الإعلام الرغوي

 د.ضرغام الدباغ / برلين

الإعلام الرغوي

الأجواء الإعلامية مشحونة دون شك، الأنباء تشوبها أنصاف الحقائق، والجزء الأكبر منها للأسف أكاذيب مفبركة ولكن هناك أيضاً أسماء لكتاب واعلاميون مناضلون وشرفاء، كتاباتهم واعمالهم تلتهب نورا ونار في زمن صعب، (في العراق بعدد أصابع اليد الواحدة) القابض على مبادئه كالقابض على جمرة من النار. الزمن عصيب تطاردك شبح الإقامة، وإيجارات الشقق الغالية، والنصابين، الطامعين بالفلس في الجيب، والواشين لدى السلطات، والجو مشحون بالأوغاد أيضاً، والمخبرين، والانتهازيين، ومن يجيدون اللعب على الحبال، والبعض (بل الكثير) يستعد لليوم التالي ... الأسود، ومنهم من يفهم من التطورات شيئ واحد، هو أن يغنم بالثأر، ويوم يملأ جيوبه بالمال الحرام، وقليل.. قليل جداً من يفكر بمصير هذه الأرض التي تعرضت للتجريف عدة مرات خلال حقبة قصيرة ...! أما القراء والمشاهدون، فليعينهم الله على احتمال هذا الضخ من المواد الرغوية في الفكر، التي وكنتيجة حتمية تشكل موانع تفكير.

ما هذا ...؟
من عايش منا عهود عديدة، وشهد انتقالات للسلطة، تهاوت، وكان "الزعيم الأوحد" قد صرح بسهولة، رغم أنه كان قائدا عسكريا قبل أن يكون سياسياً، مع ذلك قال بالحرف الواحد " جمهوريتنا أمنع من عقاب الجو " وشهدنا رئيسا عفيف اليد واللسان، يمتنع حتى عن محاسبة المتآمرين على حكمه، ويطلق سراحهم بنفسه ويسفرهم حيث يرغبون، والناس يطلقون عليه الرئيس الضعيف. ورئيساً لم يكن يسامح الخونة والجواسيس، واللصوص والمرتشين حتى لو كانوا من اقاربه، ومن كبار الموظفين في عهده، أطلقوا عليه شتى التسميات ... ولكن الناس اليوم تغفر له، لأنه كان يريد أن يبعد العراق عن هذا اليوم الأسود.. فاغتالوه إعدماً
ما هذا ...؟
يقول البعض، ترى اندفع ثمن تراكم الأخطاء منذ عام 1958 وحتى الآن، لنتطلع إلى سلسة لا تنتهي من صور الشهداء، والكثيرون منهم اغتيلوا لأسباب واهية، قائمة خرافية من الضحايا رحلوا إعداما أو اغتيالاً، أو تشريداً، علماء ومفكرين وتقنيين، وخبراء، وقادة، كلهم كانوا مخلصين في خدمة العراق، بل أن ضابطاً برتبة كبيرة أعدم بطلب من جهة أجنبية، دون أن يرتكب شيئاً يستحق ذلك ...كم من الناس سلبت ممتلكاتهم، وحرموا من حقوقهم، وهم شرفاء مخلصين... آلاف العلماء والمفكرين في بلاد العالم، والبلد يطوف على بحر من شهادات مزورة، لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، اليوم، وأتوقع أن نسبة خطيرة (أكثر من 60%)من حملة الشهادات العليا، شهاداتهم في الواقع مزورة، الكل يطارد الكل.. لا أحد ينجو من الحساب والكتاب ... كأن ساحرا دس لنا السحر لنتقاتل بلا نهاية ...! أو كأننا نثأر من فعل قمنا به فلننتقم إذن من انفسنا ... لأننا فقدنا الرضا واحترام ذواتنا...!

لماذا لا يتعب معد البرنامج نفسه قليلاً... قليلاً فحسب ليأتي برنامجه مقنعاً، يستحق الاهتمام، فأنا نجد نفس مضطراً، ومعذرة، أن أسمي هذا الضرب من الاعلام، بالإعلام الرغوي، الذي يضر ولا ينفع، يضر من حيث هو كالبالون المنفوخ بالهواء، ومضر من حيث يؤدي إلى التزحلق لمواقف غير مرغوبة أو مطلوبة، والناس في بلادنا حين يتفرجون على البرامج قتلاً للوقت، أو التسلية، لا من أجل أن يضيفوا شيئاً لخزان معارفهم، أو ليزداد وعيهم. وربما حتى ليضحكوا، رغاوي وفقاعات لا طائل منها.. وإلى هذا الصنف من الإعلاميين أتوجه بالقول، لماذا لا يتعبون أنفسهم ولو قليلاً ويشاهدوا برامج مماثلة في أوربا، حيث معد البرنامج يحترم وعي وذكاء المشاهد، قبل أن يعد برنامجه، ويعد لبرنامجه إعدادا جيداً، بحيث يكون لديه (Concept) رؤية / مفهوم واضح ، لما سيكتب أو يقدمه فيأتي عمله مفيداً لمن يطالعه أو يشاهده...

أقول هذا وإن كان هناك في العراق عدد (بسيط) من مقدمي البرامج المهمين الشجعان، والمحترمين، ممن يقدمون مواد وبرامج جيدة، فصاعداً، وأعتقد أنهم يبثون من خارج البلاد. أما الصحافة العراقية فوضعها بائس لدرجة الحزن، هناك صحيفة واحدة فقط تستحق أن تقرأ ...

سؤالي ورباط السالفة هو : كيف نستطيع أن نكون وعيا اجتماعيا جمعياً بهذه الأدوات المتعبة ...؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

879 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع