أحمد العبدالله
دحض أكذوبة(الأغلبية الشيعية)!!
على طريقة(جوبلز)وزير الدعاية النازي؛(اكذب ثم اكذب حتى يصدقّك الناس), كادت فرية(الأغلبية الشيعية)أن تصبح حقيقة واقعة, من كثرة تَردادها وتكرارها, ليس من قبل الأبواق الشيعية فقط, بل وصل الحال بالرئيس الأمريكي(بوش الصغير)أن يصرّح قبيل غزو العراق؛(إن نسبة الشيعة تتراوح بين 60-67%)!!. وتعود جذور تلك الكذبة, كما يقول الدكتور طه حامد الدليمي في كتابه القيّم؛(هذه هي الحقيقة), لـ(إحصاء تقديري)أجراه البريطانيون في سنة 1919, ثم أعاد تدويرها(حنا بطاطو)في كتابه؛(العراق..الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية). وعلى أساس تلك الأكذوبة غزت أمريكا بلادنا. وتمَّ تهجير وقتل واعتقال الملايين من سُنّة العراق, بحجّة إن؛(أقلّية تضطهد أغلبية)!!.
وعلى شاكلة الكذب والمبالغة في رفع عدد زوار كربلاء خلال زيارة الأربعين لأكثر من عشرين مليون!!. يذكر الدكتور طه الدليمي؛(إن الإسفاف والقرف وصل بمحمد الشيرازي(ت 2001), أن يرفع نسبة الشيعة إلى 85% من سكان العراق)!!!. وممّا ساعد على شيوع هذه الأكذوبة وترسيخها, هو إن الإحصاءات السكانية السابقة؛(1920-1997), كانت لا تُجرى وفق التصنيف(الطائفي), بل القومي والديني, وهذه مثلبة كبرى, أعطت الأفاكين مجالا واسعا لإشاعة أكاذيبهم. وكذلك ترفّع أهل السُنّة في دحض هذه الفرية وسكوتهم عنها, حتى لا يتم وصمهم بـ(الطائفية)!!. على طريقة؛(رمتني بدائها وانسلّت).
وبعد أكثر من ثمانية عقود يأتي(بول بريمر)الحاكم الأمريكي للعراق, ليعتمد النسب نفسها تقريبا التي وردت فيما يُسمّى بـ(إحصاء 1919), ومتجاهلًا تسعة تعدادات سكانية, أولها تعداد 1920 وآخرها تعداد 1997, وجميعها تشير لتفوّق السُنّة العددي. فيقول في كتابه(عام قضيته في العراق)؛إن(الأغلبية الشيعية)تتركز في جنوب العراق, ويشكّلون 60% من السكان, والأكراد موطنهم في الشمال ونسبتهم 20%, والسُنّة العرب يتواجدون في وسط العراق وغربه, وهي؛(المنطقة المركزية للأقليّة العربية السُنّية التي تشكّل 19% من العراقيين, والتي هيمنت على المجتمع العراقي منذ قرون)!!.
ويؤكد الدكتور طه الدليمي؛ إن بطاطو في كتابه المشار إليه, قد تبنّى أكذوبة؛(الأقلّية السُنّية والأكثرية الشيعية), من دون الاستناد لإحصاءات موثوقة,بل على التقدير والتخمين والمقاربة. وإن الأمر في أحسن أحواله لا يخرج عن دائرة الاستقراء الذاتي الانطباعي, وما يسمعه في مقابلاته الشخصية. وشخص غير عراقي مثله لا يمكن الوثوق بمعلوماته وما اكتنفها من أغلاط إحصائية جسيمة, كاستثنائه أفراد القبائل الرُحّل من الحساب؛(وهم جميعا من السُنّة). وقد ظهر ضعف معلوماته بديموغرافية العراق من خلال النسب التي ثبّتها للأكراد والعرب السُنّة. على افتراض حياديته ونزاهته وترفعه عن الهوى.
ويقول الأستاذ عبد العزيز بن صالح المحمود, في بحث له بعنوان؛(نسب السُنة والشيعة في العراق بين افتراءات الانكليز واليهود), منشور في موقع الراصد؛ إن محافظات؛نينوى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وأربيل والسليمانية ودهوك, كلها محافظات ذات أغلبية سُنّية مطلقة، ونسبة السُنة فيها تزيد على 90%. وبالمقابل؛ فإن محافظات؛ميسان وذي قار والمثنى والقادسية وكربلاء والنجف, هي محافظات شيعية مغلقة تقريبا. أما محافظات؛البصرة وواسط وبابل, فهي ذات أغلبية شيعية, وتقدر نسبة السُنّة فيها بين 20-35%. بينما محافظة ديالى مختلطة, وذات أغلبية سُنية، في حين تقدر نسبة الشيعة فيها بين 30-35%.
ويضيف الأستاذ المحمود؛ تبقى بغداد العاصمة، فقد كانت نسبة السُنة فيها في بداية القرن العشرين, تُقدّر بـ 80%، واليوم؛(بدايات القرن الواحد والعشرين) , تُقدّر بـ 60%، وتنزّلًا مع كل الحسابات فلتكن النسبة 50% لكل من الفريقين. وبالرجوع للتعدادات السكانية السابقة للسنوات؛(1997,1987,1977,1965,1957,1947), يتبين لأي باحث, إن نسبة السُنّة حوالي؛ 52-56%. وإن نسبة الشيعة تتراوح بين؛ 40-44%.
ويقول الأكاديمي العراقي المعروف الدكتور مازن إسماعيل الرمضاني في تصريح للـ(قدس برس)في 12-2-2004؛إنّ أول من أطلق المزاعم بكون الشيعة يمثلون الأغلبية في العراق هو الكاتب اليهودي حنا بطاطو*. ويضيف الدكتور الرمضاني؛(إن مما ساعد في رواج هذه الإحصاءات المغلوطة قدرة التعبئة الهائلة لدى الشيعة، وكثرة عدد المحافظات الشيعية، بالقياس لعدد المحافظات السُنية، وهو ما جعل البعض يجنح به الظن الخاطئ إلى كون الشيعة يمثلون أغلبية ساحقة، بالنظر لكثرة عدد محافظاتهم، متناسيا الانتباه للكثافة السكانية لكل محافظة).
ويشكّك الأكاديمي الشيعي د.محمد جواد علي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة بغداد، في حديثه مع نور الدين العويديدي؛الموفد الخاص لوكالة(قدس برس)إلى العراق، في كون الشيعة يمثلون أغلبية العراقيين. ويعتقد إن نسبتهم تتراوح بين 40 - 45%، في حين يمثل السُنة نحو 53%، و2% للعراقيين من غير المسلمين.
وهناك إحصائية لمؤسسة الرائد الإعلامية في بغداد نشرتها في 2007, أشارت إن نسبة السُنة 56%, والشيعة 41%. وهذه النسب مقاربة جدًا للإحصاء الرسمي لوزارتي التجارة والتخطيط العراقيتين للبطاقة التموينية في شباط 2003, وبموجبة بلغ عدد المسجَلين في البطاقة التموينية حوالي(27)مليون ونصف المليون.وبالرجوع لتعداد سكنة كل محافظة, تكون نسبة السُنّة 54%, ونسبة الشيعة 42%. وهناك مؤشر آخر مهم يؤكد النسب السابقة,وهو انتخابات 30-1-2005, إذ كانت نسبة المقاطعين 46%؛(وهم من السُنّة العرب). بينما كانت المشاركة الكردية بنسبة 98%, والشيعية 95%.
ويُلفت الدكتور طه حامد الدليمي النظر إلى أن حنا بطاطو في مقدمة كتابه, قد أثنى على عرّاب الاحتلال الهالك(أحمد الجلبي)لأنه ساعده في إتمام كتابه!!. ويشير الدكتور الدليمي لمقابلة لأحمد الجلبي مع جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 19 نيسان 2009, يقول فيها:(ذهبت الى أميركا وطلبت اجتماعاً مع مدير سي آي إي في ذلك الحين جون دويتش، في عهد بيل كلينتون، وكان نائبه في ذلك الحين جورج تينت، فتم ترتيب الاجتماع وأحضر معه ريختر. وأخذت معي كتاب حنا بطاطو عن العراق الى دويتش)!!، وكان ذلك في سنة 1995.
ويضيف الدكتور الدليمي؛ ولذلك فأن إيران اهتمت بكتاب بطاطو, وقامت بطبعه عدة طبعات غير شرعية, هو وكتاب(الشيعة والدولة القومية)لحسن عليوي، وهرّبتها إلى العراق قبل الاحتلال. وكان الشيعة يستنسخون تلك الكتب وينشرونها سرًّا فيما بينهم.
وبعد أن تسلّطت حثالات إيران على مقدرات بلادنا بفعل الاحتلال الأمريكي, قامت بأكبر عملية تغيير سكاني في التاريخ, بجلبها أكثر من عشرة ملايين شيعي من إيران وباكستان وأفغانستان, وغيرها, ووطّنتهم في العراق ومنحتهم الجنسية العراقية. وهذا هو سبب مماطلتها لأكثر من عشرين سنة في إجراء التعداد السكاني. وعندما أجرته أخيرًا في 2024, كان الرقم الذي أعلنته وزارة التخطيط هو(47)مليون تقريبا!!.أي إنه في غضون عقدين كانت الزيادة بمقدار الضعف تقريبا!!!. كما أهملوا إجراء العدّ للعراقيين خارج العراق, وعددهم يفوق الخمسة ملايين, لأنهم أغلبيتهم الساحقة من أهل السُنّة!!.
.....................................
* حنا بطاطو(1926-2000)؛باحث ومؤرخ فلسطيني نصراني,وقيل يهودي, ولد في القدس, وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1948. وهو يعتنق الفكر الماركسي ويعتمده في البحث والتحليل, ومنهجه يقوم على صراع الطبقات.
1113 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع