صديق المجلة ـ بغداد
العراق والكويت حقوق مغتصبه منذ عشرات السنين الجزء السادس
اسباب حرب الخليج الثانيه
لم يتبقى من امل سوى الوساطه السعوديه والتي رفض امير الكويت حضورها في اللحظات الاخيره ونسب ولي العهد سعد العبد الله بدلا منه وكذلك فعل الرئيس صدام بالمقابل وارسل بدلا منه الرجل الثاني في القياده العراقيه السيد عزة ابراهيم ..
وصل الوفدان يوم 31 تموز 1990 وتوجها الى قاعة الاجتماعات في مركزالمؤتمرات الحديث وجها لوجه وكان الوفد الكويتي يتألف من ولي العهد ووزير الخارجيه ووزير العدل اما الجانب العراقي فكان برآسة عزة ابراهيم وعضوية الدكتور سعدون حمادي وعلي حسن المجيد واستمر الاجتماع بحدود ساعة ونصف بين السادسه والسابعه والنصف ثم رفع الاجتماع لاداء الصلاه وكان قد التقى بالوفدين ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز ثم غادر القاعه وبدأ الاجتماع المشار اليه اعلاه وبدأ الحديث من قبل عزة ابراهيم وتلى بيانا مكتوبا فيه كل الاتهتمات العراقيه للكويت وبدون اي لهجة تهديد وبشكل متأني وواضح لكي يوحي للمقابل فهم البيان بصوره دقيقه ولقد استغرب احد اعضاء الوفد الكويتي لاحقا بأن البيان كان اقرب الى خطبة الجمعه ومليء بالتصوف ..
ارتبك الكويتيين وبانت على وجهوهم الحيره ولكن ولي العهد سعد بادر بتفنيد الاتهامات العراقيه واحده واحده وصفحه صفحه ولم تكن اللهجه متشنجه ولكن ظهر من خلال العرض ان الاجتماع في طريقه الى الفشل وهذا مأكده الدكتور سعدون حمادي عندما سأل عن سير المفاوضات قال ( كان اللقاء فاشلا وكنا قد بنينا آمالا كبيره عليه واعتبرناه الفرصه الاخيره وانتظرنا من الكويتين مشروع او حل او خطة عمل ,, لقد اتصلنا بهم واوضحنا لهم وجهة نظرنا ولكنهم لم يملكون شيئا ملموسا يقدموه ماعدا بعض الحجج الواهيه للدفاع عن النفس وابعاد الاتهامات عن انفسهم ) ..
اما ولي العهد سعد العبد الله فقال ( تناولت المحادثات موضوع البترول ويتهمنا العراقيين باننا وضعنا قوات امن داخل اراضيهم وبأن الكويت غيرت سياستها وهذا كفيل حسب رأيهم بتعريضها للخطر ,, وقد اجبت على كل الاسئله والملاحظات بطريقه مباشره ) ..
خلال المفاوضات التقى كل من عزة ابراهيم وسعد العبد الله على انفراد بغرفه جانبيه لمدة عشرة دقائق ,, ثم طلب عزة ابراهيم من سعد العبد الله ان ندعو بقية اعضاء الوفدين كي يسمعوا ما تقترحونه ؟ وبعد اللقاء وصلت المفاوضات الى الامور الماليه وقد طلب العراق مبلغ عشرة مليارات وان استحال ذلك لابأس ان تعتبر قرض فكان جواب سعد العبد الله نعم ممكن 9 مليارات من القروض ولقد احس الوفد العراقي بان انقاص المبلغ كان من باب الاهانه ولذلك كانت اجابة عزة ابراهيم انا لست مخولا باقل من عشرة مليارات ومع ذلك انتهى الاجتماع كما ذكرنا لاداء الصلاة وكانت هناك دعوه عشاء اقامها الملك فهد على شرف الوفدين ..
لقد طرح امين عام مجلس التعاون الخليجي مقترح على ولي العهد السعودي الامير عبد الله يتضمن مشروع قرار من اربعة نقاط هي :
1 . وقف الحملات الاعلاميه بين الطرفين وخاصة العراقيه .
2 . وقف الهجمات والتهجمات على رموز الطرفين .
3 . انسحاب قوات الطرفين الى اماكن بعيده عن الحدود .
4 . العمل على زرع الثقه بين الطرفين من خلال اللقاءات والاجتماعات والحوار .
ولقد تم الاتفاق على على عقد لقاء آخر في بغداد وهذا بعث الراحه في نفوس الكويتيين وازاح عنهم القلق من الهجوم العراقي .
لقد كانت مقترحات مجلس التعاون خياليه بالنسبه لواقع الازمه وان ارتفاع اسعار النفط بدأ بالفعل واولها ارتفاع الرميل بحدود 54 سنتا ومرشح للزياده وكذلك القلق في دوائر امريكا واوربا لايزال موجود .
بدأ تقديم العشاء بالساعه التاسعه والنصف وحضر الملك فهد وقد تم ايجازه بكل الموضوع وخاصة موضوع المليارات التسعه وحضر الملك حسين بن طلال المأدبه والذي وصل قبل ساعات ,, جلس الملك فهد متوسطا كل من عزة ابراهيم وسعد العبد الله وبالرغم من محاولات الملك السعودي تغيير وجهة الحديث الى الخيول والتربيه ولكن الوفدان كانا بحاة احباط تامه وقد وصفها احد اعضاء الوفد الكويتي لاحقا قائلا ( ان على العراقيين ان يكونوا سعداء لان المفاوضات فشلت لان ذلك هو ماكنوا يريدون ) ..
اقترح الملك فهد ان تدفع السعوديه مبلغ مليار ليصبح المبلغ عشرة مليارات دولار هبه الى الاخوه العراقيين من دون اي طلب وغادر هو والملك حسين وترك اعضاء الوفدين وجها لوجه لتبدأ المفاوضات التي بدأ الحديث فيها سعد العبد الله قائلا (قبل الغوص في التفاصيل المتعلقه بموضوع التسع مليارات دولار علينا ان نرسم حدودنا اولا , نستطيع انجاز ذلك الان وسنكون الاموال عندكم على الفور ),
اغتاظ عزة ابراهيم وقال له انكم سيئوا النيه لماذا لم تطرحوا هذا الموضوع في بداية اللقاء ؟ فجاء جواب سعد العبد الله غريبا حيث قال ( نحن لانملك تعليمات لبدء مناقشاتنا من هذا الموضوع ) ؟ بدأ الجو يتلبد وظهر جليا ان هناك تهرب ولف ودوران وتملص من الاتفاق ثم اردف سعد العبد الله كلاما في غير محله قائلا ( لدينا تأكيدات من بريطانيا بعدم حصول الهجوم العراقي ) كانت هذه الملاحظه التعيسه والتي في غير محلها تماما جعلت عزة ابراهيم يقول ( طيب نعرف كيف نأخذ امولانا منكم ومن السعوديين ) ونهض الطرفين وسعد العبد الله يقول ( تهددنا ؟؟ لدى الكويت اصدقاء اقوياء لدينا حلفاء وعليكم ان تسددوا ماعليكم من ديون ) انتهى الاجتماع وغادر الوفدين دون ان يتصافحا الى الفندق وكان الملك فهد يغط في نوم عميق حيث كانت الساعه الواحده والنصف ليلا من يوم 1 آب 1990 ..
في الساعه العاشره من صباح يوم الاول من آب 1990 رن جرس الهاتف في غرفة الدكتور سعدون حمادي وكان المتصل وزير خارجية الكويت وتحدث طويلا واقترح اصدار بيان مشترك يشير الى حصول تقدما ملموسا جعلت سعدون حمادي يقفز من سريره ولكنه اجاب بان الموضع بحاجه الى مناقشه مع رئيس الوفد فكانت اجابة عزة ابراهيم ( لايمكن هذا لانهم لم يقدموا شيئا هذا غير ممكن ) وتم اخبار ذلك الى وزير الخارجيه الكويتي وقال له سعدون حمادي ليصدر وفدكم البيان الذي يراه مناسبا ..
غادر الوفد الكويتي جده متوجها الى الكويت ومباشرة الى قصر بيان للقاء امير الكويت وكان ولي العهد مثقلا وكئيبا حتى انه اسر الى احد مرافقيه في الطائره ( ان حدسي يخبرني بحصول كارثه ) ,, اما الوفد العراقي فقد غادر دون ان يودع مضيفيه ونزلت الطائره في المدينه المنور لاداء زيارة قبر الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ثم توجهت الى بغداد ومباشرة الى الرئيس العراقي صدام لايجازه بالموقف ..
بعد ان عرض عزة ابراهيم تفاصيل المفاوضات والموقف الكويتي طلب صدام اجتماع عاجل لمجلس قيادة الثوره وبعد مناقشات شارك فيها عزة ابراهيم اتخذ القرار باجتياح الكويت ليلا ..
في تلك الاثناء كان الموقف الكويتي طبيعيا على الحدود وكانت نقطة العبدلي مفتوحه والسيارات تمر بصوره طبيعيه وعلى الصعيد الدولي كان جيمس بيكر وزير الخارجيه الامريكيه فكان قد وصل الى ( اركوتسك ) في سيبيريا للقاء وزير الخارجيه السوفيتي ادوارد شيفر نازده ولم يتناولا موضوع الازمه .
وفي اسرائيل كان امنون شاهاك رءيس المخابرات الاسرائيليه يحتفل في احد الاعراس وعندما سئله احد الحضور عن احتمال هجوم العراق على الكويت قال لا ليس من المحتمل القيام بذلك .
تلقت الاستخبارات المركزيه معلومات مؤكده ترتقي الى درجة الفعل الحقيقي بان هناك نيه عراقيه للهجوم على الكويت وعلى ضوء ذلك اجتمع كولن باول رئيس الاركان الامريكيه المشتركه في الغرفه المصفحه لتداول المعلومات الوارده والتي كانت الى يوم 31 تموز ترى ان لامؤشرات على نية هجوم عراقي على الكويت للاسباب التاليه التي اعتمدتها البنتاغون وهي :
1 . لايمتلك العراق شبكة اتصالات عسكريه حديثه .
2 . ليس لديه مدفعيه قويه .
3 . لايملك ذخائر مميزه .
4 . لايملك دعما لوجستيا يؤمن الاجتياح .
ولكن في اليوم الاول من آب 1990 ثبت توفر هذه الشروط الاربعه للقوات العراقيه لدى البنتاغون بناءا على آخر التقارير المرفوعه .
لقد علق مضر بدران رئيس وزراء الاردن في حينه في الجلسه السريه لمجلس النواب ا قائلا ( من الواضح ان العراق لايقبل بتنازلات . انه لايريد الغاء ديونه فقط ولكنه يعتبر اتجاه دولة الكويت والامارات بزيادة ضخ النفط بانه اسوء من الحرب مع ايران ) . وقد علق احد النواب الاردنيين بعد ذلك بقوله ( اعتقد انه على علم بغزو العراق بعد ساعات وانه يهيئنا لذلك ) .
ومن المفارقات المضحكه ان الاستخبارات الاسرائيليه علمت بالغزو من الاستخبارات الاردنيه وقامت باخبار الاستخبارات المركزيه الامريكيه وكانت الساعة تشير الى السادسه والنصف مساءا في توقيت واشنطن ..
قال بيكر الى شيفرزنازده هناك معلومات تشير ان تحشدات كبيره على الحدود الكويتيه وان هناك اطلاق نار واحتمال حصول غزو نأمل منكم التدخل لايقاف هذه العمل .. رد شيفرزناده بالقول لااعتقد ان ذلك سيحصل فنحن نعرف صدام حسين وانه صديقنا من عام 1972 ولنا معه معاهدة تعاون وصداقه .. توجها بعد ذلك الى مؤتمر صحفي وهم لايعلمون ان الاجتياح قد تم فعلا ..
توالت تقارير الاستخبارات حول تقدم القوات العراقيه وكلها تشير الا ان العراق لن يقبل بالاراضي الحدوديه المتنازع عليها بل انه يجتاح كل الكويت ..
في الساعه الواحده والنصف ليلا اتصل وزير الدفاع الكويتي بولي العهد سعد العبد الله واخبره باجتياز القوات العراقيه للحدود ولكن سعد كان مقتنعا بان الهجوم العراقي لن يتعدى آبار نفط الرميله وجزيرتي وربه وبوبيان والتي يطالب بها العراق منذ سنين وقام بالاتصال بالعائله الحاكمه التي اصابها الذهول وخاصة ان الانباء تتحدث عن مئات الدبابات الروسيه ( تي 72 ) مع الاف الجنود يتوجهون باتجاه عمق الكويت ومعهم ارتال من الدعم اللوجستي من الاعتده والوقود والماء والارزاق .
اذاع راديو بغداد بيانا ان انقلابا قد حصل في الكويت وان مجموعه من الشباب العسكريين يقودهم الملازم الاول علي حسين وفي بيان لاحق اكد فيه ان الانقلاب قد نجح وان الانقلابيون يطلبون مساعده عراقيه وقد تمت تلبية ندائهم ولهذا سميت العمليه بيوم النداء ..
لم يكن هذا السيناريوا موفقا وكان يفتقر الى الواقعيه والمقبوليه لدى العراقيين قبل الكويتيين وكان بالامكان اختيار عدة خيارات اخرى بديله تؤمن الغايه وتخلق مبررا افضل للعمليه العسكريه في الكويت ..
تمكنت القوات العراقيه ومنها المظليين من السيطره على القاعدتين الجويه الكويتيه ومطار الكويت الدولي بدون مقاومه ومن الصدف ان تكون هناك طائره ركاب بريطانيه قد حطت قبل العمليه على مطار الكويت الدولي بدقائق وعلى متنها 387 راكب و 18 طاقم واصبحت تحت نيران القوات العراقيه واعتبر هؤلاء من المتحفظ عليهم ..
لقد وصلت القوات المدرعه العراقيه الى مشارف العاصمة الكويتيه بعد مقاومه صغيره قامت بها طائرتان انطلقت من قواعد جويه في الامارات تمكنت من قصف مضيق المطلاع ولكن ذلك لم يعيق تقدم القطعات العراقيه وفي هذه الاثناء كان افراد النظام الحاكم الكويتي يحاول الاتصال بالسفاره الامريكيه التي لم تكن لديها من المعلومات اي شيء وتواترت الانباء عن اقتراب القوات العراقيه واصبحت على بعد كيلومترات من قصر دسمان وكانت العائله الحاكمه تتصارع بين ترك الكويت او البقاء ولكنها كانت على ثقه من انها يجب ان تهرب ولكن كيف ؟ كان البعض منهم ينتحب وهو يرى ضياع حكم قرنين من الزمن وضياع الاموال والسلطه ولكن صوت القذائف والاسلحه الاخرى جعل الجميع يتهيأ للهروب وهم على يقين ان قصر دسمان سيكون هدف رئيسي من اهداف القوات العراقيه ..
في الساعه 4,45 دقيقه من صباح يوم 2 آب 1990 استقل الامير وولي العهد وبعض الافراد سيارات اللوموزين واجتازت حدائق القصر للمرة الاخيره كما تصورها افراد النظام الكويتي والخوف يملىء قلبوهم والدمع في اعينهم ووصل الرتل الى السفاره الامريكيه وكان السفير في استقبالهم وهناك طائره سمتيه امريكيه تقف جاهزه للاقلاع في مهبط الطائرات في السفاره وصعد اليها الامير وولي العهد والبعض اما الباقي فقد امرهم الامير بالتوجه الى السعوديه برا عن طريق الوفره , وعندما اقلعت الطائره نظر امير الكويت من خلال النافذه ورأى القوات العراقيه تجتاح ضواحي العاصمة الكويتيه وفي عينه حسرة وألم كان بالامكان تلافيها ..
والى الجزء السابع الذي يتناول ردود افعال عالميه وعربيه
صديق المجله /بغداد
للراغبين الأطلاع على الجزء الخامس النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/maqalat/6575-2013-09-27-07-54-35.html
641 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع