أحمد العبداللّه
(جسر بزيبز)..وصمة عار في وجه الحكومة الطائفية
سيبقى(جسر بزيبز)حاضرًا في ثنايا الذاكرة الجمعية لأهل الأنبار وأهل السُنّة عامة, وستتوارث الأجيال القادمة ذكره من جيل لآخر, كشاهد على إجرام الحكومة الطائفية ضد أبناء شعبها. فمآسي(جسر بزيبز)ستظل وصمة عار في الوجه القبيح لحكومة(حيدر العبادي)التي غلّقت الأبواب أمام الهاربين من سكنة الأنبار من بطش تنظيم داعش الإرهابي خلال موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المحافظة في منتصف 2015, بعد أن خذلهم(الجيش الحكومي)وفرّ أمام بضع مئات من مسلحي التنظيم, وتركهم لحال سبيلهم. فلم يجدوا من ملجأً سوى التوجّه لعاصمتهم بغداد, بعد أن تقطّعت بهم السبل.
وبدلا من أن تستقبلهم السلطات الحكومية وتسهّل لهم المرور,فإنها قد اعتبرتهم (حاضنة لداعش), ورفضت السماح لهم بالدخول, إلّا بكفيل من سكنة بغداد!!. وعند عبورهم للجسر بعد انتظار طويل وجهد جهيد, لم توفر الجهات المعنية بملف إغاثة النازحين أي مساعدات لهم، فلا مخيمات تؤويهم ولا طعام يكفيهم ولا علاج يشفيهم, ولا راحة تخفف عنهم العناء, وتحت حرارة الجو القاتلة. ووسط فوضى وحرب نفسية وإهانات وشتائم واتهامات للعوائل باحتضانهم(الإرهاب)!!.
وأكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية, حدوث العديد من حالات الوفاة عند الجسر. وذكر رئيس مجلس قضاء العامرية في محافظة الأنبار؛شاكر محمود العيساوي, وفاة خمسة نازحين عند(جسر بزيبز)، بسبب الحر الشديد والجوع والعطش. ولكن المستهجن إن حيدر العبادي وصف كل تلك المآسي والكوارث, بأنها؛(تهويل إعلامي)!!.
ويقول النازح محمد الحلبوسي في اتصال هاتفي مع(الجزيرة نت)؛إن قوات الأمن العراقية منعتهم لثلاثة أيام من دخول بغداد عبر جسر بزيبز، وقالت إن لديها أوامر من القيادات العليا بذلك. وأضاف؛(المعاناة التي عشناها على الجسر تختزل معاناة سنين قبل السماح لنا بالدخول إلى بغداد، ولم نكن نعلم أننا سندخل، كنا نتوقع أن نموت على الجسر في أي لحظة)!!. ويشير إلى أن اثنين من أطفاله أصيبا بمرض جلدي بسبب عدم وجود مياه صالحة للاستعمال، وأن أطفاله ينامون على الأرض بين الحشرات، حيث لم يغيروا ملابسهم منذ نحو أسبوع. وإنه كان شاهدا على ولادة امرأة من نازحي الرمادي على جسر بزيبز بطريقة بدائية من دون أي وقاية أو إجراءات طبية!!.
وكشفت مصادر أمنية عن اعتقال العشرات من النازحين العائدين إلى الأنبار بتهمة(الإرهاب)، رغم نزوحهم منذ بداية الكارثة، وقد تم تغييبهم ولم يعرف ذووهم مصيرهم أبدا. ويؤكّد الأهالي بأن الكثير من عمليات الاعتقال تحدث وفق وشاية المخبرين السرّيين، وأغلب الوشايات تكون خاطئة، فهي إما انتقامية، أو وهم من قبل الوشاة.
ويتم استغلال النازحين, عندما وضعوا(باص)عند الجسر من جهة بغداد, يتحرك يومين في الأسبوع فقط, لنقل النازحين الراغبين بالتوجّه نحو إقليم كردستان, برفقة قوة عسكرية. وأن(باص النفي والإبعاد)هذا ليس مجانيا، بل إنهم يأخذون مقابل كل شخص 115 دولارا أمريكيا، مقابل نقلهم خارج بغداد، مرورا بمناطق تسيطر عليها الميليشيات الطائفية، ليجد أهل الأنبار أنفسهم أمام مغامرة أخرى من الاستفزاز والابتزاز. ولا يستثني منع العبور أي حالة إنسانية خاصة، ولا يسمح حتى لمن لديه حجز طيران بالعبور، وقد يضيع على الشخص بسبب هذا المنع موعد الطيران ومصاريف التذاكر.
وفي شهادة عيانية للكاتب(طه العاني), بعنوان؛(عندما يضيق الوطن بأهله), نشرها موقع(عربي 21), يقول؛القصص عند(جسر بزيبز)كثيرة، قصص إنسانية مؤلمة، منها قصة ذلك الشاب النحيل الأسمر الذي رأيناه. فجأة تراكضت القوات الأمنية المتواجدة في المكان نحوه، وانهالوا عليه بالضرب واقتادوه لداخل نقطتهم الأمنية، ولم تنفع صرخات أمّه ومناشدتها لهم، بأنه وحيدها وفلذة كبدها، ولا علاقة له بالإرهاب، بل إنه يعيش حياته كأبسط البشر على هذه الأرض. كل هذا لم يجدِ نفعا، وبعد فترة من التحقيق والضرب والإهانة، عاد، ولما سألناه عن سبب اقتياده، كان جوابه إن القوات الأمنية لاحظت أن ثوبه الذي يرتديه قصير بعض الشيء, وأقسم الشاب أمامنا وهو يمسح دموعه؛(والله لا أملك غير هذا الثوب)!!.
ويضيف؛مشهد مؤلم آخر؛عجوز طاعنة في السن، تتألم وتشكو بعد توقّف كليتيها عن العمل، ورغم حالتها المأساوية، إلا أن الضابط المسؤول عن نقطة العبور إلى العاصمة بغداد، لم يسمح لها بالمرور، ولم يكترث لحالها!!.
ويستمر(طه العاني)في وصف تلك المآسي التي تُبكي حتى الصخر الأصمّ, قائلا؛في(بزيبز)..يموت الأطفال الرضّع لعدم تحمّلهم قسوة الحياة، فما بين برد الشتاء وحر الصيف غير المحتمل، يودّع الكثير من الأطفال الحياة، مثلما حدث مع الطفلة(فاطمة)ذات الشهر الواحد، عندما أصابها البرد واشتد عليها المرض، فتركناها تنازع بين الحياة والموت، لا ندري ماذا نفعل معها. فحديثو الولادة وكبار السن, هم الحلقة الأضعف في وسط هذه المأساة!!.
فشتان بين تلك المعاملة الشائنة التي لاقاها النازحون والمهجّرون السُنّة من السلطة الطائفية وقواتها(الأمنية), والمعاملة التي يلقاها الزوار الشيعة القادمون للعراق من إيران وغيرها. فقد وفّرت لهم الحكومة أحدث السيارات لنقلهم داخل العراق, وبدون تأشيرة أو عرقلة وبإجراءات سريعة, مع تهيئة الخدمات المجانية لهم, من مأكل ومشرب ومنام, إضافة لخدمات(التدليك)والمساج, و(خدمات)أخرى لسنا بصددها. ما يشير إلى التمييز الطائفي السافر من قبل تلك الحكومة مع أهل السُنّة.
أما خلال نزوح الآلاف من شيعة لبنان في الحرب الجارية بين إسرائيل و(حزب اللات), فقد استنفرت السلطة الحاكمة كل جهودها وأمكانياتها لتسهيل دخولهم إلى العراق, وتهيئة كل أسباب الراحة لهم، وأعفت المتواجدين منهم داخل العراق من الرسوم والغرامات التأخيرية لمتجاوزي الإقامة، ووجهت جميع المنافذ الحدودية البرية والجوية بتسهيل العبور.
وجهز الهلال الأحمر العراقي، أربعة مراكز استقبال في منفذ القائم الحدودي مع سوريا، تحتوي على محطات استراحة و4 مستشفيات متنقلة و20 سيارة إسعاف. لتوفير الخدمات الفورية ليوم أو يومين، ومن بعدها يتم نقلهم إلى المحافظات العراقية. وهيّئت لهم خدمات لوجستية من مواد غذائية وتجهيزات وسكن ودعم مالي. كما تم شحن 75 طنًا من المواد العلاجية والطبية والإغاثية المختلفة إلى بيروت, على وجه السرعة, بواسطة طائرات القوة الجوية.
وفي الوقت الذي يموت فيه المواطن العراقي ولا يجد العلاج, فإن وزارة الصحة أبدت استعدادها لاستقبال أي عدد من الجرحى اللبنانيين، وتقديم كل المساعدات اللازمة في المستشفيات الحكومية وغير الحكومية!!. كما أعلنت وزارة التربية إنها ستقبل جميع الطلبة في مدارسها، إن كانوا يمتلكون وثائق دراسية تثبت مراحلهم الدراسية،أو الذين لا يمتلكونها, على اعتبار أنهم في وضع استثنائي. وامتد سخاء الحكومة العراقية إلى المطالبة بتوظيفهم في القطاع العام المترهّل والمتخم!!.
وانتشرت أخبار بشأن وجود توجّه لتوطين شيعة لبنان في بعض مناطق حزام بغداد, وأخرى مختلطة دينيًا مثل محافظة ديالى, بدوافع سياسية ذات خلفيات طائفية, وكجزء من عمليات التغيير السكاني، باعتبار إنّ النازحين اللبنانيين الواصلين بالفعل, أو المتوقّع تدفق المزيد منهم, هم من جنوب لبنان, موطن(حزب اللات),الذي يتقاسم مع الأحزاب والفصائل الحاكمة في العراق الانتماء الطائفي والارتباط المصيري بالمحور الإيراني.
واستنفر(السيستاني)أتباعه لمساعدة(الشعب اللبناني)، وفتحت مكاتب وفروع في المحافظات لاستقبال التبرعات. بينما صمت(السيستاني)صمت القبور إزاء مأساة النزوح لأكثر من خمسة ملايين سُنّي, وبدلا من إغاثتهم,(أرسل)لهم الحشد الشيعي لإبادتهم!!.. كما صرح وزير العمل أحمد الأسدي، إن حكومته أعطت الأولوية للعمالة اللبنانية لتوفير فرص عمل لهم. في وقت هناك ملايين العاطلين عن العمل من العراقيين الذين يبحثون عن لقمة العيش، لكن لم يتم توفير وظائف لهم, رغم خروجهم المستمر بتظاهرات للمطالبة بالتوظيف!!.
وامتدَّ هذا(الكرم الحاتمي)والنفاق الحكومي, ليشمل بعض محافظي المحافظات السُنيّة, فقد إعلن محافظ صلاح الدين؛بدر الفحل, استعداد المحافظة لاستقبال وإيواء أفواج من شيعة لبنان النازحين. وبالفعل فقد وصل مئات منهم وتم إسكانهم في مجمع سكني في حي القادسية في تكريت. في الوقت الذي لا يزال فيه الآلاف من أهالي المحافظة أنفسهم ممنوعين من العودة لمناطقهم, بسبب احتلالها من قبل الميليشيات الطائفية الإيرانية, منذ 2014!!.
فمما تقدم نرى إن هناك ازدواجية صارخة وكيل بمكيالين في التعامل بين نازحي أهل البلد الأصليين, وبين أولئك الذين نزحوا من لبنان, والذين أمرت السلطات الحكومة بأن يكون وصفهم(ضيوف),وليس(نازحين), حفاظا على(مشاعرهم الرقيقة)!!. وكان الأوْلى بالحكومة, أن توفّر السكن والمعيشة والحياة الكريمة للنازحين العراقيين في إقليم كردستان وعامرية الفلوجة, ومهجّري جرف الصخر ويثرب وعزيز بلد والعوجة وسليمان بيك, وغيرها من المناطق التي لا يزال أهلها مهجّرين منذ أكثر من عشر سنوات, وأن تعيدهم إلى ديارهم التي أُخرِجوا منها ظلما وعدوانا.
https://www.youtube.com/watch?v=gqPorl5jZfM&t=3s
..........................................................
للراغبين بالاطلاع على المقال السابق؛(جرذ الضاحية)يوزّع الحلوى ابتهاجًا بإعدام صدّام حسين!!..
https://www.algardenia.com/maqalat/65302-2024-10-21-12-20-03.html
3834 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع