عادل شهاب الأسدي
قراءة في كتاب الصحفي والإعلامي الأديب صباح الجزائري..خمسون عاماً في أروقة الصحافة والإعلام ..
عن مطبعة (البصرة ) صدر كتاب الصحفي والإعلامي والأديب صباح الجزائري الموسوم ( خمسون عاماً في أروقة الصحافة والأعلام _ ذكريات لا مذكرات ) وذلك في طبعته الأولى المؤرخة عام 2024 . تصميم المخرج نواف الجزائري ، جاء الكتاب في مائتين وأربعٍ وخمسين صفحة، خُتِمت بمجموعة من الصور التذكارية _ بالأسود والأبيض_ تنوعت بين الصور الجماعية وشهادات التكريم من أكثر من جهةٍ ونقابةٍ وثقت لسيرتهِ الشخصية والمهنية لأكثر من مجالٍ ومضمار وذلك لدورهِ الناشطِ والمتميز في رفد الجانب الصحفي والإعلامي فضلا عن عدد من الهويات التي حصل عليها الجزائري والصادرة عن مؤسسات إعلامية مختلفة أبان مزاولته المهنة ..
يعد هذا الكتاب سفراً حياتياً ومهنياً حافلاً بالذكريات والتجارب التي جاءت كمحصلة مع الحراك الصحفي والثقافي والإعلامي لما يزيد عن خمسين عاماً من العطاء المتميز ..
والمتأمل في قراءة مسيرة الصحفي والإعلامي صباح الجزائري يجد انها تقوم على إفراز ما يختزنه من أفكارٍ في وصفٍ شاملٍ متمازجٍ مستشرفاً الزمن والأحداث والأشخاص بلغةٍ سرديةٍ يغلب عليها البناء الأدبي تفصح عن إمكانية الجزائري في رصد المواقفِ والمواقعِ والاشخاص في رسم الحدث ..
يقول الأديب الراحل محمد صالح عبد الرضا في مقدمة الكتاب : " الجزائري صديقي وزميلي القديم وهنا يدرك علاقته بالزمن فقد طارد الخبر ليضعهُ أمام عيون القراء ص2 .. بينما يقول المؤلف في مقدمتهِ للكتاب :" ولدتُ إنساناً وأعيش صحفياً " مشيرا إلى ثلاثة عوامل جعلت منه صحفياً ألا وهي التشجيع والإصرار وعشق المهنة، مضيفاً :" أن من يعمل في الصحافة لا يشيخ " ..
ويورد المؤلف سطورا عن مسيرته المهنية فقد بدأ العمل في المجال الصحفي والإعلامي منذ عام 1973 متنقلا بين المجلات والصحف المحلية متدرجا من محررٍ إلى سكرتير تحرير ومن ثم مديراً ورئيساً للتحرير إلى جانب العمل التلفزيوني والإذاعي مراسلاً ومعداً لبعض البرامج ..عمل كمحررٍ في مجلة ( النفط والعالم ) عام 1974 ولغاية 1983 ، كما عمل في مجلة (ألف باء) بمحافظة البصرة بين عام 1988 و 1991 وفي مكتب (جريدة الجمهورية) بمحافظة البصرة بين عام 1981 و 2003 وكان من أوائل محرري جريدة ( الأخبار) البصرية _ صباح البصرة حالياً وهو من أطلق عليها تسمية (الأخبار ) ساعة انطلاقها عام 2004 . كما عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الكويتية ( كونا ) ومن المؤسسين لصحيفتي ( الرأي العام ) البصرية و ( بصرة تو دي أو البصرة اليوم ) . كان الجزائري جم النشاط متعدد المواهب حيث عَمِلَ مراسلاً ومقدماً لعددٍ من البرامج الإخبارية والثقافية في إذاعة صوت الجماهير ومراسلاً لتلفزيون العراق في البصرة من الفترة 1993 _ 1997، وقد نال الجزائري عشرات التكريمات والشهادات التقديرية من قبل جهات مهنية ونقابية ومؤسساتية في داخل العراق وخارجه ..
# التصوير السينمائي.. شغفٌ وإبداع..
في الفصل المعنون ( قال لي من أنت ) يستجمع الجزائري ذكرياته المبكرة مع عوالم السينما والتصوير السينمائي والفوتغرافي بدءً من السادسة من عمره في مدينة (الفاو) فعندما كان طالباً في ( ثانوية الفاو للبنين) إنجذب عن طريق مدرس الكيمياء _ إلى تفاعلات بعض المواد الكيميائية والتي قادته إلى المحاولات المبكرة لتحميض صور الكاميرا ، رغم معارضة الأسرة له خوفاً من إنجراف الجزائري إلى اهتمامات تبعده عن الدراسة الأكاديمية، غير أن إصراره دفعه إلى إتقان كل ما يتعلق بالتصوير في حقلية الفوتغرافي ولدى بلوغه العشرينات من عمره أصبح مهتماً بالتصوير السنمائي فأخذ يقتني المزيد من الكتب الخاصة بالتصوير وبدأ يطور من قدراتهِِ في هذا المجال ومن هنا كانت خطواته الأولى نحو الدخول في فضاء الفن السابع.
في تلك الأثناء عمل كمصور سينمائي في شركة نفط الجنوب حتى أصبح مسؤول شعبة التصوير والطباعة في دائرة الإعلام لتلك الشركة العريقة.. وقد أنجز في تلك الفترة تصوير وإخراج ومونتاج وسيناريو فيلم تسجيلي تحت عنوان ( النفط الوطني العراقي من باطن الارض إلى موانئ العالم) وجرى عرضه في جميع مواقع ومخيمات سكن العاملين في الحقول النفطية ، كما تم عرضه في معرض بغداد الدولي فيما بعد ..
# من ضوء الكاميرا إلى .. حبر الورق..
يرى الصحفي والإعلامي صباح الجزائري : " أن الكتابة في مختلف تخصصاتها تفرض على المحرر أن يكون لديه خزين معرفي تراكمي من المفردات اللغوية والأدبية تسهل له توصيل الفكرة أو الموضوع الذي يتناوله بأسلوبٍ سلسٍ ومتقنٍ وجملٍ رشيقة وهذا لا يأتي من دون قراءات والإطلاع المستمر ، مستشفعاً بقوله:" ان لكل مهنة أو حرفة في المجتمع لا بد لها من مخرجات ( منتَج ) ومن أهمها البحث عن المواد الأولية أو إمتلاكه لتلك المواد كيما يستطيع صاحبها صياغة ملامحها بيسر وإقتدار بغية عرضها كبضاعة مكتملة" .. ص54
ويستذكر الجزائري نشأته الأولى برفقة كتبٍ للأطفال التي أسهمت في خصوبة خياله الإبداعي ومن ثم إلى كنوز المكتبة من دواوين شعرية وقصص وروايات.
كما أنه يكرس صفحات من كتابه تحدث عن لقائه برائد السرد الراحل فؤاد التكرلي والذي توج بحوارٍ مطولٍ لصالح جريدة (الجمهورية) إضافة إلى أنكبابهِ على قراءة عدد من الكتب الإبداعية لكتاب بصريين مثل كاظم الحجاج محمد صالح عبد الرضا وعبد الستار العاني ،محمود عبد الوهاب، محمد خضير ، كاظم الاحمدي ويعرب السعيدي وآخرين من مشاهير الادب العالمي حيث ينهل منهم الجانب الإبداعي ، وقد تمخض عن تماهيه مع الواقع السردي ظهور روايته المعنونة ( القرنفلة الحمراء ) والتي أعقبها برواية ثانية ( حوز التايه ) التي تمثلت بصور مخزونة في وعي الكاتب عن مدينة الفاو ذلك أن (حوز التايه ) هي التسمية الأقل تداولاً لمنطقته ( رأس البيشه) وتعد النقطة الأخيرة من الحدود البرية في جنوب الفاو حيث اعتاد أهلها أطلاق هذه التسمية على هذه البقعة التي لا تصلح للسكن كون أرض الحوز تغمرها مياه البحر كل أثنتي عشر ساعة وهي دورة المد والجزر ..
هذا النص نال إهتمام المعنيين بالشأن الإبداعي وقد أثنى على هذه الرواية كل من الراحل محمد صالح عبد الرضا والأستاذ خالد السلطان لا سيما وأن تقنية النص ذات طابع سينمائي..
# دور الجزائري وحضوره الفاعل..
أخيرا وليس آخراً نلتقي بحضور الأستاذ الصحفي والإعلامي صباح الجزائري ضمن أنشطة نقابة الصحفيين فرع البصرة ودوره الفاعل الذي أسهم ومنذ سقوط النظام في إعادة هيكلة النقابة جنباً إلى جنب رئيس الفرع السابق الأستاذ حيدر المنصوري ومجموعة خيرة من الصحفيين تتصف بالمهنية والخبرة لمراجعة طلبات المتقدمين لعضوية النقابة من العاملين في الوسط الصحفي والإعلامي في المحافظة، إضافة إلى أسهاماته في دوره الصحفي الفاعل في تغطية الأخبار والتحقيقات المطلوبه التي استمدها من واقع تجربته الميدانية الطويلة وسط مزنجرات الوجود الأمريكي والبريطاني ..
كما وتتجلى أسهاماته أيضاً في ترسيخ النظام المعمول به داخل أروقة نقابة الصحفيين من خلال الدور المتميز المتزامن مع إختيار الأستاذ صادق العلي رئيساً لهذا الصرح الإعلامي الذي يعد رمزاً للضمير العراقي الباحث عن الحقيقة ...
679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع