قصة (الطبيب الفاجر) قصة كاملة

بقلم المهندس احمد فخري

قصة (الطبيب الفاجر) قصة كاملة

رن الجرس طويلاً وبقي يرن بالحاح بينما كانت الدكتورة وسن نائمة في سريرها، فدخل الرنين الى حلمها ليترائى لها ان جرس الانذار يقرع بسبب حريق شبَّ في عيادتها. ولما استيقظت وفتحت عيناها علمت ان جرس الباب هو الذي كان خلف ذلك الرنين فابتسمت ثم نظرت الى ساعة الحائط لتراها تشير الى الخامسة فجراً. "يا ترى من الذي جائني بمثل هذه الساعة المبكرة؟ دعني استقصي الامر". وثبت من فراشها واقفة وارتدت معطفاً فوق بدلة نومها والجرس ما زال يرن لتهبط الى الطابق السفلي من بيتها وتفتح الباب بشق صغير لترى فتاة في العشرينات من عمرها حافية القدمين ترتدي بدلة نوم والقلق بادي علها بوضوح. تفحصتها جيداً من الاعلى الى الاسفل ونظرت الى وجهها باستغراب ثم سألتها،

د. وسن : نعم، من انتِ وماذا تريدين؟

الفتاة : انقذيني يا دكتورة اثابك الله. انا في ورطة شديدة ولا يقدر ان ينجيني منها أحدٌ غيرك.

د. وسن : ما اسمك يا فتاة؟ ما هو عمرك؟ واين تسكنين؟

الفتاة : انا اسمي شهربان عمري 18 سنة اسكن مع زوجي وعائلته هنا بالجوار.

د. وسن : تفضلي يا بنيتي ادخلي.

خطت خطوتين الى الوراء وفتحت الباب لتدع الفتاة تدخل. اقتادتها الى غرفة الاستقبال واشارت بيدها كي تجلس فجلست على الاريكة وقعدت امامها ثم قالت بعد ان تثائبت،

د. وسن : ما المشكلة؟ تحدثي، لا تخافي.

شهربان : انا يا سيدتي كنت اسكن مع اهلي بمنطقة الدورة. ابي رجل طاعنٌ في السن وامي بالخمسينات من عمرها. لي اخوين توأمان وهما اكبر مني سناً.

د. وسن : طيب اين المشكلة؟

شهربان : خطبني رجل في الخمسين من العمر واراد ان يتزوجني فرفضتُ بالوهلة الاولى لكبر سنه. لكن والدي قال بانه على شفا اللحد وإذا مات فسوف لن يقدر احد على حمايتي من شدة غيرة اخواني (وحيد وفريد) لانهما يعتقدان ان مهمتهما في الحياة هي مراقبتي وتنغيص عيشتي 24 ساعة باليوم وحمايتي من كل مكروه. لذا كان احدهم يسطحبني الى المدرسة في الصباح الباكر ثم يأتي الثاني ليرجعني من المدرسة بعد نهاية الدوام كما يعمل الحارس الشخصي بفيلم (ذي بوديگارد). بقي ذلك الرجل يحوم حول دارنا ويقدم الهدايا الثمينة لأهلي محاولاً استمالة والدي اكثر واكثر فيجعله بدوره يضغط عليّ بشدة كي اغير من رأيي واوافق على الزواج منه. وبآخر المطاف لما وافقت رغماً عن انفي، بدأ الجميع يعد العدة لتزويجي والتخلص مني ونقلي من بيت والدي بمنطقة الدورة الى بيت زوجي هنا في بغداد الجديدة. كذلك اشترط العريس ان أترك الدراسة واركز على بيتي والعناية به وبامه المريضة. وللعلم فبيته لا يبعد كثيراً عن بيتك هذا.

د. وسن : اين هو بالتحديد؟

شهربان : بالقرب من منتزه حي الخليج.

د. وسن : اجل اعرف هذا الحي وما اسم زوجك؟

شهربان : ناظم سعيد محمد الغزالي.

د. وسن : يا سلام اسم موسيقي جداً، ناظم الغزالي.

شهربان : في البداية كان ناظم زوجاً مثالياً ودوداً حنوناً. يشتري لي الهدايا ويغمرني بعطفه ومحبته فبدأت اشعر بالتقرب اليه. لكن وجود امه معنا سبب لي الكثير من المشاكل والمنغصات. إذ كانت تحرضه ضدي وتخبره بانني انام لفترات طويلة بعد مغادرته البيت وذهابه للعمل وان خياره للزواج مني لم يكن صائباً.

د. وسن : هذه مشاكل كلاسيكية في مجتمعنا العراقي. اعتقد انني بدأت افهم مشكلتك. انها مشاكل الانجاب اليس كذلك؟

شهربان : اجل لها علاقة بالانجاب ولكن ليس كما تظنين يا دكتورة. ارجوكِ دعيني اكمل كلامي.

د. وسن : تفضلي.

شهربان : صارت امه تنق عليه كنقيق الضفادع

بخصوص الانجاب وتقول له جملتها المعهودة كالاسطوانة المشروخة، "اريد ان ارى احفادي قبل ان اموت". لذلك صار ناظم يضاعف مضاجعتي بحيث تحول من مرة في الاسبوع الى ثلاث او اربع مرات في الاسبوع ولكن دون ان يقع الحمل. وبعد مرور اكثر من 9 شهور صارت امه تكرر عليه نغمة الزواج من زوجة ثانية. لكنه قرر اللجوء الى احد اصدقاءه الذي يعمل كطبيب متخصص بامراض النساء اسمه الدكتور عدي سيف الدين.

د. وسن : انا اعرف ذلك الطبيب جيداً، انه طبيب نسائية وتوليد ناجح جداً لكنه يصغرني سناً.

شهربان : بدأنا نراجعه بانتظام انا وزوجي ناظم كي يجري لنا فحوصات حتى يعرف سبب عدم وقوع الحمل. بدأ بفحص زوجي ناظم في الجلسة الاولى، واخذ عينات من المني ليخبره بانه سليم جداً وان عدد الحيوانات المنوية لديه تصل الى 80 مليون بالملي لتر. وفي الزيارة الثانية ذهبت انا للعيادة (وحدي) لغرض الفحص فطلب مني ان اتعرى بالكامل من ملابسي لكنني رفضت فعل ذلك لان احدى صديقاتي اخبرتني بان فحص الانجاب لا يتطلب التعرى بالكامل. الا انه قال بانه يريد ان يجري فحصاً شاملاً لأن زوجي كان سليماً 100% وسبب عدم الانجاب قد يكون من عندي. لكنني مع كل ذلك رفضت ان اخلع ثيابي، لذلك قال، "حسناً سنقوم باجراء فحص من نوع آخر يتطلب اخذ عينة من الادرار". اعطاني حبة بيضاء طويلة وقال انها ستساعدني على اخراج الادرار من مثانتي كي ازوده بكمية كافية منه وطلب مني الجلوس على كرسي وثير حتى يأخذ الدواء مفعوله. اتبعت تعليماته وجلست على الكرسي الوثير وما هي الا دقائق حين بدأت اشعر بنحول شديد ولم اعد اقوى على فتح أجفاني فنمت نوماً عميقاً. وبعد فترة لا اعرف مداها بدأت استعيد رشدي فوجدت نفسي لا ازال متكئةً على نفس الكرسي. نظرت حولي لاجد الدكتور عدي يبتسم بوجهي ويقول. "صح النوم. لقد نمتِ على الكرسي لكنك قمت بالتبول اثناء غفوتك لذلك قمت بجمع عينة من بولك اثناء نومكِ". تفحصت ملابسي فوجدت انني ارتدي جميع ملابسي ولكن بطريقة ليست مألوفة لا اعلم كيف لكنها ليست كما ارتديتها بذلك الصباح. كنت بحالة مشوشة ومرتبكة جداً. لبست معطفي وخرجت مسرعة من عيادته لآخذ سيارة اجرة لترجعني الى البيت.

د. وسن : وماذا حصل بعد ذلك؟

شهربان : رجعت البيت واردت تغيير ملابسي فاصبت بصدمة ثانية لانني عندما اردت ان ازيل حمالة الثدي (الستيان) وجدت ان اثنان من المشابك الثلاثة التي في الخلف كانت مفتوحة. وهذا لا يحصل معي ابداً منذ ان بلغت سن الرشد وبدأت ارتدي الحمالات. لكنني بدأت اشك بنفسي لانني كنت على عجالة من امري عندما ارتديت ثيابي في الصباح الباكر بسبب حماسي الكبير على الفحوصات فقد يكتب لي الله الانجاب.

د. وسن : وماذا حصل بعد ذلك؟

شهربان : بعد مرور شهر ونصف تقريباً على تلك الحادثة بدأت اشعر بالغثيان والتقيؤ كل صباح وكانت حماتي تهلل عندما يحصل ذلك إذ كانت تقف على باب الحمام وتقول، "اخيراً صار فيك الخير يا عاقر".

د. وسن : حسناً، ها قد حصل ما كنت تريدينه. فما هي المشكلة؟ اعتقدتُ انك لم تكوني قادرة على الانجاب واردتِ مني ان اساعدك لانني اخصائية بهذا المضمار.

شهربان : دعيني اكمل حديثي يا دكتورة. فكما يقول المثل، الشيطان يكمن في التفاصيل.

د. وسن : آسفة حبيبتي، اكملي حديثك.

شهربان : بعد ان أخْبَرَتْ ام ناظم ولدها ناظم بخصوص الغثيان والتقيؤ ففرح فرحاً كبيراً وقرر ان نزور الدكتور عدي من جديد لنتأكد من ان الحمل قد وقع فعلاً. وبالرغم من معارضتي الشديدة على زيارة ذلك الدكتور والحاحي الشديد على الذهاب الى طبيبة نسائية بدلاً منه. لكن زوجي اصر بشدة وقال انه لا يثق باي طبيب غير صديقه المقرب عدي وانه يريد مني الذهاب بدون اعتراض. ركبت سيارة اجرة وذهبت اليه وحدي فاخبرني د. عدي بانني جئت من غير موعد لذلك يجب علي الانتظار حتى ينتهي من آخر مراجعة عنده في غرفة الانتظار فيفحصني حينها. بقيت جالسة في صالة الانتظار طويلاً حتى خرجت آخر سيدة من عنده ففتح الباب واشار لي بسبابته كي ادخل. دخلت غرفته فاغلق الباب ورائي وطلب مني الجلوس حتى يعود. جلست على كرسي بجانب منضدته وبقيت اتفحص كل شيء حولي حتى رأيت مجموعة ملفات متراكمة فوق مكتبه. ومن بين تلك الملفات واحدٌ كتب عليه اسم ناظم. لم اتمكن من قرائة باقي الاسم لانه كان مغطى بملف آخرى فوقه. سحبت ذلك الملف وقرأت الاسم كاملاً (ناظم سعيد محمد الغزالي) فعلمت انه التقرير الطبي لزوجي. تغلب علي الفضول فتشجعت وفتحت الملف لاجد بيانات ومسطلحات طبية كنت اجهلها. بالرغم من انني اجيد قراءة اللغة الانكليزية لانني تركت الدراسة وانا بالسادس العلمي لكنني لم اكن اعي المسطلحات الطبية. صدمتني كلمة varcceles المتكررة بالتقرير لانها تشبه كلمة viscosity بالكيمياء. لذلك اخرجت ورقة من حقيبتي وسجلتها بعناية كي لا اخطأ بالهجاء. وبعد ان وضعت الورقة بداخل حقيبتي دخل عليّ الدكتور عدي وعرض عليّ حبة اخرى جديدة كي اسلمه عينة من الادرار. هذه المرة رفضتها رفضاً قاطعاً وقلت بانني استطيع التبول من دونها. وبالرغم من الحاحه على اخذ تلك الحبة الا انني بقيت اهدده بانني ساغادر العيادة واخبر زوجي بكل شيء لذلك وافق اخيراً واعطاني كأساً من البلاستيك كي اتبول به. سلمته عينة الادرار ثم قام باخذ عينة من دمي للزيادة في التأكد فغادرت بعدها العيادة. وقتها بدأت الشياطين تحوم حول رأسي وصرت اضرب واطرح كي اجد حلاً لتلك الحالة الغريبة. وبدلاً من العودة الى الدار مباشرة ذهبت الى طبيبة صديقة لعائلتنا اسمها د. رجاء الحسيني. سألتها عن حالتي فاستغربت كثيراً عندما اخبرتها بما فعل معي الدكتور عدي في المرة الاولى والثانية. قالت ان تلك الفحوصات غير روتيني ولم تسمع بطبيب يطلب من مريضته ان تتعرى كاملاً وبالرغم من انها طبيبة عامة غير متخصصة بالامراض النسائية. بعد ذلك اخبرتها عن التقرير الطبي عن زوجي ناظم فاخرجت الورقة من حقيبتي وعرضتها عليها. قالت بالحرف الواحد، varicoceles تعرّف بانها (دوالي الخصية) انها أوردة متورمة في كيس الصفن. وهي أكثر شيوعاً لدى الرجال المصابين بالعقم. تُعيق نمو الحيوانات المنوية عن طريق سد التصريف السليم للدم. لذلك تصبح الخصيتان دافئتين جدًا لإنتاج الحيوانات المنوية، مما قد يُسبب انخفاضًا شديداً في أعدادها".

د. وسن : انا اتفق مع صاحبتك الدكتورة رجاء، فهي حالة شائعة لدى اغلب المصابين بالعقم، كلامها جداً صحيح. اكملي حديثك رجاءاً.

شهربان : بعدها طَلَبَتْ مني ان اقوم بفحص الحمل من خلال جهاز بسيط متوفر لدى الصيدليات. لكنها قالت بان الفحص الطبي المكثف سيكون اكثر مصداقية من تلك الآلة. فخرجت من عيادتها وتوجهت الى اقرب صيدلية لاشتري آلة فحص الحمل ثم عدت الى البيت. بعدها قمت باجراء الفحص وحدي بالحمام مستعملة الآلة فخرج لي خطان أحمران دلالة على وقوع الحمل. وبعد يومين اخبر د. عدي زوجي بان الحمل اصبح مؤكداً دون الحاجة لتدخل طبي. فرجع زوجي للبيت وهو في غاية الفرح وزف لي الخبر السعيد. تظاهرت بالغبطة والفرح ولكن بداخلي كنت اتسائل عما جرى لي وقلت لنفسي "إذا كان زوجي ناظم مصاباً بالعقم فكيف وقع الحمل؟ وهل من الممكن ان... اقصد هل قام الدكتور عدي بـــ... لا لا لا مستحيل. انه طبيب مشهور ولديه الكثير من المراجعات. لا يمكن باي حال من الاحوال ان يفعل شيئاً دنيئاً مثل ذلك لان الاطباء كلهم اقسموا على العفة والعمل النزيه. يجب ان انسى انه صديق زوجي ناظم ولا يستطيع طعنه بشرفه".

د. وسن : وماذا حصل بعد ذلك؟

شهربان : اقترحتُ على زوجي ان نقوم كلانا بفحص آخر لدى طبيبة نسائية اخرى غير د. عدي للحصول على رأي ثانٍ. لكنه رفض رفضاً قاطعاً وقال بانها اهانة لا تغتفر لصديقه الذي يعرفه منذ الطفولة. قلت باننا نستطيع اجراء المعاينة بشكل سري وبمدينة مختلفة حتى لا نجرح مشاعر صديقه لكنه بقي مصراً على عدم تكرار الفحص. ولما علم انني جادة ومتشبثة ومصرة على تكرار الفحص بدأ يشدد على بقائي بداخل الدار مع والدته بحجة الحفاظ علي من الاجهاض. كان لا يسمح لي بالخروج من البيت وحدي بتاتاً. وبذلك اصبحت سجينة الدار.

د. وسن : وماذا حصل بعد ذلك؟

شهربان : بدأت اعرف ان الحمل اصبح مؤكداً لا شك في ذلك لذا صَغِرْتُ لمطالبهم وبقيت اتحين الفرصة كي اجد مخرجاً لمخاوفي. والبارحة سافر زوجي الى البصرة بعد منتصف الليل ليتفقد شحنة الرز التي استوردها من الصين والتي وصلت للتو الى ميناء ام قصر. ولما علمت ان والدته مريضة جداً ولا تقوى على ان تبرح فراشها قررت اللجوء اليكِ لانني سمعت من بعض الجيران انك تسكنين بالجوار وانك طبيبة نسائية ايضاً. لذلك خرجت من شباك غرفتي بملابس نومي وجئتك كي تجدي لي حلاً.

د. وسن : السؤال الذي يجول بخاطري هو، لماذا لم تخبري زوجك بكل شيء كي يتصرف مع صديقه فيقدمه للعدالة؟

شهربان : يا دكتورة وسن، انت عراقية وتعرفين كل شيء عن مجتمعنا. لو فرضنا انني فعلت ذلك كما تقولين. فهل سيرحمني زوجي؟ حتى وإن رحمني؟ هل سترحمني تلك السعلوة ام ناظم؟ علاوة على كل ما تقدم هل سيرحمني الناس والمجتمع باكمله واخواني الاثنان المتخلفين؟

د. وسن : اجل لديك الحق. لكنك الآن في موقف لا تحسدين عليه ابداً. فربما كان الحمل من زوجك بضربة حظ. ما ادراكِ؟

شهربان : لا اعرف ذلك يا دكتورة. لذلك لجأت اليك لانك متخصصة بهذا الميدان.

د. وسن : من الناحية الطبية هناك حالات كثيرة يقع الحمل فيها من شخص مصاب بـ (الفاريكوسيليس). لذلك يصعب التكهن بان مخاوفك كانت بمحلها لانك تتهمين الدكتور عدي بانه قام باغتصابك اثناء فقدانك الوعي بعد تناولك حبة المنوم التي تعتقدين انه اعطاها اليكِ. وماذا لو انه لم يعطيك حبة منوم بل انك غفوت من شدة التعب.

شهربان : طيب وكيف نستطيع التأكد؟

د. وسن : باي اسبوع حملك؟

شهربان : انا حامل يالاسبوع الثامن.

د. وسن : إذاً، بالامكان اجراء الفحص المخبري لمعرفة الاب الحقيقي لجنينك.

شهربان : هل بامكانك اجراء ذلك الفحص بنفسك، وما نوعه؟

د. وسن : هناك فحص نسميه (cffDNA) وهو يتطلب عينة من دمك ثم نقوم بفحصها بطرق خاصة ولكن يلزمنا عينة من الحمظ النووي لزوجك ايضاً. هل تستطيعين الحصول على ذلك؟

شهربان : اجل لدي فرشاة رأسه التي يستعملها ناظم. ساخذ منها الشعر المتبقي واجلبها لك.

د. وسن : الافضل ان تجلبي لنا عينة من لعابه.

شهربان : ساجلب لك عينة من لعابه فانا قادرة على فعل ذلك.

د. وسن : إذاً سانتظر منك العينة. وعندما تحصلين عليها تتصلين بي كي نقوم بتسليمها لمختبر اتعامل معه دائماً. هل بامكانك العودة الى بيتك دون ان تشعر بكِ عمتكِ؟

شهربان : اجل السعلوة نائمة بغرفتها الآن. ساتسلل بهدوء وأتسلق الى غرفتي كما خرجت منها.

د. وسن : ساوصلك بسيارتي الى بيتك.

شهربان : شكراً لك دكتورة. ارجو ان تبلغي اعتذاري لزوجك لانني ايقظتكم بهذا الوقت المبكر.

د. وسن : انا ارملة يا عزيزتي واسكن وحدي بهذا البيت. فزوجي توفى عام 2006 عندما قُتِلَ خطئاً بايدي بعض المجرمين لانهم شكوا بانه من المذهب الآخر.

شهربان : رحمه الله. ذلك امر جداً مؤسف ومحزن.

د. وسن : دعيني ارتدي ملابسي كي اخذك الى بيتك.

ركبت شهربان الى جانب الدكتورة وسن فانطلقت بها الى بيتها ونزلت من السيارة بالقرب من دارها لتتسلق الجدار حتى تصل الى شبّاك غرفتها وتشير بيدها للدكتورة لتودعها. نظرت الدكتورة الى ساعتها فوجدتها تشير الى الثامنة لذلك توجهت الى عيادتها ففتحتها وعملت لنفسها فنجان قهوة. وبعد يومين جائتها شهربان تحمل معها كيساً شفافاً صغيراً يحتوي على قدح زجاجي (ستكان) عليه لعاب زوجها ناظم. فقامت الدكتورة باجراء الفحوصات على شهربان ثم اخبرتها بان النتيجة قد تتطلب بضعة ايام. وبعد ثلاثة ايام اتصلت الدكتورة وسن بشهربان عبر الهاتف واخبرتها بان الحمض النووي لزوجها لا يتطابق مع الحمض النووي للجنين وهذا يعني ان زوجها ليس الاب البايولوجي للجنين.

شهربان : وما الحل الآن يا دكتورة إذاً؟

د. وسن : لا اكذب عليك يابنتي. فالحالة غريبة جداً ولا اعرف ماذا اقول لك ولا كيف انصحك.

شهربان : لكنك كنت متحمسة كثيراً لاجراء الفحص، اليس كذلك؟

د. وسن : كنت اتمنى ان يكون زوجك هو الاب البايولوجي فتنتهي القصة عند ذلك لكن الوضع قد اختلف الآن واصبحنا في حالة جداً محرجة وخطيرة.

شهربان : خطيرة لمن؟

د. وسن : لك انت يا شهربان فمجتمعنا سيبقى مجتمع قبلي لا يرحم المرأة مهما كانت بريئة. إذا قررت البوح بما جرى ولجأت للقضاء فلربما سيأخذ القضاء لك حقك ويقتص من الدكتور عدي لكن المجتمع سيصدر احكامه عليك بالرغم من برائتك.

شهربان : وهل هذا يعني ان نترك ذلك الطبيب الفاجر ليصول ويجول فيكرر فعلته بامرأة اخرى؟

د. وسن : القرار لك يا شهربان. فكري بالامر جيداً واتخذي قرارك. عليك ان تدرسي تداعيات ذلك القرار جيداً.

شهربان : لقد حسمت الامر واتخذت قراري. ساذهب الى مركز الشرطة الآن فوراً لاقدم البلاغ.

د. وسن : حسناً وانا سادعمك بأي شهادة تحتاجين اليها.

شهربان : لماذا لا تأتين معي الى المركز؟ سيكون لذلك أثر اكبر.

د. وسن : حسناً. انتظريني حتى افرغ من المراجعين ثم نذهب سوية الى المركز.

شهربان : سانتظرك حتى لو تأخرتِ 10 ساعات.

بعد خروج آخر سيدة حامل من عيادة الدكتورة وسن، وقفت وقالت لشهربان،

د. وسن : هل انت جاهزة؟

شهربان : اجل دكتورة دعينا نخوض المعركة. ***

ركبت مع الدكتورة بسيارتها الـ (كيّا) وتوجها الى مركز شرطة بغداد الجديدة فطلبت شهربان ان تقدم بلاغ وتتحدث مع الضابط. دخل عنصر الشرطة وابلغ الضابط ثم عاد وقال، "تفضلا بالدخول". فدخلتا وحيا الضابط فسألهما،

الضابط : انا الملازم اول نجم عبد الله. ما هو سبب البلاغ؟

شهربان : نريد ان نقدم بلاغ بعملية اغتصاب.

الضابط : ما هو اسمكما الكامل وعملكما ومن هو المُغْتَصِبْ؟

شهربان : انا المُغْتَصَبَ، اسمي شهربان عزيز سرسم اسكن ببغداد الجديدة بالقرب من مدرسة ابن رشد. المُغْتَصِبْ هو الدكتور عدي سيف الدين طبيب نسائية واطفال.

كتب الضابط اسم الدكتور عدي ثم سألها،

الضابط : هل هذه السيدة امك؟

شهربان : كلا، انها الدكتورة وسن. هي التي ساعدتني في الكشف عن الجريمة.

الضابط : اخبريني كيف وقعت جريمة الاغتصاب بالتفصيل؟

هنا بدأت شهربان تقص على الضابط تفاصيل الاغتصاب بالتفصيل من اللحظة الاولى التي اعطاها حبة المنوم حتى وصلت مع الدكتورة الى المخفر وهنا اضافت الدكتورة قائلة،

د. وسن : لقد اجريت فحص الحمض النووي على الجنين وعلى عينة من لعاب زوجها فاتضح ان زوجها ليس والد الجنين.

الضابط : سامحوني على ما ساقول الآن ولكن من قال ان الدكتور الذي توجهون اليه اصابع الاتهام هو من تسبب في الحمل. فانت قلت بانك كنت مخدرة وقتها. الا يمكن ان يكون والد الطفل هو شخص آخر مارست السيدة شهربان معه الجنس؟

شهربان : هذه اهانة كبيرة يا حضرة الضابط. كيف تسمح لنفسك ان تقول ذلك؟

نظرت د. وسن الى شهربان وقالت لها،

د. وسن : اسكتي يا فتاة، انه كشرطي يتحتم عليه ان يعرف كل مداخلات القضية دون الاحترامات. القضية ليس فيها مجاملة.

شهربان : لا يا حضرة الضابط. لم يواقعني احد غير زوجي.

كتب الضابط افادة شهربان والدكتورة ثم طلب منهما التوقيع على البلاغ. اطرق قليلاً ثم قال،

الضابط : انا احيي شجاعتكما على هذا ابلاغ ولكن يجب ان تتحملا نتيجة الامر فانتما تعلمان ان موضوعاً مثل هذا قد يصطحب معه تداعيات كثيرة.

د. وسن : لقد سبق وان حذرت شهربان عن تلك المخاطر لكنها مصرة على اقتياد ذلك الوحش الى القضاء. والآن يا حضرة الضابط. ما هي الاجرائات التي ستوالي هذا البلاغ؟

الضابط : سنقوم بتحرياتنا لنتأكد من ان البلاغ صحيح ونحاول ان نحقق مع الطبيب. لا تنسي ان الطبيب له حقوق هو الآخر. ولو تبين ان بلاغ السيدة شهربان كاذباً فذلك سيعني ان سمعة الدكتور ستنهار بالرغم من برائته من التهمة.

د. وسن : هذا شيء مفهوم طبعاً.

شهربان : والله حضرة الضابط لقد قلت لك كل شيء كما حصل بالضبط وبكل صدق.

الضابط : اجل لكننا نعمل من خلال ضوابط تقودنا الى استخلاص الحقائق ولا يمكن ان نعتمد على قسم المدعي.

د. وسن : على العموم ها قد استلمت البلاغ واتمنى لو انك تضعنا بالصورة عندما يجد جديد.

الضابط : بالتأكيد يا دكتورة.

د. وسن : شكراً لك حضرة الضابط.

شهربان : شكراً اخي نجم.

خرجت السيدتان من مركز الشرطة وهما يسبحان بين موجتين عارمتين عاليتين متضاربتين. فمن ناحية هن اقدمنَ على القيام بما يترتب عليهن من واجب اخلاقي كي يقفن بوجه ذلك الوحش الخسيس الغادر ويمنعانه من ممارسة المزيد من جرائمه ومن ناحية ثانية يشعران بخوف كبير على ما سيترتب عليه من تداعيات.

وباليوم التالي دخل الضابط نجم عيادة الدكتور عدي سيف الدين ومعه قوة من رجال الشرطة وطلب من الفراش ابلاغ الدكتور بحضورهم. ابلغ الفراش الدكتور ثم اذن لهم بالدخول فدخل الضابط ومعه عنصران من رجال الشرطة فوقف امامه وقال،

الضابط نجم : انا الملازم اول نجم عبد الله. هل انت الدكتور عدي سيف الدين؟

د. عدي : اجل، ما المشكلة حضرة الضابط؟

الضابط نجم : لدي امر من النيابة العامة بالقاء القبض عليك.

د. عدي : القبض عليّ؟ وما هي التهمة؟

الضابط نجم : الاغتصاب يا دكتور.

بدأ الدكتور بالضحك بسخرية ثم قال،

د. عدي : ومن هي المرأة التي من الفترض ان اكون قد اغتصبتها؟

الضابط نجم : ستعرف كل شيء عندما تأتي معنا الى المركز.

د. عدي : لا يمكنني ان اتي معكم الآن فلدي الكثير من المراجعين.

الضابط نجم : هذا آخر اهتماماتي يا دكتور. نحن لا ندعوك لحفلة شاي، هيـــــــــا تفضل معنا.

د. عدي : انا ارفض المجيء معكم.

نظر الضابط الى احد العناصر معه واشار له برأسه وقال،

الضابط نجم : ضع الاصفاد على معصميه.

فنفذ العنصر ما امره به مسؤوله ثم اقتادوه عبر صالة الانتظار باستعراض مهين امام السيدات اللواتي جئن لمعاينة الدكتور ينتظرن دورهن للدخول عليه. وضعوه بداخل سيارة شرطة وانطلقوا به الى المخفر في بغداد الجديدة.

دخل الملازم اول نجم عبد الله مكتبه فتبعته مجموعة من عناصر الشرطة متأبطين الدكتور عدي وهو مكبلٌ بالاصفاد فامرهم بالخروج ليتركوه ويغادروا ثم يغلقوا الباب ورائهم. وقف د. عدي بوسط الغرفة ينظر الى الضابط نجم بأمل ان يكون هناك طريقة لاقناعه كي يخلي سبيله. جلس الضابط نجم خلف منضدته فجلس د. عدي على الاريكة امام الضابط فصرخ الضابط بوجهه صرخة هزت ارجاء المركز كله قال،

الضابط نجم : هــــــــــيا انتصب على ساقيك. هــــــــــل طلبت منك الجلوس؟

ارتعب الدكتور من زئير الضابط فوقف ثانية وقال،

د. عدي : انا اعتذر حضرة الضابط. لم اكن اتصور انك ستعترض فانا اشعر بتعب لانني...

قاطعه الضابط وقال،

الضابط نجم : انت الآن بمركزي وبمكتبي وانا هنا بمثابة سيدك وانت مجرد عبد عندي افهمت؟

د. عدي : فهمت سيدي اجل فهمت ولكن اريد ان اسألك هل...

قاطعه الضابط من جديد وقال،

الضابط نجم : انت لا يحق لك ان تسأل. انت فقط تجيب على اسئلتي مفهوم؟

د. عدي : اجل، اجل مفهوم سيدي، تفضل إسأل.

الضابط نجم : هل قمت بتخدير السيدة شهربان ثم مارست الجنس معها بعد ان فَقَدَتْ الوعي؟

د. عدي : لا، هذا لم يحصل ابداً. انه افتراء سيدي. انا فقط اجريت عليها فحص الحمل وذلك بالحصول على عينة من الادرار وعينة من الدم. فاثبتت النتيجة انه لم تكن حاملاً وقتها.

الضابط نجم : ولماذا هي حامل الآن إذاً؟

د. عدي : لانها متزوجة سيدي. ولا تزال تمارس الجنس مع زوجها. وهذا شيء طبيعي اليس كذلك؟

الضابط نجم : وماذا لو اثبتنا ان زوجها غير قادرٍ على الانجاب؟

د. عدي : هذا غير صحيح. انا قمت بفحص زوجها ناظم وتبين لي انه سليم 100%. انه يستطيع الانجاب بشكل طبيعي.

الضابط نجم : اتقصد اننا لو اجرينا نفس فحوصاتك على الزوج فاننا سنؤكد ما توصلت اليه انت من نتائج؟

د. عدي : اجل بالتأكيد. ناظم هو اعز صديق عندي واريده ان ينجب اطفالاً كما يتمنى.

الضابط نجم : سوف نجري كل انواع الفحوصات من طرفنا وإن صدقت ادعائاتك فسوف نخلي سبيلك. اما إن كان العكس فالويل لك. سنعمل لك اشياء لم تكن تتخيلها.

د. عدي : وماذا ستعملون.

الضابط نجم : سترى بعينك في حينها. لا تستعجل الكارثة قبل ان تحصل.

نادى باعلى صوته على احد اعوانه وطلب منه ان يدخل ويحجز المشتبه به في زنزانة التوقيف. ثم رفع سماعة الهاتف واتصل بالدكتورة وسن ليطلب منها الحضور الى المركز مع شهربان. وبعد ساعتين دخلت السيدتان مكتب الضابط في مركز الشرطة فرحب بهما وطلب منهما الجلوس وقال،

الضابط نجم : قبل قليل القينا القبض على الدكتور عدي وسنحقق معه بخصوص الادعاء الذي قامت به السيدة شهربان. لكن لدي سؤال مهم جداً يا سيدة شهربان، هل اخبرتِ زوجك بما وقع لك من اعتداء؟

شهربان : كلا، لم اتمكن من اخباره باي شيء. فهو لو علم بذلك فسوف تقوم الدنيا ولا تقعد وسوف يرمي عليّ يمين الطلاق وقد يقوم بذبحي.

الضابط نجم : لكنه سيكون طرفاً بالقضية لذلك يجب ان يعلم بما جرى. علينا ان نستدعيه ونخبره.

د. وسن : اجل هذا امر مفروغ منه.

شهربان : يبدو ان الفأس قد وقع بالرأس. افعل ما شئت حضرة الضابط. كنت اعرف ان مثل هذا اليوم سيأتي.

رفع الضابط سماعة هاتفه وضغط على الارقام فسمع ناظم يقول،

ناظم : الو، من الطالب؟

الضابط نجم : معك الملازم اول نجم عبد الله من مركز شرطة بغداد الجديدة.

ناظم : يا ساتر يا ربي، تفضل حضرة الضابط ما الامر.

الضابط نجم : اريدك ان تحضر الى المركز. الامر يتعلق بزوجتك شهربان.

ناظم : يا الهي، هل وقع لها مكروه؟ انها حامل سيادة الضابط وانا اخاف عليها من...

قاطعه الضابط وقال،

الضابط نجم : يا سيد ناظم، يا سيد ناظم، انتظر لحظة، زوجتك بخير ولكن يجب عليك ان تحضر حالاً.

ناظم : انا آتي فوراً.

اغلق الخط معه واخبر السيدتان بان ناظم سيحضر بعد قليل. وما هي سوى ثلث ساعة ودخل احد الاعوان الى الغرفة وقال بأن ناظم قد وصل ويريد مقابلته فطلب من العنصر ادخاله. دخل ناظم ورأى زوجته جالسة مع سيدة لا يعرفها. نظر الى الضابط وقال،

ناظم : ها قد اتيت حضرة الضابط. ارجوك اخبرني فانا لا اقوى على تحمل المزيد من الإثارة.

الضابط نجم : اجلس سيد ناظم ودع زوجتك شهربان تقص عليك القصة من الالف الى الياء.

جلس ناظم بجوار زوجته فراحت شهربان تحكي له حكايتها كاملة من اللحظة التي قرروا الذهاب الى عيادة الطبيب حتى مجيء ناظم الى مركز الشرطة. ولما اكملت سرد الحكاية كان ناظم في حالة ذهول شديد. بقي ساكتاً لدقائق ثم نظر الى الضابط وقال،

ناظم : قصة لا يمكن ان اصدقها. انها كذب وتلفيق من زوجتي شهربان وانا اعرفها جيداً لانها كذّابة. فصديقي عدي لا يمكن ان يخونني لاننا تربينا سوية منذ الطفولة ولدينا ماضي طويل. انا اثق به اكثر مما اثق بنفسي بل حتى اكثر مما اثق بامي. لا يمكن ان يحصل ذلك. انا متأكد بانكم تتبلون على الرجل لانه طبيب ناجح.

نظر الى زوجته وقال،

ناظم : وانت يا عاهر. كيف سولت لك نفسك ان تخونيني؟ قمتِ بخيانتي مع احد القوادين ثم رميت اللوم على عدي. كم حذرتني امي من الزواج من طفلة صغيرة مثلك لكنني لم امتثل لكلامها. ساقتلك واشرب من دمك يا ساقطة يا ابنة العهر.

الضابط نجم : لا يمكنك ان توجه اي اتهام لها سيد ناظم فنحن لا زلنا لم نجري جميع الاختبارات كي نتأكد من صحة اقوال الجميع. والجميع الآن مصدر شبهة ولا يمكن الاعتماد على ادعائات اي طرف ضد الطرف الآخر.

ناظم : وكيف ستتأكد حضرة الضابط؟ هيا اخبرني.

الضابط نجم : لقد طلبنا من طبيبنا بالمركز اخذ عينة الحمض النووي من كل من الدكتور عدي ومنك ومن السيدة شهربان.

هنا تدخلت الدكتورة وسن لتقول،

د. وسن : ويجب اخذ عينة من الحمض النووي للجنين كذلك.

الضابط نجم : وهل هذا ممكن يا دكتورة؟

د. وسن : اجل انه يسمى (cffDNA) وبذلك تكتمل جميع المعلومات لديك.

ضغط الضابط على زر الجرس فحضر احد العناصر للغرفة وقال له،

الضابط نجم : خذ الجميع الى قاعة الانتظار وابقى معهم حتى يبدأ الطبيب فحوصاته. نظر الى الجالسين وقال،

الضابط نجم : الآن تفضلوا جميعاً مع العريف محمدعلي الى قاعة الانتظار.

غادر الجميع مكتب الضابط نجم وجلسوا في قاعة الانتظار. وبعد قليل دخل طبيب الشرطة مكتب الضابط وقال،

طبيب الشرطة : هناك مراحل يجب علي اجرائها في عيادة تخصصية لذلك يجب ان انقل الزوجة السيدة شهربان اليها كي نجري لها فحص تخصصي للكشف على الحمض النووي للجنين.

الضابط نجم : طيب يا دكتور، لو فعلت ذلك، هل سنحصل على النتيجة مباشرة؟

طبيب الشرطة : كلا، يتطلب تقرير المختبر بضعة ايام.

الضابط نجم : إذاً، افعل ما تراه مناسباً واترك سبيل الزوجة كي تعود مع الدكتورة وسن وانا ساتحفظ على المتهم الدكتور عدي قيد التوقيف. كذلك سادع الزوج السيد ناظم ان يذهب اينما يشاء.

طبيب الشرطة : طيب سيدي، استأذنك الآن.

خرج الطبيب من مكتب الضابط ودخل قاعة الانتظار فنادى على السيدة شهربان وبصحبتها الدكتورة وسن كي يأتيان معه بينما امسك عنصر الشرطة محمد علي بالمتهم د. عدي وارجعه الى الزنزانة بعد ان أخذت مسحة (سواب) منه.

وبعد مرور ثلاثة ايام اتصل طبيب الشرطة د. نشأت بالضابط نجم واخبره ان نتائج الفحص قد اثبتت ان الحمض النووي للجنين يتطابق. 99.99% مع الدكتور عدي مما يؤكد صحة اقوال المدعية السيدة شهربان. هنا قال بانه سيحيل الملف برمته الى مكتب نائب المدعي العام لان الامر قد اصبح واضحاً وضوح الشمس. بعدها اتصل بهاتف شهربان النقال وجرى هذا الحديث معها.

الضابط نجم : السلام عليكم سيدة شهربان.

شهربان : وعليكم السلام حضرة الضابط. هل خرجت النتيجة؟

الضابط نجم : اجل، انها ايجابية.

شهربان : لم افهم قصدك. ممكن توضح اكثر؟

الضابط نجم : النتيجة اثبتت ان الدكتور عدي هو ابو الجنين البايولوجي وان كل ادعائاتك كانت صحيحة لذلك احلنا القضية برمتها الى مكتب المدعي العام كي تتم الاجرائات لمحاكمته.

شهربان : حمداً لله. الآن ساتمكن من طلب الاجهاض من الدكتورة وسن.

الضابط نجم : هذا امر يخصك انت ولكن اود ان أاكد عليك ان شهادتك لدى مكتب المدعي العام ستكون في غاية الاهمية وسوف تشهدين بذلك في المحكمة ايضاً فيما بعد.

شهربان : اجل، اجل طبعاً. انا على اتم استعداد. ولكن هل تعلم ما فعل زوجي ناظم؟

الضابط نجم : اكيد هددك بالطلاق.

شهربان : لا بل طلقني فعلاً ولم يعد زوجي.

الضابط نجم : لكنك الضحية هنا. لا اعلم كيف يفكر الناس. دعيني اقدّم اسفي يا سيدتي.

شهربان : لا عليك. لقد ارتحت من جور ام ناظم التي حولت حياتي الى جحيم.

الضابط نجم : ابلغي الدكتورة وسن سلامي واحترامي.

اغلقت الخط مع الضابط وركضت الى وسن لتوقظها من النوم وتقول لها،

شهربان : استيقظي يا دكتورة، لدي خبر سيفرحك كثيراً.

د. وسن : دعيني اخمن، لقد طلعت النتيجة ايجابية.

شهربان : اجل هذا صحيح. وهذا يعني انني مستعدة لاجراء عملية الاجهاض الآن.

د. وسن : كل شيء باوانه حلو. سوف نجريها إن شاء الله كوني على ثقة.

<< بعد مرور ثلاث سنوات كاملة <<

جلست الدكتورة وسن ببيتها في غرفة الاستقبال ووقف امامها الطفل معتز ثم وضع يده على فمه وقبل راحة يده ثم رماها على الدكتورة وسن فضحكت وامسكت به وقبلته من وجنتيه. بتلك اللحظة دخلت امه شهربان فرأت المنظر وقالت،

شهربان : كيف تسمحين لنفسك ان تقبلي ابني دون ان تأخذي إذناً مني.

قالتها وهي تبتسم. فاجابتها د. وسن،

د. وسن : حبيبتي، ابنك زير نساء يعني نسونجي اصلي. هو الذي رمى لي قبلة هوائية كي يستميل قلبي.

ضحكت السيدتان طويلاً ثم توقفت شهربان عن الضحك وقالت،

شهربان : احمد الله لانك اقنعتيني بعدم الاجهاض. فابني معتز اليوم هو كل حياتي.

د. وسن : كفاك ثرثرة يا فتاة. هيا ارتدي ملابسك واستعدي للذهاب للجامعة فاليوم لديك امتحان مهم.

شهربان : اجل لكنه امتحان عن النظائر وانت تعلمين كم انني متفوقة بتلك المادة.

د. وسن : مهما كنت ظليعة فعلم الكيمياء كله مهم واريدك ان تتحصلي على اعلى الدرجات بكل دروسك. واريدك ان لا تقلقي من ناحية معتز فانا اليوم مجازة وسوف اعتني به حتى ترجعين من الكلية.

شهربان : انت اثبت انك اعز من جميع اهلي الذين تخلوا عني. وبالمناسبة، سمعتك تتحدثين بالهاتف عندما كنت ارتدي ملابسي بغرفتي. يا ترى من كان يهاتفك؟

د. وسن : لقد كان الضابط نجم. اراد ان يزف لنا خبراً سعيداً. قال ان الدكتور عدي قد خاض معركة حامية الوطيس مع السجناء فقاموا بضربه ضرباً مبرحاً وفقد احدى عيناه على اثر المعركة. هنا سألته عن المدة المتبقية له اي التي سيمكثها في السجن قال انه سيبقى حتى يدخل ابنك معتز الجامعة.

شهربان : حمداً لله، كنت اخاف ان يخرج قريباً ويطالب بابنه.

د. وسن : الآن ليس لديك هم سوى دراستك والاعتناء بمعتز يا حبيبتي.

شهربان : شكراً لك يا اعز اخت.

...تمت...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

944 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع