيرة هي الشيفرات التي حيرت البشرية عبر التاريخ،منها العسكرية ومنها السياسية والأدبية والسيمائية والميثولوجية والاركيولوجية ونحوها من الشيفرات المناظرة ولاشك أن من أشهرها وأخطرها شيفرة فيجينير،وزودياك،وبليتز،وقيصر،وكريبتوس،وبيل،وغيرها من الشيفرات المناظرة التي تسعى عموما الى ايصال المعنى المراد ايصاله الى الجهة المقصودة ولكن من دون أن يفهم أحد وإن سقطت الرسالة بيده عرضا أي شيء من مضمونها ولا مرادها ولا فحواها البتة ،ولعل القصيدة الجاهلية المفترضة (الفيلطوز) للشاعر الذي شكك كثير من النقاد بوجوده أصلا ويدعى الليث بن فأر الغضنفري،تندرج في سياق الشيفرات إما بهدف نقل كلمات يصعب على العذال والمتربصين فهم معناها، أو لغرض التميز والتشويق والاثارة وبما يشبه الرسالة الهندية بالطريقة التي قرأها الراحل المبدع سليم البصري في مسلسل "تحت موس الحلاق"وما يزال تلميذا صغيرا لا يجيد القراءة والكتابة في مركز لمحو الأمية" نحباني للو.. وآه ديكي" ويقول الغضنفري المفترض في قصيدته الجاهلية المفترضة :
ومدركل بالشنصلين تجوقلـت ...عفص له بالفيلطوز العقصـل
ومدحشر بالحشرمين تحشرجت ... شرنا فتـاه فخر كالخر بعطل
والكيكذوب الهيكذوب تهيعهت ... من روكة للقعلبـوط القعطـل
تدفق في البطحاء بعد تبهطلِ ...وقعقع في البيداء غير مزركلِ
لقد شهدت الساحة العربية ومنذ أحداث السابع من اكتوبر 2023 تصاعدا خطيرا وغير مسبوق لعمليات استهداف المسيرات الصهيونية لعشرات القادة الميدانيين في كل من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن ما دفع العديد من الناشطين والمراقبين فضلا على المعنيين الى استبدال هواتفهم النقالة الحديثة إما بالهواتف الأرضية إن وجدت أو بهواتف الميدان السلكية - اللاسلكية المتخلفة أو بهواتف محمولة قديمة الصنع من طراز نوكيا - أبو الطابوكة - ونحوها، فيما لجأ بعضهم الى نظام الرسائل الورقية أيام"البوسطجي" وهي كلمة معربة عن الانجليزية مأخوذة من " بوست " تضاف إليها جي التركية للدلالة على صاحب المهنة أو القائم بالعمل ، بل وإحياء مهنة" البوسطجي" أيضا وذلك في سياق تدوير وإحياء وسائل أكثر أمانا للتواصل والاتصال بعيدا عن المراقبة والتتبع والرصد وإن كان قد عفا عليها الزمن،وسائل تفتقر بمجملها الى التطبيقات والبرامج التقنية الحديثة المتهمة بتحديد الأماكن وبالتجسس وتسريب المعلومات الى أجهزة الموساد والشاباك والسي آي أيه وكلهم يعتمد على الرسائل المسربة لتوجيه المسيرات الصهيونية القاتلة وتحديد أماكن المستهدفين قبيل اطلاق الصواريخ الذكية والموجهة الى مركباتهم الأمر الذي تمخض عن اغتيال العشرات من القادة الميدانيين في حوادث شبه يومية مؤسفة تتصاعد حدتها وتتزايد وتيرتها بشكل مقلق للغاية،إلا أنني والحق أقول لكم قد أصبت بالفزع حين تناهى الى علمي من خلال القنوات الفضائية الى اعتماد المقاومة الفلسطينية واللبنانية على تكتيك الرسائل المكتوبة لنقل المعلومات عبر"البوسطجي" والهواتف الأرضية، ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أحيل المعنيين الى أحداث فيلمين شهيرين أولهما "البوسطجي" وهو من انتاج عام 1968، ومن بطولة شكري سرحان ،وثانيهما هو فيلم " اللعب مع الكبار" من انتاج عام 1991 ومن بطولة عادل امام ، ففيلم " البوسطجي" الذي يعد واحدا من أفضل(35) فيلما في تاريخ السينما العربية ، قد لفت انتباه المشاهدين ومايزال الى مدى موثوقية وحرص بعض البوسطجية من عدمها للقيام بالواجب المناط بهم وحفظ الأمانة على أفضل ما يرام حيث أظهر لنا الفيلم المذكور بطله البوسطجي وقد عقد العزم على الانتقام من أبناء القرية بعد أن فضحوه وضبطوه متلبسا مع عشيقته ليبدأ بالتجسس على رسائلهم المكتوبة بهدف فضح أسرارهم والتشهير بهم على رؤوس الأشهاد علاوة على اشاعة العداوات والخلافات والبغضاء بينهم ثأرا منهم نظير ما فعلوه به ، وبما يشبه ما تقوم به الوحدة "8200"الصهيونية المتخصصة بمواقع التواصل وأجهزة الاتصال بهدف فك الشيفرات وتجنيد العملاء والجواسيس وبث الشائعات ونقل المعلومات الى الاستخبارات الصهيونية، اضافة الى امتلاكها أجهزة للتنصت على الهواتف وفقا للخبير العسكري المصري اللواء الدكتور وائل ربيع ، في تصريح له على قناة سي بي سي، وبما لايختلف عن قصة الفيلم الثاني حيث يقوم أحد المخابرين " محمود الجندي" بالتنصت على المكالمات الهاتفية الشخصية ونقل بعضها الى بطل الفيلم العاطل عن العمل"عادل إمام" ليقوم الاخير بدوره بنقلها الى ضابط كبير"حسين فهمي"بهدف التحرك لمنع الجرائم التي يزمع المتصلون القيام بها قبل أن تقع زاعما "عادل امام " بأن كل ما ينقله من معلومات دقيقة إنما تأتيه على شكل طيف في المنام، تماما كما تزعم العرافة اللبنانية "ليلى عبد اللطيف"وجل معلوماتها مستقة أو مسربة من أجهزة المخابرات ولا علاقة لها بالعرافة ولا بالتنجيم أو بقراءة الحظ والطالع بخلاف ما تزعم ، صحيح أن الفيلم قد بين لنا أهمية التنصت لخدمة القضايا الوطنية الملحة، إلا أنه عكس لنا في ذات الوقت ما يمكن أن يسببه ضعاف النفوس في حال تنصتهم وتسريبهم لمعلومات مهمة تضر بالوطن وتخدم الأعداء وتقف حجر عثرة في طريق النيل منهم والقبض عليهم وهنا مكمن الخطر ومربط الفرس وبما سيظهر لنا جليا بالتزامن مع اعتماد تكتيك"الرسائل الورقية المكتوبة"أو"المكالمات الارضية" لنقل التوجيهات والتعليمات الميدانية وبما قد يخترق "صمت ووحدة الساحات" في حال أسيء تقييم ولاء المخابر والبوسطجي وأخفق في تقدير مدى إيمانهما بعدالة قضيتهما وحبهما لشعبهما ووطنهما وعدم تفريطهما بكل ما يمس بأمنهما وبما يصعب معه تجنيدهما من قبل جهاز الموساد مقابل المال أو النساء لتسريب نصوص تلكم المكالمات والرسائل حتى لايكون كلا من المخابر و- البوسطجي- غير المؤتمنين بديلين بشريين عن برامج التجسس الاسرائيلية ولا حل لهذه المعضلة واضافة الى ما تقدم إلا بتشفير الرسائل النصية والهاتفية كي لايفهمها ناقلها فضلا على مسربها أو المتنصت ولا أقول - المتصنت - عليها ما خلا المنقولة إليهم !!
وأذكر الجميع بفضيحة الاتفاق الصهيوني الأخير مع شركتي أمازون وغوغل بعقد بلغت قيمته 1.2 مليار دولار لتوفير خدمات سحابية إلكترونية لصالح جيش وحكومة الاحتلال وبما يسمح لها بمزيد من المراقبة وجمع البيانات بشكل غير قانوني عن الفلسطينيين وبما يسهل توسيع المستوطنات غير القانونية على الأراضي الفلسطينية المغتصبة وبما دق ناقوس الخطر وأثار المخاوف حول توحش التكنولوجيا واتساع رقعة ونطاق الحروب الالكترونية ، بالمقابل فقد أعرب العشرات من موظفي الشركتين عن استيائهم الشديد من مشروع (نيمبوس) التجسسي خلال رسالة رفعت للمعنيين جاء فيها( بصفتنا موظفين في غوغل وأمازون لديهم ضمير ومن خلفيات ثقافية متنوعة فلا يمكننا ان ندعم قرارا بتزويد الجيش والحكومة الإسرائيلية بالتكنولوجيا التي تُستخدم لإيذاء الفلسطينيين) وسبق لحكومة تل أبيب اليمينية المتطرفة أن تحركت للتعاون مع فيسبوك وانستغرام وتويتر اضافة الى غوغل وامازون لممارسة رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطينيّ والتضييق على وصوله إلى العالم وحذف أو تقليل مقاطع الفيديو والصورالتي توثّق جرائم الكيان في جميع المنصات الإلكترونيّة وحذف منشورات وإغلاق حسابات على خلفية استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك أو المقاومة أو شهيد بذريعة أنها كلمات "تحريضية" أو مخالفة لمعايير النشر ولايختلف الحال مع برنامج (بيغاسوس) وهو برنامج تجسس تطوره وتبيعه شركة "إن إس أو غروب" ومقرها الكيان اللقيط استخدم في اختراق هواتف مسؤولين ونشطاء ومعارضين وصحفيين حول العالم فهذه البرامج تمكن المتسللين من الوصول الكامل إلى كاميرا المستهدف وجميع مكالماته وكل صوره وبريده الإلكتروني وانتهاك خصوصياته وبما يصعُب على المُستهدَف اكتشافها أو منعها بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" ، وهكذا جمع المشروعان الخبيثان والبرنامجان الالكترونيان المشبوهان بين القمع والتجسس والربح في آن واحد ولابد من" كود لبناني وفلسطيني مشفر ومبتكر" للحيلولة من دون الوصول الى هواتف المقاومين أو تسريب معلوماتهم ولحمايتهم من الاستهداف .
ولعل من خفايا وأسرار الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 ما يعيننا على الفهم أو حتى الاقتباس وكفى بالتاريخ واعظا ما يعرف بـ "شيفرات اللغات الميتة" فاذا كانت شفرة (فيرماخت إنجما ) الالمانية التي تستخدم 26 حرفًا حتى عدت بمثابة شفرة الآلات الكهروميكانيكية الدوارة الاخطر في تاريخ الحرب العظمى فلا غرو أن شفرة الهنود الحمر التي تستخدم 8 حروف فقط هي الأدهى بين كل الشفرات العسكرية المناظرة وقد أنقذت شفرة "النافاجو" أو (الكود الهندى )امريكا من هزيمة محققة بمعارك المحيط الهادىء بعد اعتماد الاميركان على لغة مندثرة لا يتحدث بها سوى أفراد قبيلة هندية صغيرة التحق 29 فردا منها بصنف المخابرة منتصف آذار / 1942 ضمن سلاح مشاة البحرية ، وقد لجأ الاميركان الى لغة " النافاجو " عقب دراسة علماء الانتروبولوجي الالمان لغات القبائل الهندية الاخرى قبيل الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 خشية استخدامها في شفرة الحرب الثانية ولاسيما وأن الاميركان سبق لهم وأن إستخدموا لغة قبيلة "تشوكتو" الهندية في الحرب العالمية الاولى (1914- 1918) اضافة الى لغات قبائل الموهوك ، والكومانتش، و الهوبي ، واللاكوتا وغيرهم وبما أثار دهشة الالمان آنذاك إلا أنهم وبرغم دهائهم فقد ذهلوا عن دراسة لغة (النافاجو) بزعم أنها لغة ميتة ومندرسة، ما دفع الاميركان لاستثمار هذا الخطأ الالماني الفادح ليستخدموا اللغة الهندية الميتة كشيفرة سرية ضد اليابان وبما أوقع اليابانيين في حيرة من أمرهم وألحق بهم هزائم عسكرية متلاحقة حتى استسلامهم في ايلول /1945 !
وختاما لا بد من شيفرات ووسائل وأساليب تضليل مبتكرة وكود غريب ومحير على نحو"الفيلطوز"الرنان في كل من فلسطين ولبنان وذلك لإرباك وتضليل فرق وبرامج التجسس الصهيونية ومسيرات الكيان. اودعناكم اغاتي
536 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع