احمد الحاج
وخناجر غيرت مجرى الماضي والحاضر ! ..(2)
كلما بثت وسائل الإعلام نقلا عن مصادر مطلعة أنباء تفيد بقرب التوصل الى هدنة تمهد لتبادل الرهائن واطلاق سراح الأسرى علاوة على وقف حرب الإبادة الجماعية على غزة وما يرافقها من منع إدخال المساعدات الطبية والغذائية الى أكثر من مليوني فلسطيني جائع ومحاصر داخل القطاع،وإذا بالآلة الإجرامية الصهيونية ترتكب مجازر جديدة مشفوعة باغتيالات نوعية لقادة ميدانيين في كل من فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن،وأخيرها وليس آخرها اغتيال الرجل الثاني ورئيس الجهاز الاستراتيجي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر،المعروف بالحاج محسن، في العاصمة اللبنانية بيروت وذلك بغارة شنتها مقاتلة صهيونية على المبنى الذي يقيم فيه بحي الضاحية ،أعقبها وبعد سويعات قليلة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية،داخل مقر إقامته المؤقت في العاصمة الايرانية طهران في عملية نوعية أخرى خلطت جميع الأوراق وقلبت كل موائد المفاوضات -المستديرة منها والمستطيلة- رأسا على عقب ولاسيما حين رافق خبر الاغتيال المذموم والمشؤوم عبارات صهيونية مستفزة ،نحو"تم التخلص منه" وقد جاءت على صفحة المكتب الإعلامي للحكومة الصهيونية مرفقة بصورة "هنية" قبل أن يقوم المكتب بشطبها لاحقا عملا بما يسمى بـ" الصمت الاستراتيجي" ، كذلك عبارة"إن وفاة هنية تجعل العالم أفضل قليلا" بحسب وزير التراث الإسرائيلي،عميحاي إلياهو ، ولعل أشد ما أزعجني هي تلكم التعليقات الساذجة والمتشفية التي غرد بها بعض المتثيقفين العرب ممن حمَّلوا"هنية"تبعات التعاون والتنسيق مع إيران في الحرب ضد الكيان ولهؤلاء جميعا أقول "لو كان القادة العرب ملوكا ورؤساء،أمراء وسلاطين،قد قدموا يد العون الكريمة السخية الباذلة الصادقة ومن غير رياء ولا منِِ ولا أذى الى المقاومة الفلسطينية الباسلة ، ولو أنهم حركوا عشر معشار قطعاتهم و ترساناتهم العسكرية -المجمدة - بدلا من الانبطاح والزحف والتخوين والتهوين مقابل اقامة مواسم الطرب والترفيه على مدار العام زيادة على هرولتهم العجيبة خلف قطار التطبيع أملا بركوبه قبل فوات الآوان لما احتاج الشهيد هنية ولا غيره من القادة الفلسطينيين الأبطال بعد الله تعالى الى أحد قط ،ولله در القائل في أشباه ذلك كله ونظائره :
ما أَصعَبَ الحاجَةَ لِلناسِ..فَالغُنمُ مِنهُم راحَةُ الياس
لَم يَبقَ في الناسِ مُواسٍ لِمَن..يُظهِرُ شَكواهُ وَلا آسِ
اغتيالات طالت مقاومين ومناضلين
العمليتان الصهيونيتان المترادفتان في دولتين مختلفتين(ايران+ لبنان) سبقها بأيام قليلة تدمير ميناء الحديدة بغارات جوية شنها الطيران الصهيوني على دولة ثالثة(= اليمن) تلاها تدمير مواقع دفاعية في دولة رابعة (= سورية) وأخرى بطائرات مسيرة على موقع عسكري في دولة خامسة(=العراق) كلها تؤشر الى أن"النتن جدا ياهو" قد حصل فعليا على ضوء أخضر امريكي خلال زيارته الأخيرة الى واشنطن للقيام بكل ما يقوم به حاليا بمساعدة العملاء الإقليميين والجواسيس المحليين وأجهزة الاستخبارات الدولية اضافة الى صور ومعلومات الأقمار الصناعية متبوعة بدعم من الوحدة 8200 الاستخبارية الصهيونية الإلكترونية الأخطر في العالم لبث الفتن والشائعات ، ولنشر الأراجيف والاشاعات والتي عادة ما يصدقها أصحاب الرؤوس المربعة ، والضمائر المرفعة ، والثقافات السطحية المرقعة ، والشعارات المنقعة عقب كل عملية اغتيال، ولاشك أن أخطرعمليات الاستهداف الأخيرة هي تلك التي استهدفت "اسماعيل هنية" أين ؟ في قلب العاصمة الإيرانية طهران ! متى ؟ غداة تنصيب مسعود بزشكيان،رئيساً جديداً لإيران خلفا للرئيس السابق،إبراهيم رئيسي،الذي أغتيل على الأرجح بحادث إسقاط مروحيته قرب الحدود الأذربيجانية في حال استثنينا فرضية الظروف الجوية القاسية،والعطل الفني الطارئ وبما يشكل خرقا أمنيا واستخباريا خطيرا جعل إيران خاصة، والشرق الأوسط عامة في حيرة من أمرهم يكادون لا يلوون على شيء !
ولاغرو أن مجمل العمليات والاغتيالات الصهيونية النوعية الأخيرة قد شحنت الذاكرة وأعادت الى الأذهان جملة من عمليات سابقة كان قد ارتكبها جهاز الموساد بمعية الشاباك في دول بعيدة أو قريبة طالت قيادات رفيعة ومؤثرة ، ومعلوم للمراقبين والناشطين والمهتمين بأن لاعملية اغتيال صهيونية نوعية البتة إلا ويسبقها ويمهد لها عمليات متابعة ومراقبة وتجسس نوعية داخلية وخارجية أيضا، فقائمة الاغتيالات الصهيونية الطويلة قد بدأت باغتيال ثلاثة من قادة حركة فتح،وهم كل من أبو يوسف النجار،وكمال عدوان،وكمال ناصر،في بيروت عام 1973، أتبعها اغتيال قائد قوات 17"علي حسن سلامة"في بيروت أيضا بسيارة مفخخة عام 1979،أما في نيسان 1988 فقد تم تصفية خليل الوزير ، المكنى(أبو جهاد) في تونس،كذلك اغتيال صلاح خلف (أبو إياد) بمعية قياديين إثنين آخرين في مدينة قرطاج التونسية في 14/ يناير/ 1991،أتبعه اغتيال القيادي بحركة حماس عماد عقل،في حي الشجاعية عام 1993،والمهندس يحيى عياش،بهاتف ملغم في الضفة الغربية عام 1996،تلاها استهداف الشيخ احمد ياسين،بهجوم صاروخي شنته الطائرات الحربية في آذار /2004،أعقبها اغتيال قائد حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي،في نيسان / 2004 بقصف جوي، لتتوالى عمليات الاغتيال فتشمل عشرات القيادات الفلسطينية وأبرزهم محمود المبحوح،الذي اغتاله الموساد في دبي عام 2010، كذلك المهندس محمد الزواري، في تونس عام 2016 وفقا لـ بي بي سي،ووكالة الانباء الفلسطينية .
"الساق الخشبية" وجوناثان بولارد !
"الساق الخشبية" هو الاسم الذي أطلقته دويلة الاحتلال الصهيوني البغيض على غارتها الجوية بطائرات إف-15 وكانت قد استهدفت بصواريخ جو- أرض العديد من المقار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في منطقة (حمام الشط ) جنوبي العاصمة التونسية في 1/ تشرين الأول/ 1985 وبما يشبه عمليتي طهران وبيروت الأخيرتين !
العملية استهدفت آنذاك المنطقة التي يقطنها معظم قادة منظمة التحرير وعوائلهم بعيد مغادرتهم لبنان بناء على اتفاق دولي تلا الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وكان ياسر عرفات،على رأس المغادرين على متن سفينة يونانية بصحبة أكثر من 11 ألفا ينتمون إلى فصائل منظمة التحرير توجه قسم منهم الى تونس ، وقد ارتكبت مجزرة (حمام الشط ) بناء على معلومات سرية وتسريبات للجاسوس الاسرائيلي - الامريكي المعروف جوناثان بولارد ، تضمنت صورا جوية ملتقطة عبر الاقمار الصناعية، كل ذلك قبل أن يقضى بولارد 30 عاما في سجون الولايات المتحدة بتهمة بيع معلومات سرية أمريكية الى الكيان اللقيط !
يومئذ أسفرت الغارة عن تدمير مقر منظمة التحرير ومكتب الرئيس الراحل (ياسر عرفات) ومقر القوة 17 للحرس الرئاسي والإدارة العسكرية والإدارة المالية وبعض منازل المدنيين المجاورة كما أسفرت عن مقتل 50 فلسطينيا و18 تونسيا فيما أصابت 100 غيرهم بجروح مختلفة وفقا للتقرير الرسمي التونسي ، أما عن الخسائر المادية فقدرت بـ 8.5 ملايين دولار بحسب السي أن أن ،لتلقي دويلة الاحتلال بكرة جريمتها النكراء في ملعب تونس متهمة إياها بالإخلال بتعهداتها السابقة ومحملة اياها مسؤولة المجزرة ، ليأتي الفيتو الأمريكي - كالعادة - ويحول دون إصدار قرار يلزم دولة الاحتلال بالاعتذار وتعويض تونس عما لحق بها قبل أن تنتزع الأخيرة قرارا من مجلس الأمن بالرقم 573 يدين المجزرة التي جاءت في أعقاب عملية فدائية استهدفت خلية متنقلة للموساد داخل اليخت (فيرست) بميناء لارنكا القبرصي في 25/ 9/ 1985 وتضم ثلاثة من كبار ضباط الموساد بعد ثبوت تورط الخلية بإعتقال واغتيال العديد من القيادات الفلسطينية المهمة التي تتنقل بحرا بين لبنان وقبرص.
اغتيالات الضفة الغربية و وحدة "دوفدوفان" الخاصة
مع تصاعد مخاوفها من اندلاع انتفاضة في عامة الضفة الغربية، شرعت قيادة جيش الاحتلال بنقل وحدة "دوفدوفان" أو"المستعربين" من قطاع غزة إلى الضفة ، هذه الوحدة التي تأسست على يد إيهود باراك، وتتبع اللواء(89) المتخصص في العمليات السرية مع اندلاع "انتفاضة الحجارة"عام 1987،قد نفذت (54) عملية اغتيال فيما يتنكر عناصرها ممن يجيدون التحدث بالعربية بالملابس الفلسطينية وتعد هذه الوحدة المعروفة أيضا بـ"الوحدة رقم 2017"من أولى وحدات الكوماندوز العاملة في الأراضي الفلسطينية خلال"انتفاضة الأقصى"في أيلول/ 2000،وقد نفذت العشرات من عمليات الاغتيال،ومن الجدير ذكره أن"دوفدوفان"سبق لها وأن عملت بإمرة شعبة "يهودا والسامرة"حتى عام 2015،وكان نشاطها مقتصرا على الضفة الغربية قبل أن يشمل كل الاراضي الفلسطينية،وتتلخص مهامها بجمع المعلومات والاعتقالات وتصفية النشطاء والمقاومين واغتيالهم وفقا لموقع فلسطين الآن،وموقع واي باك مشين.
اغتيالات وجواسيس
يعد جهاز"إم آي 5" البريطاني المعروف بالقسم الخامس التابع لهيئة المخابرات العسكرية البريطانية بمعية نظيره جهاز MI6 من أصحاب السجل الأغزر والأخطر في عمليات المخابرات والتصفية الجسدية حول العالم ومن أشهر عملائهم زير النساء الصربي دوشكو بوبوف ،وكان عميلا مزدوجا ،وهو الذي ألهم الكاتب أيان فليمنغ ، لإطلاق سلسلة روايات جيمس بوند أو العميل 007 عام 1953 وقد بدأت السلسلة برواية " كازينو رويال"المقتبسة عن مغامرة حقيقية قام بها بوبوف حرفيا عام 1941 في كازينو أستوريا!
ولا يختلف الحال مع السي آي إيه ، وأبرز عملياته عملية (بروجيكت أزوريان) في عام 1974 بغية الاستيلاء على الغواصة السوفيتية "كيه 129"الغارقة منذ عام 1968 في المحيط الهادئ للحصول على صواريخها النووية ووثائقها السرية بحسب موقع "رانك ريد".
أما عن أشهر عملاء المخابرات الروسية فهو بلاشك كيم فيلبي ،وكان نائباً لرئيس MI6 البريطاني ومسؤول قسم مكافحة الشيوعية والتجسس عام 1943 إلا أنه كان يبيع جل معلوماته الى الروس مقابل المال وقد تسبب باغتيال أو القبض على معظم الجواسيس البريطانيين ممن كان يكشف عن اسمائهم الى جهاز الكي جي بي السوفيتي قبل أن يفتضح أمره في بيروت ويهرب الى روسيا عام 1963 ليلخص سيرة حياته في كتاب بعنوان"حربي الصامتة" عام 1967!
ولم يختلف الحال مع مايلز كوبلاند ،ضابط الـ CIA المسؤول عن انقلاب سوريا / عام 1949 وهو أول انقلاب بعد الاستقلال وبما كان فاتحة لتدخل الجيش في السياسة وقد مهد الطريق لعشرين انقلابا أو محاولة انقلاب تباعا كان آخرها عام 1970 فضلا عن مشاركة كوبلاند في الانقلاب ضد محمد مصدق ، في إيران عام 1953 ، وقد أبدى كوبلاند استياءه مرارا لعدم تفاعل المخابرات المركزية مع مقترحاته للاطاحة بما يكفي من الحكومات المعادية لأميركا واغتيال أكبر عدد من القادة المناهضين لها وهو مؤلف الكتاب الأشهر " لعبة الأمم "الصادر عام 1969 والذي تكشف صفحاته أسرارا وقواعد مخابراتية وضعها كوبلاند زلزلت عروشا،وأسقطت أنظمة، وأشعلت ثورات ، ونظمت انقلابات، وأطاحت بحكومات !
ماذا تعرف عن العملية 007 ؟!
بتخطيط محكم وبتنسيق مسبق بين جهازي الموساد والسي آي إيه تم الحصول على نسخة من طائرة الميغ 21 روسية الصنع وكانت تعد آنذاك واحدة من أفضل المقاتلات الحربية في العالم بأسره بعد أن هبط النقيب الطيار العراقي منير روفا، بها في مطار تل أبيب وتحديدا في 16 / آب / 1966 عقب تجنيده في قاعدة تكساس الاميركية خلال دورة طيران تدريبية هناك من جراء سقوطه في شباك الحسناء الانجليزية (باربرا) قبل ان يتم تصويره بأوضاع مخلة معها مهدت لابتزازه لاحقا فغاص روفا ببرك الرذيلة أولا قبل أن يغرق بمستنقع الخيانة تاليا وهكذا هو الحال على الدوام في اصطياد العملاء والجواسيس من قبل جهاز الموساد وبما يعرف بـ" مصيدة العسل"ليتم ايقاع معظم الضحايا في شباك"الخمور والمخدرات والنساء والمال" قبل تصويرهم وابتزازهم وتجنيدهم !
وبخلاف روفا فقد أخفق الموساد بتجنيد زميليه في دورة الطيران إياها وهم كل من النقيب شاكر محمود ، والملازم أول حامد الضاحي،فما كان من الموساد سوى اغتيال الضاحي في تكساس برصاص عصابات المافيا (المعروفة بتخادمها مع جهاز الموساد ولاسيما وأن أبرز زعماء المافيا وبالأخص النسخة الأمريكية منها هم من اليهود)، أتبعها اغتيال الطيار شاكر محمود ، في بغداد برصاص الموساد، كل ذلك من أجل التعرف على أسرار الميغ 21 وللرد على إسقاط السوفيت عام 1960 لطائرة تجسس اميركية من طراز لوكهيد يو-2 وأسر طيارها كانت في مهمة استطلاعية فوق الاراضي السوفيتية للتجسس على طائرة الميغ 21 الروسية التي تمتلكها القوات الجوية العراقية والمصرية والسورية وبما يشكل خطرا كبيرا يهدد أمن ربيبتها المدللة اسرائيل ، بحسب موقع عربي 21. أودعناكم اغاتي
653 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع