المحامي المستشار
محي الدين محمد يونس
من راقب الناس مات هماً
في عام 1981 كنت برتبة نقيب في الشرطة واشغل منصب المشاور القانوني لمدير شرطة محافظة أربيل المرحوم اللواء (جمال عبد الحميد الاتروشي) وكان نائبه المرحوم العقيد (مصطفى الحاج حسن) قد أصدر أمراً يقضي بوجوب الحصول على الإجازة الزمنية من قبل منتسبي الدائرة عند رغبة أحدهم في الخروج لأمر ما ومن شخصه بالذات وخصص عدد من أفراد الشرطة لمراقبة تنفيذ أمره هذا والابلاغ عن المخالفين وتحديدهم لغرض محاسبتهم. كان منصبي المشاور القانوني مرتبط بشخص مدير الشرطة اللواء (جمال عبدالحميد الاتروشي) ولا علاقة لي بنائب مدير الشرطة العقيد (مصطفى الحاج حسن) كانت طبيعتي تجبرني على الخروج من الدائرة في أغلب الأيام للتردد على الدوائر الأخرى في المحافظة أو زيارة الأسواق المركزية أو الشركة الافريقية ولا أدري لماذا سميت بالأفريقية والأجهزة الدقيقة والمواد الانشائية والمواد الغذائية أو زيارة أحد الأصدقاء وكانت تعليمات نائب مدير الشرطة واجراءاته تقف حائلا دون تمكني من تنفيذ رغباتي هذه في الخروج من الدائرة وكنت أمام خيارين فأما أن أراجعه لأحصل منه على الاجازة كلما رغبت في الخروج أو أن أخرج دون موافقته وأعرض نفسي للمسائلة.
عام 1981محافظ أربيل محمد علي أمين ويقف الى يمينه العقيد مصطفي الحاج حسن نائب مدير شرطة محافظة أربيل
هذه الحالة خلقت عندي حالة من الضجر والانزعاج جعلتني أفكر عن مخرج وحل لهذه المشكلة وفي إحدى الصباحات قررت تنفيذ الفكرة عندما قررت الخروج من الدائرة وبصحبتي المرحوم المفوض (سمكو نجم الدين)(أصبح فيما بعد عميداً) ويعمل بمعيتي في نفس الدائرة وعند النزول وفي باب الدائرة الرئيسي استفسر مني آمر الحرس ر.ع (لطيف)
سيدي عندكم إجازة من السيد النائب للخروج؟
أجبته: كلا ليس لدينا إجازة.
آمر الحرس: زين سيدي بس أنت على علم بالتعليمات ويجب أن أخبر النائب.
قلت له: ر.ع لطيف أخبر النائب بأننا خرجنا من الدائرة بدون إجازة.
ر.ع لطيف: لا سيدي لن أخبره تفضل اخرج وحتى لو تمت محاسبتي عندما يصل الى علمه خروجكم بدون اجازة.
أجبته: (لطيف) أنا اريدك أن تخبره ولا ازعل منك بالعكس سوف ازعل ان لم تخبره ولي قصد في ذلك.
المقطع المثير في هذه الحكاية هو انني وقبل خروجي من الدائرة كنت قد راجعت مدير الشرطة شخصيا وطلبت منه الاذن بالخروج لمدة ساعة وبصحبتي (سمكو) على كل حال خرجنا من الدائرة وعدنا اليها بعد أقل من ساعة من الزمان وكان نائب مدير الشرطة قد رفع تقريرا الى مدير الشرطة يخبره عن خروجنا وخرقنا للأوامر والتعليمات ولا زلت أحتفظ بالتقرير الذي مضى عليه (44 عام) وعليه هامش مـــدير الشـــرطة بعبارة (اطلعت. خرجا بموافقتي) وانشره في نهاية المقال وفحوى التقرير كالآتي حرفياً (السيد المدير... في الساعة 900 من صباح اليوم 1/2/1981 غادر مقر المديرية نقيب الشرطة محي الدين محمد يونس والمفوض السابع سمكو نجم الدين عبد الله المنسوبين الى شعبة الدائرة القانونية مستقلين السيارة الحكومية دون علم او اذن منا ونظراً لما ينطوي عليه تصرفهما من اخلال بالضبط والربط العسكري واللامبالاة بالأوامر والتعليمات وعدم الشعور بالمسؤولية أرجو التفضـــل بالاطـــــلاع ومــا ترونه منـــــاسباً بحقهمـــا وأمـركم رجـاءً...
نائب مدير الشرطة 1/2/1981).
وكان تصرفي هذا أحسن وسيلة خلصتني من مراقبة وملاحقة نائب مدير الشرطة لحالات خروجي من الدائرة. عسى أن يكون مقالي هذا قد نال رضا القراء الأعزاء وقبولهم.
810 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع