الذكرى ٩٤ لتاسيس القوة الجوية والدفاع الجوي

اللواء الطيار الركن دكتور
علوان حسون العبوسي
22 نيسان 2025

الذكرى ٩٤ لتاسيس القوة الجوية والدفاع الجوي

بمناسبة الذكرى 94 لتاسيس القوة الجوية والدفاع الجوي يطب لي ان استذكر للبعض من ادوارها القتالية المشهودة لاسرابها القاصفة والهجوم الارضي والمقاتلة والاستطلاع التي لم تالوا جهدا طوال ثمان اعوام من الحرب ، حيث كثرة هذه الادوار تخطيطا وادارة وتنفيذا بشجاعة واقتدار مقاتلينا الابطال ، بعد تنفيذ مئات الالاف من الطلعات القتالية اكسبت العراق نصرا منشودا على ايران رفع من مستوى قواتنا المسلحة عموما واصبحت تعادل بمعدلات التفوق العام كافة جيوشنا العربية انذلك . وبتعاداً من الذكريات التقليدية بمثل هذه المناسبات افضل استذكار احدى المعارك التي ساهمت بحسمها قوتنا الجوية باستخدام جهد جوي مميز من القاصفات والهجوم الارضي والمتصديات والاستطلاع .
معركة اليوم العظيم 25-26 كانون الأول / ديسمبر 1986
من البديهيات ان أي عمل عسكري يسبقه دراسة وتخطيط وتنسـيق وتنظيم وتعاون ثم تنفيذ ،يكون عملاً ناجحاً وهذا ما حصل في معركة اليوم العظيم من 25-26 كانون الأول / ديسمبر 1986 حيث سبق العمل العسكري إجراءات الاستطلاع الجوي التصويري لقواطع العمليات للفيلقين الثالث والسابع (الفاو – القرنة) وتأكد لدى قيادة القوة الجوية ان هناك تحشدات معادية تجاه الفيلقين اعلاه ومنه تم اتخاذ التدابير الاحترازية سواء من قبل القوة الجوية والدفاع الجوي والقوات البرية من خلال عدد من اللقاءات بين قائد القوة الجوية والدفاع الجوي وهيأة ركنه وبين القوة الجوية ورئاسة أركان الجيش والفيالق المعنية وكانت هناك إجراءات استحضارات وتنسـيق جيدة جداً ،كنا في قاعدة تموز ( الحبانية الجوية ) نتمنى ان تكون كافة المعارك السابقة بهذا المستوى من التعاون، في الحقيقة كنا نسترق المعلومات من ضباط ركن عمليات قيادة القوة الجوية واخص بالذكر العميد الملاح عادل كامل حول احتمال قيام ايران بالتعرض على قواطع الفيلقين الثالث والسابع ولم يتم إشعارنا مسبقاً ولكن استشعرنا ذلك من خلال تعزيزات أرصدة القنابل والأسلحة الأخرى فضلاً عن اعلأمنا بأنه تم وضع مرشد ( Beacon) في منطقة القرنة لأغراض الدلالة ثم الإيعاز بإيقاف الطيران التدريبي من هذا كله تكونت لنا صورة عن المعركة القادمة المحتملة ومنه على الفور تم الإيعاز إلى الأسراب 67، 29، 10، 36، 97، 115 برفع درجة الإستعداد إلى اقصاها تحسباً لاي إجراءات محتملة.
بعد الساعة 2200 يوم 24 كانون الأول 1986 تم إشعار غرفة حركات قاعدة تموز الجوية من قبل مركز عمليات قيادة القوة الجوية بتسليح أربع طائرات/ Tu22 بحمولة قصوى ( تسع طن )من القنابل شديدة الإنفجار بأسرع ما يمكن والواجب هو ضـرب تجمعات وحشود معادية قرب مدينة المحمرة لمنع زجها لاسناد القطعات المعادية المواجهة للفيلقين الثالث والسابع، في الحقيقة لم نفاجأ بالواجب وكانت الطواقم الجوية للأسراب كافة على اتم الإستعداد لتنفيذ الواجبات القتالية، اجرينا الإيجاز المطلوب مع أربع طواقم لطائرات/ Tu22 واكدنا على آمر السـرب ( ل، ط) بدقة التنفيذ بعد أن اجرينا الحسابات الجوية المطلوبة لإسقاط القنابل وتوكلنا على الله وخلال دقائق كانت طائراتنا في الجو وتم التنفيذ في الساعة 0100 يوم 25 كانون الأول / ديسمبر 1986، بعد التنفيذ وفي طريق عودة طائراتنا نأدى قائد التشكيل (ل ،ط ) طالبا ادامة الزخم لكون الحشود المعادية تزداد في منطقة المحمرة وهي تتقدم على المحور ديزفول- الاحواز- المحمرة وذلك بفرض ادامة الزخم على هذه الحشود بأسرع ما يمكن لإفشال واجهاض الهجوم المعادي المحتمل قبل أن يبدأ . اتصل قائد القاعدة فوراً بمركز عمليات قيادة القوة الجوية وابلغهم بالرسالة واقنعهم بضـرورة الموافقة على إعادة الضـربة لإرباك العدو المستعد لشن هجومه وفعلاً حصلت الموافقة على تحميل أربع طائرات/ Tu22 بحمولة كاملة والتنفيذ فوراً بعد هبوط طائرات التشكيل الأول.

بعد نزول طائرات الواجب الاربعة الأولى بسلام والتأكد من دقة التنفيذ حيث صور لنا قائد التشكيل بأن القنابل سقطت في وسط الحشود المعادية ودمرت مساحات واسعة من المنطقة وهو يعتقد ان الهجوم المعادي احبط تماماً وكان يتكلم بثقة عالية تدل على عدم مبالغة في تقدير النتائج، الساعة الآن 0230 وطائرات الواجب الثاني جاهزة للتنفيذ، الواجب هو قصف المحور الاحواز-المحمرة والحشود قرب المحمرة وأنهاء الهجوم كلياً ويكون النصـر محسوماً بالقوة الجوية باذن الله، فعلاً تم التنفيذ في الساعة 0500 صباحاً بقوة أربع طائرات/Tu22 وتم اختيار الطيارين والملاحين الموجودين من السـربين/ 10، 36 وسلحت طائراتهم بقنابل منوعة، خليط من قنابل شديدة الإنفجار،حريق، مستودع قنابل ضد الاشخاص والدروع...الخ، وكانت المهمة ناجحة بعد أن تم قصف القوات المعادية التي تتحرك على المحور المذكور وعاد الطيارون صباحاً وهم يحملون البشـرى بالنصـر وبعد استراحة بسـيطة تناولنا طعام الافطار سويةً في غرفة حركات القاعدة والكل يبتسم وهو فرح بالنتائج التي حققها دفاعاً عن العراق العظيم، في الوقت نفسه اتصل آمر السـرب/ 115 سوخوي 25 المقدم الطيار (ف ، ح ) المستخدم في مطار الجليبة الثانوي التابع لقاعدة علي الجوية في محافظة الناصـرية يخبرنا بالنتائج الباهرة التي قام بها سـربه في تسديد ضـربات ناجحة ضد العدو أمام قاطع الفيلق الثالث والسابع وقد شكرناه على دقة التنفيذ مهنئاً له ولضباطه على السلامة، اتصلنا مع معاون العمليات اللواء الطيار الركن سالم سلطان البصو واخبرناه ان حسم المعركة بعون الله سـيكون من نصـيب قاعدتنا، شكرنا على دقة التنفيذ وتمنى للجميع دوام الموفقية.
في يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر 1986 استمرت طائرات السـربين/ 36 و10 بتنفيذ الواجبات على منطقة المحمرة وعبادان بزخم عالي بدأ من الصباح الباكر وحتى صباح يوم 26 كانون الأول 1986 حيث علمنا ان السـيد رئيس الجمهورية اتصل بالسـيد قائد القوة الجوية الفريق الطيار حميد شعبان يشكره على الجهود التي بذلتها القوة الجوية في هذه المعركة، كانت قناعتنا التامة بأن حسم المعركة هذه المرة كانت بالقاصفات بالدرجة الأولى بالتعاون مع طائرات التصدي والاستطلاع والهجوم الارضي ،حيث اربكت الهجوم الرئيس قبل بدايته ودحر العدو في 24 ساعة من دون إشـراك جهد كبير من قطعاتنا البرية، وذلك لان الهجوم المعادي لو لم يحبط ليلاً بقوة القاصفات ثم استكمل نهاراً لما توانى العدو في هجومه وجعلته أمام الامر الواقع وبذلك حسم الموضوع نهائياً، شاركت قاعدة تموز بالجهود الجوية التالية محققة انتصار اليوم العظيم:-
• السـرب/ 36 ( tu22) قاصفات.
• السـرب/ 10 ( tu16)قاصفات.
• السـرب/ 87 ( ميج 25 )متصديات.
• السـرب/ 96 ( ميج 25 ) متصديات.
• السـرب/ 97 ( ميج 25 )استطلاع.
• السـرب/ 115 ( سوخوي 25 )إسناد جوي قريب من مطار الجليبة الثانوي.
التحليل العام لمعركة اليوم العظيم
من أهم المواضـيع التي يجب الاهتمام بها وتطبيقها في ابسط المهام العسكرية هو موضوع التخطيط المشترك للقوات بغرض الاستثمار الامثل للموارد المتاحة في أفضل صورة فضلاً عن تحقيق مبدأ الاقتصاد بالجهد لأحداث التوازن المطلوب في القوات، لازلت أذكر أعمال التخطيط والتنسـيق والتعاون المشترك التي كانت تتم في معارك تحرير شمال الوطن عامي 1974-1975بين القوات البرية والقوة الجوية في قاطع عمليات الفيلق الأول وبأفضل صورة وفي كل معركة تقريباً حيث يتم لقاء هيئات الركن المشتركة قبل العملية ويتم تنظيم التعاون فيما بينهم وايضاح الأدوار لكل صنف على منضدة الرمل ويكون هناك فهم مشترك لما سـيجري فضلاً عن التعديلات التي تتم من خلال المناقشة التي تسبق اتخاذ القرار النهائي قبل التنفيذ.
في حربنا مع إيران وبالتحديد عام 1980-1982 كانت تجري عمليات تعاون وتنسـيق في بداية المعركة وفق السـياقات المتعارف عليها في اسسس استخدام القوة الجوية ولكن بعد ذلك اتسمت عمليات التخطيط والتعاون والتنسـيق المشترك بالضبابية طيلة الفترة «1982-1988» ماعدا عمليات اليوم العظيم وتاج المعارك والحصاد الأكبر ومعارك تحرير الفاو ومعارك توكلنا على الله الاربعة حيث كانت هذه المعارك كلها ناجحة 100% لما سبقتها من أعمال تخطيط مشترك على المستوى السوقي (الاستراتيجي) والتعبوي وأصبح هناك فهم مشترك للصنوف المشاركة في العملية كافة، ان مواضـيع تنظيم التعاون والتخطيط المشترك تعد من اعقد العمليات التي ينبغي ان تقوم بها القوات المشتركة لما تتطلبه من اعداد مسبق وتفهم كل صنف لمشاكل ومعضلات وأسلوب استخدام الصنف الأخر لقواته وهذا بطبيعة الحال في بداياته من مسوؤلية المعاهد والكليات العسكرية على اختلاف مستوياتها العلمية في بلورة هذه المفاهيم والتدريب عليها وتطويرها وفقاً لنهج العقيدة السـياسـية والأسلحة المستخدمة.
لقد جرت معارك اليوم العظيم بأفضل صـيغة من التخطيط المشترك والتعاون البناء بحيث حققت أهدافها بسـرعة ومن دون عناء وبلا خسائر تقريباً وكان النصـر حاسماً بقوة وحفظ الباري العزيز القدير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

811 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع