د . محمد صالح المسفر
لم يعد سرا ان خلافا سياسيا مستعرا بين المملكة السعودية والولايات المتحدة الامريكية في شان قضايا الشرق الاوسط من العراق الى سورية الى مصر الى فلسطين الى اليمن الى البحر الاحمر والخليج العربي. هذه الخلافات ظهرت في معظم الصحافة الغربية الغرديان البريطانية، وكذلك جريدة التايمز، وفي امريكا على كل الصحف الرئسية وبعض المجلات المرموقة كمجلة الفورن بولسي، والعديد من الصحف العربية الموثوقة فيما تنشر.
تصريحات الامير بندر المسربة عن زيارته لموسكوا مثار دهشة عند الكثير من المتابعين، وتصريحات الامير بندر ايضا امام مجموعة من السفراء الاجانب في حضرة السفير الفرنسي ومؤداها “ان هناك امكانية ان تتحول السعودية الى حلفاء اخرين غير الولايات المتحدة الامريكية مشيرا الى تأثر صفقات التسلح والنفط ” يعقبها تصريحات الامير تركي الفيصل في شان هذه الخلافات السياسية بين قوتين الاولى عربية اسلامية والاخرى امريكية اوربية.
( 2 )
اذا كانت مجلة “الفورن بولسي” قد طرحت سبعة سيناريوهات كارثية بالنسبة لامريكا في علاقاتها او “اغضابها ” للسعودية” فمن حقنا اصحاب القلم المهتمين بحال امتنا العربية ومن ضمنها السعودية بصفتها الاكبر عربيا من حيث المكانة الاقتصادية والروحية والمجال الحيوي، اكرر، من حقنا مناقشة سيناريوهات بهدف سد كل الثغرات التي يمكن اللوبي الصهيوني اثارتها على كل الصعد بهدف النيل من المملكة واخضاعها لارادة السياسة الامريكية. من هنا نقول ان على القيادة السعودية ان تبادر الى سد الذرائع بنهجها سبيلين احدهما خارجي الاخر داخلي:
1 ـــ على مستوي الخارج: نريد التاكيد على ان بعض التحالفات الجارية على الساحة العربية بين السعودية وبعض الدول العربية في تقديري غير مجدية لانه سيقابلها تحالفات قد تكون مساوية للتحالفات السابقة من حيث القوة او اشد قوة، ومن الافضل لامتنا العربية ومنطقة الخليج على وجه التحديد الابتعاد عن التحالفات الثنائية او المتعددة والاتفاق مع جميع الاطراف على العمل لتحقيق اهداف مشتركة غاية في الاهمية. الامر الثاني تجميد ان لم يكن حل كل الخلافات الثنائية او المتعددة في اي شأن من شؤون امتنا. ان الجلوس حول دائرة مستديرة لكل اصحاب الرأي من النخب السياسية الخليجية لدراسة ما يجري في اليمن والسودان ومصر وسورية والعراق ولبنان ضرورة ملحة امنية وسياسية لكل دول مجلس التعاون. ان الاستقطابات القبلية او الطائفية التي تمارسها بعض دول مجلس التعاون في اليمن او سورية او العراق او الصومال او البحرين او غير ذلك لم يعد عاملا مؤثرا في تحقيق الاهداف السياسية بل ينكاء الجراح لان مطالب القبيلة او الطائفة لا تنتهي وليس لها حدود وبالتالي لا جدوى من تلك الاستقطابات. ان الحل الجذري لتلك المطالب هو المطلوب.
ان التلويح بمواجهات سياسية واستبدال حليف بحليف في مراحل التحولات السياسية الداخلية في اي مجتمع امر غير مستحسن وقد يعود بالضرر اكثر من النفع. لم اخف موقفي في اي يوم من الايام من ان الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية كقوة وحيدة في اي شان من شؤون امتنا خطاء سياسي كبير، امريكا التي اعطيناها اكثر مما تطلب منا، اليوم تتجه نحو تحالفات جديدة في المنطقة تشمل ايران والهند وباكستان يساندها الدب الروسي، والصين تترقب دورها القادم من وراء البعد الكثيف ونحن العرب ما برحنا نشكل محاور ضد بعضنا البعض. النفط يجب اعتباره رأسمال تتحكم الدولة المنتجه في كمية انتاجه وتحديد سعرة كما تفعل الدول المستقلة في انتاج موادها الاولية سواء من القمح او البن او غير ذلك من المواد الاولية.
2 ـــ على مستوى الداخل: الدول العربية جميعها لا تخلوا من سجناء الرأي الا ما ندر، والسعودية ليست استثناء من ذلك، ولمواجهة ردفعل تطبيق اي بند من بنود السيناريهات التي اوردتها الوفورن بولسي الامريكة انفة الذكر فلا بد من تحرير اصحاب الرأي الذين لم يشهروا سلاحا في وجه النظام، وتقديم مَنهم غير ذلك لمحاكمة عادلة شفافة مشهودة وتنفيذ ما يصدر من احكام عليهم او العفو العام.
حق المرأة في قيادة السيارة، انه حق يتمتع به كل نساء العالم وقد افتى الكثير من العلماء في السعودية بان قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة دينيا كما صرح بذلك عددا من القيادات السياسية من الاسرة الحاكمة في البلاد، فلماذا لا يغلق هذا الباب مرة والى الابد بمح المرأة ذلك الحق ولجم كل الافواه التي تنعق بتلك المسألة.
الفساد امبراطورية عالمية وليس هناك دولة من دول العالم خالية من الفساد والمفسدين والمملكة ليست استثناء ايضا وقد توالت التصريحات في هذا الشان من قبل قيادات صانعة للقرار في البلاد محذرة من مخاطر الفساد. المطلوب في هذه الحالة جلب كبار الفاسدين الى ساحة القضاء العادل النزية واليشهد محاكمتهم الخلق ويجازون بما يستحقون ان خيرا او شرا.
اخر القول: المملكة في حالة تحولات سياسية واجتماعية كبيرة ، و تواجه تحديات خارجية خطيرة تحتاج الى جبهة داخلية متماسكة جذرها الاستجابة للمطالب العادلة وجوار مساند مترابط تسوده المودة والمساواة والاحترام المتبادل.
1119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع