عبدالقادر أبوعيسى
شعار المقال : خير الناس من نفع الناس :
كثر الحديث عن زيارة المالكي للولايات المتحدة الاميركية , وتناقلت وسائل الاعلام المختلفة من وجهات نظر متناقضة عن سلبية وأيجابية هذه الزيارة .
والتي أتت في وقت معلوم ومرسوم لكل من يعنيهم أمر المنطقة ( الشرق الاوسط عموماً والمنطقة العربية خصوصاً ) ضمن برنامج متفق عليه من حيث الشكل والمضمون بين المعنيين من دول المصالح .
الدلائل تشير الى أن هناك مرحلة جديدة
سيتم العمل بها وهذه تتطلب ألاتفاق على امور شتى على الصعيد السياسي والعسكري والمالي والاعلامي . ينبغي الاتفاق على تنفيذ تفاصيلها . وقد صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول أهداف الزيارة والمواضيع الاساسية التي نوقشت فذكر بأن المسألة السورية هي الاهم . وروجت وسائل الاعلام للموضوع الآخر . مسألة تسليح الجيش العراقي وصفقات السلاح المبرمة مع الجانب الاميركي , وهذه مسألة اعلامية بحتة لأنها متفق عليها وعلى كل تفاصيلها سابقاً من حيث ( نوع المعدات العسكرية ومبالغها وموعد تسليمها ) ومتابعتها تتم عن طريق وزارة الدفاع من خلال وزارة الخارجية . ولا تحتاج الى زيارة مسؤول عراقي بهذا المستوى , وأدعاء المالكي بأن الالحاح على تنفيذ صفقات السلاح المتفق عليها وتسريعها و المطالبة بأضافة نوعيات جديدة من المعدات العسكرية والتي تشمل طائرات حربية متطورة وسمتيات وطائرات مسييرة حديثة , لكشف أوكار القاعدة في المناطق الصحراوية كما يدعي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي . أذا كان الامر بهذا الشكل فهذه الرواية غير مقنعة بالمرة , وذلك لأسباب كثيرة نذكر منها أن اتفاقية التعاون بين الطرفين الاميركي والعراقي يلزم الولايات المتحدة بذلك , هذا من جانب والجانب الآخر أن اميركا هي من يبادر لمقاتلة القاعدة أين ما وجدت وفي كل العالم وخصوصاٍ في العراق . ومعروف أن اميركا كثيراً ما ضربت أهداف تدعي أنها للقاعدة في بلدان صديقة لأميركا وبدون موافقتها . متجاوزتاً على سيادتها وعلى كل الاعراف الدملماسية المتعارف عليها بين دول العالم , ومن هذه الدول الباكستان واليمن وغيرهما من دول العالم . لهذه الدلائل فأن موضوع التسليح ليس هدف رئيسي من هذه الزيارة .
أذاً ماهو الهدف الاهم والأستثنائي . ؟
من خلال أستقرائنا للوضع العام في منطقة الشرق الاوسط عموماً والمنطقة العربية بشكل خاص وترشح بعض الانباء والاخبار نرى بشكل واضح وجلي بأن هناك ( مرحلة جديدة ) سيتم العمل بها أستمراً للمواقف والصفحات السابقة ولا تختلف عنها بل هي أستمرار لسابقاتها ولكن مختلفة الاسلوب والوسائل . تستدعي التنسيق والتفاهم بين الدول صاحبة الشأن مثل أميركا واسرائيل وايران وتركيا ودول الخليج متمثلة بالسعودية والعراق والنظام السوري وعدد من اطراف المعارضة السورية وحزب الله اللبناني . وما نسمعه من نغمة جديدة يفهم منها بأن هناك تقاطع وبوادر خلاف بين القيادة العراقية الحالية والقيادة الاميركية ( فهذا غير وارد في الوقت الحاضر لأن كلا الطرفين بحاجة لبعضهما ) كذلك بقية الاطراف التي ذكرناها الكل بحاجة الى بعضهم البعض ولا يسعون الى تغيير هذا الحال في الوقت الراهن بل يسعون الى المحافظة عليه أملا في تطويره والبناء عليه خدمة لمصالحهم . ومن الضواهر التي يتم اشاعتها على الساحة العراقية هي الخلاف بين بعض أركان التحالف الشيعي مثل الخلاف بين مقتدى الصدر . زعيم التيار الصدري وبين المالكي وكذلك بين ايران والحكومة العراقية , كما ورد في التصريح الايراني حول زيادة ضخ النفط العراقي الى الاسواق العالمية مما ادى الى انخفاض سعر برميل النفط والذي تسبب في خسائر لأيران . نفس المشكلة بين العراق والكويت التي كانت احد الاسباب القوية لأجتياح الكويت . المراد بذلك (جر) الانتباه والايحاء بأن ( الحلف الشيعي ) المتمثل بايران والحكومةالشيعية في العراق والنظام السوري وحزب الله اللبناني . الايحاء بان هذا التحالف بدأ بالتصدع وهو من باب ( التكتيك أو التقية ) غايته أغراء بعض الدول للتفاهم والاتفاق مع بعض هذه الاطراف ودعوة اطراف أخرى للتهدئة وتجميد مواقفها المناوئة لهذا التحالف , وألهائها بالانتظار والترقب ( أملاً في تطور هذا التناقض الموهوم والزائف ) وفسح المجال لتفاعل هذا التناقض لصالح الطرف المناوئ للتحالف الشيعي مثل دول الخليج المتمثلة بالسعودية وتركيا وأسرائيل وبعض الدول الاخرى . ( وهذا ينطبق على الساحة السياسية أيظاً ) وله علاقة بالانتخابات المقبلة بعد ستة اشهر من الآن ويدخل في باب الدعاية المبكرة لها . وكذلك الامل في اختراق صفوف التكتلات السياسية المناقضة للتحالف الشيعي والاتفاق مع الجهات التي تدعي تقاطعها مع المالكي بغية التأثير على مواقف الجهات التي تتقاطع معه والتشويش عليها والتقليل من تأثيرها وأعاقته على المستوى الشعبي والسياسي . واما مايقال ويشاع بأن اميركا غير راضية عن المسيرة الديمقراطية في العراق فذلك يدخل في باب ( النفاق السياسي الاميركي ) . المعروف ان اميركا ضد اية ممارسة ديمقراطية حقيقية في الوطن العربي وهذا واضح من التجربة العراقية وما حدث بعد الانتخاتات الماضية ( احنه ما ننطيها ) وكذلك انقلاب ( السسي ) على الشرعية والديمقراطية وغيرها من هذا القبيل . وكذلك مأخذ الموقف الاميركي على توريد العتاد والسلاح الايراني للنظام السوري عبر الاجواء العراقية , وأيظاً أشاعة طلب المالكي من الاميركان أن يجدد حكمه للعراق لولاية ثالثة . كل هذه الامور محسوبة ومحسومة سابقاً ومتفق عليها بين الاطراف المؤثرة الرئيسية المعروفة ومنها المالكي شخصياً . فلا مجال لمناقشتها أو تغيير مفرداتها . عموماً كانت الزيارة أو ( الاستدعاء ) جائت لتاكيد الاتفاقات على مبادئ العمل المشترك للمرحلة المقبلة والعمل بها وتعيين وقت الشروع . ومن اهدافها تحديد مستقبل النظام السوري ومؤتمر (جنيف 2) وتطبيق اتفاق مؤتمر( جنيف 1 ) وطبيعة العملية السياسية العراقية مستقبلاً , والشان المصري والتونسي والليبي والتعامل مع التيارت الاسلامية بكافة اشكالها في المنطقة وخصوصاً بعد الضربة الأميركية الصهيونية للأخوان في مصر وانعكاس ذلك على مواقف بقية التيارات الاسلامية المتشددة أو المعتدلة . على هذه الأسس يتم التعامل مع زيارة المالكي لأميركا (وتقيمها مستقبلا وليس حاضراً ) على ضوء معطيات المرحلة المقبلة . وأن غداً لناضره قريب .. !
شكرا لتفظلكم على قراءة المقال
عبد القادر ابو عيسى : 6 / 11 / 2013
884 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع