ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في اللغة والادب/ ١٠١ البرغوث والبعوض والبق في التراث العربي
روى الطبراني في معجمه" عن أنس (رض) قال: ذكرت البراغيث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنها لتوقظ للصلاة . ونقل عن علي بن ابي طالب (رض) قوله نزلنا منزلا فآذتنا البراغيث فسببناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوها فنعمت الدابة ، فإنها أيقظتكم لذكر الله .
وهو صنفان: صنف يشبه القراد لكن أرجله خفية، ورطوبته ظاهرة يسمى بالعراق والشام الجرجس، وبمصر البق، ويشم رائحة الإنسان وتعلق به كقراد الجمل والكلب وله لسع شديد جدا، ويقال أنه يتولد من النفس الحار، ولشدة رغبته في الإنسان لا يتمالك إذا شم رائحته، فإن في السقف رمى بنفسه عليه فلا يخطئه، والصنف الآخر طائر، ويسميه العراقيون البق، ويسميه المصريون الناموس، والماء الراكد يولده فإن صار الماء رقراقا استحال دعاميصا، والدعاميص تستحيل فراشا، والبعوض في خلقة الفيل إلا أنه أكبر أعضاء منه، فإن للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا، وله مع هذه الأعضاء يدان زائدتان، وأربعة أجنحة وخرطوم الفيل مصمت، وخرطومه أجوف نافذ الخرق، فإذا طعن به جلد الإنسان استقى منه الدم، وقذف به إلى جوفه، فهو له كالبلعوم والحلقوم، ومما ألهم أنه إذا جلس على عضو من أعضاء الإنسان لا يزال يتوخى بخرطومه السان التي يخرج منها النفس والعرق، لأنها أرق بشرة جلد الإنسان، وإذا وجدها وضع خرطومه فيها وهذا الخرطوم على هيئة خرطوم الفيل فيه غضون كبيرة يجمعه بها ويحده إذا أحب بتدريج في خلقه من الدقة إلى الغلظ على تناسب مخصوص، وله رأس هذا الخرطوم سم يستعين به على تليين الجلد الذي يقع عليه، وعلى هضم ما يبتلعه من دم وفيه من الشره أنه يمتص من دم الإنسان إلى أن ينشق ويموت أو يمص إلى أن يعجز من الطيران فيكون ذلك سبب قتله، وله في خرطومه من القوة بحيث أنه يغمسه في جلد الفيل، والجاموس كما يغمس في الإنسان إصبعه في الثريد. ومن طرائف أمر البعوض، أنه ربما قتل البعير وغيره من ذوات الأربع فيبقى طريحا في الصحراء فتجتمع حوله من السباع والطير التي تأكل الجيف فمتى أكل منه شيء منها مات لوقته في موضعه، وكان بعض جبابرة الولاة بالعراق يقتل بالبعوض بأن يأخذ من يريد قتله تعذيبا فيخرجه مجردا إلى بعض الآجام التي بالبطائح فيتركه بها مكتوفا فيقتله في أرجى وقت وأسرعه، ولهذا قال الجاحظ وبعوض البطائح كجرارات الأهواز، وعقارب شهرزور، فربما ظفر بالسكران النائم فلا يبقى فيه إلا عظما عارية وهي على صغر جرمها قد أودع الله في مقدم دماغها قوة الحفظ، وفي وسطه قوة الفكر، وفي مؤخره قوة الذكر، وخلق لها حاسة البصر، وحاسة اللمس وحاسة السمع، وحاسة الشم، وخلق لها منفذا للغذاء ومخرجا للفضلة، ومتى كان الأمر كذلك فقد خلق لها جوفا وأمعاء وعروقا وعظاما، فسبحان من قدر فهدى، ولم يخلق شيئا من المخلوقات سدى وقال الزمخشري في تفسيره، وفي خلق الله تعالى أصغر من البعوضة وأقل الدرجات فربما تجد في تضاعيف الكتب العتيقة دويبة لا يكاد يجليها البصر الحاد إلا بحركتها، فإذا سكنت فالسكون يواريها، ثم إذا لوحت بها بيدك حادت عنها وتجنبت مضرتها فسبحان من يدرك صورة تلك ويرى أعضائها الظاهرة والباطنة وتفاصيل خلقها، ويبصر بصرها ويطلع على خبرها، وقال بعض المخلصين في دعائه والمستغيث بندائه:
يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى نياط عروقها في نحرها ... والمخ في تلك العظام النحل
اغفر لعبد تاب من فرطاته ... ما كان مني في الزمان الأول
الوصف والتشبيه
قال بعض الظرفاء:
بعوض جعلن دمي قهوة ... وغنينني بضروب الأغاني
كأن عروقي أوتارهن ... وجسمي الرباب وهن القيان
وقال آخر يصف بعوضة:
مثل الشفاه دائم طنينها ... ركب في خرطومها سكينها
وقال أبو إسحاق الصابي:
وليلة لم أذق من حرها وسنا ... كأن في جوفها النيران تشتعل
أحاط بي عسكر للبق ذه أجب ... ما فيه إلا شجاع فاتك بطل
من كل شائكة الخرطوم طاعنة ... لا يمنع الحجب مسراها ولا الكلل
كانوا علينا وحر الصيف ينضجا ... حتى إذا نضجت أجسادنا أكلوا (مباهج الفكر ومناهج/111)
المفهوم اللغوي
ذكر مرتضى الزبيدي" القُذَّة البُرْغُوثُ، كالقُذَذِ كصُرَدٍ وهو واحِدٌ وليس بجمْع قُذَّة، قاله الأَصمعيُّ، جمعه قِذَّانٌ بالكَسْرِ، أَنشد الأَصمعيّ:
أَسْهَرَ لَيْلِي قُذَذٌ أَسَكُّ أَحُكُّ حَتَّى مِرْفَقِي مُنْفَكُ
وقال آخر:
يُؤَرِّقُنِي قِذَّانُها و بَعُوضُها
وقال آخر:
يَا أَبَتَا أَرَّقَنِي القِذَّانُ فالنَّوْمُ لا تَأْلَفُه العَيْنَانُ
(تاج العروس5/388). واضاف الزبيدي" ذكر الجَلالُ السّيوطيّ في كتاب البرْغُوث أَنه مُثَلّث الأَوّل، وهو مثلُ قول الدَّمِيرِيّ: الضَّمّ فيه أَشهرُ من الفتح، وكلاهما يحتاج إِلى ثَبتٍ، قاله شيخنا. قلت: وكفى بهما قُدْوَةً و ثَبثاً، أَي معروف، وهي دُوَيْبَة شِبْهُ الحُرْقُوصِ، وجمعه البَراغِيثُ". (تاج العروس3/171). وذكر نشوان الحميري" الطامر: يقال للبرغوث : طامر بن طامر". (شمس العلوم7/123). بمعنى الواثب ومن وثب. و" الخَمُوش : البعوض ، لأنها تخمش الوجه". (شمس العلوم3//683). وقال الحميري" البَعُوض: من صغار البق ، الواحدة بَعُوضَةٌ ، بالهاء. واشتقاقها من البَعْض لأنها كبعض البقّة ، قال الله تعالى في سورة البقرة/26 (( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً))، أي أن يضرب مثلاً بعوضةً، نصبها على البدل، كقول النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إِلى حَمَامَتِنا أو نِصْفَه فَقَدِ
(ديوان النابغة/24). . (شمس العلوم1/570)
ذكر نشوان الحميري" البقة: واحدة البَقّ. يقال: هو أصغر من عين البقة ومن عين الذّباب ، يضرب مثلاً في الصغر. ويقال: هو أَذَلُّ من بقّة. ولذلك قيل في العبارة : إِن البقَّة إِنسان ضعيف كثير الأذى". (شمس العلوم/388)
قال ابن منظور" البَقُّ: البَعُوض، وَاحِدَتُهُ بَقَّة. وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَم، وقيل لزُفَر بن الحرث:
أَلا إنَّما قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ بَقّةٌ إِذَا وَجَدَتْ رِيحَ العصيرِ تَغَنَّتِ
وَقِيلَ: هِيَ عِظامُ البعُوض؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَغَرّ مِنَ البُلْقِ العِتاقِ يَشُقُّه أَذى البَقِّ، إِلَّا مَا احْتَوَى بالقَوائِم
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْصَعْنَ بالأَذْناب مِنْ لَوحٍ وبَقْ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبَعْضِ الأَعراب يَهْجُو قَوْمًا قصَّروا فِي ضِيافتِه:
يَا حاضِرِي الماءِ، لَا مَعْروفَ عندكمُ لَكِنَّ أَذاكمْ عَلَيْنَا رائحٌ غادِي
بِتْنا عُذُوباً، وَبَاتَ البَقُّ يَلْسَبُنا نَشْوِي القَراحَ كأَن لَا حَيَّ بالوادِي
إنِّي لَمِثْلُكُمُ فِي مِثلِ فِعْلِكُــــمُ إنْ جِئْتُكمْ، أبَداً، إِلَّا مَعِي زَادِي
(لسان العرب10/23).
قال أبو هلال العسكري" يُقالُ للبرغوثِ الطَّامرُ، لِطُمُورِهِ، والطُّمورُ الوثبُ. ويُقالُ لهُ: القذُّ، والجمعُ قذَّانٌ. واشتقاقُ البرغوثِ منَ البرغثةِ، وهوَ لونٌ مثلُ الملحةِ. ".(التلخيص في معرفة الاشياء/393).
قال شمس الدين المرداوي" رَوَى الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إذَا آذَاك الْبُرْغُوثُ فَخُذْ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ((وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ))، سورة إبراهيم/12الْآيَةَ. فَإِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَآذَاكُمْ عَنَّا، ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ فِرَاشِك، فَإِنَّك تَبِيت آمِنًا مِنْ شَرِّهَا» . وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي التَّوَكُّلِ أَنَّ عَامِلَ أَفْرِيقِيَّةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْكُو إلَيْهِ الْهَوَامَّ، وَالْعَقَارِبَ فَكَتَبَ إلَيْهِ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ إذَا أَمْسَى وَأَصْبَحَ أَنْ يَقُولَ ((وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ))، سورة إبراهيم/12 الْآيَةَ. قَالَ زُرْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ رُوَاتِهِ وَيَنْفَعُ مِنْ " الْبَرَاغِيثِ، وَقَالَ حُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحِيلَةُ فِي طَرْدِ لْبَرَاغِيثِ أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْكِبْرِيتِ وَالرَّاوَنْدِ فَتُدَخِّنَ بِهِ فِي الْبَيْتِ، فَإِنَّهُنَّ يَهْرُبْنَ وَيَمُتْنَ، أَوْ تَحْفِرَ فِي الْبَيْتِ حُفْرَةً وَتُلْقِيَ فِيهَا وَرَقَ الدِّفْلَى، فَإِنَّهُنَّ يَأْوِينَ إلَى تِلْكَ الْحُفْرَةِ كُلُّهُنَّ فَيَقَعْنَ فِيهَا، وَقَالَ الرَّازِيّ يَرُشُّ الْبَيْتَ بِطَبِيخِ الشُّونِيزِ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ بَرَاغِيثَه، وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا نَقَعَ السَّذَابَ فِي مَاءٍ وَرَشَّ فِي الْبَيْتِ مَاتَتْ بَرَاغِيثُهُ. قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَإِذَا دَخَلَ الْبُرْغُوثُ فِي أُذُنِ الْإِنْسَانِ الْيُمْنَى فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ الْيَمِينِ خُصْيَةَ نَفْسِهِ الْيُسْرَى وَإِذَا دَخَلَ فِي الْأُذُنِ الْيُسْرَى فَلْيُمْسِكْ الْخُصْيَةَ الْيُمْنَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ سَرِيعًا، وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الطُّرْثُوثِ قَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي أَعْيَانِ الْعَصْرِ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْخَوَاصِّ أَنَّ الْبُرْغُوثَ إذَا دَخَلَ فِي أُذُنِ أَحَدٍ وَضَعَ الْإِنْسَانُ أُصْبُعَهُ فِي سُرَّتِهِ، وَقَالَ سَبَقْتُك، فَإِنَّ الْبُرْغُوثَ يَخْرُجُ مِنْهَا".( غذاء الألباب1/50).
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" ذكر الجَلالُ السّيوطيّ في كتاب البرْغُوث أَنه مُثَلّث الأَوّل، وهو مثلُ قول الدَّمِيرِيّ: الضَّمّ فيه أَشهرُ من الفتح، وكلاهما يحتاج إِلى ثَبتٍ، قاله شيخنا. قلت: وكفى بهما قُدْوَةً و ثَبثاً، أَي معروف، وهي دُوَيْبَة شِبْهُ الحُرْقُوصِ، وجمعه البَراغِيثُ". (تاج العروس3/171)
ـ ذكر نشوان الحميري" البَعُوض: من صغار البق ، الواحدة بَعُوضَةٌ ، بالهاء. واشتقاقها من البَعْض لأنها كبعض البقّة ، قال الله تعالى في سورة البقرة/26 (( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً))، أي أن يضرب مثلاً بعوضةً، نصبها على البدل، كقول النابغة:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إِلى حَمَامَتِنا أو نِصْفَه فَقَدِ
(ديوان النابغة/24). . (شمس العلوم1/570)
قال ابن منظور" البَقُّ: البَعُوض، وَاحِدَتُهُ بَقَّة. وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَم، وقيل لزُفَر بن الحرث:
أَلا إنَّما قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ بَقّةٌ إِذَا وَجَدَتْ رِيحَ العصيرِ تَغَنَّتِ
وَقِيلَ: هِيَ عِظامُ البعُوض؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَغَرّ مِنَ البُلْقِ العِتاقِ يَشُقُّه أَذى البَقِّ، إِلَّا مَا احْتَوَى بالقَوائِم
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَمْصَعْنَ بالأَذْناب مِنْ لَوحٍ وبَقْ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبَعْضِ الأَعراب يَهْجُو قَوْمًا قصَّروا فِي ضِيافتِه:
يَا حاضِرِي الماءِ، لَا مَعْروفَ عندكمُ لَكِنَّ أَذاكمْ عَلَيْنَا رائحٌ غادِي
بِتْنا عُذُوباً، وَبَاتَ البَقُّ يَلْسَبُنا نَشْوِي القَراحَ كأَن لَا حَيَّ بالوادِي
إنِّي لَمِثْلُكُمُ فِي مِثلِ فِعْلِكُــــمُ إنْ جِئْتُكمْ، أبَداً، إِلَّا مَعِي زَادِي
(لسان العرب10/23).
قال شمس الدين المرداوي" رَوَى الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا آذَاك الْبُرْغُوثُ فَخُذْ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] الْآيَةَ. فَإِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَآذَاكُمْ عَنَّا، ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ فِرَاشِك، فَإِنَّك تَبِيت آمِنًا مِنْ شَرِّهَا» . وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي التَّوَكُّلِ أَنَّ عَامِلَ أَفْرِيقِيَّةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْكُو إلَيْهِ الْهَوَامَّ، وَالْعَقَارِبَ فَكَتَبَ إلَيْهِ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ إذَا أَمْسَى وَأَصْبَحَ أَنْ يَقُولَ {وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] الْآيَةَ قَالَ زُرْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ رُوَاتِهِ وَيَنْفَعُ مِنْ " الْبَرَاغِيثِ، وَقَالَ حُنَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحِيلَةُ فِي طَرْدِ لْبَرَاغِيثِ أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْكِبْرِيتِ وَالرَّاوَنْدِ فَتُدَخِّنَ بِهِ فِي الْبَيْتِ، فَإِنَّهُنَّ يَهْرُبْنَ وَيَمُتْنَ، أَوْ تَحْفِرَ فِي الْبَيْتِ حُفْرَةً وَتُلْقِيَ فِيهَا وَرَقَ الدِّفْلَى، فَإِنَّهُنَّ يَأْوِينَ إلَى تِلْكَ الْحُفْرَةِ كُلُّهُنَّ فَيَقَعْنَ فِيهَا، وَقَالَ الرَّازِيّ يَرُشُّ الْبَيْتَ بِطَبِيخِ الشُّونِيزِ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُ بَرَاغِيثَه، وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا نَقَعَ السَّذَابَ فِي مَاءٍ وَرَشَّ فِي الْبَيْتِ مَاتَتْ بَرَاغِيثُهُ. قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَإِذَا دَخَلَ الْبُرْغُوثُ فِي أُذُنِ الْإِنْسَانِ الْيُمْنَى فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ الْيَمِينِ خُصْيَةَ نَفْسِهِ الْيُسْرَى وَإِذَا دَخَلَ فِي الْأُذُنِ الْيُسْرَى فَلْيُمْسِكْ الْخُصْيَةَ الْيُمْنَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ سَرِيعًا، وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الطُّرْثُوثِ قَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي أَعْيَانِ الْعَصْرِ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْخَوَاصِّ أَنَّ الْبُرْغُوثَ إذَا دَخَلَ فِي أُذُنِ أَحَدٍ وَضَعَ الْإِنْسَانُ أُصْبُعَهُ فِي سُرَّتِهِ، وَقَالَ سَبَقْتُك، فَإِنَّ الْبُرْغُوثَ يَخْرُجُ مِنْهَا".( غذاء الألباب1/50).
قال أبو الفرج حمد بن محمد بن حسنيل
رقص البراغيث وزمر البقّ ... في مفحص مخصّص بالذّرق
يرعين بين أخمصي والفرق ... لحما جرت فيها دماء العتق
(دمية القصر1/540). وقال ابن قتيبة الدينوري" الهَمَج هي صغار البعوض، ولذلك قيل للجَهَلة والصغار: هَمَجٌ". (أدب الكاتب/172)
قال الأصبهاني" من جناسه البقّ والجرجس والشذان والفراش والأذى. وللبعوض خرطوم ولكنه يخرجه ويطويه. وقال بعضهم رأيت البعوضة تغمس خرطومها في جلد الجاموس كما يغمس الرجل إصبعه في الثريد. وكان يطير عن ظهره فيسقط الغصن فيقيء ما في جوفه، ثم يعود.
وأنشد في مجلس يونس قول جرير:
يصرّ عن ذا اللب حتّى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله أركانا
قال: ما أراه يصف إلا البراغيث والبعوض.
قال الهذلي في صوتها:
كأنّ وغى الخموش بجانبيه ... مآتيم يلتدمن على قتيل
وقال الكميت:
به حاضر من غير جنّ يروعه ... ولا حاضراه ذو أثاث وذو رحل
وقال الراجز:
مثل السفار دائم طنينها ... ركّب في خرطومها سكينها
وقال أبو جروة في صفة قارص:
تبيت جارته الأفعى وسامره ... رمد به عاذر منهنّ كالجرب
يعني بالرمد البعوض والعاذر الأثر وقال:
وليلة لم أدر ما كراها ... أمارس البعوض في دجاها
كلّ زجول خفق حشاها ... لا يطرب السامع من غناها (محاضرات الأدباء2/727)
قال الشاعر:
ليل البراغيث عناني وأنصبني ... لا بارك الله في ليل البراغيث
كأنّهنّ وجلّدي إذ خلون به ... أيتام سوء أغاروا في مواريث (محاضرات الأدباء2/727)
قال أبو الشمقمق:
يا طول يومي وطول ليلته ... فليهن برغوثه بجذلته
قد عقدت بندها على جسدي ... واجتهدت في اقتسام جملته
وقال:
ألا ربّ برغوث تركت مجدّلا ... بأبيض ماضي الشفرتين صقيل
يعني أظفاره.
وصف أعرابي البراغيث فقال: ما آذى صغارها وأطفر كبارها وأخفى انطمارها وأقبح آثارها". (محاضرات الأدباء2/728)
ـ ذكر ياقوت الحموي" بُرْغُوث: بلفظ البرغوث من الحيوان: بلد بالروم قريب من عمّورية (معجم البلدان1/385). ذكر ياقوت الحموي" البَعوضَةُ: بالفتح، بلفظ واحدة البعوض، بالضاد المعجمة: ماءة لبني أسد بنجد قريبة القعر، قال الأزهري: البعوضة ماءة معروفة بالبادية، قال ابن مقبل:
أإحدى بني عبس ذكرت، ودونها ... سنيح، ومن رمل البعوضة منكب
وبهذا الموضع كان مقتل مالك بن نويرة، لأن خالد ابن الوليد، رضي الله عنه، بعث إليهم وهم بالبطاح فأقروا فيما قيل بالإسلام، فاستدعاهم إليه وهو نازل على البعوضة فاختلفوا فيهم فمن المسلمين من شهد أنهم أذّنوا ومنهم من شهد أنهم لم يؤذّنوا، فأمر خالد بالاحتياط، وكانت ليلة باردة فقال خالد: أدفئوا أسراكم، وادفئوا في لغة كنانة اقتلوا، فقتلوهم عن آخرهم، فنقم عمر، رضي الله عنه، على خالد في قصة طويلة، وكان فيمن قتل مالك بن نويرة اليربوعي، فقال أخوه متمم بن نويرة:
على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي ... لك الويل! حرّ الوجه أو يبك من بكى
على بشر منهـــــــــــــــم أسود وذادة... إذا ارتدف الشر الحوادث والــــــرّدى(معجم البلدان1/455)
ـ قال التوحيدي" ما الفرق بين الفذ والقذ؛ الفذ: الفرد، والقذ البرغوث؛ هكذا وجدت فرويت". (البصائر والذخائر3/27).
ـ قيل" في الحديث المرفوع: لا تلعنوا البرغوث فإنه نبه نبياً من الأنبياء لصلاة الصبح، حديث ليس بقوي الإسناد. انفرد به سويد أبو حاتم، يباع الطعام عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. (بهجة المجالس1/193).
كنى البرغوث
ـ قال الجزائري" البرغوث كنيته أبو وثاب، وهو يثب الى ورائه، ويقال انه على صورة الفيل، وقيل ان دبيها أشد من عضها، وهو ليس بدبيب، ولكن البرغوث كما قالوا خبيث يستلقي على ظهره، ويرفع قوائمه فيزعزع بها، فيظن من لا علم له انه يمشي تحت جنبه". (زهر الربيع/101قال ابن الشيخ البلوي" ام طامر كنية البرغوث". (الف باء ق1/ج 2/278).
ـ قال الثعالبي" أَبُو الذبان كنى بذلك عبد الْملك بن مَرْوَان لشدَّة بخره وَمَوْت الذبان إِذا دنت من فَمه ويحكى أَنه عض يَوْمًا تفاحة وَرمى بهَا إِلَى بعض نِسَائِهِ فدعَتْ بسكين فَقطعت مَوضِع عضته فَقَالَ لَهَا مَا تصنعين قَالَت أميط عَنْهَا الْأَذَى فَطلقهَا من وقته ". (ثمار القلوب/246).
قال الثعالبي" ابْن طامر: يُقَال لمن لَا يعرف طامر ابْن طامر وَهُوَ البرغوث أَيْضا لطموره". (ثمار القلوب/268).
ـ ذكر نشوان الحميري" الطامر: يقال للبرغوث : طامر بن طامر". (شمس العلوم7/123). بمعى الواثب ومن وثب.
ـ ذكر نشوان الحميري" الخَمُوش : البعوض ، لأنها تخمش الوجه". (شمس العلوم3//683).
ـ قال ابن الشيخ البلوي" ام طامر كنية البرغوث". (الف باء ق1/ج 2/278).
ـ قال الجزائري" البرغوث كنيته أبو وثاب، وهو يثب الى ورائه، ويقال انه على صورة الفيل، وقيل ان دبيها أشد من عضها، وهو ليس بدبيب، ولكن البرغوث كما قالوا خبيث يستلقي على ظهره، ويرفع قوائمه فيزعزع بها، فيظن من لا علم له انه يمشي تحت جنبه". (زهر الربيع/101).
قال أبو هلال العسكري" يُقالُ للبرغوثِ الطَّامرُ، لِطُمُورِهِ، والطُّمورُ الوثبُ. ويُقالُ لهُ: القذُّ، والجمعُ قذَّانٌ. واشتقاقُ البرغوثِ منَ البرغثةِ، وهوَ لونٌ مثلُ الملحةِ. ".(التلخيص في معرفة الاشياء/393).
ـ قال الثعالبي" ابْن طامر: يُقَال لمن لَا يعرف طامر ابْن طامر وَهُوَ البرغوث أَيْضا لطموره". (ثمار القلوب/268). وقال الابشيهي" البرغوث تفتح منه الباء وتضم وكنيته أبو طامر وأبو عدي وأبو وثاب وهو يثب إلى ورائه.
حكي: أنه يعرض له الطيران كالنمل وهو يطيل السفاد ويبيض ويفرخ وأصله أولا من التراب لا سيما في الأماكن المظلمة وسلطانه في أواخر الشتاء وأول فصل الربيع ويقال أنه على صورة الفيل وله أنياب وخرطوم، وقال بعضهم دبيبها من تحتي أشد من عضها وليس ذلك بدبيب ولكن البرغوث خبيث يستلقي على ظهره ويرفع قوائمه فيزغزغ بها فيظن من لا علم له أنه يمشي تحت جنبيه وكان أبو هريرة رضي الله تعالى عنه يفلي ثوبه فيلتقط البراغيث ويدع القمل، فقال له انس في ذلك فقال: أبدأ بالفرسان وأكر على الرجالة وأنشد أعرابي:
ليل البراغيث أعياني وأنصبني ... لا بارك الله في ليل البراغيث
كأنهن وجلدي إذ خلون به ... أيتام سوء أغاروا في المواريث
وقال أبو الرماح الازدي:
تطاول بالفسطاط ليلي ولم يكن ... بوادي الغضى ليلي عليّ
إذا جلت بعض الليل منهنّ جولة ... تعلقن في رجليّ حيث أجول
إذا ما قتلناهن أضعفن كثرة ... علينا ولا ينعى لهنّ قتيل
ألا ليت شعري هل ابيتنّ ليلة ... وليس لبرغوث عليّ سبيل
وقال ابن أيبك الصفدي:
أشكو إلى الرحمن ما نالني ... من البراغيث الخفاف الثقال
تعصبوا بالليل لما دروا ... أنّي تقنّعت بطيف الخيال
ولا يسب البرغوث لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يسب برغوثا فقال لا تسبه فإنه أيقظ نبيا إلى الصلاة الفجر.
فائدة: سئل مالك عن البرغوث من يقبض روحه فقال أله نفس، قيل: نعم. قال الله: يتوفى الانفس حين موتها. وقد شكا عامل افريقية إلى عمر بن عبد العزيز شر الهوام فكتب إليه إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقرأ وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ الآية. وقال حنين بن إسحاق الحيلة في دفع البرغوث أن تأخذ شيئا من الكبريت فتدخن به في البيت فإنها تفر من ذلك وقيل يرش البيت بماء السذاب، وقيل: مشاق المراكب يحرق في البيت مع قشور النارنج". (المستطرف/352).
البراغيث في النوم
ـ ذكر الدميري" البراغيث في المنام اعداء ضعاف طعانون، وتعبر أيضا بأوباش الناس، وقال جاماسب: من قرصه برغوث نال مالا". (حياة الحيوان الكبرى1/179).
قال الشاعر:
وأترك حبّها من غير بغض وذاك لكثرة الشركاء فيه
إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كان الكلاب ولغن فيه (حياة الحيوان الكبرى1/11).
ـ قال إبن سيرين" الذباب رجل ضعيف طعان دنئ وأكله رزق دنئ أو مال حرام. ومن رأى كأن ذبابة دخلت جوفه فإنّه يخالط السفلة والأراذل ويستفيد منهم مالاً حراماً لابقاء له والذباب الكثير عدو مضر وأما المسافر إذا رأى وقوع الذباب على رأسه يخاف أن يقطع عليه الطريق ويذهب بماله لقوله تعالى (وإنْ يَسْلبهم الذُّبابُ شيْئاً لا يستنقذوه منهُ) وكذلك إذا وقع الذباب على شئ منه يعني من ماله خيف عليه اللصوص وقيل من قتل ذبابة نال راحة وصحة جسم ". (منتخب الكلام1/412).
ـ قال إبن سيرين" البراغيث جند الله تعالى وبها أهلك نمرود والبرغوث رجل دنئ مهين طعان
-ومن رأى برغوثاً قرصه نال مالاً وكذلك البق". (منتخب الكلام1/413).
ـ ذكر الدميري" لأمثال: قالوا "أضعف من بقة".
التعبير: البق في المنام أعداء ضعاف طعانون، وهم جندلا وفاء لهم ولا جلد. ويدل أيضا على الهم والحزن لأن البق يمنع النوم والهم والحزن يمنعان النوم والله أعلم". (حياة الحيوان الكبرى1/223). وذكر الدميري" البراغيث في المنام اعداء ضعاف طعانون، وتعبر أيضا بأوباش الناس، وقال جاماسب: من قرصه برغوث نال مالا". (حياة الحيوان الكبرى1/179).
ـ قال إبن سيرين" البراغيث جند الله تعالى وبها أهلك نمرود والبرغوث رجل دنئ مهين طعان
ومن رأى برغوثاً قرصه نال مالاً وكذلك البق". (منتخب الكلام1/413).
ـ ذكر ميلر" إذا حلمت بالبراغيث فإن هذا ينبئ أن مكائد بعض القريبين منك سوف تدفعك إلى الغضب والانتقام .إذا حلمت امرأة أن البراغيث تعضها فإن هذا ينبئ أنها سوف تكون هدفاً لأصدقاء مزعومين. إذا رأت البراغيث فوق حبيبها فإن هذا يعني التنافر". (موسوعة تفسير الاحلام/22).
ـ ذكر ميلر" البعوض في الحلم يعني محاولتك عبثاً أن تقاوم دسائس أعداءك الذين يعملون لتفويض مركزك وثروتك. وإذا حلمت أنك تقتل بعوضاً فهذا يعني أنك ستتغلب على الصعوبات وتتمتع بالمال والهناء العائلي". (موسوعة تفسير الاحلام/24). واضاف ميلر" إذا حلمت بالبق فهذا يعني أن بعض التعقيدات التي تثير الاشمئزاز على نحو مغث سوف تبرز في حياتك اليومية. وسوف تعاني العائلات من إهمال الخدم وقد يعقب ذلك مرض ما. أما بقة أيار، فإذا رأيت في منامك بقة أيار فهذا تفسيره أنك ستتعرف على صديق ستكتشف أن طباعه سيئة خلاف ما توقعت. وبق الفراش إذا شاهدت بق الفراش في أحلامك فإن هذا يدل على مرض مستمر وحالات حزينة. أما إذا شاهدته بأعداد وفيرة فإن هذا يتضمن النحسإذا شاهدت بق الفراش يتظاهر بالموت فإن هذا ينبئ بتعاسة سببها المرض. إذا هرسته وظهر الماء منه بدلاً من الدم فإن هذا يدل على مرض أو حادث يسبب الذعر ولكنه ليس مميتاً.. إذا رأيت بق الفراش يتسلق جداراً بيضاء وأنت ترمي عليه ماء محرقاً فإن هذا يدل على أن مرضاً خطيراً سوف يسبب لك الغم ولكن سوف يكون ثمة خوف عقيم من فاجعة. إذا أخفق الماء في قتله فمن غير المستبعد أن يكون ثمة تعقيد خطير بنتائج مميتة". (موسوعة تفسير الاحلام/24).
ضحى عبد الرحمن
كانون ثان 2025
609 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع