زيارة شارع المتنبي و المتحف العراقي

 

اللواء  البحري المتقاعد الدكتور ابراهيم فيصل العبيدي

زيارة شارع المتنبي و المتحف العراقي

في صباح يوم الجمعة 4 تشرين الاول الجاري زرنا شارع المتنبي بعد أن أركنّا سيارتنا في ساحة الشهداء جانب الكرخ واجتزنا نهر دجلة الخالد عِبرَ زورق بخاري الى الرصافة بداية شارع المتنبي، ومعي احدى بناتي المهتمة بالآثار اكثر مني التي تعيش في الخارج ولكنها لا تحب الصور عكس أبيها المولع بالصور لغرض توثيق الاحداث .
في بداية شارع المتنبي من جهة النهر شاهدنا جمهرةً من الناسِ يحيطونُ بمطربِ غزاه الشيب يؤدي الاغاني التراثية القديمة الجميلة، نقلتنا تلك الاغاني إلى نصف قرن مضى والتي بها نوع من الشجن ، ثم بالقرب منه جمهرة اخرى يحيطون بمتحدثٍ يتكلم بلغة حادة يستذكر ايام زمان الصحبة الجميلة والمثقفين العراقيين خالدي الذكر بحرقة وحسرة وآلم وكأنه يريد يوصل رسالة للمسؤولين في الدولة .
ثم زرنا بناية المركز الثقافي البغدادي والذي افتتح بزمن احد محافظي بغداد السابقين ، حيث البازار الاسبوعي الذي يضم عددا من الشابات والشباب يعرضون نتاجاتهم اليدوية الفلكلورية والتراثية من الهديا الجميلة للأطفال خاصة وحتى الكتب النادرة او حديثة الطبع .
ثم الطابق العلوي حيث قاعات المحاضرات التي تحمل اسماء كبار المثقفين العراقيين امثال علي الوردي ، جواد سليم وآخرين… والتي تبدأ المحاضرات بوقت مبكر صباح يوم الجمعة من كل اسبوع .
ثم تلى ذلك زيارة ساحة القشلة والتي فيها جلسات الادب والثقافة والشعر الشعبي خاصة واحيانا يقتربون بتحفظ من الدين والسياسة علما أغلبهم من المثقفين اليساريين حسب تصوري..
ثم اطلعنا على بعض الاعمال التشكيلية للفنانين في البناية الواقعة داخل ساحة القشلة ، والتقينا بشخص مولع بجمع الأرشيف العثماني في العراق مع صور موثقة عن تلك الملفات وأوضح بأنه يسافر بين فترة وأخرى إلى تركيا ويجمعها ويعرضها في هذا الزاوية المخصصة له في هذه البناية والملاحظ عليها مكتوبة باللغة التركية القديمة وبالحروف العربية .

تناولنا الشاي في مقهى الشاهبندر الذي تعلو جدرانه العتيقة صور الشهداء وبعض المثقفين الذين غادرونا كطارق حرب وآخرين كِبار رحمهم الله جميعا .صاحب ذلك زيارة قصير جدا للمتحف البغدادي الملاصق لسوق السراي مقابل عمارة الرصافي والملاحظ لم يجرِ اي تحسين عليه او تطوير منذ آخر زيارة له قبل اكثر من 30 عاما .

زيارة المتحف العراقي
عُدنا بعد ذلك لزيارة المتحف العراقي والذي هو منهاجنا الرئيسي الواقع كما هو معروف لحضراتكم في الصالحية قريب من علاوي الحلة لربما بعض الشباب لا يعرفوا موقعه بالضبط ومتى يفتح ، للعلم يفتح يوميا للزوار من الساعة 9-1 عدا يومي السبت والأحد عطلة للمتحف ، ويوم الجمعة يبقى مفتوحا لغاية الساعة 4 مساءً.
دخلنا المتحف العراقي كسياحة تاريخيّة آثارية معرفية ان صح الوصف تختلف عن سابقتها من الزيارات للآثار العراقية الاخرى، هذا البناء المعماري الجميل الذي يحمل على جدرانه الشاهقة وقاعاته الواسعة صفحات موثقة تحكي عن تاريخ عراق الحضارة والمدنية والثقافة والأصالة .
مرورا بالحضارة السومرية في الجنوب والآشورية في الشمال والبابلية في وسط العراق، وهذه الإمبراطوريات القديمة حكمت العراق قبل التاريخ الميلادي بقرون عدة وانتجت الملاحم العظيمة كملحمة گلگامش رغم ما يغلب عليها من الأساطير ، ومسلة حمورابي التي خلدها التاريخ ..
وشرح لنا احدُ المرشدين الآثاريين رغم تحفظه بالكلام عن بعض المشاهد المادية المعروضة من تماثيل وآثار وتحف ومسكوكات النقود المعدنية ونقوش تدل على حضارات عظيمة في العراق وآثار لا تنسى .
وقد اوضح لنا بأن المتحف تعرض الى سرقة اثاره في المخازن بعد 2003، والتي لم تصنف ولم تدخل المتحف بأرقام وكودات خاصة بها ، لانها كانت تحتاج إلى دراسة وفحص وتقييم واعطاء كود لها في حينها ، اما الاثار المعروضة والمصنفة التي تشاهدونها والتي فيها كود عالمي ما حصل من سرقة لها كان قليلا لأن متاحف العالم ترفض شراءها كونها مسروقة ومعروفة لهم ، ولكن المشكلة الاخرى هناك ايادي خبيثة حطمت ودمرت واحرقت الكثير من الاثار المعروضة والمعروف عالميا والتي خلفها أيادي اجنبية حاقدة على العراق بلا شك .
علماً يُعدُ العراق البلد الاول في العالم بعدد الآثار ، حيث يوجد فيه 15 الف موقع آثري مكتشف عن طريق الأقمار الصناعية ، ولكن المنقب والمدروس والمصنف منه هو 8 ‎%‎ فقط وهناك 92 ‎%‎ منه لم يتم تنقيبه او تصنيفه رغم أنه مكتشف بواسطة الأقمار الصناعية .
من نافلة القول ان نستذكر أستاذ التاريخ القديم والذي شغل منصب مدير المتحف العراقي هو الدكتور فوزي رشيد رحمه الله وقد حضرت الكثير من محاضراته عن التاريخ القديم للعراق والحضارات العراقية قبل التاريخ الميلادي والتي أشرت الى البعض منها في سياق الحديث .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1427 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع