
سرور ميرزا محمود.
"نادي الاعظمية الرياضي الذي صنع الابطال والقادة الرياضيين، يراد ازالته ليصبح مولا تجاريا"
في الغربة تتفتح الجراح ويزداد الشوق وتتأجج العواطف وتحنُ القلوب للوطن، من العبارات الجميلة التي ذكرها الجاحظ في حب الأوطان: "تربة الصبا تغرس في القلب حرمة وحلاوة، كما تغرس الولادة في القلب رقة وحفاوة"، وكذلك: "إذا كان الطائر يحن إلى أوكاره، فالإنسان أحق بالحنين إلى أوطانه"، تذكرني الغربة بأدب (الحنين إلى الاوطان) وما يدخر الانسان المغترب من الذكريات و المشاعر تجاه وطنه و رسوم المكان الذي امضى بين حناياه طفولته وصباه وشبابه، فالحنين شعور إنساني عميق بالاشتياق للأهل والوطن، تشعر بالألم والوحدة، حتى وإن حملتنا الأقدار بعيدًا، فإننا نحمل ترابها في قلوبنا حيثما ذهبنا، مع ذلك تبقى النفس تدور في دائرة ذلك الشوق و الحنين المؤلم، فالحنين هو الم ان يرى المرء نفسه غائبا عن وطنه هو الحزن الذي يولده الشعور بسعادة مفقودة، ويبقى حب الوطن هو الشعلة التي تضيء طريق العودة، مهما طال الفراق.
تزخر الاعظمية بمعالم وذكريات لا تنسى، تُعرف بلقبها نسبة للإمام أبي حنيفة النعمان، وتشتهر بكونها مركزًا دينيًا وثقافيًا ومعلمًا حضاريًا يجمع بين التراث (مثل جامع الإمام الأعظم) والمعالم الحديثة، الاعظمية مدينة عظيمة، الاعظمية ملكت تأريخا يحلوا لكل انسان ان يطلع عليه، الاعظمية تيجان مرصعة بأحلى المجوهرات والعطور مناطقها من الأحياء القديمة والحديثة، السفينة والحارة والنصة والشيوخ، ورأس الحواش وشارع عمر بن عبدالعزيز والصليخ والكسرة وشارع الضباط والشماسية والوزيرية والعيواضية وراغبة خاتون وشارع المغرب تاج يرتديه كل عاش فيها ورائحة مناطقها اغلى من العطور الفرنسية، فيها الامام ابى حنيفة النعمان احد اعمده المذهب الاسلامي وبشر الحافي وابو خمرة، والمقبرة الملكية، الاعظمية بترابها وشوارعها ونواديها الرياضية والساحات الشعبية والكشافة وجرف نهر دجلة ومقاهيها كلها مقدسة برجالها ونسائها وشبابها، لها سجل حافل بما صنعته من مواقف خلدها العراقيون واخرين امتلأت صفحات التاريخ بما قدموه للبشرية من انجازات واعمال يفتخر بها، ناهيك عن ما عرف عنها في استقلال العراق فقد احتوت مناطقها بالعلماء والشعراء والكتاب والمؤرخون والفقهاء ورجال الدين والاطباء وكل الاختصاصات العملية والادبية والفنية واصحاب الحرف والمهن ورجال الجيش والشرطة، ولها كذلك ارث رياضي كبير خاصة في كرة السلة والطائرة والقدم والمصارعة والملاكمة والعاب الساحة والميدان ورفع الاثقال، فلكل شارع فيها قصة وذكريات، ولنادي الأولمبي ونادي الاعظمية ونادي النعمان قصص وذكريات، وحتى نهر دجلة ينحني حين المرور بها لذلك فأنها رمز العاصمة بغداد بكل ما تعنية الكلمات من اوصاف والحديث يطول ويطول لكنني ودت ان اعبر عن ما احمله من حب لهذه المدينة التي ولدت فيها ومهد صباي ومدرج خطاي ومرتع طفولتي ومنبع ذكرياتي ونبراس حياتي، ولي جذور مما تعلمت فيها في حبي للعراق
هذه المدينة العريقة قرنفلة بغداد وجوريها بنواديها الأولمبي الملكي والاعظمية والنعمان التي احتضنت أجيالًا من شباب الأعظمية وبغداد، وأسهمت في تأسيس الحركة الرياضية العراقية وانجبت شخوصا رياضية وقادة للحركة الرياضية واساتذة ومدربين ولاعبين شهدت لهم ملاعب وساحات ممارسة الفعاليات الرياضية بكل صنوفها، اتهم شعلة وضاءة في حياة وتاريخ العراقيين نذكر منهم : نجم الدين السهروردي وإسماعيل محمد واموري إسماعيل وعادل بشير وفهد الميرة واللاعب جميل عباس(جمولي) والزعيم ناظم الطبقجلي ومؤيد البدري وصباح ميرزا وهشام عطا عجاج وشوقي عبود وفهمي القيمقجي وعبد القادر زينل وناطق شاكر ومحمد حسون وإسماعيل حمودي وضياء عبد الرزاق حسن وعبد القادر عبد اللطيف وكرمان سلمان وفالح اكرم فهمي وعامر ناجي ومضر محمود سيرت وفلاح ميرزا ووليد سيرت ومحمد سلبي وستار رؤوف وضياء الصفار وآل جنجون صباح وفاروق وفيصل ورعد الخيال وماجد واحمد القيسي وعوسي الاعظمي وعصام العلي وكريم الأسود وعطا وفتاح حنكورة وصبري بن الصفرة وعبد الرزاق محد صالح وسعيد بن أبو البطالة وقاسم السيد وعدنان القيسي ورحومي جاسم وحسن عبد الوهاب وكمال عبدو وخلدون عبدي وبهاء توفيق ومهدي وحيد وقاسم الطنبوري وفاروق الخطيب ووائل الكسار وحكمت محمود (حكومي) وزهير محمد صالح وحكمت محمود نديم ولطيف العاني (لطوفي) ومزعل إسماعيل ولطفي عبد القادر ومجبل فرطوس والطبيب سمير سعد الله ومنذر نحم الدين الواعظ وعادل مجيد وباسم جمال وعبد القادر العاني وعبد الجليل موسى و عائلة الدوري مصطفى وسعدي وعدنان وكنعان ونزار بهاء الدين وغسان الجلبي وعبد الأله ومحمد هبش وهاشم وعدنان حمام وهيثم الشيباني ومصطفى الامام وسهيل النقيب وعماد اكرم الهاشمي وكريم المشهداني وفئق العاني وصباح الخطيب ومنعم حسين وقتيبة احمد شهاب ومجمد هيثم احمد كمال ويوسف طاهر الوهب وفائق الجسار وحاتم دواف وصلاح عبد المجيد وساطع عبد الرزاق وعزت عباس ويحي زكي وصفاء محمد علي وودود العباسي ومحمود صالح واديب ناجي ووجدي ناجي محمد ووليد القيسي وحسين الاعظمي وحمدان الكبيسي وسردار ميرزا وخالد المصلاوي وقاسم أبو الكص ومهدي صالح وسامي القصاب وحسام الدين محمد سعيد وماجد الحيالي وحسن السيد جعفر ومحمد لطفي الامام وشعلان عبد الكريم وناجي شاكر وقحطان القصير وكامل مسعود وعزيز الرباع وحميد حمدي وعنتر وقاسم أبو العمبة واديب السكوتي وعزيز نوري الجراح وعامر حسين وفؤاد الدباغ وعبد الواحد الدروبي وخالد الملقب كاروبه وهشام وفاروق واخوه جاسم وزهير العانى وثامر أبن طوبان واولاد كاظم النداف الذين تميزوا بممارسة لعبة المصارعة ونيران نعمان ماهر و سهام احمد كمال و أيمان حسن الرفيعي.
سأتعرج الى نادي الاعظمية الرياضي الذي يعتبر من اعرق النوادي البغدادية، تأسس عام 1951، ويقع في الشارع المؤدي الى المقبرة الملكية التي تظم رفات ملوك العراق، وعلى جانبي الشارع تقع بناية جامعة آل البيت التي اسست في عشرينات القرن الماضي والتي اصبحت لاحقا دار المعلمين الابتدائية، واعرق مدرستين في الاعظمية وهما ثانوية الاعظمية للبنين وثانوية الاعظمية للبنات، النادي الذي خرج الابطال على كل المستويات، وخصوصا في كرة السلة والطائرة وكرة القدم والمصارعة والسباحة ورفع الاثقال، والذي انجب ابطالا وقادة وحكاما ومدربين رياضيين ذكرنا اسماء بعض منهم اعلاه، كذلك كان النادي كرنفالا ومهرجانا للألعاب الترفيهية للأولاد بنينا وبناتا اثناء عيدي الفطر والأضحى، والذي كان يشهد التعارف بين البنين و البنات وذكريات جميلة وقصص حلوة يتذكرها من عاش ايامها.
ذلك النادي الذي يمثل هوية المنطقة وارثه الحاضر، اهمل في السنوات الأخيرة، وبدأت جدرانه العتيقة بالتأكل، وبدأ بالانكماش والطمع، بالرغم من مناشدة الكثير من أبناء المنطقة الى مجلس الحافظة ووزارة الشباب بإعادة تأهيله وتطويره قاعاته واستحداث اقسام جديدة، فقد فوجي أهالي الاعظمية بقرار تحويل ارض النادي الى الاستثمار وتحويله الى مول تجاري من قبل وزارة الشباب التي أصبحت هي الأخرى تتاجر بمؤسساتها، ان هذا القرار فيه طمس ومحو لذاكرة تراث رياضي وثقافي.
كتب الصديق الأستاذ ضياء الصفار مقالة مهمة في موقع الان الاخباري بعنوان" لا لطمس الذاكرة… لا لبيع التاريخ ( دفاعاً عن نادي الأعظمية الأولمبي)" ننقل بعض مما كتبه" اننا نؤكد أن تحويل هذا الصرح التاريخي إلى مشروع استثماري استهلاكي يمثل اختزالًا خطيرًا لمفهوم التنمية، وتكريساً للفساد المالي والإداري ويكشف غياب رؤية وطنية متكاملة للتعامل مع التراث الرياضي والمعماري الحديث. فالدول الحريصة على مستقبلها تحمي نواديها التاريخية، وتعيد تأهيلها وتفعيلها، ولا تتعامل معها كأراضٍ معروضة للبيع أو الاستثمار العابر.
وبصفتي آخر رئيس للنادي حتى عام 2003، وشاهدًا على دوره الوطني والرياضي والاجتماعي، أحمّل الجهات المعنية كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية والتاريخية عن أي مساس بهذا المعلم. وأدعو إلى:
إيقاف قرار الإزالة فورًا.
إدراج النادي ضمن لائحة المباني التراثية المحمية.
فتح حوار جاد مع المختصين وأهالي الأعظمية والرياضيين القدامى بشأن تأهيله وتطويره بما يحفظ هويته ووظيفته الوطنية".
لا يصح الاستهانة بنادي الاعظمية، ولهذا فانه من الضروري التحرك على المستوى الشعبي والرياضي لمفاتحة امانة بغداد لاعتبار نادي الأعظمية مشمولاً بقانون حماية التراث لأنه مبني في اربعينيات القرن الماضي، وبعدها يكون التوجه لوزارة الثقافة بشكوى وطلب حماية قانونية لمنع هدمه او تحويره.
الأعظمية ليست بحاجة لمول آخر، وهي منطقة امتلأت بالمولات والمطاعم حتى ضاقت بها الشوارع، ان ما يحصل لمعالمها التاريخية والرياضية والثقافية ذو شجون ويتركنا في انبهار، هل المراد للأعظمية مسح صورة ماضيها وحاضرها، الا يكفي من تشويه للبيوت الجميلة التي تحولت الى سبع بيوت من بناء اليوم وبمساحات لا تعترف انها بنيت على انقاض بيت كان يملكه وزيرا او قائدا عسكريا او طبيبا او تاجرا، نا هيك عن اختفاء الحدائق الجميلة التي كانت تطرز بيوتها.
الا يكفي تهديم البيوت القديمة التي تتلألا بالشناشيل الجميلة بحجة قدمها.
الا يكفي البناء العشوائي باستغلال المساحات الخضراء في الصليخ والوزيرية والكريعات.
الأنظمة المحترمة تحافظ على هويات مدنها، لكن العراق (...) خسر كثيراً في هذا السياق وليست هذه هي المرة الأولى التي تظهر علناً دعوات إلى إزالة مباني وهدم رموز تراثية بدلا من الحفاظ على ارث المدينة وتطويرها، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود.

730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع